المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
النقل البحري
2024-11-06
النظام الإقليمي العربي
2024-11-06
تربية الماشية في جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية
2024-11-06
تقييم الموارد المائية في الوطن العربي
2024-11-06
تقسيم الامطار في الوطن العربي
2024-11-06
تربية الماشية في الهند
2024-11-06

استرداد الموطن
12-1-2022
تقوم انزيمات البروتياز والببتيداز بتقويض البروتينات الى احماض امينية
22-9-2021
أنواع الرجال
2024-09-26
الأسس النفسية في الإخراج الصحفي- عامل الوراثة
4-8-2021
أين رؤية العرب من المجتمع الرقمي؟
2023-03-08
Butterfly Function
18-7-2019


الأخطار  
  
5410   01:19 مساءاً   التاريخ: 8-6-2016
المؤلف : سحر جبار يعقوب
الكتاب أو المصدر : فسخ العقد الاداري قضائياً لخطأ الادارة
الجزء والصفحة : ص86-94.
القسم : القانون / القانون العام / القانون الاداري و القضاء الاداري / القضاء الاداري /

يعد الأخطار اجراءً شكليا ينبغي ان يستنفذه المتعاقد مع الإدارة قبل المطالبة بفسخ العقد، كي تكون الإدارة على بينة بما صدر عنها من اخلال في تنفيذ العقد، جعلت المتعاقد يطالب باثارة مسؤوليتها العقدية وفسخ العقد. يتم توجيه الاخطار بأحدى وسيلتين اما الاعذار و أما التظلم من قرار الادارة .

أولا: اعذار الإدارة

 الاعذار يمثل قاعدة قانونية يجب إتباعها من قبل طرفي العلاقة العقدية قبل اللجوء الى القضاء. فإذا كانت الإدارة تتمتع بسلطة توقيع الجزاءات الاتفاقية او القانونية على من يتعاقد معها. الا انه ينبغي قبل فرض أي جزاء ان تراعي اجراءً شكلياً على درجة من الحساسية الا وهو توجيه انذار للمتعاقد معها(1). واذا كانت الإدارة ملزمة باعذار متعاقدها قبل توقيع أي عقوبة عليه،  فأنه بالمقابل يقع على عاتق المتعاقد مع الإدارة التزام بضرورة توجيه انذار للإدارة مطالبا اياها بتنفيذ التزاماتها العقدية، ويتم الانذار طبقاً للمبدأ القائل (قد اعذر من انذر). ومن هذا الجانب سيتم تناول الاعذار في طيات القانون المدني والعلة في ذلك ان القانون الإداري حديث النشأة في بلده الام فرنسا. فكيف الحال في الدول التي اخذت عنها القانون الإداري. فضلا عن ذلك يعمل القانون المدني، على وضع الاحكام العامة، وقد استعار القانون الإداري العديد من النظريات منه. لقد ذهب فقهاء القانون المدني الى تحديد معنى الاعذار قائلين: ((وضع المدين في موضع المقصر في تنفيذ التزاماته بأثبات تأخره في الوفاء لان مجرد حلول الاجل لا يعني تقصير المدين مالم يسجل عليه تقصيره بالاعذار))(2). او هو ((وضع المدين الذي يتأخر في تنفيذ التزاماته العقدية تأخراً من شأنه ان يصيب الدائن بضرر))(3). او ((وضعه في وضع قانوني وهو موضع المتأخر في تنفيذ الالتزام ان لم يوف به في وقته))(4). ومن مجمل هذه التعاريف التي وضعت للاعذار، اخرج بنتيجة وهي أن الاعذار دعوة ايجابية موجهه من الدائن الى مدنيه تترتب عليها نتائج قانونية معينه، يطالب بمقتضاها الدائن مدينه بضرورة تنفيذ التزاماته. وبذلك تكون قد اتفقنا مع ما اشار اليه القانون المدني العراقي في م177 ف1 والقوانين المدنية العربية(5). يظهر الدافع الى التمسك بالاعذار، كونه شرع اصلاً مراعاة لاعتبارين:- الأول اخلاقي، يتمثل بان المبادئ الإنسانية والقيم الأخلاقية تأبى ان يفاجأ المدين بالتنفيذ الجبري عليه وما يمكن ان يلحق به من ضرر يستوي في ذلك الضرر المادي او المعنوي. والثاني، قانوني اذ بمجرد حلول اجل تنفيذ الالتزام وتخلف المدين عن التنفيذ لا يعني بالضرورة تضرر الدائن، فقد يحمل تصرفه هذا على محمل التسامح والرأفة بالمدين. وهذا القبول الضمني للدائن يمكن ان ينفيه اذا ما طالب مدينه بالتنفيذ بانذراه(6). يحمل الاعذار معنى التهديد للمدين بضرورة المسارعة الى تنفيذ التزاماته والاَّ فأن الجزاء سيفرض عليه، فضلا عن كونه يجنب المدين فسخ عقده فجأة ويمنحه فرصة لتلافي ذلك. ومن هذا المنطلق يحوي الاعذار فائدة جلية تظهر في كونه يجعل القاضي اكثر قدرة على الاستجابة لطلب الفسخ، وخاصة ان اعذار المدين وامتناعه عن تنفيذ التزامه يحمل في طياته على محمل الامتناع عن التنفيذ ووضع المدين في موضع المصر على الرفض . فضلاً عن كونه يجعل القاضي قادراً على الحكم بالفسخ والتعويض(7). وازاء هذه الفائدة التي يحملها الاعذار للمدين والدائن على حدٍ سواء نجد ان ثمة تشريعات، ومنها التشريعات الجرمانية وبعض القوانين اللاتينية بدأت تشير الى ضرورة وضع الاعذار جانباً، فهي تعد مجرد حلول الاجل كافيا لغرض اشعار المدين من دون حاجة الى اعذاره. هذا وان قانون الموجبات والعقود اللبناني كان قد ذهب الى ان المدين يعد معذراً بمجرد حلول اجل الوفاء بالالتزام ومن ثم مسؤولاً عن كل الاضرار التي تصيب الدائن. وبذلك فهو يقيم المسؤولية على افتراض كون المدين قد أُعذر(8). أما مشرعنا العراقي والمشرع المصري فقد ظلا محافظين على اصالة هذا الاجراء الشكلي مقتفين في ذلك  خطى القانون المدني الفرنسي . بالرغم من اننا وجدنا اراءً تطالب المشرع العراقي بضرورة وضع الاعذار جانباً وتجعل منه استثناءً لقاعدة الاصل فيها عدم الاعذار(9). ويتم تبلغ الاعذار بالانذار، وهو عبارة عن ورقة رسمية من اوراق المحضرين يطالب فيها الدائن مدينة بضرورة تنفيذ التزاماته. والى ذلك اشارت م257 م.ع وم 219 م.م(10). كما وقد يتم الاعذار عن طريق البريد على الوجه المبين في قانون المرافعات م14 مرافعات عراقي وم 16 مرافعات مصري، او بأي ورقة رسمية كورقة التكليف بالحضور او محضر الحجز، حتى وان تم رفع الدعوى امام محكمة غير مختصة. ويمكن الاتفاق على ان يتم الاعذار باي طريق اخر، وخاصة انه لا يوجد شكل محدد لصيغة الاعذار نظرا لان قاعدة الاعذار ليست مطلقة اذ يمكن الاتفاق على الاعفاء منه، فضلا عن ذلك انه ليس من النظام العام. لذا يعد امراً طبيعياً ان يتم الانذار باي وسيلة كانت سواء تمثلت بأخطار شفوي ام عادي مع مراعاة القواعد العامة في الاثبات. وما تمت الاشارة اليه في الفقرات اعلاه يطبق على المسائل المدنية والتجارية على حد سواء مع مراعاة ما قد جرى عليه العرف من اجازة الاعذار بورقة غير رسمية او باخطار شفوي(11). وقد عبرت عن هذا محكمة التمييز العراقية في قرارها المرقم 837/ادارية ثانية/87-88 المؤرخ في 29/3/1988، الذي نص على ((البرقية التي يوجهها المدعي الى المدعى عليه بتنفيذ العقد تغني عن الاعذار المنصوص عليه في م257م.ع ويجوز له حق المطالبة بفسخ العقد))(12). ويعد الاعذار شرطا للحكم بالفسخ وليس شرطاً لقبول الدعوى ويتفرع عن ذلك جواز توجيه الى ما قبل صدور الحكم في دعوى الفسخ(13). وقد اشارت محكمة التمييز العراقية الى ذلك في قرارها المرقم 579/مدنية منقول/87-1988 المؤرخ في 14/12/1987. الذي نص على ((ترد دعوى المدعي المقامة بطلب فسخ العقد وانهاء المشاركة واعادة المبلغ الموضوع للمدعى عليه اذا لم يقم المدعي باعذار المدعى عليه استناداً لنص الفقرة الاولى من المادة 177م.ع))(14). يترتب على كون الاعذار لا يعد قاعدة مطلقة، جواز الاتفاق على ما يخالفها، هذا وقد ينص القانون على الاعفاء من الاعذار، فقد نصت م.220م.م في فقراتها ب،جـ،د على الحالات التي يعفى منها الدائن من توجيه انذر لمدينه -كما وقد عبرت عن ذلك م258م.ع بفقراتها أ،ب،جـ،د(15).

ولعل السبب في استثناء هذه الحالات يظهر بالاتي:-

1.في الحالة التي يصبح فيها تنفيذ الالتزام عينياً غير ممكن بفعل المدين نرى لا ضرورة لتوجيه انذار. وتأكيدا لما قيل نسوق الامثلة الآتية: اذا كان محل الالتزام امتناع المدين عن القيام بعمل وقام به المدين، فلا فائدة عندئذ من توجيه الاعذار بعد ان اضحى التنفيذ العيني غير ممكن بفعل المدين، او اذا كان محل الالتزام واجباً في وقت معين بشكل يترتب على انقضاء الوقت ضياع الفائدة المرجوه من العمل. ففي كل هذه الامثلة وغيرها كان على الدائن ان يرجع على مدينه من دون حاجة الى توجيه انذار. هذا في الحالة التي يعزى فيها عدم التنفيذ الى المدين، أما اذا كان عدم التنفيذ يعود لسبب اجنبي خارج عن ارادة المدين لا نقضى التزام المدين في هذه الحالة ولا محل للكلام عن الانذار آنذاك(16).

2.أما اذا كان محل الالتزام تعويضا ترتب على عمل غير مشروع .

3.اذا كان محل الالتزام رد  شيء يعلم المدين انه مسروق او شيء تسلمه من دون وجه حق، ففي هذه الحالة فأن المدين يعد سيء النية، اذ لا توجد أي ضرورة لانذاره.

4.أما لو صرح المدين كتابة انه لا ينوي  القيام بالتزامه اذ من غير المعقول ان يعذر المدين في الوقت الذي يعبر فيه عن عزمه على عدم التنفيذ، وينبغي ان يصرح المدين عن ذلك كتابة، فاذا عاد ونفذ التزامه عد مسؤولاً عن التعويض لتأخره في التنفيذ من وقت التصريح دون حاجة الى اعذاره. أما في المدة التي تسبق التصريح فلا يستحق الدائن أي تعويض عن التأخير لانه لم ينذر احد لذا ينبغي ان يتم التصريح كتابة. وهذه الكتابة اشترطت للاثبات على حد قول العلامة السنهوري، لذا يقوم مقامها الاقرار او النكول عن حلف اليمين(17). وقد اكدت ذلك محكمة النقض المصرية ((وان كان يتعين لكي تقضي المحكمة بفسخ عقد البيع تحقيقاً للشرط الفاسخ الضمني ان ينبه البائع على المشتري بالوفاء تنبيها رسمياً. الا ان محل ذلك الاً يكون المشتري قد صرح بعدم رغبته في القيام بالتزامه. فاذا كان المشتري قد عرض ثمناً اقل مما هو ملزم بسداده وصمم على ذلك لحين الفصل في الدعوى فلا تكون هناك حاجة لكي يصبح الحكم بالفسخ حتمياً الى ضرورة انذار المشتري بوفاء الثمن المستحق عليه))(18). ومن يتابع  مواد القانون المدني العراقي يجد انه لم يقم بتحديد مدة الاعذار. لأن تحديد مدة الاعذار من شأنه ان يعد قيداً على حرية المتعاقدين و يخلق مشاكل في التطبيق منها متى تبدأ المدة او تنتهي . لقد تناقضت اراء الفقه واحكام القضاء حول ضرورة توجيه انذار للطرف المقصر، سواء أكان الإدارة ام من يتعاقد معها. اذ يرى جانب من فقهاء القانون الإداري الفرنسي ضرورة قيام الدائن (سواء اكان الإدارة ام المتعاقد) بأعذار الطرف المقصر في تنفيذ التزاماته يستوي في ذلك عدم التنفيذ او التاخر في التنفيذ او التنفيذ المعيب. وتدعوه الى ضرورة تنفيذ التزاماته العقدية والا فان الجزاء سيتم فرضه عليه. وقد سلم مجلس الدولة الفرنسي بهذا الاتجاه الا انه يرى عدم ضرورة توجيه انذار في الحالة التي ينص فيها العقد على الاعفاء من ذلك ،او ان يتم استخلاص هذا الاعفاء من الظروف(19). في حين يرى جانب اخر من شراح القانون الإداري المصري ان نصوص القانون المدني المتعلقة بالاعذار ينبغي الاخذ بها في اطار الجزاءات الواردة في العقود الإدارية، وهذا ما اكدته محكمة القضاء الإداري المصرية(20). أما في العراق فيرى كتاب القانون الإداري ممثلا برأي منهم عدم ضرورة توجيه انذار للطرف المقصر في تنفيذ التزاماته، ومن جانب اخر يرى ضرورة التمسك بالاعذار سواء اكان المدين جهة ادارية ام من يتعاقد معها. ونحن من جانبنا نرى ان هذا تناقض في عرض الفكرة(21). ونؤيد ضرورة الابقاء على الاعذار كاجراء ضروري يسبق مرحلة اللجوء الى القضاء لما له من أهمية جمة كونه وسيلة تمكن المدين من تفادي فسخ عقده، وذلك بالمسارعة الى تنفيذ التزاماته. واذا كان الاعذار في القانون الإداري يحمل من الاهمية التي لاتقل شأناً عما ذكرت في القانون المدني. الا انه مع ذلك يمكن الاتفاق على عدم اتباعه قبل رفع دعوى الفسخ(22). في كل الاحوال فأن المتعاقد ملزمُ بأعذار الإدارة قبل مراجعة القضاء وهذا الاعذار اما ان يتم بناء على نص في العقد يقضي بانه اذا ما اخلت الإدارة بتنفيذ التزاماتها العقدية فيعد امراً منطقياً ان المتعاقد ملزم بانذار الإدارة بأعذارها او بناء على قاعدة القرار الإداري المسبق والتي تعد من الاسس التي يرتكز عليها قضاء التعويض في فرنسا(23). أما في العراق فقد اشارت الشروط العامة لمقاولات اعمال الهندسة المدنية الى الكيفية التي يتم بها توجيه الانذار للادارة م.7ف2 قائلة ((تكون الاشعارات والانذارات الموجهة الى صاحب العمل او المهندس صحيحة، بموجب المقاولة اذا ارسلت اليه بالبريد المسجل او اودعت في دائرته))(24). كما بينت م46 البند2 من الشروط العامة لمقاولات اعمال الهندسة الكهربائية والميكانيكية والكيمياوية ذات المعنى.

ثانياً: قاعدة القرار الإداري المسبق

البطلان هو جزاء مخالفة مبدأ المشروعية، فاذا اصدرت الإدارة قراراً غير مشروع من شانه الاضرار بمركز المتعاقد، لن يكون بإمكان الاخير ان يمتنع عن تنفيذه بحجة مخالفته لمبدا المشروعية، وانما عليه ان يلجا الى الموظف المختص الذي صدر عنه القرار بصيغة التظلم الإداري. ويعرف بأنه تقديم صاحب الشأن الذي صدر القرار في مواجهته التماساً الى الإدارة، لغرض اعادة النظر في القرار الذي صدر عنها، والذي اضر بمركزه القانوني حتى تقوم بتعديله او سحبه(25). يقدم التظلم إما الى الموظف نفسه الذي اصدر القرار ويدعى عندئذ بالتظلم الولائي ، او يقدم الى رئيس من اصدر القرار ويسمى انذاك بالتظلم الرئاسي او الى لجنة ادارية. يعد التظلم شرطا اوجب القانون استيفاءه قبل اقامة الدعوى امام القضاء لكونه وسيلة لاستصدار قرار صريح او ضمني يمكن الطعن به امام القضاء و اما كونه اجراءً اوجب القانون اتخاذه ازاء قرار سبق ان صدر عن الإدارة أملاً في الوصول الى حل ودي للنزاع(26). فهو اذن محاولة للتصالح مع الإدارة والعمل على تصفية العديد من المنازعات التي يكون فيها وجه الحق ظاهراً بدون أي تكاليف او قرارات. وبعد هذا الاستعراض البسيط عن فكرة القرار السابق لابد ان نطرح التساؤل الآتي، وهو هل يعد القرار الإداري المسبق بمثابة اعذار موجه للإدارة؟ مما لاشك فيه ان هذه القاعدة يتم اللجوء اليها أما  بموجب نص في القانون كما في اسبانيا واليونان، او استناداً الى نص في دفاتر الشروط العامة كما هو الحال في بلجيكا فهي تتطلب مراجعة المتعاقد للادارة قبل لجوئه الى القضاء لغرض الاعتراض على اوامر العمل(27). وتبدو العلة في ذلك الى افساح المجال للمقاول لغرض الاعتراض على قرارات المهندس او الى تعنت الاخير برأيه مما يؤخر البت في اعتراضات المقاول من دون مسوغ قانوني، او ان يصدر المهندس قرارات لم يقتنع بها المقاول، كما لو رفض المهندس مواد معينة من دون ان يخضعها للفحص، او ان يهمل المهندس او يتراخى في عدم تجهيز المقاول من وقت لأخر اثناء سير العمل بالخرائط. دارت مناقشات حادة بين شراح القانون الإداري، حول تكييف القرار الإداري المسبق، وفيما اذا كان بمثابة اعذار ام لا؟ (فالفقيه جيز يرى ان الطلب المسبق الذي ينبغي ان يرفع امام الإدارة اولا، يمكن ان يعد بمثابة التزام عام يفرض حتى في حالة سكوت العقد. أما الفقيه دي لوبادبر فيرى ان هذا لا يعد مسوغاُ عاماً ولكنه عقب على كلامه قائلا في كل الاحوال ينبغي الاخذ بالحسبان المبدأ الاساسي في منازعات القضاء الكامل وقد اشارت لائحة 30 ايلول 1953 الى ما يسوغ شمول هذا المبدأ في اجراءات التقاضي امام المحاكم الاداريه)(28).وقد اكدت ذلك لائحة الشروط العامة لعقود مقاولات الاشغال العامة الفرنسية التي الزمت المقاول في حالة النزاع بينه وبين الإدارة باللجوء اليها اولا قبل مراجعة القضاء وهذا ينطبق على طلب الفسخ. وقد اشار الى ذلك قرار لمجلس الدولة الفرنسي في قضية Hardy في 1/12/1899 وقضية Breton في 13/6/1958(29). وتطبيقاً لقاعدة القرار الإداري المسبق، فقد تم انشاء لجان متخصصة في الفصل بالمنازعات التي تثور بين المتعاقد والإدارة في عدة دول اطلق عليها في بلجيكا بقسم المنازعات في لجنة الرقابة(30). إذ يجد المتعاقد نفسه ملزماً باللجوء الى الإدارة لغرض الحصول على قرار اداري برفض طلباته قبل اللجوء الى القضاء، اذ لم تكن الإدارة قد قامت باصدار مثل هذا القرار مسبقاً. لقد تصاعدت حدة الجدل حول اساس هذه القاعدة اذ يرى هوريو ان مجلس الدولة الفرنسي نشا على اساس كونه قضاءً عينياً، بمعنى ان اختصاصه يقوم على اساس محاكمة القرارات الإدارية نفسها، بغض النظر عن صفة من اصدرها. لذا يعد امراً حتمياً ضرورة اتباع هذا الطريق للبقاء في دائرة القضاء العيني الذي يتعرض لاعمال الموظفين بصرف النظر عن اشخاصهم. اما  لافيرير فيرى ان هذه القاعدة لا غنى عنها كي يكون هناك نزاع يعرض امام القضاء، مادامت الإدارة لم تفصح عن نيتها لا صراحة ولا  ضمنا ازاء المنازعة المعروضة امامها. أما في الفقه العربي فيرى الاستاذ الطماوي، ان مجلس الدولة الفرنسي قبل ان يصبح ذا اختصاص عام في المسائل الإدارية كان بمثابة جهة استئناف لحكم صادر عن الوزير طبقا لفكرة الوزير القاضي، فما على المتعاقد الا اللجوء الى الوزير بوصفه قاض درجة اولى فان لم يحصل على حقه فلن يكون امامه الا اللجوء الى مجلس الدولة بوصفه جهة استثنائية(31). وهو بذلك يوجه النقد للرأيين السابقين واستكمالا لرأي الطماوي نرى ان مجلس الدولة المصري لم يأخذ بقاعدة القرار الإداري المسبق اذ ان المدعي غير ملزم بالتوجه الى الإدارة الا انه ملزم باعذار الإدارة. وفي هذا نكون قد حققنا الهدف الذي تصبو اليه الا وهو تطبيق الاعذار على الإدارة ومتعاقدها، وهو في هذا المقام يقوم بمهمة القرار الإداري المسبق(32). اما في العراق فلم تتضمن الشروط العامة العراقية نصا يشير بشكل واضح ومحدد الى اجراءات التظلم الإداري تجاه القرارات الصادرة من المهندس، وان كانت قد اجازت الاعتراض على القرارات الصادرة من ممثل المهندس لدى المهندس واصدار قراره بالنقض او التعديل م2 البند 3ف2. ((على اية حال لا يكون بإمكان المهندس ان يمنع المقاولين من تقديم تظلماتهم)) لان ذلك يعد امراً طبيعياً وان كانت الشروط العامة العراقية لم تحدد بشكل واضح اجراءات التظلم الا ان تعليمات تنفيذ ومتابعة مشاريع واعمال خطط التنمية القومية لعام 1975، قد نظمت اجراءات التظلم وذلك في م65 منها: ((للمقاول الاعتراض لدى الوزير المختص على القرارات الصادرة من المهندس المسؤول او الجهات المختصة الاخرى خلال شهر واحد من تاريخ تبليغه بها، كما تترك له مهلة حق الاعتراض بصورة استثنائية لدى مجلس التخطيط او الهيئة التوجيهية خلال مدة شهر واحد من تاريخ تبلغه بالقرارات الصادرة من الوزارات المختصة)).

________________________

- السيد محمد المدني: مصدر سابق، ص448.

-Singer-J.(la motivation des actes Administratifs)la Revue administrative-1980.p.7.

2- د. انور سلطان: الموجز في النظرية العامة للالتزام/دراسة مقارنة في القانونين المصري واللبناني، دار النهضة العربية/بيروت،1983، ص36-37.

3- د.محمد محمود المصري ومحمد عابدين: مصدر سابق، ص14.

4- د. اسماعيل غانم: في النظرية العامة للالتزام، ج2، مكتبة عبد الله وهبه، 1967، ص88.

5- نصت م177 م .ع ((1-في العقود الملزمة للجانبين، اذا لم يوف احد المتعاقدين بما وجب عليه بالعقد جاز للعاقد الاخر بعد الاعذار ان يطلب الفسخ مع التعويض ان كان له مقتضى..)). وتقابلها م157م.م ((1-في العقود الملزمة للجانبين اذا لم يوف احد المتعاقدين بالتزامه جاز للمتعاقد الاخر بعد اعذاره ان يطلب تنفيذ العقد او بفسخه، مع التعويض في الحالتين ان كان له مقتضى)). وتقابلها م158م سوري، 159م. ليبي ،م 239-241 موجبات وعقود لبناني)). وارد في: د. عبد الرزاق السنهوري: الوجيز، هامش1،ص270.

6- د. انور سلطان: مصدر سابق، ص37. د. اسماعيل غانم: مصدر سابق، ص88. حسن حنتوش: محاضرات في القانون المدني، ملقاة على طلبة الدراسات الاولية للعام الدراسي 1997-1998. غير منشورة.

7- د.محمد محمود المصري ومحمد عابدين: مصدر سابق، ص15. د. عبد الرزاق السنهوري: الوجيز، ص270. السيد عبد الله الشرفاني، مصدر سابق، ص34.

8- د. أنور سلطان: مصدر سابق، ص37. حسن حنتوش :التعويض القضائي في نطاق المسؤولية العقدية/دراسة مقارنة، رسالة ماجستير مقدمة الى كلية القانون/جامعة بغداد، 1990،ص95.

9- حسن حنتوش: المصدر السابق، ص96.

0- تنص م257 م .ع ((يكون اعذار المدين بانذراه ويجوز ان يتم الاعذار باي طلب كتابي آخر كما يجوز ان يكون مترتباً على اتفاق بأن يكون المدين معذراُ بمجرد حلول الاجل دون حاجة الى الاعذار)).

وتقابلها م219 م . م ((باعذاره او بما يقوم مقام الانذار)). راجع عن شكل الاعذار: د.محمد محمود المصري  ومحمد عابدين: مصدر سابق، ص14. د. إسماعيل غانم: مصدر سابق، ص95. د. أنور سلطان: مصدر سابق، ص37.

11- منير القاضي:ملتقى البحرين/الشرح الموجز للقانون المدني العراقي، المجلد 1،مطبعة العاني/بغداد، 1952، ص274. د. أنور سلطان: مصدر سابق، ص37. د.اسماعيل غانم: مصدر سابق،ص95.د.محمد محمود المصري ومحمد عابدين:مصدر سابق، ص14-15.

2- وارد في: عبد الله الشرفاني:مصدر سابق، ص34.

3- د. محمد محمود المصري ومحمد عابدين:مصدر سابق، ص14.

4- وارد في: عبد الله الشرفاني:مصدر سابق، ص35.

5- لقد نصت م258 م.ع ((لا ضرورة لاعذار المدين في الحالات الاتية أ-اذا اصبح تنفيذ الالتزام تنفيذا عينيا غير ممكن بفعل المدين وعلى الاخص اذا كان محل الالتزام نقل حق  عيني  او القيام بعمل وكان لا بد ان يتم التنفيذ في وقت معين وانقضى هذا الوقت دون ان يتم او كان الالتزام امتناعاً عن عمل واخل به المدين.

ب- اذا كان محل الالتزام تعويضاً ترتب على عمل غير مشروع جـ. اذا كان محل الالتزام رد شيء يعلم المدين انه مسروق او شيء تسلمه دون حق وهو عالم بذلك. د-اذا صرح المدين كتابة انه لا ينوي القيام بالتزامه)).

6- د.محمد محمود المصري ومحمد عابدين:مصدر سابق، ص15.

7- د.انور سلطان:مصدر سابق، ص42.

8- حكم محكمة النقض المصرية الصادر في 31/5/1956م نقض-م-7-631-وارد في:محمد كمال عبد العزيز:مصدر سابق، ص140.

9- د.عبد العال السناري: مصدر سابق، ص216.

20- د.عبد العال السناري :المصدر السابق، ص215-217. د.عبد المجيد الفياض:مصدر سابق، ص93 ومابعدها. يرى د.ابراهيم طه الفياض في مصر لم تشر لائحة المناقصات والمزايدات الى شرط الاعذار، كما ان الاحكام القضائية لم تفصح عنه، ومع ذلك ذهب راي الى ضرورة الاعذار مستندا الى القواعد الاساسية التي يقوم عليها نظام الجزاءات في العقد الإداري وما تنص عليه م157م.م

لمزيد راجع:د.ابراهيم الفياض:مصدر سابق، ص227-228.

يعد مسلك محكمة القضاء الإداري متناقضاً، فهي من ناحية حبذت اللجوء الى الاعذار مشيرة الى ضرورة قيام الإدارة بتوجيه انذار لمتعاقدها بما  تعتزم القيام به، اذ في هذا الاجراء ما يحول من دون الاستمرار في التأخير. وما لبثت المحكمة في قضاء لاحق لها ان رفضت الاخذ بالاعذار مخالفة في ذلك نص م 157م.م التي اكدت على ضرورة الاعذار وم84ف2 من لائحة المناقصات والمزايدات المصرية لعام 1998، والتي تقابلها م 65 البند 1 من الشروط العامة العراقية التي بينت لصاحب العمل اعطاء المقاول انذارا او اشعاراً تحريرياً بالمدة 14 يوماً بسحب العمل ويضع اليد على الموقع والاعمال ويخرج المقاول منها في أي من لحالات))، م14 من شروط الهندسة الكهربائية والميكانيكية والكيمياوية لمزيد راجع د.عبد العال السناري:مصدر سابق،ص217 وما بعدها.

2- د.محمود خلف الجبوري : مصدر سابق،ص229 وما بعدها.

22- د.شفيق حاتم : مصدر سابق، ص145. د.عبد العال السناري:مصدر سابق، ص216.

23- د. سليمان الطماوي: الاسس العامة، 1957،ص469.د.محمود خلف الجبوري:مصدر سابق،هامش5، ص180.

24- م.7ف2 من الشروط العامة لمقاولات اعمال الهندسة المدنية.

25- د.عبد الغني بسيوني: ولاية القضاء الإداري على اعمال الإدارة/قضاء الالغاء، منشأة المعارف/الاسكندرية، 1983،ص158.

26- J.Georgel (Execution du control Administratif) situation de ladministration. J.C.A. 1986.fasc.510.

-Benneau lecourierec (marches des collectivities locales).J.C.A. 1984. Fasc.540.

د.ماجد راغب الحلو: القضاء الإداري، دار المطبوعات الجامعية/الاسكندرية، 1985،ص70-71.

27- رياض عبد عيسى الزهيري:مصدر سابق، ص101. طاهر التكمة جي:مصدر سابق، ص247-248.

28- نقلا عن:  De Loubadere:op.cit,p194.. د.سعاد الشرقاوي:المسؤولية الإدارية،ط3،دار المعارف/ القاهرة، 1973،ص70.

29- طاهر التكمه جي: مصدر سابق، ص247. لقد كانت هذه القاعدة مسبقاً محصورة على الدعاوي التي ترفع امام مجلس الدولة، فقد كانت ملزمة بالرغم من عدم وجود أي نص يوجبها. وقد امتد تطبيقها الى المحاكم وذلك بمقتضى قرار .3سيتمبر 1953 ثم الى كافة الجهات القضائية الإدارية بمقتضى قانون 7يونيه 1956. علما أن هذه القاعدة غير ملزمة في مواد الاشغال العامة وذلك لوجود نص تشريعي قد استثناها من القاعدة نص م.3 من قرار 30 سيتمبر 1953. ولعل ما يخفف من غلواء هذه القاعدة انها ليست من النظام العام فاذا ما رفع المتعاقد الدعوى امام القضاء الإداري من دون اصدار قرار سابق، وقامت الإدارة بتقديم دفع في موضوع من دون ان تثير عدم قبول الدعوى لانعدم القرار السابق، اعدَّ هذا الدفع قراراً سابقاً. وبصدور الاخير يسري ميعاد الطعن وهو 60 يوماً ابتداءاً من تاريخ اعلان القرار الإداري او نشره اذ تقتضي هذه القاعدة ضرورة العمل على ايجاد وسيلة لحماية الافراد من سكوت الإدارة. وقد وضع قانون 17يوليه 1900 قاعدة مؤداها ان سكوت الإدارة يعادل القرار بالرفض وذلك بعد مرور 4اشهر من التاريخ الذي يقدم به الطلب للادارة، وقد عمل مرسوم 31 يوليه 1945 على اعادة هذه القاعدة، وقد امتد العمل بهذه القاعدة الى المحاكم الإدارية بموجب قرار 30سيتمبر 1953 لمزيد راجع: د.سعاد الشرقاوي: المسؤولية الإدارية،ص71.

30- رياض عبد عيسى الزهيري:مصدر سابق، ص103.

31- د.مصطفى ابو زيد:مصدر سابق، ص12.

32- د.ابراهيم الفياض: مصدر سابق، هامش1، ص243-244.د.سليمان الطماوي:الاسس، 1957، ص469. د.سعاد الشرقاوي:المسؤولية، ص70.

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .