أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-2-2017
![]()
التاريخ: 2025-04-07
![]()
التاريخ: 6-5-2018
![]()
التاريخ: 2025-04-02
![]() |
تطور علم نيماتودا النبات
مقدمة Introduction
حدث تطور كبير في علم أمراض النبات العام Phytopathology خلال المائة سنة الأخيرة، إذ اجتذب هذا العلم أعدادا متزايدة من المختصين في جميع دول العالم، واكب ذلك تولد كم ضخم من المعلومات، أدى إلى التوجه نحو التخصص الدقيق وفق مسببات الأمراض الإحيائية المختلفة. ومن هنا فقد نشأت علوم أمراض النبات المتسببة عن الفطريات والبكتيريا والفيروسات والنيماتودا ، وغدا كل واحد منها علماً قائماً بذاته.
تشكل النيماتودا إحدى مجموعات الكائنات الحية المهمة التي تقطن التربة حول جذور النباتات، والتي كثيرا ما تلعب دورا حيويا مهما في نمو النباتات وتطورها وإنتاجيتها وتشير المعلومات والتقديرات إلى أن هذه الديدان تتواجد أيضاً في المياه العذبة، والمياه المالحة، وحيثما يتوفر الغذاء العضوي المناسب لها، ابتداءً من قطبي الكرة الأرضية حتى خط الاستواء. ولقد أشار Cobb (وهو الأب الروحي لعلم النيماتودا في الولايات المتحدة) في مقولته المأثورة بأن هذه المجموعة من الأحياء (النيماتودا) عديدة جداً، وواسعة الانتشار جداً، بحيث لو استبعد كل ما هو موجود على الأرض من أحياء عداها ... فإننا سوف نكتشف بأن جبال العالم وتلاله وأوديته وأنهاره وبحيراته ومحيطاته مغطاة بفيلم (غشاء رقيق) من النيماتودا .... وكما تم ذكره سابقاً يعتقد بأن حوالي 10% فقط من هذه النيماتودا يمكن أن تتطفل وتحصل على غذائها من النباتات.
يُعد الأمن الغذائي أحد المتطلبات الرئيسية والضرورية لمعيشة الأمم، فالأمة التي تملك غذاءها تملك قرارها ومصيرها، لذلك تسعى الأمم إلى تحسين أمنها الغذائي. ولكن هذه العملية محاطة بكثير من المعوقات والمشاكل، ومن أهمها الآفات والأمراض النباتية. لذلك كان من الضروري معرفة هذه المشاكل ودراستها من كافة جوانبها، واتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من انتشارها وتقليل الخسائر الاقتصادية الناجمة عنها.
عرض تاريخي Historical review
قد يتساءل المرء، متى نشأت هذه الأحياء التي سميت فيما بعد بالنيماتودا؟ ، ومتى وجدت؟ وما هو أصلها؟ وكيف تأتى أن أصبح بعضها قادراً على الحصول على غذائه من النباتات؟ في حقيقة الأمر فإنه يصعب تتبع وقت ظهور النيماتودا على الكرة الأرضية، غير أن الدراسات وأبحاث المتحجرات الأحفورية Fossil excavations ، والروابط (العلاقات) الافتراضية Assumptuous linkages للأحياء الدقيقة المتعاقبة تدعو إلى الافتراض بأن هذه النيماتودا قد نشأت منذ أكثر من 600 مليون سنة؛ أي قبل وجود النباتات على الكرة الأرضية بوقت طويل. وهذا يعني أن مقدرة النيماتودا على التطفل على النباتات جاءت في وقت متأخر في مسيرة تطور النيماتودا . ويعتقد بعض العلماء بأن النيماتودا نشأت في مياه المحيطات، وكانت تحصل على الطاقة بالتغذية على البكتيريا وبعض الأحياء الدقيقة الأخرى المتواجدة في مياه المحيطات. ولدى انكشاف اليابسة فيما بعد، تمكنت بعض أنواع النيماتودا من الانتقال إليها والتغذية على البكتيريا والأحياء الدقيقة الأخرى الموجودة في مياه التربة العذبة. تطورت أنواع من هذه النيماتودا بعد ذلك، وحدثت لها بعض التغيرات التركيبية والفسيولوجية، مما مكنها من التطفل على مكونات البيئة الحيوانية، في حين توجهت أخرى إلى مكونات البيئة النباتية. وبالنسبة لنيماتودا النبات، فقد طورت لنفسها رمحاً Stylet تخترق به خلايا النبات وأنسجته لتحصل منها على الغذاء اللازم لنموها وتطورها وتكاثرها.
أشارت بعض التقارير الطبية المصرية واليونانية والرومانية القديمة إلى أن النيماتودا وجدت على الأرض منذ أكثر من 6500 سنة (أي 4500 سنة قبل الميلاد). وقد كان من المتوقع أن تكتشف النيماتودا المتطفلة على الحيوان قبل تلك التي تتطفل على النبات. ويعود السبب في ذلك إلى ضخامة حجم عدد كبير من المتطفلات الحيوانية التي ترى بالعين المجردة، بينما تعد جميع أنواع النيماتودا النباتية ميكروسكوبية (مجهرية) الحجم بسبب ضالة قطرها إلى ما دون 50 ميكرون. ولذلك فقد عرفت دودة الأسكارس (نيماتودا أو دودة الأمعاء الاسطوانية) Ascaris lumbricoides في حوالي عام 1550 قبل الميلاد. في حين كان اول تسجيل لنيماتودا النبات عام 1743 م، أي بعد اكتشاف الميكروسكوب الضوئي (في منتصف القرن السابع عشر) بحوالي مائة سنة. وقد كان ذلك التسجيل في انجلترا عن طريق رجل الدين Needham الذي اكتشف نيماتودا ثآليل القمح Anguina tritici . أما التسجيل الثاني لنيماتودا النبات فقد كان بعد أكثر من مئة سنة أخرى (أي في العام 1855) على يد العالم Berkeley في انجلترا أيضاً ، وهو الذي عرف فيما بعد نيماتودا تعقد الجذور Meloidogyne spp على جذور نباتات الخيار النامية في البيوت الزجاجية. وبعد سنتين من ذلك، اكتشف العالم الألماني Kühn نيماتودا السيقان والأبصال Ditylenchus dipsaci على إحدى نباتات الزينة المسماة Teasel. وفي ألمانيا أيضا، اكتشف العالم Schacht في سنة 1859 نيماتودا مهمة أخرى وهي نيماتودا حوصلات الشوندر (البنجر) السكري Heterodera schachtii. ومن هنا يتبين لنا بأن دول أوروبا الغربية كانت سباقة في التعرف وإجراء البحوث على نيماتودا النبات في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. وقد عرفت آنذاك أمراضاً نيماتودية ذات أبعاد اقتصادية مهمة مثل نيماتودا حوصلات الشوندر السكري التي تسببت في إغلاق نصف مصانع الشوندر السكري في شمال أوروبا، نتيجة لنقص الكميات المنتجة من الشوندر بسبب مباشر للإصابة بهذه النيماتودا. كما كان النيماتودا حوصلات البطاطس Globodera rosteochiensis دور هام في هجرة سكانية مهمة من شمال أوروبا الغربية إلى الولايات المتحدة (1961 Jenkins and Thorne .(Barker, 2003 Taylor, 1967 ).
تطور علم النيماتودا الحديث
Development of modern phytonematology
استمرت الدراسات والأبحاث في مجال النيماتودا في البلدان الأوروبية في النصف الأول من القرن العشرين، وظهر علماء بارزون ساهموا مساهمة كبيرة في تطور هذا العلم مثل T. Goodey. في انجلترا، و Filipjev في روسيا، وآخرون. وقد أسفرت البحوث والدراسات والمشاهدات العلمية عن كم هائل من المعلومات نتج عنها نشر البحوث وتأليف الكتب وإصدار الدوريات العلمية المتخصصة التي نورد فيما يأتي بعضاً منها:
Afro-Asian Journal of Nematology
Current Nematology
Egyptian Journal of Agronematology
Helminthological Abstracts (B) Plant Nematology
Indian Journal of Nematology
International Journal of Nematology
International Nematology Network Newsletter
Journal of Helminthology
Journal of Nematology
Nematologia Mediterranea
Nematology
Nematropica
Pakistan Journal of Nematology
Phytonematology
Plant Nematology
Proceedings of the Helminthological Society of Washington Review de Nematologie
أما بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، فقد بدأ فيها العمل البحثي والاهتمام العلمي بنيماتودا النبات متأخراً نوعاً ما عن أوروبا. وقد كان ذلك على يد العالم الأكثر شهرة N.A. Cobb الذي كان أول أمريكي يزور أوروبا ويتعرف على إنجازاتها في هذا المضمار، ويعود بعد عدد من السنين لينشئ قسم النيماتودا Nematology Section في أكبر محطة تجارب في الولايات المتحدة في Beltsville بولاية ميريلاند عام 1933. وكان للعلامة Cobb دور مركزي في تطوير تخصص النيماتودا، حيث نشر أكثر من 150 بحثاً علمياً وعدداً من الكتب القيمة، كما تدرب على يديه عدد كبير من تلامذته الذين أصبحوا رواد علم النيماتودا في الولايات المتحدة ومن ثم في العالم. ومن أجل ذلك فقد تمت تسمية العالم Cobb بأبي علم النيماتودا Father of Nematology عن جدارة واستحقاق. ويعتقد البعض بأن البداية الحقيقية لعلم النيماتولوجي كانت منذ عام 1933 أي عند تأسيس قسم النيماتولوجي في وزارة الزراعة الأمريكية في ولاية ميريلاند . وقد شجع على ذلك ظهور مشكلتين زراعيتين رئيسيتين في الولايات المتحدة؛ أولاهما ظهور نيماتودا حوصلات البطاطس لأول مرة في القارة الأمريكية في جزيرة Long Island قبالة نيويورك، مما أجبر الحكومة الفيدرالية على اتخاذ إجراءات احترازية ضخمة لمنع انتشار هذه الآفة إلى مناطق إنتاج البطاطس في أمريكا. أما المشكلة الثانية، فقد برزت إثر ظهور مرض التدهور السريع على الحمضيات Quick decline of citrus المتسبب عن الإصابة بالنيماتودا Radopholus citrophilus التي بدأت تجتاح بساتين الحمضيات في ولاية فلوريدا. وقد استوجب ذلك تدخل الحكومة الفيدرالية لحصر النيماتودا في أماكن تواجدها، وأعلنت ولاية فلوريدا ولاية منكوبة Disaster State .
ومنذ ذلك الوقت، تعاظم الاهتمام في تخصص النيماتودا، وأصبح يدرس في الجامعات للحصول على درجات الماجستير والدكتوراه، وتجرى فيه البحوث العلمية من قبل المتخصصين في مجال النيماتولوجي (بدلاً من المتخصصين في الأمراض النباتية) الذين شكلوا النواة الأولى من العاملين في هذا المجال. ولقد كانت هناك محطات مهمة أخرى ساهمت في تثبيت كيان هذا العلم وأعطته الزخم اللازم، ومنها:
1- في سني الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي، تم اكتشاف عدد من المبيدات الكيميائية المدخنة التي تقتل النيماتودا Nematicides بفاعلية عالية، ومنها مخلوط D-D، وثنائي بروميد الإيثيلين EDB ، والنيماجون DBCP. وهذه المبيدات تقتل النيماتودا دونما التأثير على مسببات الأمراض الأخرى مثل الفطريات وسواها كما في حالة المبيد الشامل Biocide بروميد الميثايل. وقد كان لهذه الخاصية أهمية كبيرة في إثبات مقدرة النيماتودا منفردة على إحداث أضرار جسيمة واقتصادية بالمحاصيل الزراعية وإنتاجيتها بعيداً عن تأثيرات مسببات الأمراض الأخرى.
2- في العام 1951 ، استطاع Christie and Perry إثبات مقدرة بعض أنواع نيماتودا النبات المتطفلة خارجياً Ectoparasites على إحداث حالة مرضية مهمة للنباتات، مما أضاف أعداداً من النيماتودا إلى قائمة النيماتودا الممرضة للنباتات ذات التأثير الجوهري على إنتاج المحاصيل الزراعية الاقتصادية.
3- وفي عام 1958 أثبت العالم Raski ومساعدوه مقدرة النيماتودا على نقل الفيروسات النباتية Virus vectors من النباتات المصابة إلى النباتات السليمة، مما زاد كثيراً من قيمة دائرة الضرر الاقتصادي الذي تحدثه النيماتودا للمحاصيل الزراعية.
4- منذ عام 1955 بدأ إنشاء الجمعيات العلمية المهنية في تخصص النيماتودا، حيث بدأت الجمعية الأوروبية لعلماء النيماتودا ESN ، تلتها جمعية النيماتولوجيين الأمريكية SON، وهكذا إلى أن أصبح موجوداً الآن أكثر من عشرين جمعية على المستوى الوطني والإقليمي والدولي. وكذلك فقد بدأ إصدار المجلات العلمية الدورية في مجال النيماتودا، معظمها تحت مظلة الجمعيات العلمية، ومثال ذلك Nematology، و J. Nematology، وNematropica، وغيرها .
5- وفي السبعينيات من القرن الماضي، ظهرت مجموعة من المبيدات العضوية الفوسفورية والكريماتية غير المدخنة التي طال انتظارها لكي يتمكن المزارع من معاملة النباتات الحية بالري أو الرش لمكافحة النيماتودا، ومن ثم الاستغناء عن عملية تبخير التربة المعقدة والمكلفة قبل الزراعة.
6- ومن العلامات الفارقة المهمة أيضاً إثبات العلاقة المعقدة Complexes بين النيماتودا وممرضات التربة الأخرى، والتي يجري بموجبها تفاقم شدة الإصابة أو حتى فقدان مقاومة المحاصيل الزراعية لبعض مسببات الأمراض النباتية الأخرى.
7- وأخيرا، فمن التطورات المهمة الأخرى إنتاج الأصناف المقاومة من المحاصيل الحساسة لبعض أنواع النيماتودا. وكذلك النجاح في استحداث عدد كبير من التقنيات الحديثة في أساليب البحث العلمي الخاص بالنيماتودا، أهمها ما يتعلق باستخدام أساليب وأدوات البيولوجيا الجزيئية.
|
|
التوتر والسرطان.. علماء يحذرون من "صلة خطيرة"
|
|
|
|
|
مرآة السيارة: مدى دقة عكسها للصورة الصحيحة
|
|
|
|
|
نحو شراكة وطنية متكاملة.. الأمين العام للعتبة الحسينية يبحث مع وكيل وزارة الخارجية آفاق التعاون المؤسسي
|
|
|