المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

حاجة الإِنسان الفطرية والطبيعية الى التنزّه والإِرتياح
5-10-2014
تعريف الوصية اصطلاحاً
2023-03-27
الصدقة
14-6-2017
المجنون حقا
27-4-2020
ذكر الذي والألف واللام
2024-09-08
استخلاص النواتج Product Recovery
25-9-2019


سلطة تعديل القرارات  
  
10495   04:33 مساءاً   التاريخ: 13-6-2016
المؤلف : خلدون ابراهيم نوري سعيد العزاوي
الكتاب أو المصدر : مدى سلطة قاضي الالغاء في اصدار الاوامر للإدارة
الجزء والصفحة : ص69-81.
القسم : القانون / القانون العام / القانون الاداري و القضاء الاداري / القضاء الاداري /

حرص القضاء الإداري في مسلكه العام على الالتزام بالحدود التقليدية التي ترد على سلطة قاضي الإلغاء  إزاء  القرار الإداري المطعون فيه، إذ إن القاعدة العامة تقضي إن سلطة قاضي الإلغاء تجاه القرار الإداري المطعون فيه تقتصر على الإلغاء أو رد الطعن، كذلك فأن أحكام القضاء واراء الفقهاء جاءت مؤيدة لتلك الحدود، التي كان الأساس فيها يعود إلى مبدأ الفصل بين السلطات(1). الأمر الذي أدى إلى أضعاف دور قاضي الإلغاء .لذا كان لزاما على المشرع أيجاد نوع من التوازن بين السلطتين الإدارية والقضائية من اجل تركيز سلطة قاضي الإلغاء. فكان هذا مسلك مجلس الدولة الفرنسي وتبعه في ذلك مجلس الدولة المصري، آما المشرع العراقي فأنه أعطى لمحكمة القضاء الإداري صلاحية تعديل القرار بموجب القانون رقم  106لعام1989 قانون مجلس شورى الدولة . لتحديد ماهية التعديل الذي يمكن إن يقوم بأجرائه قاضي الإلغاء في القرار الإداري المطعون فيه، لابد من  تعريف تعديل القرار الاداري أولا، ثم الوقوف على آراء الفقهاء بغية إعطاء صورة عن مدى سلطة قاضي الإلغاء في تعديل القرارات الإدارية المطعون فيها .

أولا : تعريف تعديل القرار الإداري

التعديل لغة يعني (تعديل) الشئ تتقويمه يقال (عدله تعديلا فاعتدل) اي قومه فاستقام (2). فأذا كان العقد في شق منه باطلا فهذا الشق وحده هو الذي يبطل، أما في القانون الخاص فهو يتمثل (بأنقاض العقود)(3). أما تعديل القرار الإداري فانه يعني أحداث تغيير فيه يحول من دون إنهائه أو إزالة آثاره ، أي لايمس جوهره .وفي هذا الصدد لايمكن تصور  أن يكون هناك تعديل كلي للقرار الإداري ، ذلك أن التعديل يقوم على أساس أحداث تغيير في جزء من محل القرار الإداري من دون أن يشتمله بأكمله ليحول من دون إنهائه ، وان أجراء تعديل كلي للقرار الإداري يعني أحداث تغيير يشتمل على محل القرار الإداري بأكمله ومن ثم  فأنه يؤدي إلى إنهائه ، لذا يمكن القول بانه لايجوز تعديل القرار الإداري في  آثره إلى تعديل كلي وتعديل  جزئي (4). لكن يمكن تقسيم تعديل القرار الإداري في أسلوب أجرائه إلى تعديل إيجابي وتعديل سلبي: -

1.التعديل الإيجابي

يجري التعديل الإيجابي للقرار الإداري باستحداث آثار تؤدي إلى إحداث تغيير في بعض آثار القرار الإداري من دون الأخرى ، وذلك يعني أن التعديل الإيجابي يتضمن شقين ، الأول يتمثل بإلغاء غير مباشر يرد على جزء من القرار   الإداري(5). فقد ذهب مجلس الانضباط العام في أحد قراراته انه (تبين  للمجلس أن ما قام به المعترض لم يكن سوء نية ولعدم معاقبته سابقا بأية عقوبة تأديبية لذا فأن عقوبة تنزيل الدرجة المفروضة عليه بموجب قرار لجنة انضباط موظفي وزارة العدل كانت شديدة ، فقرر تخفيضها إلى عقوبة إنقاص الراتب بنسبة (10%) من راتبه الشهري لمدة سنتين عملا بنص الفقرة (2-1) من المادة الحادية والثلاثين من قانون انضباط موظفي الدولة رقم 69 لعام 1936) (6). وفي قرار أخر جاء فيه انه (لدى تصفح أوراق القضية ظهر للمجلس أن المعترض مقصر في أداء واجبات وظيفته إلا أن هناك أسبابا تخفض من أهمية ذلك التقصير لان عمله الأصلي كان من الأهمية إذ لا يساعد على تحميله واجبات شعبة مهمة أخرى كالشعبة التجارية ، فللأسباب المذكورة يرى المجلس أن  العقوبة المفروضة على المعترض جاءت لا تتناسب والتقصير من قبله في ظروفه ، وعليه قرر المجلس بالاتفاق تخفيض عقوبة التوبيخ المفروضة عليه بجعلها عقوبة الإنذار) (7). أما الشق الثاني للتعديل الإيجابي فهو استحداث آثار تؤدي إلى تعديل بعض آثار القرار الإداري من دون الأخر(8).

2.التعديل السلبي

يتم التعديل السلبي للقرار الإداري بالإلغاء المباشر لجزء من القرار من دون أن يشتمله بأكمله ، وهذا مانصت عليه الفقرة (ب) من المادة (6) من قانون الانضباط رقم 69 لعام 1936 (( لايجوز فرض اكثر من عقوبة واحدة من اجل ذنب واحد))(9).  ومن ناحية الجهة التي تقوم بتعديل القرار الإداري يمكن تقسيمه على  تعديل أداري وتعديل قضائي:-

1.التعديل الإداري

يقول الدكتور محمد كامل ليلة أن التعديل الإداري هو الذي تتولاه جهة إدارية بناءً على تظلم مقدم من صاحب المصلحة أو من تلقاء نفسها ، فبعد أن تقوم الإدارة بفحص مشروعية أو ملاءمة القرار الإداري تقرر الجزاء المطلوب ، وقد يكون الإلغاء أو السحب في حالة إنهاء القرار (10). أما إذا أرادت الإدارة الإبقاء عليه فأنها تقوم بتعديله أو تصحيحه مع الآخذ بالحسبان الحقوق المكتسبة للأفراد (11).

تستطيع الإدارة تعديل القرار الإداري في أي وقت طالما انه لم يرتب حقوقاً مكتسبة للأفراد وكما هو الحال في القرارات التنظيمية ، إلا انه يقتضي تعديل القرارات التنظيمية بأجراء عام فلا يجوز الخروج على اللائحة بقرار فردي إلا إذا كانت اللائحة تجيز ذلك(12). كما أن الإدارة لايمكنها تعديل القرارات الإدارية الفردية باستخدام سلطتها التقديرية ، ذلك أنها تنشئ مركزاً قانونياً للأفراد ، لكن هذا لا يمنعها من تعديل القرار الفردي على وفق التشريع الذي يحكم الموضوع(13).

2.التعديل القضائي 

يكون التعديل للقرار الإداري قضائياً إذا تم أجراؤه من  جهة قضائية بناء على طعن يتقدم به صاحب مصلحة إلى جهة القضاء الإداري ضمن المدة المحددة قانوناً(14).

ثانياً : موقف الفقه من تعديل قاضي الإلغاء للقرار الإداري.

اختلف الفقهاء حول قيام قاضي الإلغاء بتعديل القرار الإداري ، وكان لزاماً علينا التمييز بين الموقف الفرنسي والمصري والعراقي للدلالة على الموضوع.

1.موقف الفقه الفرنسي

انقسم الفقه الفرنسي تجاه قيام  قاضي الإلغاء بترتيب آثار حكم الإلغاء على فئتين ، فقد اتخذ من جانب الفقه الفرنسي أمثال (جيز وهوريو ورفيرو ) موقفاً مؤيداً لقيام قاضي الإلغاء بتعديل القرار الإداري المطعون فيه وترتيب آثار الحكم بالغائه بدلاً من الإدارة فعارضوا اتجاه مجلس الدولة الفرنسي المتمثل بالتزامه بالحدود التي ترد على سلطته(15). واصحاب هذا الجانب يعتممن دون في بيان موقفهم على دحض فكرة الفصل بين السلطات التي يستند أليها مجلس الدولة الفرنسي ، فأشاروا إلى أن الاسس التي قامت عليها تلك الفكرة قد زالت ، وما يسود في الوقت الحاضر هو نظرية (المرفق العام) ، وان التوسع في مبدأ الفصل بين السلطات يتعارض مع ما تتطلبه تلك النظرية من ضمان سير العمل بالمرفق وذلك  يقتتضي ضرورة الخروج على مبدأ الفصل بين السلطات  وما يترتب عليه من حدود تقليدية ترد على سلطة القاضي الإداري لان ماقصدته الثورة الفرنسية في تشريعاتها هو القاضي الإداري  وليس الاعتيادي(16). كما يرى أصحاب هذا الاتجاه أن حلول قاضي الإلغاء محل الإدارة وترتيب آثار حكم الإلغاء بتعديل القرار الإداري المطعون فيه لا يتعارض مع الطبيعة الذاتية لدعوى الإلغاء ، ذلك أن المدعي في دعواه لا يبغي الحكم بإلالغاء وانما النتائج المترتبة عليه(17). ويؤكد أنصار هذا الرأي في انه حتى لو جرى الآخذ بالحسبان الفصل بين الوظيفة الإدارية والقضائية ، ففي إطار الاختصاص  المقيد للإدارة لايمكن تصور أن يكون هناك اعتداء على استقلاليتها إذا قام قاضي الإلغاء بترتيب آثار حكم الإلغاء من خلال تعديله للقرار الإداري المطعون فيه مادام المشرع قد الزم الإدارة باتخاذ أجراء محدد ، وحتى في مجال السلطة التقديرية فأن قاضي الإلغاء يستطيع ترتيب آثار قانونية لحكم الإلغاء(18). فضلا عما تقدم فأن قيام قاضي الإلغاء بترتيب آثار قانونية لحكم الإلغاء سيعزز دوره بجعل دعوى الإلغاء أداة فعالة لحماية المشروعية(19). ويعزو أصحاب هذا الرأي موقفهم إلى اسس عملية ، وهي عدم الحاجة إلى الرجوع للإدارة مرة أخرى لإصدار قرار أداري جديد(20). كذلك فان السياسية القضائية المتبعة من مجلس الدولة الفرنسي  إزاء  الإدارة لا يتعارض مع ترتيب قاضي الإلغاء أثار حكم الإلغاء بتعديل القرار الإداري المطعون فيه ، فلا يثير حساسية الإدارة في المحافظة على امتيازاتها واستقلالها ، لان ضمان تنفيذ حكم الإلغاء يعتمد على وضوحه أو قطعيته ، وذلك يقتضي بأن لايقف القاضي الإداري عند الحكم بالإلغاء ، أي اتخاذه قرارا سلبياً ، وانما يعمل على ترتيب آثار حكم الإلغاء من اجل الحفاظ على هيبة القاضي في حالة عدم التنفيذ من الإدارة (21). أما رأي الفقه المعارض المتمثل بالفقهاء (فيدل ودي لوبادير) فأنهم اتخذوا جانباً معارضاً لقيام قاضي الإلغاء بترتيب آثار حكم الإلغاء محل الإدارة بتعديله للقرار الإداري  المطعون فيه ، إذ أيدوا التزام مجلس الدولة الفرنسي بالحدود التي ترد على سلطة قاضي الإلغاء وامتناعه عن ترتيب آثار حكم الإلغاء سواء بالحلول محل الإدارة بتعديل القرار المطعون فيه أم بإصدار قرارات إدارية معينة أو توجيه أوامر للإدارة(22). يرى (فيدل) أن قاضي تجاوز السلطة (قاضي الإلغاء) لا يستطيع على الإطلاق أن يستبدل القرار الملغى بقرار جديد يصدره هو أو يعدل القرار الملغى أما الفقيه (دي لوبادير) أكد هذا الاتجاه ، إذ أشار إلى أن قاضي الإلغاء ليس له اختصاص في حالة عدم مشروعيته سوى اصدار حكم بالغائه ، وعلى هذا الأساس فليس أمام قاضي الإلغاء سوى الغاء القرار المطعون فيه عندما يظهر له أنه غير مشروع ، أو بالعكس فيحكم برد الدعوى ، الأمر الذي يعني صحة القرار(23). أن التفسير الجرئ لهذا الاتجاه جاء عن طريق الفقيه (هوريو) الذي أشار إلى انه لايمكن أن يكون قرار في نزاع قضائي إلا بشأن النقاط مثار النزاع ، ولكي يجري إلغاء القرار الإداري فيقتضي  إلا يكون هناك نزاع بشأن نتائج الإلغاء ، وهكذا فأن مهمة قاضي تجاوز السلطة الأساسية ترجع إلى تعزيز القيود التي تفرض على السلطات العامة للقاضي الإداري ، وهذا يفسر إمكان اللجوء إلى دعاوى أخرى لتجاوز السلطة لمن يصيبه آذى من قرار الإلغاء (24). وهو المنهج نفسه الذي سار عليه الفقيه (جيليان) إذ أكد أن العمل القضائي لا يستهدف إنشاء أو تعديل أو إلغاء المركز القانونية ، بينما القرار الإداري يؤدي إلى إنشاء أو تعديل أو إلغاء المراكز القانونية من خلال الإرادة المنفردة للإدارة ، وهو يرى أن الحكم بالإلغاء يعد تدخل في عمل الإدارة ، ومن ثم فأن قاضي الإلغاء يكون متجاوزاً مرة أخرى في حالة تعديله للقرار الإداري، وذلك يتطلب نصاً صريحاً في القانون .وحتى لو تدخل المشرع فأن هذا لايكفي لان تنفيذ حكم الإلغاء وترتيب آثاره يتطلب إصدار قرارات إدارية تدخل في نطاق السلطة التقديرية للإدارة وهي وحدها تستطيع بحث ملاءمة القرار الإداري (25). وقد سار الفقيه (فيدل) على المسلك نفسه مستنداً في ذلك إلى اسس عملية ترتبط بما تتمتع به الإدارة من استقلال تجاه القضاء مع مراعاة نفسية الإدارة وحساسيتها(26).

2.موقف الفقه المصري

كان موقف بعض الفقهاء المصريين مؤيداً لما أورده جانب من الفقه الفرنسي من تأييد ترتيب قاضي الإلغاء لا ثار حكم الإلغاء بتعديله للقرار الإداري المطعون فيه كاشفاً العديد من الحجج المؤيدة لذلك وهي :-

اولاً : أن تولي قاضي الإلغاء لاثار حكم الإلغاء بتعديل القرار الإداري يوفر الحماية الكاملة لمبدأ  المشروعية(27).

ثانياً : : أن ترتيب قاضي الإلغاء لاثار حكم الإلغاء بتعديل القرار الإداري يوفر ضمانات اكبر لتنفيذ حكم الإلغاء ، ذلك أن التزام الإدارة بالتنفيذ يعتمد على مدى صراحة حكم الإلغاء ووضوحه، والا فان الإدارة تحتج بغموض الحكم واختلاف وجهات النظر ، وليس هناك مجال لمراعاة مشاعر الإدارة طالما إنها خرجت على مبدأ المشروعية ، فضلا عند ذلك فان اثر الإلغاء اكثر إيلاما من التعديل وذلك لان الإلغاء يؤدي إلى إعدام القرار الإداري (28).

ثالثاً : أن قيام قاضي الإلغاء بترتيب آثار حكم الإلغاء وقيامه بذلك احل الإدارة ، يؤدي إلى تقوية سلطته وتعزيز دوره في ضمان تنفيذ حكم الإلغاء ، فضلا عن ان الجهات الإدارية التي تتولى تنفيذ حكم الإلغاء قد ينقصها الخبرة القانونية الكافية لكي تقرر الحل الصحيح(29).

رابعاً: أن القاضي الإداري في إطار القضاء الكامل يقوم بتعديل القرار الإداري، وليس هناك اعتراض في انه خرق لمبدأ استقلال الإدارة ، فأن ترتيب آثار  حكم الإلغاء بتعديل القرار الإداري ليس سوى عملية تبعية لولاية  الإلغاء (30).  لذا فأن الطاعن لايكتفي بألالغاء وانما يطالب بترتيب آثاره وانزال حكم القانون(31). لقد كرر الفقه المصري ما جاء به الفقه الفرنسي من تأييده لترتيب قاضي الإلغاء آثار حكم اللالغاء محل الإدارة بتعديله للقرار الإداري المطعون فيه من خلال أيراد الحجج التي تدعم موقفهم من دون بيان ماهية التعديل الذي يمكن أن يقوم بأجرائه قاضي الإلغاء والأساس القانوني الذي يستند أليه، كذلك فانهم قد ذهبوا إلى أن قاضي الإلغاء يستطيع تعديل القرار الإداري المطعون فيه من اجل ترتيب آثار حكم الإلغاء فقط ، من دون التطرق إلى التعديل الضمني للقرار الإداري بوصفه اختصاصاً موازياً لاختصاص القاضي الإداري بالإلغاء بموجب نص القانون ، في حالة عدم تناسب القرار الإداري المطعون فيه ، فضلا عن أن أصحاب هذا الاتجاه من الفقه المصري لم يتطرقوا إلى اجتهادات المحكمة الإدارية العليا في مصر المعروف (بقضاء الغلو) في مجال رقابتها على القرارات الإدارية التأديبية وما ينتج عنه من تعديل القرار الإداري التأديبي(32). أما القسم الأعظم من الفقه المصري ، فقد اخذ مسلكاً معارضاً لتدخل قاضي الإلغاء في أعمال الإدارة بتعديله للقرار الإداري، وهذا ما أكدته محكمة القضاء الإداري المصرية بقولها ((انه لا يدخل في وظيفة المحكمة عند الفصل في دعوى إلغاء القرارات الإدارية لمجاوزة حدود السلطة بتعديل القرارات المطعون فيها أو تصحيحها ، بل يترك ذلك للإدارة وحدها تقوم به نتيجة مباشرة للحكم الصادر بالإلغاء (33). أن دعوى الإلغاء ولدت في فرنسا-  وكما فهمها المشرع المصري - تستهدف إلغاء القرار الإداري المعيب ، ومن ثم أن عمل قاضي الإلغاء ينحصر في إلغاء القرار الإداري إذا ما ثبت له عدم مشروعيته فحسب ، فليس له أن يعدل القرار المعيب أو يستبدله بقرار جديد أو أن يصدر أوامره للإدارة ، لان ذلك يتنافى مع  مبدأ الفصل بين السلطات(34).  أشار الدكتور مصطفى أبو زيد فهمي بقوله(فكل مهمة المجلس في قضاء الإلغاء هو وان يعني فقط بالحكم بإلغاء القرار الإداري المخالف للقانون ...فلا يمكن مثلاً للمجلس أن يعدل بنفسه في القرار الإداري ...)(35). على العموم ليس للقاضي إلا أن يحكم بإلغاء القرار كلياً أو جزئياً أو يرفض الإلغاء ، أما أن يتدخل بأعمال الإدارة فيصدر لها امراً بأداء معين ، أو يقوم بتعديل القرار فليس من اختصاص القضاء(36). كان لابتكار القضاء الإداري المصري لقضاء الغلو الاختيار الصعب لاصحاب الرأي المعارض القائلين بعدم قيام القاضي بتعديل القرار الإداري ، ذلك أن المحكمة الإدارية العليا في مصر تولت تعديل القرار الإداري التأديبي ، الأمر الذي أدى إلى انقسام أصحاب الرأي المعارض إلى قسمين ، حرص القسم الأول على التمسك بالحدود التقليدية التي ترد على سلطة قاضي الإلغاء وعارضو قضاء الغلو ، بحجة أن قضاء الغلو يعد خرقاً لمبدأ الفصل بين السلطات إذ يصبح  قاضي الإلغاء بمثابة رئيس أداري ، إذ يتدخل في نطاق الملاءمة التي تركها المشرع لتقدير السلطة التأديبية ومنها الإدارة(37). وذلك بدوره يؤدي إلى أن يفقد الرئيس الإداري سطوته الإدارية التي يمتلكها تجاه مرؤوسيه من خلال التأديب (38). فضلا عن ذلك فأن الرقابة التي مارستها المحكمة الإدارية العليا بموجب هذا القضاء قد جعلت منها محكمة وقائع لا قانون(39). وحتى لو تم الآخذ بالنظرة الموسعة لرقابة  المحكمة الإدارية العليا إلا أن ذلك لايعني أن تجعل من نفسها جهة تأديب ، وتتجاوز اختصاصات محكمة أول درجة(40). لقد كان قضاء الغلو هو الإنجاز الوحيد الذي حظي بتأييد الفريق الأخر استثناء ، على الرغم من اتفاقه مع المسلك العام المتمثل بضرورة التزام قاضي الإلغاء بالحدود التي ترد على سلطته ، مستنداً في ذلك إلى العديد من الاسس منها ما يعود إلى مبادئ العدالة ويظهر ذلك بشكل واضح في هذه الحالة على أساس أن من يفرض العقوبة هو الرئيس الإداري بما يملكه من محاباة أو كراهية، وليس القضاة كما هو في المحاكم التأديبية(41)، كذلك فان تعديل المحكمة الإدارية العليا في مصر للقرار الإداري التأديبي من اجل ترتيب آثار حكم الإلغاء محل الإدارة قد جاء متفقاً مع طبيعة التكوين الإداري في دولة تعتبر من البلدان النامية مثل مصر(42). فضلا عما تقدم ،  فأن القضاء  الإداري في مصر قد اصبح معاوناً للإدارة العاملة في مجال التأديب ، إذ أن التأديب يتوزع بين الإدارة والقضاء (المحاكم التأديبية) (43).وليس كما هو الحال في فرنسا إذ تتولى التأديب السلطة الرئاسية بموجب القانون رقم (634) لعام 1983(44).

3. موقف الفقه العراقي

حتى وقت قريب لم يكن للفقه العراقي موقف واضح بشأن مدى سلطة قاضي الإلغاء بتعديل القرار الإداري المطعون فيه، وهذا بتقديري يعود إلى حداثة عهد القضاء الإداري في العراق ، إذ مثل صدور القانون رقم 106 لعام 1989 قانون التعديل الثاني لقانون مجلس شورى الدولة رقم 65 لعام 1979 أولى بشائر نشأة القرار الإداري المستقل في العراق، إذ أعلن عن قيام قضاء أداري مستقل إلى جانب القضاء الاعتيادي ينبثق عن مجلس شورى الدولة ويتمثل بمجلس الانضباط العام ومحكمة القضاء الإداري والهيئة العامة لمجلس شورى الدولة. لكن ذلك لم يمنع المشرع العراقي على رغم من حداثة عهده في إعطاء إشارة واضحة لمفهوم سلطات قاضي الإلغاء في تعديل القرار الإداري عند تناوله مجالات فرض الرقابة على تناسب العقوبات الانضباطية بموجب نص القانون(45). ويرى الدكتور عبد القادر الشيخلي أن رقابة التناسب ضرورية للحيلولة من دون الانحراف بالوظيفة التأديبية وفقدان العدالة(46). أما الدكتور عصام البرزنجي  فانه قد اكتفى بالإشادة  باجتهاد المحكمة الإدارية العليا في مصر والمتمثل بامتداد رقابتها إلى نطاق الملاءمة ،  وعد رقابة التناسب خطوة جريئة نحو تحقيق العدالة ، وذهب إلى ضرورة أن تشتمل تلك الرقابة على بقية انواع القرارات من دون أن تقتصر على التأديب(47). ومن ناحية أخرى فانه قد أشار إلى رقابة مجلس الانضباط العام في هذا الصدد لتشتمل على المشروعية والملاءمة(48). كذلك فانه لايمكن أن يكون الجدار الوهمي للسلطة التقديرية للإدارة حاجزاً أمام البحث عن العدالة ، وانه لابد من مد رقابة القاضي الإداري إلى نطاق الملاءمة(49). يقول الدكتور ماهر صالح علاوي أن تعديل القرار الإداري التأديبي هو نتيجة لرقابة التناسب في مجال التأديب ، إذ انه يوفر الضمان للموظف تجاه الإدارة ،ويرى أن فكرة التناسب لايمكن الاستناد أليها إلا لتعديل القرار الذي يشوبه عدم التناسب بين السبب والمحل في القرار الإداري  أي العقوبة التأديبية المفروضة عليه ، لذا فانه قد انتقد بعض الأحكام التي صدرت عن مجلس الانضباط العام بإلغاء عقوبات انضباطية استناداً إلى فكرة التناسب(50). على الرغم من عدم اتخاذ الفقه العراقي موقفاً واضحاً إزاء ما ينتج عن رقابة التناسب من تعديل للقرار الإداري التأديبي سواء في مصر بموجب اجتهاد المحكمة الإدارية العليا المعروف بقضاء الغلو أو في العراق في إطار رقابة مجلس الانضباط العام على العقوبات الانضباطية بموجب نص القانون. إلا أن الدكتور علي جمعة محارب عارض قضاء الغلو في مصر وماترتب عليه من امتداد رقابة المحكمة الإدارية العليا إلى نطاق الملاءمة في مجال التأديب ، لانه يرى ملاءمة العقوبة التأديبية من اختصاص السلطات التأديبية والتي قد تكون الإدارة ، لأنها اكثر دراية بالظروف الواقعة وملابساتها وهو مايساعد في تقدير العقوبة الملاءمة(51). يتضح مما تقدم أن مجرد التأييد والإشادة برقابة التناسب من دون أيراد أي اعتراض على مانتج عن تلك الرقابة من تعديل للقرار الإداري قرينة على تأييد هذه النتيجة(52).

________________________

1- د. حسن السيد بسيوني: مرجع سابق-ص314.

2- مختار الصحاح –ص418

3- د.محمد كامل مرسي : الالتزامات –ج1-الطبعة العالمية – 1954 – ص 531.

4- د. شاب توما منصور : القانون الإداري : - الكتاب الثاني-دار الفكر العربي- ط1-1980 –ص484.

5- د. طعيمة الجرف :القانون الإداري  -جامعة القاهرة – 1985 –ص192.

6- قرار مجلس الانضباط العام رقم 3/85/86 في 6/8/1985 رقم الاضبارة 33/84/85 غير منشور .

7- قرار مجلس الانضباط العام رقم 4 في 18/1/1957 غير منشور .

8- د. طعيمة الجرف :القانون الإداري  - مرجع سابق ص192.

9- د. شاب توما منصور : القانون الإداري :مرجع سابق –ص 368.

10- د. محمد كامل ليلة : الرقابة على أعمال الإدارة (الرقابة القضائية) مرجع سابق – ص136

11- د. محمد كامل ليلة :مرجع سابق – ص136.

12- د. سليمان الطماوي : النظرية العامة للقرارات الإدارية – دار الفكر العربي –ط4-1976 ص670.

13- د. حسني درويش عبد الحميد – نهاية القرار الإداري عن غير طريق القضاء – دار الفكر الإداري رسالة دكتوراه – 1982 –ص 605.

14- د. محمد كامل ليلة : الرقابة على أعمال الإدارة  – مرجع سابق- ص139.

15- د. بكر قباني :الرقابة الإدارية – دار النهضة العربية – 1985-ص67.

16- د .عبد المنعم عبد العظيم الجيزة- مرجع سابق -ص 326

17- د. عبد المنعم عبد العظيم الجيزة : المرجع نفسه – ص329.

18-  د.عبد المنعم عبد العظيم الجيزة : المرجع نفسه –ص330.

19- د.عبد المنعم عبد العظيم الجيزة : المرجع نفسه: ص327.

20- د.عبد المنعم عبد العظيم الجيزة : المرجع نفسه:ص331.

21- Vedel , Droit adminstratif ,P .4-F ,1988 ,P .819

22- adminstratif,Libialization C.D.Paris,1984,P.613. DeLaubadere,Trait de Droit

23- Vedel , Droit adminstratif ,P .4-F ,1988 ,P .825

24- Auby et Drao op.cit,P.422

25- د.عبد المنعم جيزة : - مرجع سابق – ص323 ومابعدها.

26- د.عبد المنعم جيزة:  نفس المرجع : ص325.

27- د. سعيد الحكيم : الرقابة على أعمال الرقابة في الشريعة الإسلامية والنظم المعاصرة – دار المفكر العربي-ط3-1987-ص413.

28- د.عبد المنعم عبد العظيم – مرجع سابق – ص336.

29- د.عبد المنعم جيزة : المرجع السابق – ص335 كذلك د. سعيد الحكيم : المرجع نفسه – 1987 – ص416.

30- د.عبد المنعم جيزة : المرجع السابق –ص335.

31- د. سمير صادق : ميعاد رفع دعوى الإلغاء – دار المفكر العربي – 1969 –ص29.

32- ضرغام مكي نوري شلاه – مرجع سابق .ص27.

33- حكم محكمة القضاء الإداري المصري الصادر بجلسة 15/6/1948 – السنة الثانية – ص797.

34- د. سليمان الطماوي: قضاء الإلغاء  - مرجع سابق –ص 801.

35- د. مصطفى ابو زيد فهمي :مرجع سابق –ص 686.

36- د. محمود حلمي : القرار الإداري –– ط 1دار الاتحاد العربي للطباعة -1970 –ص69.

37- د. سليمان الطماوي : قضاء التأديب –دار الفكر العربي -1987 ص 775.كذلك د.محمد مصطفى حسن – اتجاهات جديدة في قضاء المحكمة الإدارية العليا في مجال التأديب – مجلة العلوم الإدارية – العدد الاول  - السنة 21-1979 – ص 162.

38- د. فهمي اسماعيل عزت – سلطة التأديب في الوظيفة العامة – مجلة العلوم الإدارية – العدد الأول  - 1963.

39- د.عبد الفتاح حسن : التأديب في الوظيفة العامة – مرجع سابق – ص 775.

40- د.محمد عصفور  : ضوابط التأديب في الوظيفة العامة – مجلة العلوم الإدارية – العدد الأول – 1963.

41- د. مصطفى ابو زيد فهمي : القضاء الإداري ومجلس الدولة – منشأة المعارف –الاسكندرية – العدد 2-1964-ص161.

42- ايمن محمد حسن : المشروعية الإدارية وحدود الرقابة الملاءمة – مجلة ادارة قضايا الحكومة – العدد الأول – السنة 28-ص129.

43- د.محمد ميرغني خيري : المغالاة في التساهل والتفريط – مجلة العلوم الإدارية – السنة السادسة عشر – 1974 –ص183.

44- د. علي جمعة محارب :التأديب الإداري في الوظيفة العامة –مرجع سابق – ص289.

45- د. علي حسين احمد الفهداوي: الاتجاهات الحديثة في الرقابة القضائية  السلطة التقديرية للإدارة (دراسة مقارنة) مرجع سابق –ص 185.

46- د.عبد القادر الشيخلي : النظام القانوني للجزاء التأديبي –دار الفكر العربي للنشر والتوزيع – عمان – 1983-ص296.

47- د. عصام البرزنجي : السلطة التقديرية للإدارة والرقابة القضائية – رسالة دكتوراه – كلية الحقوق- جامعة القاهرة – 1971 – ص436.

48- د. عصام البرزنجي : مجلس شورى الدولة وميلاد القضاء الإداري العراقي – مجلة العلوم القانونية – المجلد التاسع – العدد 1،2 -1990-ص0140

49- د. محمود خلف الجبوري : رقابة القاضي على جوانب الملاءمة في القرار الإداري –مجلة الشريعة والقانون-العدد الأول- 1989-ص105.

50- د. ماهر صالح علاوي: رقابة مجلس الانضباط العام على تناسب المحل مع السبب في العقوبات الانضباطية –بحث مقدم إلى الندوة العلمية الأولى – كلية صدام للحقوق – 1992-ص19.

51- د. علي جمعة محارب : التأديب الوظيفة العامة – مرجع سابق –ص527.

52-ضرغام مكي نوري: مرجع سابق –ص60.

 

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .