المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

Analytic Function
27-11-2018
جسيم ثقيل = باريون heavy particle = baryon
7-1-2020
أصل النحل
2-6-2016
اجهزة نقل قدرة الجرار للآلات الزراعية
13-2-2018
تفسير الاية (13-18) من سورة الحجرات
13-10-2017
تايت بيتر جوتيري
16-8-2016


الفاجعة الكبرى  
  
3210   12:13 مساءاً   التاريخ: 8-5-2016
المؤلف : باقر شريف القرشي
الكتاب أو المصدر : موسوعة أمير المؤمنين علي بن ابي طالب
الجزء والصفحة : ج1, ص506-512.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن أبي طالب / شهادة أمير المؤمنين والأيام الأخيرة /

لما أطل على الوجود شهر رمضان أفضل الشهور واعظمها حرمة وقدرا عند الله حتى نسب إليه فقيل شهر الله كان الامام على علم بانتقاله إلى حضيرة القدس في ظرف هذا الشهر العظيم فكان يتناول طعام الافطار الليلة عند الحسن وأخرى عند الحسين ومرة عند عبد الله بن جعفر وهو لا يزيد فى طعامه على ثلاث لقم ويحدث عن السبب فى قلة اكله قائلا : أحب أن يأتيني أمر الله وأنا خميص البطن ؛ ولما أقبلت الليلة الثامنة عشرة من شهر رمضان اضطرب الامام أشد الاضطراب فجعل يمشي في صحن الدار وهو محزون النفس خائر القوى ينظر إلى الكواكب ويتأمل فيها فيزداد همه وحزنه وهو يقول متنبّئا عن وقوع الحادث الخطير في تلك الليلة : ما كذبت ولا كذبت إنها الليلة التي وعدت فيها .

وبقي (عليه السلام) طيلة تلك الليلة قلقا حزينا يناجي ربه ويطلب منه المغفرة والرضوان ويتلو آي الذكر الحكيم وقبل أن تشرق أنوار الفجر وينسلخ ظلام الليل القاتم أقبل فسبغ الوضوء ولما عزم على الخروج من بيته الى مناجاة الله وعبادته في بيته الكريم صاحت في وجهه وز كانت قد أهديت الى الحسن فتنبأ (عليه السلام) من صياحهن وقوع الحادث العظيم والرزء القاصم قائلا : لا حول ولا قوة إلا بالله صوائح تتبعها نوائح ؛ وأقبل الحسن وهو مضطرب من خروج أبيه في هذا الوقت الباكر فقال له : ما أخرجك في هذا الوقت؟

قال : رؤيا رأيتها فى هذه الليلة أهالتني.

قال : خيرا رأيت وخيرا يكون قصها على.

فأجابه : رأيت جبرئيل قد نزل من السماء على جبل أبي قبيس فتناول منه حجرين ومضى بهما الى الكعبة فضرب احدهما بالآخر فصارا كالرميم فما بقى بمكة ولا بالمدينة بيت إلا ودخله من ذلك الرماد شيء ما تأويل هذه الرؤيا؟

ثم قال : إن صدقت رؤياي فان أباك مقتول ولا يبقى بمكة ولا بالمدينة بيت إلا ودخله الهم والحزن من أجلى ؛ فالتاع الحسن وذهل وانبرى قائلا بصوت خافت حزين النبرات : متى يكون ذلك؟

قال : إن الله تعالى يقول {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} [لقمان: 34] ولكن عهد الي حبيبي رسول الله (صلى الله عليه واله) أنه يكون في العشر الأواخر من شهر رمضان يقتلني عبد الرحمن بن ملجم.

قال : إذا علمت ذلك فاقتله.

قال : لا يجوز القصاص قبل الجناية والجناية لم تحصل منه ؛ وأقسم الامام على ولده الحسن أن يرجع الى فراشه فلم يجد الحسن بدا من الامتثال وخرج الامام الى بيت الله في السحر وقد جاء فى الأخبار أن السحر وقت تجلى الله فينفح فيه الرحمات ويهب به البر والخير ويستجيب فيه الدعاء ؛ ولما انتهى الامام الى بيت الله جعل على عادته يوقض الناس لعبادة الله ومناجاته وحينما فرغ من ذلك شرع في صلاته وبينما هو ماثل بين يدي الخالق الحكيم والصلاة بين شفتيه وقلبه مشغول بذكر الله إذ هوى عليه الوغد الأثيم ابن ملجم وهو يهتف بشعار الخوارج الحكم لله لا لك وضرب الامام على رأسه فقد جبهته الشريفة التي طالما عفرها بالخضوع لله بكل ما للخضوع من معنى وانتهت الضربة القاسية إلى دماغه المقدس الذي ما فكر إلا فى نفع الناس وسعادتهم ورفع الشقاء عنهم ولما احس بلذع السيف في رأسه صاح : فزت ورب الكعبة

لقد فاز الامام وأي فوز اعظم من فوزه؟ فقد جاءته النهاية المحتومة وهو بين يدي الله وذكره بين شفتيه فى أقدس بيت واعظم شهر.

لقد فاز إمام الحق لأنه أرضى ضميره الحي فلم يوارب ولم يخادع منذ بداية حياته حتى النهاية ولقد قتل على غير مال احتجبه ولا على دنيا أصابها ولا سنة في الاسلام غيرها.

لقد فاز الامام وأي فوز أعظم من فوزه؟ فقد أفاض عليه الخلود لباس البقاء ليكون مظهرا للعدالة وعنوانا للحق. ومثالا للإنسانية الكاملة التي ارتقت سلم الكمال حتى بلغت نهايته.

لقد فاز الامام وأي فوز اعظم؟ من أن يذكر قرينا للحق والعدل وتذكر مبادئه المقدسة اعجوبة لقادة الفكر الانساني يسيرون على ضوئها للعمل في حقل الاصلاح ولما وقع الامام صريعا في محرابه هتف معرفا بقاتله : قتلني ابن اليهودية عبد الرحمن بن ملجم فلا يفوتنكم .

فهرع الناس الى المسجد بجميع طبقاتهم وهم معولون نادبون قد اذهلهم الخطب وروعهم المصاب وبلغ بهم الحزن الى قرار سحيق وفى مقدمتهم أولاد أمير المؤمنين فوجدوا الامام طريحا في محرابه وجعدة ابن هبيرة وجماعة حافون به يعالجونه للصلاة وهو لا يستطيع ولما وقع نظره على ولده الحسن أمره أن يصلى بالناس وصلى الامام وهو جالس والدم ينزف منه ولما فرغ الحسن من صلاته أخذ رأس أبيه فوضعه في حجره ودموعه تتبلور على وجهه الشريف فقال له :

قال : من فعل بك هذا؟

قال : ابن اليهودية عبد الرحمن بن ملجم.

قال : من أي طريق مضى؟

قال : لا يمض أحد فى طلبه إنه سيطلع عليكم من هذا الباب وأشار الى باب كندة فاشتغل الناس بالنظر إليها وما هي إلا فترات وإذا الصيحة قد ارتفعت فقد ظفر بالأثيم المجرم ابن ملجم فجيء به مكتوفا مكشوف الرأس فأوقف بين يدى الحسن فقال له  : يا ملعون قتلت أمير المؤمنين وإمام المسلمين هذا جزاؤه حين آواك وقربك حتى تجازيه بهذا الجزاء ؛ والتفت الى أبيه قائلا : يا أبة هذا عدو الله وعدوك ابن ملجم قد أمكننا الله منه , ففتح الامام عينيه وقال له بصوت خافت : لقد جئت شيئا إدا وأمرا عظيما ألم أشفق عليك واقدمك على غيرك في العطاء؟ فلما ذا تجازيني بهذا الجزاء؟ وقال للحسن يوصيه ببره والاحسان إليه : يا بني ارفق بأسيرك وارحمه واشفق عليه.

فقال له الحسن : يا أبتاه قتلك هذا اللعين وفجعنا بك وأنت تأمرنا بالرفق به!!

فاجابه أمير المؤمنين : يا بني نحن أهل بيت الرحمة والمغفرة أطعمه مما تأكل واسقه مما تشرب فان أنامت فاقتص منه بأن تقتله ولا تمثل بالرجل فانى سمعت جدك رسول الله (صلى الله عليه واله) يقول : إياكم والمثلة ولو بالكلب العقور وإن أنا عشت فأنا أعلم ما افعل به وأنا أولى بالعفو فنحن أهل بيت لا نزداد على المذنب إلينا إلا عفوا وكرما .

وأمر (عليها السلام) بحمله الى الدار فحمل والناس تهرول خلفه قد اشرفت على الهلاك من البكاء والعويل قد أخذتهم المائقة وهم يهتفون بذوب الروح : قتل إمام الحق قتل إمام الحق.

واستقبلته بناته وعياله بالبكاء والعويل ولما استقر في ثويه التفت إليه الحسن وقد حرق الهم والجزع قلبه قائلا : يا أبة من لنا بعدك؟ إن مصابنا بك مثل مصابنا برسول الله فضمه الامام وقال مهدا روعه : يا بني اسكن الله قلبك بالصبر وعظم أجرك واجر اخوتك بقدر مصابكم بي.

وجمع الحسن لجنة من الاطباء لمعالجته وكان ابصرهم بالطب أثير بن عمرو السكوني فاستدعى برئة شاة حارة فتتبع عرقا منها فاستخرجه فأدخله في جرح الامام ثم نفخ العرق فاستخرجه فاذا هو مكلل ببياض الدماغ لأن الضربة قد وصلت الى دماغ الامام فارتبك أثير والتفت إلى الامام واليأس في صوته قائلا : يا أمير المؤمنين اعهد عهدك فانك ميت ؛ فالتفت الحسن الى ابيه ودموعه تتبلور على وجهه وشظايا قلبه يلفظها بنبرات صوته قائلا : أبة ؛ كسرت ظهري كيف استطيع أن أراك بهذه الحالة؟ وبصر الامام فرأى الأسى قد استوعب نفسه فقال له برفق : يا بنى لا غم على أبيك بعد هذا اليوم ولا جزع اليوم القى جدك محمد المصطفى وجدتك خديجة الكبرى وامك الزهراء وإن الحور العين ينتظرن أباك ويترقبن قدومه ساعة بعد ساعة فلا بأس عليك يا بني لا تبك .

وتسمم دم الامام ومال وجهه الشريف الى الصفرة وكان في تلك الحالة هادئ النفس قرير العين لا يفتر عن ذكر الله وتسبيحه وهو ينظر الى آفاق السماء ويبتهل الى الله بالدعاء قائلا : إلهي , أسألك مرافقة الأنبياء والأوصياء وأعلى درجات الجنة وغشى عليه فذاب قلب الحسن وجعل يبكى مهما ساعدته الجفون فسقطت قطرات من دموعه على وجه الامام فأفاق فلما رأه قال له :

مهدأ روعه : يا بني ما هذا البكاء؟ لا خوف ولا جزع على أبيك بعد اليوم يا بني لا تبك فأنت تقتل بالسم ويقتل أخوك الحسين بالسيف .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.