أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-09-08
350
التاريخ: 8-06-2015
14114
التاريخ: 26-11-2015
2589
التاريخ: 9-4-2022
1767
|
«التوكّل» في الأصل من «الوكالة» وكما قال الراغب : التوكيل أن تعتمد على غيرك وتجعله نائباً عنك. ونحن نعلم أنّ الوكيل الصالح له أربع خصال رئيسيّة : العلم الكافي ، والأمانة ، والقدرة ، والمبالغة في رعاية مصلحة موكّله. فإنتخاب الوكيل المحامي يتمّ في الأعمال التي لا يستطيع الإنسان نفسه أن يدافع عنها ، فيستفيد من مساعدة قوّة الآخرين في حلّ مشاكله.
وعلى ذلك فالتوكّل على الله يتمّ في حالة عدم إستطاعة الإنسان من حلّ المشاكل الحياتية وفي مقابل الأعداء وإصرار المخالفين ، وأحياناً في الطرق المسدودة التي تواجهه في مسيرة أهدافه. ولذلك فهو يستند إلى الله جلّ وعلا ويستمر في سعيه ، بل حتّى لو كان مستطيعاً في أداء أعماله ، فيجب أن يعلم أنّ الله هو المؤثّر الأصلي ، لأنّ الله تعالى في نظر المؤمن هو منبع لكلّ القدرات.
والنقطة التي تقابل التوكّل على الله هي التوكّل على غيره ، يعني الإتّكالية في الحياة والتبعية للآخرين ، وعدم الإستقلاليّة ، يقول علماء الأخلاق : التوكّل الثمرة المباشرة لتوحيد أفعال الله ، لأنّه ـ وكما قلنا ـ من وجهة نظر المؤمن يرتبط كلّ ما في الكون بالنهاية بذات الله المقدّسة ، ولذلك فالموحّد يرى أنّ جميع أسباب القدرة والنصر من عند الله.
فلسفة التوكّل
نستفيد ممّا ذكرناه أنّه :
أوّلا : إنّ الإنسان سوف تزداد مقاومته للمشاكل الصعبة لتوكّله على الله الذي هو منبع جميع القدرات والإستطاعات.
ولهذا السبب فعندما إنهزم المسلمون في «اُحد» يقول تعالى : { الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران : 173] .
وهناك نماذج أُخرى للمقاومة والثبات في ظلّ التوكّل ، ومن جملتها الآية 122 من آل عمران يقول تعالى : {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ } [آل عمران : 122] .
وفي الآية (12) من سورة إبراهيم يقول تعالى : {وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا} [إبراهيم : 12] .
وفي الآية (159) آل عمران {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران : 159]
وكذلك يقول القرآن الكريم : {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [النحل : 99]
نستفيد من مجموع هذه الآيات أنّ القصد من التوكّل أن لا يحسّ الإنسان بالضعف في مقابل المشكلات العظيمة ، بل بتوكّله على قدرة الله المطلقة يرى نفسه فاتحاً ومنتصراً ، وبهذا الترتيب فالتوكّل عامل من عوامل القوّة وإستمداد الطاقة وسبب في زيادة المقاومة والثبات. وإذا كان التوكّل يعني الجلوس في زاوية ووضع إحدى اليدين على الأُخرى ، فلا معنى لأنّ يذكره القرآن بالنسبة للمجاهدين وأمثالهم.
وإذا إعتقد البعض أنّ التوكّل لا ينسجم مع التوجه إلى العلل والأسباب والعوامل الطبيعيّة ، فهو في خطأ كبير ، لأنّ فصل العوامل الطبيعيّة عن الإرادة الإلهيّة يعتبر شركاً بالله ، أو ليست هذه العوامل تسير بأوامر ومشيئة الله؟
نعم إذا إعتقدنا أنّ العوامل مستقلّة عن إرادته فهي لا تتناسب مع روح التوكّل. فهل من الصحيح أن نفسّر التوكّل بهذا التّفسير ، مع أنّ الرّسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي هو رأس المتوكّلين لم يغفل من إستخدام الخطط الصحيحة والإستفادة من الفرص المتاحة وأنواع الوسائل والأسباب الظاهرية لتحقيق أهدافه ، إنّ هذا يثبت أنّ التوكّل ليس له مفهوم سلبي.
ثانياً : إنّ التوكّل ينجّي الإنسان من التبعية التي هي أصل الذلّ والعبودية ، ويمنحه الحرية والإعتماد على النفس.
«التوكّل» و «القناعة» لهما جذور مشتركة ، وفلسفتهما متشابهة ، وفي نفس الوقت متفاوتة ، ولا بأس هنا أن نذكر عدّة روايات في مجال التوكّل وأصله وجذوره :
عن الإمام الصادق(عليه السلام) قال : «إنّ الغنا والعزّ يجولان ، فإذا ظفرا بموضع التوكّل أوطنا» (1) وقد عرّف الإمام التوكّل بأنّه موطن العزّة وعدم الحاجة للآخرين.
وعن النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : سألت جبرئيل : ما هو التوكّل ؟ قال : (العلم بأنّ المخلوق لا يضرّ ولا ينفع ، ولا يعطي ولا يمنع ، وإستعمال اليأس من الخلق فإذا كان العبد كذلك لم يعمل لأحد سوى الله ولم يطمع في أحد سوى الله فهذا هو التوكّل) (2).
وسئل الإمام الرضا (عليه السلام) : ما حدّ التوكّل؟ فقال : «أن لا تخاف مع الله أحداً» (3).
____________________________
1.أصول الكافي ، ج2 ، ص64 ، باب التفويض الى الله والتوكل عليه ، ح3.
2.بحار الانوار ، ج15 ، ص14 : سفينة البحار ، ج2 ، ص683.
3.سفينة البحار ، ج2 ، ص683 : وسائل الشيعة ، ج15 ، ص274 ، ح20500.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|