المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
الفرعون رعمسيس الثامن
2024-11-28
رعمسيس السابع
2024-11-28
: نسيآمون الكاهن الأكبر «لآمون» في «الكرنك»
2024-11-28
الكاهن الأكبر (لآمون) في عهد رعمسيس السادس (الكاهن مري باستت)
2024-11-28
مقبرة (رعمسيس السادس)
2024-11-28
حصاد البطاطس
2024-11-28

ركائـز الحكـومـة الإلـكـترونـية
7-8-2022
برسيم حجازي​ Medicago sativa L
22-1-2021
معيـار الإبـلاغ المـالـي الدولـي رقـم (10) القوائـم الماليـة المـوحـدة
2023-12-01
Reflection: What is said in courts
9-5-2022
Relative Error
13-2-2021
دائرات التغذية الخلفية
23-9-2021


الشجار بين الابناء  
  
6645   12:44 مساءاً   التاريخ: 21-4-2016
المؤلف : عبد الكريم بكار
الكتاب أو المصدر : مشكلات الاطفال
الجزء والصفحة : ص41-55
القسم : الاسرة و المجتمع / الحياة الاسرية / مشاكل و حلول /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-9-2016 2909
التاريخ: 14/12/2022 1076
التاريخ: 2-9-2016 2001
التاريخ: 22-6-2018 1910

الانسان سواء كان صغيرا ام كبيراً يأنس بالإنسان ولا يطيق العيش بدونه، لكن من الثابت ان اجتماع الناس – صغارا وكبارا- بعضهم مع بعض، يثير الكثير من المنافسة والتوتر وسوء الفهم والنزاع.. وهذا يعود اساساً إلى اختلاف الامزجة والاهواء والرغبات والعقليات والمصالح وتقدير الأمور.. والقاعدة العامة في هذا ان كل شخص هو (آخر) بالنسبة إلى شخص آخر، يشعر بمغايرته له ومضايقته اياه في العديد من المواقف؛ ولهذا فان من الممكن القول : انه لا يخلو بيت من البيوت من شيء من المناكفة والمناكدة بين كل اولئك الذين يعيشون تحت سقف واحد، لكن هناك من الشجار ما هو مألوف وتحت السيطرة، وهناك ما هو غير معتاد، بل ما هو خطير ومقلق، وهذا ما يتحدث عنه التربويون.

يظهر العديد من الدراسات ان التناحر بين الاخوة يزداد مع تقدم السن؛ فأبناء الثماني سنوات اكثر تنافسا مع بعضهم ممن هم في سن اربع سنوات، كما تظهر الدراسات ان الشجار يكون اكثر بين الطفلين حين يكونان متقاربين في العمر، كأن يكون بينهما سنة او سنتان –مثلا- وتزيد المنافسة كذلك حين يكون الطفلان من جنس واحد : ابنين او بنتين.

لا بد لي قبل التحدث عن مشكلة الشجار بين الابناء من الاشارة إلى ان المتشاجرين الصغار يستفيدون من المنازعات بينهم بعض الفوائد، فهم يكتشفون قدراتهم على التغلب على الغير، ويخبرون مشاعر التسامح والنصر وتقبل الهزيمة، كما يكتشفون نقاط ضعفهم، وحين تكون المشاكسات لطيفة، فإنها تخفف من اجواء الركود الروحي، وتضفي على المنزل روح الفكاهة والمرح، والبيت –كما اشرت من قبل- هو ميدان للتعليم والتدريب على مواجهة التحديات في الحياة العامة، ولهذا فان خلو المنزل من أي شكل من اشكال الصراع، لا يرسل رسالة ايجابية على نحو كامل.

ـ متى يصبح الشجار بين الابناء مشكلة ؟

يصبح الشجار بين الابناء شيئا مقلقا ومثيرا للمخاوف في واحدة من الحالات التالية :

1- اذا تطور الخلاف إلى عراك بالأيدي مع غضب شديد، او إلى استخدام الضرب الموجع او استخدام آلات حادة يمكن ان تسبب اذى بدنياً لاحد المتشاجرين.

2- في حالة استخدام الكلام البذيء اثناء الشجار.

3- تكرار الشجار على نحو غير مألوف.

4- تسبب الشجار في ازعاج من في المنزل في اشغال الاولاد عن اداء واجباتهم المدرسية.

5- شعور احد الاولاد المتشاجرين بالقهر بسبب ظلم اخيه له، ويتأكد هذا اذا كان المقهور هو الأصغر.

6- تعاظم الرغبة في الانتقام لدى احد الابناء.

في هذه الحالات يصبح تدخل الاهل امرا ضرورياً حتى لا يحدث ما لا تحمد عقباه.

ـ لماذا يتشاجر الاخوة ؟

ذكرت ان الشجار بين الاخوة هو شيء طبيعي، ونحن وان كان الذي يشغل بالنا هو الشجار الخطر او المؤذي الا ان الاسباب التي تؤدي إلى وجود الشجار بدرجاته المختلفة هي اسباب موحدة او متقاربة؛ ولهذا فإننا هنا نتحدث عن العوامل والاسباب التي تشكل الجو المريض والمحرض على التنازع، ولعل من اهم تلك العوامل الآتي :

1- ان التنافس على (موارد محدودة) من اكثر الامور التي تثير الخصام والنزاع بين جميع الكائنات الحية، وان الاخوة يتنافسون في بيوتهم على العديد من الأمور المحدودة، منها محبة الوالدين وانتباههما ورعايتهما واشباع ما لديهم من حاجات، ولا يستطيع الابوان تقديم كل ذلك لسبعة من الاولاد بالقدر الذي يمكن ان يقدماه لولد او ولدين؛ ولهذا فان من الشائع ان نرى الطفل الأول وهو يحاول ايذاء الطفل الثاني؛ وذلك لأنه يعتقد بانه فقد بسببه جزءاً كبيرا من مكانته لدى والديه، ومن الموارد المحدودة كذلك المكان الذي يسكن فيه الاطفال والالعاب التي يلعبون بها، وكذلك بعض الادوات المدرسية.. وكلما كانت هذه الاشياء قليلة وشحيحة زادت حدة المنافسة وزاد الشجار بين الاطفال، والعكس صحيح.

2- تعارض الرغبات بين الاطفال في التعامل مع بعض الأمور، تقول احدى الامهات : لدي ثلاثة من الاولاد الذكور، وبما ان منزلنا ضيق فإنهم ينامون في غرفة واحدة، واذا قدر لك ان تدخل عليها فستجد انك دخلت على ساحة حرب؛ حيث انك لن تجد أي شيء في مكانه، ولا يكاد يمضي نصف ساعة حتى اسمع صراخا من احدهم، واستقبل باكيا او شاكيا منهم وكثيرا ما اجد نفسي حائرة في التعامل معهم، هذا يريد ان ينام، فيغفو، ويطفئ النور، فيثور عليه اخوه الذي لم ينته بعد من كتابة واجباته، وهذا يريد الا يكون في غرفته احد؛ لأن زميله في المدرسة جاء لكتابة الواجب المدرسي معه، ويتضايق اخواه من ذلك؛ لأنهما يردان البقاء في الغرفة... والمشكلة الكبرى حين نركب في السيارة في رحلة طويلة؛ حيث يريد كل واحد منهم ان يجلس إلى جانب ابيه، والاكثر من هذا اني لا اعرف في بعض الاحيان لماذا يتشاجرون؛ حيث استمع إلى روايات متناقضة ومطالب متضاربة، فما يكون مني سوى ان اصرخ في وجه الجميع واخرج!

3- حين يشعر الطفل بإهمال اهله له بسبب ضعفه او هدوئه او بسبب وجود اخ مستحوذ على اهتمام اهل البيت، فانه يعمد حينئذ إلى افتعال المشكلات مع اخوته حتى يلفت الانظار اليه، انها محاولة منه لإعادة الامور إلى نصابها.

4- احيانا يتمتع الطفل بطاقة زائدة، او يكون مصاباً بفرط الحركة، مما يدفعه إلى ممارسة نوع من العدوان ضد اخوته، وتزداد الامور سوءا اذا كان الطفل يتمتع مع النشاط الزائد بذكاء متوقد؛ حيث يشعر بالتفوق على اخيه او اخوته، ويبدأ في تجسيد ذلك في ايذائهم بطرق مختلفة.

5- حين يشعر الطفل بان ابويه يفضلان اخاه عليه فان صدوره يغلي بالحقد والثأر، وبما ان الطفل لا يستطيع مكايدة ابويه، فانه ينتقم للحيف الذي يقع عليه بالإساءة إلى اخوته، وهذا ما نجده واضحاً في قصة يوسف (عليه السلام) مع اخوته؛ حيث قال سبحانه :{لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ * إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ}[يوسف: 7 - 9].

ان اخوة يوسف شعروا ان يوسف وشقيقه (بنيامين) احب إلى ابيهم منهم، فدبروا المكيدة المشهورة للانتقام منه..

6- حين يكون احد الابناء متدني الامكانات في احد المجالات اذا ما قورن بأخ له قريب منه في السن، فان من غير المستبعد حينئذ ان يظهر نوعا من العدوانية تجاه اخيه، وهذا يجعله يشعر

بنوع من الظلم؛ لان انجازاته تقارن بإنجازات شخص اعظم موهبة منه.

7- النزاع والشجار بين الوالدين على نحو لافت، يسهل على الاطفال ان يتشاجروا فيما بينهم؛ وذلك لان جو المنزل يصبح متوتراً، وحينئذ فان من السهل ان يصبح كل من في المنزل متوترين، وان المرء حين يكون متوترا تصبح اثارته سهلة، كما ان الصغار يتعلمون من الكبار ويقتدون بهم فاذا استسهل الابوان امرا شعر الصغار بانه امر طبيعي وعادي.

8- اذا اتبع الابوان او احدهما اسلوبا قاسيا في تربية الابناء، فان ذلك يضعف شعور الاولاد بالرحمة والالفة والتعاطف الذي ينبغي ان يسود بين افراد الاسرة.

9- سوء الفهم ليس حادثا نادراً، فنحن الكبار طالما أسأنا تفسير ما سمعناه من بعضنا، فكيف بالصغار؟ ولهذا فان الطفل كثيرا ما يفسر بعض كلمات اخوته او بعض تصرفاتهم تفسيراً خاطئا، فيأخذ في الاساءة اليهم، وان من السهل على الطفل ان يفهم نصيحة اخيه على انها شماتة او استهزاء به، كما ان من السهل عليه ان يظن ان من حقه اخذ الشيء الفلاني، ويكون مملوكاً لغيره...

ـ كيف نعالج شجار الابناء ؟

تعالوا لننظر إلى الشجار الخطر والمؤذي بين اطفالنا على انه احد اعراض الخلل في تربيتنا لهم، فهذه النظرة تساعدنا على اعادة النظر في العديد من اساليبنا التربوية، كما تساعدنا على تعلم اساليب تربوية جديدة ومفيدة، وقبل ان اشرح ما علينا ان نفعله تجاه شجار الابناء فاني اود ان اشير إلى شيء مهم، هو ان المبالغة في صياغة العلاقة بين الابناء والمبالغة في التدخل بينهم ليست بالشيء الجيد؛ وذلك لأننا نريد لهم ان يتدربوا على مشكلاتهم بأنفسهم قدر الامكان، كما ان كثرة تدخل الاهل في شؤون الابناء تضبط ايقاع الحركة في المنزل اكثر مما ينبغي، وهذا يخفف من جاذبيتة، مما يزيد في رغبة الاطفال في الخروج إلى الشارع كي ، يمارسوا حريتهم كما يحبون. في هذا الاطار اشير إلى الاسس والطرق التي يمكن استخدامها في معالجة الشجار بين الابناء، وذلك عبر المفردات الاتية :

1- حين نريد ان نربي ابناءنا تربية صالحة وعظيمة، فان علينا ان نصبر على دفع تكاليفها؛ فالسمو دائما مكلف، والانحدار سهل، واحيانا ممتع، وارجوا ان نتخذ من هذه القاعدة اساسا نبني عليه في كل شؤون الحياة.

2- حساسية الطفل نحو الظلم لا تقل عن حساسية الكبير؛ ولهذا فان علينا ان نكون حذرين جدا في تعاملنا مع ابنائنا، وقد وضع لنا نبينا (صلى الله عليه واله) اساس العدل بين الابناء في موقف واضح وصارم؛ حيث روى النعمان بن بشير (رضي الله عنه) ان اباه اتى به إلى رسول الله (صلى الله عليه واله)، فقال : اني نحلت ابني هذا غلاما (أي وهبته عبدا كان عندي) فقال رسول الله (صلى الله عليه واله) : (أكل ولدك نحلته مثله؟) فقال : لا، فقال رسول الله (صلى الله عليه واله) : (فأرجعه)، وفي رواية انه قال : (فاتقوا الله واعدلوا بين اولادكم)، وفي رواية ثالثة : (فلا تشهدني اذا فاني لا اشهد على جور).

وقد ذهب بعض اهل العلم إلى ان على الاب ان يعدل بين اولاده حتى في التقبيل، وهذا صحيح؛ لان الطفل يشعر بالظلم اذا وجد ان اباه يهتم بأخيه ويدللـه اكثر منه، وقبل ان اذكر مظاهر عدم العدل بين الابناء اود ان اشير إلى شيء مهم هو الا يسمح الاب لعلاقته مع اولاده ان تكون صدى لعلاقته بزوجاته –في حالة التعدد- حيث ان من اسباب الشجار بين الابناء –غير الاشقاء- ان الاب يكرم ابناء الزوجة التي يميل اليها اكثر من اكرامه لأبناء الزوجة الاخرى، وهذا يزرع البغضاء والحقد بين الابناء، وهو مخالف لروح العدل الذي يجب على كل واحد منا الالتزام به على افضل وجه ممكن.

ـ ان من تفصيلات العدل بين الابناء الآتي  :

أ‌- عدم تقديم أي اخ على انه نموذج لأخيه، وفي هذا يقول احد الشباب : حين كنت في المرحلة الابتدائية كان اخي الكبير في المرحلة المتوسطة، وكان عذب الكلام، وحسن التودد لابي، ولم تكن لي تلك الموهبة ولكنني –من غير مديح لنفسي- كنت اشعر انني اكثر استقامة منه، كما ان خدمتي لأسرتي كانت افضل من خدمته، ومع هذا فان ابي يلتقط بصورة عجيبة كل الايجابيات في حياة اخي، ويطلب مني ان اتعلم منه تلك الايجابيات، وان اقلده في الكثير من سلوكياته، وقد كان هذا يؤذيني ويجرحني؛ وذلك لأنني كنت اشعر بان ابي لا يرى سوى نقائصي وفضائل اخي، وحين كان اخي في نهاية المرحلة الثانوية اتصلت الشرطة على ابي وطلبت منه الحضور حتى عرف المشكلة الاخلاقية التي وقع فيها اخي .. ومن ذلك اليوم انقلب ابي على اخي، ونسي كل فضائله، وصرت في نظره الفتى المثالي مع انني لست كذلك!.

ب‌- على الاب – وكذلك الام- الحذر من استخدام اسم او وصف يدل على التحبب (التدليع) مع احد الاولاد دون غيره، فهذا يترك اثارا سيئة في نفوس الاطفال وفي العلاقة بينهم، ومن المألوف جدا ان يقول الاب لابنه الصغير : (حبيبي، روحي، نور عيني..) في الوقت الذي يستخدم ألفاضاً قاسية في توبيخ ابنه الكبير بسبب تقصيره في اداء عمل من الاعمال!

ت‌- العدل في قضاء الوقت معهم؛ حيث لن يكون من العدل اصطحاب احدهم بصورة دائما إلى زيارة الاقرباء او إلى السوق او إلى مكان العمل، وحرمان البقية من ذلك، كما انه لن يكون من العدل كثرة الجلوس والضحك مع بعضهم دون البعض الاخر، وان مثل هذه التصرفات تجعل فعلا من الاخ المدلل منافسا يستحق الاذى في نظر اخوانه.

ث‌- الحذر من تقليل شأن شكل او ميول او مهارات.. احد الاولاد على نحو مطرد، وقد كان احد الاباء يقول لأبنائه الثلاثة : انت يا فلان ستكون قاضياً، وانت يا فلان ستكون موظفاً، اما انت يا فلان فلن تكون مؤهلا لشيء، وستساعدني في المزرعة!

ج‌- العدل بين البناء لا يعني المساواة، ولكنه يعني اعطاء كل واحد منهم ما يحتاجه بالمعروف وفي اطار المصلحة العاملة؛ فالطفل الصغير يذهب للنوم قبل الاكبر سناً، وحين يصاب الطفل بمرض نفسي، او يمر بأزمة من أي نوع فانه يحتاج إلى ملاطفة ورعاية اكثر من غيره وهكذا..

من المهم في هذا الاطار الا يعتمد الابوان على حدسهما الشخصي في معرفة مشاعر الابناء؛ بل عليهما سؤالهم بين الفينة والفينة عما اذا كانوا يشعرون بانهم لا يتلقون معاملة عادلة؟

3- يقع كثير من الشجار بين الابناء بسبب عدم معرفتهم بان لكل انسان –كائنا من كان- حيزه الشخصي الذي لا يصح اقتحامه من قبل احد حتى الوالدين، ومن هنا فان من المهم ان يقدم الابوان للأبناء النموذج الحي في احترام الخصوصيات، وعليهما بعد ذلك منح الكثير من الخصوصية للولد الاكبر (ابن او بنت) واحترام ملكيته الخاصة حتى يدرك الصغار معاني احترام الخصوصية ومعاني قيمة كف اليد عن ممتلكات الاخرين على نحو عملي، ولا بد مع هذا من استخدام فك الاشباك بينهم من اجل توضيح ذلك: هذه لعبة فلان وليست لعبتك، ولا يصح لك النظر إلى اخيك وهو يغير ثيابه الداخلية، ولا يصح لأي احد ان يرفع صوته وفي الغرفة شخص نائم، ومن غير الجائز ان يفتح الدرج شخص غير صاحبه وهكذاً...

4- لدينا اسر كثيرة محرومة من معاني المرح والاستبشار، ومحرومة من الانشطة المفيدة ومن الخروج لقضاء بعض الوقت في حديقة او في البر او أي مكان جميل، وهذا يورث التجهم والجفاء، كما يؤدي إلى الشعور بالملل والسأم، ويجعل الطفل يشعر بان مناكفة اخيه هي الحل الوحيد للتخلص من ذلك، ومن هنا فان على الابوين ان يتعلما كيف يثيران المباهج والمسرات في حياتهم العائلية، وان يرتبا بعض الانشطة الجماعية التي يشترك فيها جميع او معظم افراد الاسرة، فذلك ضروري لتفريج الكرب العصبي الذي قد تجد نفسها فيه.

5- الغموض في المسؤوليات والواجبات والاشياء كثيرا ما يؤجج الخلاف بين الابناء، ومن هنا فان على الام حين توزع المسؤوليات على بناتها –مثلا- ان تكون واضحة جدا في ذلك مع تحري العدل، واتباع النظام التبادلي، فاذا كان كنس البيت من مسؤولية احداهن، فلا يكن ذلك على نحو دائم، وانما تقوم الام بأسناد ذلك إلى البنت الاخرى وتحويل مسؤوليتها إلى اختها وهكذا.. كما ينبغي تحديد وقت لاستخدام هاتف المنزل والالعاب المشتركة؛ اذ كثيرا ما يشكو بعض الابناء من ان اخوانهم لا يدعون الهاتف يصمت، ولا يتركون لهم أي فرصة لركوب الدراجة...

6- نحن قررنا ان القدر اليسير من الشجار بين الصغار مفيد؛ ولهذا فينبغي دائما عدم الالتفات إلى الخلافات والنزاعات الصغيرة، وعدم الاستماع إلى الوشايات حولها؛ حيث ان كثيرا من الاطفال يتحدثون عن تعرضهم لاعتداءات لم تقع بالفعل، وذلك من اجل جلب العقوبة لإخوانهم.

7- بعض الاباء والامهات يعهدون إلى اولادهم الكبار برعاية الصغار، انهم يجعلون منهم ما يشبه الاب البديل والام البديلة، ويغضون الطرف عن قسوتهم مع اخوتهم الصغار وعن سوء تصرفهم مما يثير نار العداوة بين الجميع، وهذا غير صحيح، فتفويض الكبير بالأشراف على اخوته الصغار يجب ان يكون جزئياً، ويجب ان يظل الوالدان في الصورة حتى لا يقع في اخطاء فادحة، وسيكون الامر اكثر حساسية اذا كان الاخ غير شقيق؛ حيث يكون الاتهام بالتجبر والظلم سهلاً.

8- لدى الاطفال مهارة كبير في وضع قوانين تنظم استخدامهم للألعاب؛ حيث ان من المشاهد انهم ما ان يظفروا بشيء يلعبون به حتى يقرروا طريقة لتنظيم ذلك، ومع ان بعضهم في الغالب يخرق النظام الا ان تسوية الامور كثيرا ما تكون سهلة، لكن من الواضح ان الاطفال في المنزل الواحد يتشاجرون فعلا ويظهرون نوعا من العجز عن التفاهم على الاستفادة من كثير من الالعاب باللعبة الواحدة، وكيف يستخدمون بعض الاجهزة لمشاهدة بعض البرامج، ويقولون لهم اذا اختلفتم بعد اليوم، فسوف نمنعكم من كل ذلك حتى تتفقوا، وكثيرا ما تنجح هذه الطريقة في تخفيف النزاع واستعادة الهدوء.

9ـ من المهم ان يكون الاب واضحاً في انه لن يسمح للشجار بان يتجاوز حدود الكلام المهذب، أي ان يؤكد لهم دائما ان الضرب والشتم واطلاق الالقاب السيئة وتعمد الإغاظة.. من الامور التي سينال صاحبها عليها العقوبة، وقد كان احد الاباء يقول لكل ولد من اولاده : كل كلمة لا تجد ان من المناسب التحدث بها مع شخص غريب، فلا تتحدث بها مع اخيك؛ وذلك لأنه يريد الا يؤدي اسقاط التكلف بين الاخوة إلى تدريبهم على البذاءة والايذاء.




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.