المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24



المعيار المميز للعقد الإداري  
  
2545   04:34 مساءاً   التاريخ: 13-6-2016
المؤلف : سحر جبار يعقوب
الكتاب أو المصدر : فسخ العقد الاداري قضائياً لخطأ الادارة
الجزء والصفحة : ص76-85.
القسم : القانون / القانون العام / القانون الاداري و القضاء الاداري / القضاء الاداري /

يجد من يتعاقد مع الإدارة ان من مصلحته ان تنتهي الخلافات العقدية بوسائل ودية من دون حاجة للجوء الى الطرق القضائية كونها وسائل يمكن من خلالها ان يحصل المتعاقد على حقوقه او على الاقل التعرف على مدى استحقاقه لها قبل اللجوء الى القضاء. لذا تعد المصالحة، الخبرة، التحكيم، طرقاً غير قضائية متاحة امام المتعاقد، بإمكانه ان يلجا اليها لغرض اقتضاء حقوقه على ان يتم ايرادها في الشروط العقدية، كي تكون قيداً على حرية المتعاقدين تمنعهم من اللجوء الى القضاء قبل اتباع مثل هذه الاجراءات المسبقة.

أولاً: المصالحة

 وسيلة ذاتية لحل المنازعات العقدية تجنبا لأثارة حدة النزاع ووضعه بيد المراجع القضائية وبناء عليها يلتزم اطراف العقد بتضمين العقد الإداري بنداً ينظم كيفية فض المنازعات العقدية عن طريق المصالحة الالزامية لاي نزاع محتمل قد يثور بين الاطراف. فضلاً عن ضرورة تحديد المدة الزمنية التي ينبغي على طرفي العقد اللجوء الى المصالحة خلالها. وتجري المصالحة بين الطرفين بمواجهة الخصوم والعمل على بحث اسباب النزاع بشكل جاد وموضوعي لغرض التوصل الى حل بناء يرضي كلا الطرفين وغالباً ما تتم المصالحة بالاستعانة بشخصٍ ثالث وسيط يعمل على تقريب وجهات النظر المتعارضة والتوفيق بينها(1) . وعادة يكون الشخص الثالث في اطار عقود الاشغال مهندساً استشارياً، وقد اكدت ذلك م 69 من شروط المقاولة لا عمال الهندسة المدنية، ((اذا نشأ نزاع او خلاف من أي نوع كان بين "صاحب العمل" و"المقاول" له علاقة بـ (المقاولة) او ناجماً عنها او عن تنفيذ الاعمال (سواء كان ذلك اثناء سير الاعمال او بعد اكمالها وسواء كان قبل ام بعد انهاء المقاولة او تركها أو الإخلال بها)، فيحال مثل هذا النزاع او الخلاف الى "المهندس" وتجري تسويته من قبله وعليه ان يبلغ قراره الى "صاحب العمل" و"المقاول" ان مثل هذا القرار بخصوص كل قضية احيلت بهذه الصورة يكون ملزماً "لصاحب العمل" و"المقاول" وعلى "المقاول" ان يعمل به دونما تأخير وعليه الاستمرار بتنفيذه "الأعمال" بكل ما يلزم من المثابرة سواء قدم "المقاول" او "صاحب العمل" اشعاراً بعدم قبول القرار ….)(2). وفي رأيي المتواضع ان ما تضمنته المادة 69 من الشروط العراقية انما يقتصر على مسألة التحكيم لان ما ذكرته ورد بوصفه احدى الطريقتين التي يتم اللجوء اليها لفض منازعات العقود الإدارية. ولا تمتد الى اجراء المصالحة لان المصلحة تعد امراً غير الزامي وما ذكرته م69 يشير الى ان قرار المهندس ملزم وعلى المقاول المثابرة على تنفيذه، لذا نرتأي ان تتضمن الشروط العامة العراقية نصاً صريحاً يشير الى مسألة  المصالحة بشكل منفصل عن التحكيم، لان المصالحة تسبق التحكيم.

ثانيا: الخبرة

 قد يكون موضوع النزاع منصباً على مسألة معينة تستدعي ضرورة الاستعانة بخبرة شخص من ذوي الخبرة والدراية والاختصاص في موضوع النزاع. وفي هذه الحالة يتم الاستعانة بخبير ويعرف بانه شخص من ذوي الخبرة في موضوع النزاع او جهة تملك الاختصاص في هذا الشأن. يتم اللجوء اليها لغرض الحصول على رأي فني في مسألة دقيقة، وذلك بعد اخفاق المحاولات التي جرت لغرض اصلاح ذات البين بين طرفي العقد فهي، وسيلة يمكن من خلالها الحصول على رأيَّ في المسائل  المتنازع عليها. ومن خلالها يمكن لطرفي العقد التعرف على السبب الحقيقي للنزاع للوصول الى حل منصف وللحيلولة من دون تفاقم حدة الخلاف وتفادي مراجعة القضاء وتتجلى مهمة الخبير في اعداد تقرير يبين فيه رأيه وهو بذلك لا يلتزم بأي اجراء شكلي وانما يقدم رأياً غير ملزم قد يأخذ به الخصوم والمحكمة او يطرح جانباً(3). وقد صدر عن محكمة التمييز العراقية عدة قرارات اكدت على ضرورة الاستعانة برأي الخبراء لغرض الوصول الى حكم دقيق وعادل نذكر منها القرار المرقم 813/م1 منقول/2000 تسلل 1970 ((…لدى التدقيق والمداولة وجد ان الطعن التمييزي واقع ضمن المدة القانونية لذا قرر قبوله شكلاً ولدى عطف النظر على الحكم المميز وجد انه صحيح وموافق للقانون للأسباب التي استند لها حيث انه اعتمد تقرير الخبراء المؤرخ في 15/10/99  وملحقه المؤرخ في 26/2/2000 وان تقرير الخبراء جاء صالحا لاعتماده سبباً للحكم ومستوفياُ لشروط تمييزه القانونية…))(4). وفي قرار آخر اشار الى ((..لدى التدقيق والمداولة وجد …. اللجنة المشكلة لدراسة الموضوع قررت استحقاق المدعي عن هذا العمل خبرة سبعة من الخبراء في تقريرهم المؤرخ في 29/4/2000. الذي جاء مسبباً ومعللاً وصالحاً لاعتماده سبباً للحكم في ضوء المادة 140 من قانون الاثبات….))(5). وقد تستعين المحكمة بخبرة اشخاص متخصصين قبل النطق بالحكم كونه وسيلةً يمكن من خلالها كشف النقاب عن امور متنازع عليها لا تملك الإدارة ولا المتعاقد القدرة على توضيحها وبيان ماهيتها.

ثالثا: التحكيم

 يعد التحكيم وسيلة لحل منازعات العقود الإدارية، ظهر بعد نشوء الدولة الحديثة وتركز سلطانها. وقد اخذت بأسلوب التحكيم الكثير من الدول(6)، نظراً لما يتمتع به من مزايا تكاد تجعله وسيلة يمكن من خلالها فض النزاع العقدي لتلافي عرضه على المراجع القضائية. لذا سنتعرف على التحكيم من خلال تحديد مفهومه وصيغة اللجوء اليه وانماطه.

الفرع الأول: مفهوم التحكيم

تعددت المعاني التي وضعها الكُتّاب للتحكيم، اذ يرى جانب منهم انه ((طريقة يختارها اطراف العقد لفض المنازعات التي قد تنشأ عن العقد وذلك بطرح النزاع والبت فيه امام شخص او اكثر يطلق عليهم اسم (المحكم  او المحكمون) دون اللجوء الى القضاء))(7). او ((عقد يتفق بموجبه شخصان او اكثر على احالة الفصل في النزاع الى شخص او اكثر للفصل في نزاع قائم فعلاً او متوقع الحدوث في المستقبل بخصوص تنفيذ عقد معين بدلا من اللجوء الى القضاء))(8). لذا فالتحكيم هو ((اتفاق طرفي النزاع القائم فعلا او المحتمل على اختيار بعض الاشخاص لغرض الفصل في النزاع وقبول القرار الذي يصدر بشأنه))(9). وقد ذهبت مجلة الاحكام العدلية في م 1790 الى تحديد مفهوم التحكيم مشيرة الى انه ((اتخاذ الخصمين حكماً برضاهما لفصل خصوماتهما ودعواهما))(10). هذا ولم يضع مشرعنا العراقي تعريفاً واضحاً يحدد فيه معنى التحكيم، الا انه ومن خلال استعراض نص م251 من قانون المرافعات المدنية العراقي نجدها تنص ((يجوز الاتفاق على التحكيم في نزاع معين كما يجوز الاتفاق على التحكيم في جميع المنازعات التي تنشأ من تنفيذ عقد معين)). وهو بهذا التحديد لمعنى التحكيم يتفق مع ما ورد في التشريعات العربية من تعريفات له(11). فالتحكيم وسيلة يتم من خلالها تحويل كفة ميزان الاختصاص من المحاكم القضائية الى هيئات تحكيمية يتم اختيارها من قبل اطراف النزاع او المحكمة. ويتمتع هذا الطريق بخصائص عملت على تفعيل دوره في حل الخلافات العقدية فهو يمتاز بسهولة اللجوء اليه. فضلا عن عدم التمسك بالشكليات التي يتطلبها اللجوء الى المحاكم اضافة الى كل هذا. فالتحكيم قد يؤدي الى وضع حد للنزاع بين الطرفين وبذلك نكون قد تجنبنا اثارة النزاع امام القضاء. فضلا عن ثقة الخصوم بحكم المحكم والاطمئنان النفسي الذي يشعر به الخصوم ازاء الحكم الصادر عنهم. وهذا ناتج بالتأكيد من اختيار طرفي العقد للمحكمين بارادتهم(12).

الفرع الثاني: صيغة اللجوء الى التحكيم

 لقد نصت م251 مرافعات مدنية عراقي على تبيان الكيفية التي يتم بها اللجوء الى التحكيم كونه نظاماً استثنائياً. ومن هذا المنطلق ينبغي عدم التوسع في تفسير احكامه، اذ يتم اللجوء الى التحكيم عن طريق الاتفاق على احالة النزاع، الى محكمين، اما بموجب شرط مدرج مسبقاً في العقد وقبل قيام النزاع. وفي هذه الحالة قد يدرج هذا الشرط في العقد نفسه او في اتفاق مستقل ويدعى عندئذ (بشرط تحكيم). أما لو خلا العقد من أي شرط مسبق على احالة النزاع الى هيأة التحكيم فيتم الاتفاق عليه بعد حدوث النزاع ، ونكون انذاك امام مشارطة تحكيم(13). والمتتبع لنصوص قانون المرافعات المدنية العراقي يجد ان م252 تنص على اشتراط الكتابة لعقد التحكيم (( لا يثبت الاتفاق على التحكيم الا بالكتابة ، و يجوز الاتفاق عليه اثناء المرافعة فأذا ثبت للمحكمة وجود اتفاق على التحكيم او اذا اقرت اتفاق الطرفين عليه اثناء المرافعة فتقرر اعتبار الدعوى مستأخرة الى ان يصدر قرار التحكيم ))(14). والهدف هو اثبات التحكيم وكل شرط من شروط عقد التحكيم والسبب في ذلك هو ضرورة لفت انتباه طرفي العقد الى التحكيم كونه اجراءً خطيراً يؤدي النقل الاختصاص من المحاكم القضائية الى هيأت تحكيمية. فضلا عن تفادي حدوث أي نزاع حول اثبات فحوى العقد وشروطه، لذلك اشار قانون التحكيم المصري رقم 27 لسنة 1994 الى ان ((اتفاق التحكيم يكون مكتوباً فيما لو تضمنه محرر تم توقيعه من قبل الطرفين او تضمنه ما تبادله الطرفان من رسائل او برقيات وغيرها. من وسائل الاتصال المكتوبة))(15). أما عن موضوع النزاع اذا ورد ذكر التحكيم بصورة عامة فأنه يشمل كافة نقاط النزاع اما اذا ورد على نقطة معينة فأن التحكيم يقتصر على تلك النقطة و هذا ما اقرته محكمة التمييز هذا و لم يشر قانون المرافعات المدنية العراقي النافذ الى ضرورة تحديد موضوع  النزاع فإذا جاء شرط ومشارطة التحكيم من دون تخصيص لموضوع النزاع ،عد عندئذ شاملا لكافة المنازعات التي قد تنشأ، ابتداءٍ من وقت تنفيذ العقد ولحين انتهائه. وقد اكدت محكمة التمييز العراقية ذلك قائلة : ((اذا كانت موافقة الخصم على احالة الدعوى على التحكيم غير مقيدة فان التحكيم يشمل كافة الامور التي قام عليها النزاع))(16). وبنفس المنهجية قضت محكمة استئناف مصر المختلطة ((اذا جاءت مشارطة التحكيم بصورة مطلقة  تشمل جميع المنازعات التي قد تنشأ بين المتعاقدين، سواء وقت العمل بالتعاقد او بعد فسخه))(17). وعند عقد المقارنة بين ما تضمنه قانون المرافعات المدنية العراقي وبعض القوانين العربية نجد ((ان المشرع المصري والسوري قد اكدا على ضرورة تحديد موضوع النزاع في العقد او اثناء المرافعة وان كان المحكمون محكمين بالصلح والا كان التحكيم باطلاً))(18). اما مشرعنا فأنه لم يذكر ذلك ونرى ضرورة ان لا يسلك مشرعنا مسلك المشرعين العرب وذلك بتحديد موضوع النزاع  لأن ذلك سيكون قيدا على حرية المتعاقدين .

1-تشكيل هيأة التحكيم:

من اولى الصعوبات التي قد تثور بصدد التحكيم هو تحديد الكيفية التي يتم بها تأليف هذه الهيأة؟ فاذا كان التحكيم عقد معاوضة بمعنى ان الاصل به انه نتاج اتفاق ارادتين لذا يتم التحكيم اصلا عن طريق لجنة رضائية، سواء ورد الاتفاق على تأليف هذه اللجنة في شرط ام مشارطة التحكيم م1006 مرافعات فرنسي، ولكن اذا كان المشرع ترك للخصوم حرية اختيار المحكمين الا انه حدد حالات معينة جعل مهمة تأليف الهيأة للمحكمة المختصة بنظر النزاع(19). فقد نصت م256 ف1 مرافعات مدنية عراقي الى تلك الحالات وحصرتها قائلة: ((1- اذا وقع النزاع ولم يكن الخصوم قد اتفقوا على المحكمين او امتنع احد او اكثر من المحكمين المتفق عليهم عن العمل او اعتزله او تحول عنه او قام مانع  من مباشرته ولم يكن هناك اتفاق في هذا الشأن بين الخصوم فلأي منهم مراجعة المحكمة المختصة بنظر النزاع بعريضة لتعيين المحكم او المحكمين بعد تبليغ باقي الخصوم وسماع اقوالهم)). لذا ينبغي ان يكون عدد المحكمين ثلاثة وفي حالة التعدد يجب ان يكون عددهم وتراً تلافياً للخلافات التي قد تنشأ في حالة كثرة عدد المحكمين. مع الاشارة الى ان تأليف هذه الهيأة قد يؤدي الى انقسام في وجهات نظر المحكمين مما ينعكس على عدم التوصل الى قرار مناسب لحل النزاع. لذا فقد ذهب قانون المرافعات العراقي في مادته 257 الى اشتراط كون عدد المحكمين وتراً   واستثنى من ذلك التحكيم بين الزوجين وهذا ما اخذ به التشريع المصري، اما المشرع الفرنسي فلم يشترط ان يكون عددهم وتراُ الا انه اشار الى وجود ما يسمى المحكم المرجح (20). كما ان المشرع الاردني في م5ف4،5 اشار الى الحالة التي لا يكون فيها عدد المحكمين اثنين ولم يتفقا على راي مالحل النزاع. فقد اشار الى ان الفيصل يقوم بمهام المحكم بدلاً منهما وعلى الاخير ان يصدر قراره خلال شهر(21)، اذا كان الاصل في لجنة التحكيم ان تكون رضائية كما اسلفنا. الا انه في الحالة التي لا يحصل فيها اتفاق طرفي العقد على اختيار المحكمين وكانت الهيئة مؤلفة من محكم واحد، فأن المحكمة تتولى اختيارهم بناء على طلب احد الطرفين وان كانت هذه الهيأة تتكون من ثلاثة محكمين واختار كل طرف حكما ثم يتفق الحكمان على اختيار محكم ثالث يتولى رئاسة الهيأة(22). مع الاشارة الى انه يرد المحكم بما يرد به القاضي وتتولى هيأة التحكيم الفصل في أي نزاع يتعلق بالمسائل الاتية (عدم الاختصاص-النزاع الحاصل لعدم وجود شرط او مشارطة تحكيم-بطلانه او عدم شموله لموضوع النزاع). اما عن المدة التي ينبغي ان يصدر خلالها قرار المحكمون فنرى ان عليهم ان يصدروا القرار خلال المدة المحددة في شرط او مشارطة التحكيم مالم يكون الخصوم قد اتفقوا على اطالة امد هذا الميعاد. وفي حالة عدم اشتراط طرفي العقد للمدة فأن المشرع قد حددها بستة اشهر من تاريخ قبول المحكمين القيام بمهمتهم م262 مرافعات عراقي. أما المشرع المصري فقد اكد على ضرورة تحديد المدة التي ينبغي ان يصدر خلالها حكم المحكم ب12شهراً من تاريخ ابتداء الاجراءات، ويبقى للهيأة مد هذه المدة بما لا يجاوز 6اشهر مالم يتفق الطرفان على مدة اطول(23). هذا ويمتاز قرار المحكمون بكونه يحوز قوة الشيء المقضي به ولكنه لا يكتسب هذه الحجية ولا ينفذ لدى دوائر التنفيذ الا بعد المصادقة عليه من قبل المحكمة و تنص م272 مرافعات عراقي(24) . من قانون المرافعات المدنية العراقي النافذ رقم 83 لسنة 1969 :

((1- لا ينفذ قرار المحكمين لدى دوائر التنفيذ سواء كان تعيينهم قضاء او اتفاقا ما لم تصادق عليه المحكمة المختصة بالنزاع بناء على طلب احد الطرفين بعد دفع الرسوم المقررة.  2- لا ينفذ قرار المحكمين الا في حق الخصوم الذين حكموهم و في الخصوص الذي جرى التحكيم من اجله))  مع ملاحظة ان الحكم الصادر عن المحكمة بالمصادقة على قرار المحكم او ابطاله او تعديله قابل للطعن(25).

2-أنماط التحكيم

 من يتناول التحكيم كمفردة يتضمنها طيات بحثه يجد امامه العديد من العناوين التي تتطلب الوقوف امامها ومن بينها انواع التحكيم. فالتحكيم اما ان يكون مدنياً أو تجارياً او ادارياً. وما نحن بصدد التعرف عليه هو التحكيم الإداري الذي يتم بين الإدارة والافراد، اذ ينبغي على طرفي النزاع الذي تكون الإدارة طرفا فيه تتصرف بمالها من سلطة عامة في اللجوء الى التحكيم لفض النزاع فمن المتفق عليه ان التحكيم يجري في كافة منازعات العقود الإدارية. وقد منح التشريع الفرنسي الصادر في 7نيسان 1906 الدولة والمحافظات وكذلك البلديات الحق في اللجوء الى التحكيم من اجل تسوية الامور المتعلقة بالنفقات الناتجة عن تنفيذ الاشغال العامة. الا ان المشرع  امتنع عن الاشارة للتحكيم في دفاتر الشروط العامة الفرنسية النافذة حالياً تجاه منازعات الاشغال العامة(26 ).في حين تطرق المشرع المصري الى جواز اللجوء الى التحكيم في القانون المرقم 25 لسنة 1912 الذي اشار الى ان للحكومة اللجوء الى التحكيم في المنازعات التي تنشب عن عقود الاشغال العامة والتوريد والامتياز وبصدور القانون رقم 74 لسنة 1954 نص ((على يجوز فض المنازعات القائمة بين الدولة والغير عن طريق التحكيم ويكون الاتفاق على التحكيم بمشارطة تحكيم خاصة(27)..)) ونظرا لأهمية التحكيم في منازعات العقود الإدارية فقد جاء قانون المناقصات والمزايدات المصرية رقم 89 لسنة 1998 متضمنا العديد من النصوص التي اشارت الى فكرة التحكيم منها م23 منه ((…وفي حالة الادعاء بإخلال الجهة الإدارية بالتزاماتها الواردة بالعقد بخطأ منها يكون للمتعاقد الحق في اللجوء للقضاء للمطالبة بتعويضه عما يكون قد لحقه من ضرر  نتيجة ذلك. مالم يتفق الطرفان على التحكيم وفقا للقواعد والاجراءات المنصوص عليها في قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 27 لسنة 1994 معدلا بالقانون رقم 9 لسنة 1997)) وم42 منه ((يجوز لطرفي العقد عند حدوث خلاف اثناء تنفيذه الاتفاق على تسويته عن طريق التحكيم، وبموافقة الوزير المختص مع التزام كل طرف بالاستمرار في تنفيذ التزاماته الناشئة عن العقد)). كما بينت اللائحة التنفيذية لقانون المناقصات والمزايدات لعام 1998 فكرة التحكيم في م100 منها مشيرة ((تفصل السلطة المختصة في الخلافات التي تنشأ بين الموردين ولجان الفحص او بين اعضاء لجنة الفحص انفسهم ، ولها ان تسترشد في ذلك برأي لجنة فحص اخرى او الرجوع الى الجهة التابع لها المندوب الفني)). فضلاً عن كل هذا فقد نصت م1 من القانون رقم 9 لسنة 1997 على ان تضاف الى م1 من قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 27 لسنة 1994 فقرة ثانية تنص ((وبالنسبة الى منازعات العقود الإدارية ويكون الاتفاق على التحكيم بموافقة الوزير المختص او من يتولى اختصاصه بالنسبة للأشخاص الاعتبارية العامة ولا يجوز التفويض في ذلك(28)….)) ومن خلال استعراض هذا النص وما ورد في قانون المناقصات والمزايدات المصرية لعام 1998 نجد ان المشرع المصري قد اشترط ان يتم الاتفاق على اللجوء الى التحكيم بعد اخذ موافقة الوزير  للأشخاص الاعتبارية العامة، وهو اما رئيس الهيئة العامة المتعاقدة لا شخاص المرفقية او المحافظ للأشخاص المحلية. وقد اكد المشرع على ان يتولى هذا المسؤول الموافقة على اتفاق التحكيم اذ لا يمكن التفويض في ابرام اتفاق التحكيم في منازعات العقود الإدارية والا عد الاتفاق باطلا لكونه صدر من غير ذي صفة. لعل السبب في ذلك يكمن في ان العقود التي تبرمها الدولة مع جهات اجنبية تكون على درجة من الاهمية لكونها تتعلق باستغلال الثروة الطبيعية كالبترول او تتعلق بتوريد التقنية الحديثة، لذا ينبغي ان يتم ابرام اتفاق التحكيم بعد اخذ موافقة الوزير(29). اما في العراق فقد اكدت الشروط العامة في ميدان عقود الاشغال العامة على ضرورة اللجوء الى التحكيم قبل مراجعة القضاء استناداً الى نص المادة 69 التي قضت بأنه ((اذا نشأ نزاع او خلاف من أي نوع كان بين "صاحب العمل" و"المقاول" له علاقة  "بالمقاولة" او ناجم عنها او عن تنفيذ الاعمال (سواء كان ذلك اثناء سير الاعمال أو بعد اكمالها سواء كان قبل ام بعد انهاء المقاولة او تركها او الاخلال بها) فيحال مثل هذا النزاع او الخلاف الى المهندس وتجري تسويته من قبله وعليه ان يبلغ قراره الى "صاحب العمل" "والمقاول". ان مثل هذا القرار بخصوص كل قضية احيلت بهذه الصورة يكون ملزماً "لصاحب العمل" و"المقاول" وعلى "المقاول" ان يعمل به دونما تأخير وعليه الاستمرار بتنفيذ الاعمال بكل ما يلزم من المثابرة سواء قدم "المقاول" او "صاحب العمل" اشعاراً بعدم قبول القرار على النحو المذكور فيما بعد ام لم يقدم..)) وفي حالة عدم التوصل الى قرار يقنع كلا الطرفين فقد اشارت المادة نفسها الى كيفية اللجوء الى التحكيم وكيفية تأليف هذه الهيأة بالقول ((…واذ لم يقبل "صاحب العمل" أو"المقاول" بقرار "المهندس" هذا فعندئذ وفي اية حالة كهذه يكون "لصاحب العمل" أو"المقاول" في غضون ثلاثين يوماً من اليوم التالي لتاريخ التبليغ بالقرار المذكور ان يطلب احالة القضية الى التحكيم على الوجه الاتي:

يعين كل من "صاحب العمل" و"المقاول" محكما وعلى المحكمين المعينين بهذه الصورة ان يتفقا على محكم ثالث يتولى رئاسة المحكمين. وفي حالة عدم التوصل الى اتفاق خلال اربعة عشر يوماً من اخر تاريخ لتعينهما فعندئذ يكون "لصاحب العمل" و"المقاول" الحق في مراجعة المحكمة المختصة، لتعيين المحكم الثالث وفق الاجراءات المنصوص عليها في قانون المرافعات او وفق اية اجراءات ينص عليها قانون خاص بأمور التحكيم…)) وبذلك تكون هذه المادة قد بينت اجراءات التحكيم في منازعات عقود الاشغال العامة وهي بالفعل موفقة في ابراز الصورة التي يمكن للطرفين ان يتبعاها للوصول الى حل للنزاع وفي حالة فشل مساعي هيأة التحكيم امكن عندئذ ولوج باب القضاء. لم يقتصر المشرع على ذكر الكيفية التي يتم بها اللجوء الى التحكيم في نص م69، وانما شمل بذلك م45 من شروط المقاولة لا عمال الهندسة الكهربائية والميكانيكية والكيمياوية، فقد جاءت متفقة مع نص م69 في تحديد الوسيلة التي يتم بها تسوية النزاع العقدي بين الإدارة و المتعاقد معها. ومن كل ماتقدم نخرج الى ان مشرعنا الزم طرفي النزاع بضرورة اللجوء الى التحكيم قبل مراجعة المحاكم المختصة. وقد اتجهت محكمة التمييز الى تبني هذه الوسيلة في قرارها الصادر في 1/6/1968، رقم الاضبارة1/1648/ح/967 ((نص في عقد المقاولة بأنه اذا حدث خلاف بين الطرفين فأنه يحسم من قبل المهندسين الاستشاريين ويكون قرارهم نهائياً وملزماً للطرفين ولكل  طرف احالة الامر الى التحكيم في ظرف مدة معينة فان هذا النص يعتبر صحيحاً ويتعين التقيد به))(30).

____________________________

- محمد علي جواد: العقود الدولية، ص191 وما بعدها . د.ابراهيم حرب محيسن: طبيعة الدفع بالتحكيم في الخصومة المدنية (دراسة مقارنة بين القانونين الاردني والمقارن)، دار الثقافة للنشر والتوزيع/ عمان ، 1999، ص19 وما بعدها.

2- شروط مقاولة لأعمال الهندسة المدنية العراقية لعام 1988، صادرة عن وزارة التخطيط.

3- د. طالب حسن موسى: عقود المقاولات الانشائية، بحث منشور في مجلة القضاء العراقية، ع3-4، س44، مطبعة الشعب/بغداد، 1989، ص293. حسين المؤمن: الوجيز في التحكيم، مطبعة الفجر/بيروت، 1977،ص24. د.محمد علي جواد، العقود، 194. حامد مصطفى: مصدر سابق، ص109.

4- قرار صادر عن محكمة التمييز العراقية ، غير منشور.

5-قرار صادر عن محكمة التمييز العراقية  ، رقم الاضبارة (1899/م1 منقول/2000).غير منشور.

6- لقد عرفت بعض دول العالم (دول الديمقراطيات الشعبية) التحكيم كوسيلة لفض المنازعات التي تثور في اطار المشروعات العامة ومن بين هذه الدول، بلغاريا-بولندا-تشيكوسلوفاكيا-الاتحاد السوفيتي) لمزيد راجع: د. شمس مرغني علي. التحكيم في منازعات المشروع العام/دراسة مقارنة، عالم الكتب/القاهرة، 1974، ص33 وما بعدها.

7- د. فوزي محمد سامي : التحكيم التجاري الدولي، دار الحكمة للطباعة/بغداد، 1992،ص17.

8- حسين المؤمن: مصدر سابق، ص10.

9- د.عبد الرحمن العلام: شرح قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969،ج4، مطبعة الزهراء/بغداد،1990، ص399.

0- توفيق شحاته: نظرية الالتزامات في القانون الروماني، القاهرة،1963، ص303 ومابعدها، د.محمود السيد التحيوي :التحكيم في المواد المدنية والتجارية وجوازه في منازعات العقود الإدارية، دا ر الجامعة الجديدة للنشر/الاسكندرية، 1999، ص127 ومابعدها. حسين المؤمن: مصدر سابق، ص10. د.ابراهيم حرب محيسن: مصدر سابق، هامش2، ص12.

1- تقابل هذه المادة (م501 مرافعات مصري، م254 مرافعات كويتي، 821 اصول محاكمات  لبناني، 506 اصول محاكمات سوري، م2ف2 من قانون التحكيم الاردني) لمزيد راجع :حسين المؤمن: مصدر سابق، هامش2، ص10.

2- د. فوزي محمد سامي: مصدر سابق، ص19 ومابعدها. د.محمد علي جواد: العقود، 195. حسين المؤمن: مصدر سابق، ص19 ومابعدها.

3- د. فوزي محمد سامي: مصدر سابق، ص18.  حسين المؤمن: مصدر سابق، ص11. د.عبد الرحمن العلام: مصدر سابق، ص399.

4-  تقابل هذه المادة م829 اصول محاكمات لبناني (لا يجوز اثبات التحكيم بالشهود ولا بالقرائن). لمزيد راجع: حسين المؤمن: مصدر سابق، ص14 ومابعدها.

5- د. ماجد راغب الحلو: القانون، ص622. حسين المؤمن: مصدر سابق،ص14.

6- قرار محكمة التمييز المرقم 288/استئناف/1970 المؤرخ في 24/3/1971، وارد في: حسين المؤمن: المصدر السابق،هامش2،ص12.

7- نقلا عن: حسين المؤمن: المصدر السابق، ص12.

8- المواد المقابلة للمادة (252 مرافعات عراقي) ،م501 مرافعات مصري، م510 اصول محاكمات سوري،م829 اصول محاكمات لبناني): راجع: حسين المؤمن: المصدر السابق،ص12.

19- د. شمس مرغني علي: مصدر سابق، ص420. د. فوزي محمد سامي: مصدر سابق،ص23. حسين المؤمن: مصدر سابق،ص34.

20- لقد اشار قانون المرافعات الفرنسي الى ما يدعى بالمحكم المرجح الذي يتدخل ليزيل الانقسام وترجيح راي على اخر من خلال التعرف على الاراء المتضاربة للمحكمين، من دون ان يعيد التحقيق في الدعوى او سماع اقوال الخصوم. اذ يختلف المحكم المرجح عن الحكم الثالث الذي يأخذ به التشريع الاردني، لأن الاخير لا يقتصر دوره على ترجيح رأي على اخر وانما يتدخل لاجراء تحكيم جديد امام هيأة جديدة مشكلة منه ومن الاصليين لمزيد راجع: د. شمس مرغني علي: مصدر سابق،ص423.

2- حسين المؤمن: مصدر سابق،ص35.

22- د. ماجد راغب الحلو : القانون، ص622.

23- د. ماجد راغب الحلو: المصدر السابق، ص625 وما بعدها.

24- حسين المؤمن: مصدر سابق، ص56.

25- حسين المؤمن: المصدر السابق، ص55. اما المشرع الاردني فقد بين في م5 ف2 من قانون التحكيم الى عدم اخضاع احكام المحكمين لأي طريق من طرق الطعن ولا حتى اعادة المحاكمة: راجع: د.ابراهيم حرب محيسن: مصدر سابق،ص17.

 26-ch.Debbash ch.Bourdou. J.M. et. Ricci (Institutions de droit administrtif)        themis.1982.P.385.

27- د. ماجد راغب الحلو: المصدر السابق، ص628.

28- د. ماجد راغب الحلو: المصدر السابق، ص631. د.محمود السيد التحيوي: مصدر سابق،ص130 ومابعدها.

29- نقلا عن: د. ماجد راغب الحلو: القانون، ص632. د.محمود السيد التحيوي: مصدر سابق،ص130.

30- وارد في: د.عبد الرحمن العلام: مصدر سابق، ص416.

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .