ابن الاعلم الشريف

هو علي بن الحسن أبو القاسم العلوي لا نعرف متى ولد ولكنه توفي سنة 375هـ، ترعرع وتعلم ببغداد، يلقب بابن الاعلم الشريف البغدادي من أصحاب الثقافة العالية.

يذكر خير الدين الزركلي في كتابه (الاعلام) ان ابن الاعلم عالم بالهيئة من الاشراف ومن أولاد جعفر الطيار، بغدادي المولد والمنشأ.

من اقوال ابن الاعلم الشريف المأثورة عنه والتي تواترت عن الرواة قوله (كن اما مع الملوك مكرما واما مع الزهاد متبتلا).

كان لابن الاعلم الشريف مكانة مرموقة عند عضد الدولة بن بويه، وجاءت هذه الحظوة نتيجة شهرته بين معاصريه بعلم الفلك حيث ان المعروف عن عضد الدولة احترام واجلال أصحاب الراي والفكر.

بنى ابن الاعلم الشريف مرصدا نموذجيا ببغداد عرف باسمه (مرصد بني الاعلم) وذلك بأمر من عضد الدولة من آل بويه، الذي كان يساند ابن الاعلم الشريف في جميع طلباته العلمية بل ويلبيها دون تأخير.

تقدير العضد الدولة قام ابن الاعلم الشريف في صنع زيجا له ضمنه جميع ارصاده، وبقي زيج ابن الاعلم الشريف معمولا به حتى نهاية القرن السابع الهجري بل صار من اهم المصادر التاريخية التي يرجع اليها الباحث في مجال علم الفلك، لهذا لا عجب ان يلقب ابن الاعلم الشريف بصاحب الزيج.

والجدير بالذكر ان المؤرخين للعلوم اتفقوا على ان تقويم الزيج مأخوذ من زيج ابن الاعلم الشريف البغدادي، وهذا عائد لصحة ودقة الأرصاد التي عملها بن الاعلم الشريف في مرصده ببغداد.

اهتم ابن الاعلم الشريف بعلم الهندسة لصلتها القوية بعلم الفلك، حيث كان الاعتقاد السائد عند علماء العرب والمسلمين آنذاك ان الفرد يلزمه الالمام بعلم الهندسة ليتمكن من فهم علم الفلك.

تفنن ابن الاعلم الشريف في الموسيقى والعلوم، لان هذا الفن يخضع للعلوم الرياضية، لذا استطاع استخراج القانون العددي الفيثاغوري من النغمات الموسيقية، وهذا ان دل على شيء فإنما يدل على تمكنه في حقل علم الموسيقى.

يقول جمال الدين القفطي في كتابه (تاريخ الحكماء): ان ابن الاعلم صاحب الزيج رجل شريف علام بعلم الهيئة وصناعة التيسير، مذكور مشهور في وقته، وكان قد تقدم عند عضد الدولة يقف الملك عند اشارته في الاختبارات ويرجع الى قوله في أنواع التيسيرات وعمل زيجه المشهور الذي عليه عمل اهل زمانه في وقته وبعد زمانه الى اواننا هذا.

عندما تولى زمام الأمور ببغداد صمصام الدولة بن عضد الدولة بعد وفاة والده تغيرت معايير الأمور، واهتزت مكانة ابن الاعلم الشريف فذهب الى مكة لأداء فريضة الحج وعند عودته توفي بمنزله.

وخلاصة القول: يلاحظ القارئ ان نتاج ابن الاعلم الشريف قليل متى قورن بسمعته العلمية في ميدان علم الفلك؟ لكن يلزمنا ان لا ننسى ان نتاج ابن الاعلم الشريف خال من الغث، بل معظم آرائه الفلكية اصيلة لم يسبقه اليها احد.

استفاد ابن الاعلم الشريف من صلته المتينة بعضد الدولة بن بويه بدهاء، وذلك ببنائه مرصده ببغداد الذي صار مقر رصد لطلاب العلم في العراق.

استطاع ابن الاعلم الشريف اقناع عضد الدولة بن بويه ان يجهز مرصده ببغداد بآلات فلكية نادرة ومتقدمة، كلفت مبالغ باهظة حيث صار (مرصد بني الاعلم) يضاهي جميع المراصد في العالم.

عندما فكرت بالكتابة عن ابن الاعلم الشريف وجدت ان المعلومات المتوفرة عنه قليلة جدا، اللهم الا ما كتبه جمال الدين القفطي عنه في كتابه آنف الذكر بذلت قصارى جهدي حتى سطرت هذه الترجمة المختصرة التي ارجو ان تكون انطلاقة خير للمستقبل.

نعم ابن الاعلم الشريف لم يعطه التاريخ حقه من الدراسة والبحث والاستقصاء، بل ان اعماله الفلكية مهجورة على رفوف المكتبات تنتظر أبناء الامة العربية والإسلامية لكي يحققوه ويخرجوه للعالم اجمع.