أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-5-2021
1425
التاريخ: 6-6-2016
2183
التاريخ: 23-2-2022
1844
التاريخ: 2023-09-12
713
|
في الولايات المتحدة، يرجع أصل القمر الصناعي الخاص بمشروع السنة الجيوفيزيائية الدولية إلى اجتماعٍ عُقد في يونيو 1954 في مكتب أبحاث البحرية الأمريكية. وكان من بين الحضور خبير الصواريخ فريدريك سي ديورانت الثالث، ضابط في الاحتياطي البحري للولايات المتحدة، وضابط سري في وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) في وحدة الاستخبارات العلمية. وكان أيضًا رئيس الاتحاد الدولي للملاحة الفضائية (IAF)، الذي تشكل في 1951 لربط جمعيات الفضاء التي كانت لا تزال في معظمها أوروبية، في شبكة جديدة تتجاوز الحدود القومية. ودعا ديورانت الألماني فيرنر فون براون لحضور اجتماع الأقمار الصناعية؛ إذ كانا قد صارا صديقين منذ قرأ ديورانت الورقة العلمية الخاصة بالألماني في أحد مؤتمرات الاتحاد الدولي للملاحة الفضائية.
لأول مرة في التاريخ، تصل سرعة جهاز من صنع البشر إلى ما يزيد عن 17 ألف ميل في الساعة ويُوضع في مدار الأرض.
جاء فون براون باقتراح مركبة إطلاق منخفضة التكلفة ثلاث مراحل من القذائف العنقودية الصغيرة المضادة للطائرات محمولة على صاروخ «ريدستون». كانت إمكانياتها محدودة؛ إذ لم تضمن الدراسات اللاحقة سوى قدرتها على وضع جسم حامل يزن 5 أرطال في المدار. كانت حجّة فون براون وشركائه أنها كانت طريقة سريعة ورخيصة لهزيمة الاتحاد السوفييتي. أقنع ديورانت وكالة الاستخبارات المركزية بالتصديق على الاقتراح نظرا إلى تأثير القمر الصناعي المحتمل على الرأي العالمي في الحرب الباردة. وأصبح السؤال المطروح هو كيف نتتبعه بصريًّا لاستخلاص معلومات علمية عن الغلاف الجوي الخارجي للأرض وحقل جاذبيتها، وهي معلومات غاية في الأهمية لتحسين دقة الصواريخ البعيدة المدى. في يناير 1955، بدعمٍ مشترك من الجيش والبحرية الأمريكية، لقب هذا المشروع السري رسميًا باسم «أوربيتر». 1
بدأ العلماء والمهندسون وخبراء السياسة في بناء دعم جماهيري لمشروع القمر الصناعي. أجرَتْ جمعية الصواريخ الأمريكية، التي أعادت تعريف نفسها كمنظمة قومية للهندسة بعد الحرب العالمية الثانية، دراسة عامة وصنع لويد بيركنر، وهو قائد أمريكي علمي مؤثّر له صلة وثيقة بإدارة الدفاع الأمريكية قرارًا في المؤتمر الجيوفيزيائي العالمي في خريف 1954 يُروِّج لإطلاق أقمار صناعية لصالح مشروع السنة الجيوفيزيائية الدولية. واستهدفت هذه الحملة العلمية، التي كان من المقرر أن تبدأ في 1 يوليو 1957 وتستمرَّ حتى 31 ديسمبر 1958، مع بلوغ نشاط الشمس ذروته، المناطق القطبية والغلاف الجوي والغلاف الأيوني للأرض. وكان من المتوقع أن تُثمر قياسات الأقمار الصناعية عن الكثير من البيانات الجديدة، إلا أنَّ بيركنر كانت لديه حوافز أخرى مهمة متعلقة بالحرب الباردة، ومنها مكانة الولايات المتحدة القومية، وربما أيضًا سابقة إطلاق قمر صناعي لمراقبة البلدان الأخرى جوا.2
في أثناء العام نفسه، عام 1954، كانت إدارة أيزنهاور تُجري دراسة سرية للغاية حول احتمالية شنّ الاتحاد السوفييتي هجومًا مفاجئًا بالصواريخ وقاذفات القنابل النووية. وأقرَّت الدراسة عدة إجراءات، منها صُنع الصاروخ الباليستي المتوسط المدى باعتباره حلًّا مؤقتًا، وطائرة الاستطلاع ذات الارتفاع العالي كي تُحلّق فوق الاتحاد السوفييتي بصورة غير شرعية (سُمِّيت بعد فترة قصيرة «يو-2») وأيضًا إطلاق قمر صناعي ليكون بمثابة سابقة للاستطلاع من الفضاء، وحلّ نهائي لمشاكل الاستخبارات. رأى خبراء القانون الدولي الأمريكان أنَّ السيطرة القومية على الجو تنتهي عند الغلاف الجوي المدرَك؛ ومن ثم فإن أي جسمٍ يُوضع في المدار يستطيع العمل بحرية. في ربيع 1955، كان هذا الرأي أحد الأسباب الرئيسية التي جعلت الرئيس دوايت أيزنهاور يُقرّر المصادقة على مشروع القمر الصناعي للسنة الجيوفيزيائية الدولية الذي يحمل أجندةً سياسية خفية. 3
في الاتحاد السوفييتي، تتبع سيرجي كوروليف وشركاؤه ، خصوصًا مهندس الطيران ميخائيل تيخونرافوف، أدبيات رحلات الفضاء الأمريكية والأوروبية وكافحوا من أجل إشعال روح الحماسة في وطنهم. وفي الفترة ما بين 1953 و1955، قاد تيخونرافوف فريقًا صغيرًا في معهدِه لكتابة تقرير طويل حول إمكانيات الأقمار الصناعية، بالتوازي مع دراسات مشابهة قامت بها مؤسسة راند الأمريكية بتمويل من القوات الجوية. وذكر التقرير تطبيقات عسكرية، لأسباب يرجع جزء منها إلى أنَّ ذلك كان سيروق لصانعي القرار السوفييت. ولكنَّ الاستطلاع، على الرغم من أهميته، لم يكن جوهريًا للشأن السوفييتي لأنَّ الأسهل بالنسبة إلى السوفييت في ذلك الوقت كان التجسس على الولايات المتحدة المفتوحة نسبيًا. في أواخر عام 1954، استطاع كوروليف وتيخونرافوف، وغيرهما من المتحمسين للفضاء إقناع أكاديمية العلوم المعتبرة بتشكيل لجنة لرحلات الفضاء. وعندما أعلنت إحدى الصُّحف في موسكو تشكيل هذه اللجنة في أبريل 1955، حدث ما لم يكن في الحسبان؛ إذ استغل الإعلام الغربي المقال، واعتبره دليلًا على أنَّ ثمة سباق فضاء يلوح في الأفق، مما عزّز قرار إدارة أيزنهاور بتنفيذ مشروع قمر صناعي، ولكن على ألا يتعارض مع تطوير الصواريخ الباليستية العابرة للقارات. 4
في الوقت نفسه، اكتسب «أوربيتر» زخمًا عندما أعضاء درس الفريق سبل تحسين قدراته على الحمل والتتبع. ولكنه فقد تتويجه الذي بدا حتميًّا باعتباره المشروع الأمريكي الرسمي في صيف 1955؛ إذ قدَّم ميلتون روزن، كبير مهندسي صاروخ التجارب «فايكينج» في معمل أبحاث البحرية الأمريكية، اقتراح مركبة جديدة ثلاثية المراحل تستند إلى تطوير «فايكينج». ومن ثَمَّ سارعت البحرية إلى إنهاء دعمها «لأوربيتر». وأنشأت إدارة الدفاع الأمريكية قائمة اختيار للاختيار من بين هذين الخيارين واقتراح آخر قدمته القوات الجوية يستند إلى مشروع الصواريخ الباليستية العابرة للقارات «أطلس». وكان الأخير باهظ التكاليف، وسيستغرق وقتًا أطول، ويفتقد إلى الدعم العالي المستوى في خدمته. وقد ظنَّ الجنرال برنارد شريفر أنه سيُشتته عن الصواريخ الباليستية العابرة للقارات وبرامج الأقمار الصناعية الاستطلاعية في بداية أغسطس 1955، اختارت اللجنة على نحو مفاجئ اقتراح معمل أبحاث البحرية الأمريكية؛ إذ صوت لصالحه خمسة في مقابل اثنين. أتاحت مركبة فضاء «فانجارد» حمولة 20 رطلا على الأقل، كما يُوجَد على متنها جهاز إرسال لاسلكي، الأمر الذي يثمر عن عوائد علمية أكبر بكثير. ربما كان ثمة سبب آخر ثانوي وهو أنَّ المركبة كانت تبدو أكثر «مَدَنية» لأنها لم تُستخدم صاروخًا عسكريًّا كمرحلة. أحد أعضاء اللجنة أيضًا كان يعتقد أن الأصل الألماني لصاروخ فون براون كان من مساوئه؛ ربما كان لا يزال يُكِنُّ عداوةً تجاه فون براون المهندس النازي سابقًا. ولكن هذه الأسباب الثانوية لم تكُن حاسمة، كما لم تلعب مسألة المراقبة الجوية من الفضاء دورا؛ في الواقع يبدو أنها كانت سرية للغاية لدرجة أنَّ معظم أعضاء اللجنة لم يكونوا على علم بها. ذُهل الجيش وفون براون بحلول صاروخ يحتاج إلى الكثير من التطوير محل صاروخ يستند إلى أجهزة متاحة بالفعل. وحاول الجيش محاولة أخيرة أن يقترح حلا وسطا، بأن يُطلق القمر الصناعي الخاص بالبحرية الأمريكية، ولكن هذه المحاولة باءت بالفشل. وبعد أن ذاعت حكاية قرار «فانجارد» بعد عامين بعد «سبوتنيك»، أثارت الكثير من الاتهامات المتبادلة في الولايات المتحدة.5
قبل وصول اللجنة لقرارها المبدئي بأيام، كان البيت الأبيض قد أعلن عن القمر الصناعي الخاص بمشروع السنة الجيوفيزيائية الدولية في 29 يوليو 1955، متصدرًا عناوين الصحف العالمية. وكان الاتحاد الدولي للملاحة الفضائية يعقد اجتماعه السنوي في كوبنهاجن الدنمارك، وهو الاجتماع الأول الذي يحضّره ممثلو الاتحاد السوفييتي. في 2 أغسطس، أخبر ليونيد سيدوف، الرئيس الاسمي للجنة رحلات الفضاء، الصحافة بأن الاتحاد السوفييتي سوف يُطلق أقمارًا صناعية أيضًا. ويبدو أنَّ هذه العبارة كانت تفتقر إلى الدعم السياسي العالي المستوى، ولكنها ربما كانت بتوجيه من كوروليف وغيره في موسكو، الذين كانوا يعملون في سرية فرَضَتها الدولة. في 1955-1956، أنتجوا قمرا صناعيا جيوفيزيائيًا كبيرًا جدًّا باسم «سبوتنيك 3»، وحصلوا على الموافقة عليه، وكان القمر يزن نصف طن وكان من المقرَّر إطلاقه أخيرًا في عام 1958، بفضل قوة الحمل الهائلة للصاروخ «آر -7». ولكن في أواخر عام 1956، ساور كوروليف القلق من أنَّ السوفييت سيأتون في المرتبة الثانية بعد الولايات المتّحدة في سباق الفضاء، بسبب القمر الصناعي الأول. وأبقى فون براون وقادته في الجيش على مشروعهم، في ترسانة «ریدستون»، مقتنعين بأنَّ «فانجارد» ستفشل لا محالة. بمساعدة قرار أيزنهاور بالموافقة على صاروخ «جوبيتر» متوسط المدى، وضعوا خطةً لاستخدام نسخة معدلة من مركبة الإطلاق «أوربيتر» لاختبار تقنيات الدرع الحراري لكي تحتمل القذائف النووية إعادة الدخول. وسُمِّيَت هذه النسخة «جوبيتر-سي» للدلالة على أولويات ذلك البرنامج، على الرغم من أنَّ المرحلة الأولى كانت «ريدستون». وفي سبتمبر 1956 أُجري اختبار نتج عنه رقم قياسي عالمي؛ إذ وصلَتِ القذيفة إلى مسافة 3355 ميلا. وكان كوروليف، نظرًا للشائعات التي رُوِّجت في الصحافة الغربية، مقتنعًا بأنَّ فون براون قد أخفق في محاولة إطلاق قمر صناعي. فوضعت جماعته خطةً لإطلاق جسمٍ أبسط يحمل جهاز إرسال لاسلكي، وهو ما أُطلق عليه لاحقًا «سبوتنيك 1». كان من الممكن إطلاقه بمجرد نجاح اختبارات صاروخ «آر-7» الباليستي العابر للقارات الأول. 6
تماما كما توقع فون براون (الذي كان في ذلك الوقت مواطنا أمريكيا)، تأخَّر «فانجارد» عن خُطته الزمنية تأخُرًا ملحوظا، كما زادت تكلفته زيادة ملحوظة أيضًا، رغم أنَّ روزن وزملاءه استطاعوا في النهاية السيطرة على مشكلات التطوير. وحاول الجيش مرتين إقناع أيزنهاور بالموافقة على «جوبيتر-سي» كخُطة بديلة لـ «فانجارد»، لضمان احتلال الولايات المتحدة للمركز الأول في السباق، ولكن الرئيس لم يُوافق على ذلك ولم يُلق له بالا. فقد كان ذلك سيُكلِّف مزيدًا من الأموال في الوقت الذي كانت فيه ميزانية «فانجارد» قد ارتفعت بالفعل ارتفاعًا كبيرًا، كما أنه كان سيغير سياسة الولايات المتحدة التي اعتبرت «فانجارد» هو المشروع العلمي الرسمي للسنة الجيوفيزيائية الدولية. هذه القرارات، مثلها مثل القرار الأصلي باختيار «فانجارد» (التي لم يكن لأيزنهاور دور في اتخاذها، بخلاف أنه لم يمنع اتِّخاذها في المقام الأول) كانت جوهرية في عواقبها: كان تاريخ سباق الفضاء سيختلف اختلافًا جذريًا إذا كانت الولايات المتحدة قد احتلت المكانة الأولى. فلم تكن ستحتاج إلى أن تزيد من سرعتها للحاق بالسوفييت. ومرة أخرى، سرعت الأحداث إمكانية السفر عبر الفضاء إلى أقصى حد ممكن.
___________________________________________
هوامش
(1) Michael J. Neufeld, “Orbiter, Overflight and the First U.S. Satellite: New Light on the Vanguard Decision,” in Reconsidering Sputnik, edited by Roger D. Launius, John M. Logsdon, and Robert W. Smith (Amsterdam: Harwood Academic Publishers, 2000), 231–257.
(2) Allan A. Needell, Science, Cold War and the American State: Lloyd V. Berkner and the Balance of Professional Ideals (Amsterdam: Harwood Academic, 2000), 297–353.
(3) Walter A. McDougall, … the Heavens and the Earth: A Political History of the Space Age (New York: Basic Books, 1985), 112–134; R. Cargill Hall, “The Eisenhower Administration and the Cold War: Framing American Astronautics to Serve National Security,” Prologue 27 (Spring 1995): 58–72.
(4) Siddiqi, The Red Rockets’ Glare, 313–324.
(5) Neufeld, “Orbiter, Overflight.”
(6) Siddiqi, The Red Rockets’ Glare, 324–335.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|