المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05
مـعاييـر تحـسيـن الإنـتاجـيـة
2024-11-05
نـسـب الإنـتاجـيـة والغـرض مـنها
2024-11-05
المـقيـاس الكـلـي للإنتاجـيـة
2024-11-05
الإدارة بـمؤشـرات الإنـتاجـيـة (مـبادئ الإنـتـاجـيـة)
2024-11-05
زكاة الفطرة
2024-11-05



كيف نحقق التوازن والاعتدال في محبة الاطفال  
  
2777   09:45 صباحاً   التاريخ: 21-4-2016
المؤلف : صالح عبد الرزاق الخرسان
الكتاب أو المصدر : تربية الطفل واشراقاتها التكاملية
الجزء والصفحة : ص351-358
القسم : الاسرة و المجتمع / الطفولة /

 من الحقيقة بمكان ان الطفل كما يرغب في الهواء والغذاء وسائر الحاجات الطبيعية فهو يرغب ايضا وبصورة فطرية بالمحبة والعطف والحنان وهنا يجب الاستجابة لتلك الرغبات بنوعيها والعمل على اشباعها حسب اسلوب تربوي صحيح نرضي الطفل فيه فيربى حسب السنة الخلقية والفطرية معاً.

وهنا ايضا يجب على الوالدين بذل ما في وسعهما وطاقتهما من اجل تحسين تربية الطفل والالتفات بدقة إلى نقطتين هامتين هما:

أولاً : متى يجب معاملة الطفل بالحنان والمحبة ؟

ثانياً : معرفة المقدار اللازم منحه للطفل من المحبة والحنان والتصرف على ضوء تلك المعرفة لان الافراط والتفريط في ذلك يؤدي إلى الانحراف والاخفاق في العملية التربوية.

وهنالك امثلة عديدة من خلالها نتعرف على الاخطاء التربوية نتيجة للعواطف المفرطة التي يظهرها الوالدان من غير داع لها نذكر منها :

1ـ مرض الطفل :

إن الطفل يكون في موضع الرعاية والاهتمام الزائد من قبل الوالدين حينما يصيبه مرض ما وهنا يجب على الابوين ان لا يبالغا في ذلك ويخرجا عن المألوف، لأنهما ان فعلا ذلك وفرطا بالمحبة والعناية فان الطفل سيكون حتماً معجباً بنفسه. وهنا تحصل الطامة الكبرى من انحراف وتأثيرات سيئة تقع على الطفل ومسيرته التربوية التكاملية.

وانما الواجب عليهما ان لا يضطربا ولا يرتبكا ولا يُظهرا اضطرابهما الشديد للطفل، وان يبتعدا عن كل عمل او قول يوحي اليه بانه ذو اهمية كبيرة وان جميع افراد الاسرة فاقدون راحتهم وعملهم واطمئنانهم من اجله، ولكن هذه النظرة الخاطئة تبقى في اعماق فكره ونفسه، ويظل متأثرا بها في حياته لذا يتوقع دائما من والديه وكل افراد الاسرة والمجتمع ان يحترموه بل يبالغوا في احترامه والاهتمام به حتى في الصداع وحالات المرض البسيطة.

فالوالدان العاقلان الواعيان يجب عليهما في حالة مرض ابنهما ان يعالجاه بواسطة الطبيب، وينفذوا اوامره وارشاداته الطبية والعلاجية والغذائية بخصوص الطفل، ويوحيا له بان حالته وحالة الاسرة جميعا تسير بصورة طبيعية واعتيادية ولو فرض ان هناك قلقا عليه فلا يظهرانه اليه البتة، بل يظهران امامه الوضع الاعتيادي مع الطفل في حالات مرضه يجعله ينشأ طبيعياً سويا بعيدا عن كل انانية وغرور وفساد اخلاقي وهذا هو المطلوب والمقصود وان كل تصرف يكون خلاف هذا فانه خاطئ وغير صحيح مطلقا ويأتي بالنتائج المعكوسة وغير المرضية على صعيد التربية والصحة والسلوك الصحيح.

2- تمارض الطفل :

في كثير من الاحيان يتمارض الطفل لحاجة في نفسه، فإمّا لاستثارة عواطف والديه نحوه، واما للالتذاذ من حنانهما والسكن إلى محبتهما وهذا امر خطير بالنسبة له؛ لأن الطفل عندما يكبر معه هذا التصور الخاطئ ولم يجد الاهتمام والاضطراب اللازم به من قبل الآخرين حين مرضه فانه يستصغر نفسه ويحس بالألم والحقارة في شعوره وضميره الباطن ويظل يراوده الاذى والشعور

بالضعة والهوان والانزعاج المستمر.

وهنا يجب على الوالدين ان لا ينساقا مع حالة التمارض التي افتعلها طفلهما، وان لا يشعراه بالتأثر والتعاطف ويوحيا له انه غير مريض وحالته طبيعية وجيدة وانما هي ربما وعكة خفيفة وستزول سريعا وهي لم تؤثر عليه ابدا وبهذا التعامل الطبيعي والواقعي يشعر الطفل بانه غير مريض وطبيعي. وان والديه يعرفان ذلك فيحاول النهوض والاستمرار في تأدية واجباته واعماله اليومية.

جاء في كتاب : (كيف تكسب الاصدقاء وتؤثر في الناس للعالم النفسي الشهير( ديل كارنيجي) ما نصه: (ذكرت لي القصاصة الشهيرة : (ماري روبرتس راين هارت) :

قصة شابة سليمة تمارضت حتى تجلب اهتمام العائلة نحوها وتثبت مكانتها وكلما ازداد عمرها علمت بضعف احتمال تزوجها فأظلمت الدنيا في عينيها ولم يكن لها ما يسعدها في الحياة.

كانت السيدة الكاتبة تقول:

تمارضت هذه السيدة فكانت امها العجوز تداريها طيلة عشرة اعوام، وتحمل اواني طعامها كل يوم من السلالم اليها، إلى ان توفيت امها فأخذت المريضة بالنياحة لمدة اسابيع وبما انه لم يستجب لندائها احد نهضت وارتدت ملابسها وجعلت تستمر في الحياة بصورة اعتيادية).

ومن هذه القصة يظهر بوضوح ان تمارض هذه السيدة هو لجلب اهتمام عائلتها بها واثبات مكانتها وعندما تحقق ذلك اصابها الاعجاب بنفسها مما ادى إلى شقائها وشعورها بالضعة والحقارة في جميع ادوار حياتها والحقيقة ان اهتمام والدتها بها لمدة عشر سنوات وحبها المفرط لها حطم شخصيتها واشقاها بدلا من ارتقائها واسعادها.

إن الحب هذا هو بالحقيقة ظلم لها وقد سبب في نشوء شعورها بالحقارة والاذى، ولكن عندما توفيت امها ذات الحب المفرط لها واعتمدت على نفسها استمرت في حياتها بصورة اعتيادية وعليه يجب على الاباء والامهات أن يفكروا في ذلك ويتدبروا كثيراً.

3- لحظات مصيرية ذات اثر تربوي بالغ :

كثيرا ما يتحرك الطفل في البيت تارة يدور حول نفسه بسرعة كبيرة، وتارة يصعد الدرج وينزل بسرعة وتارة الثالثة يركض في داخل البيت ويلعب بالكرة وكل هذه الحركة بمحضر والديه في اغلب الاحيان، وقد يحصل في احدى حركاته السريعة ان يرتطم بالجدار وهذا الارتطام بالنسبة له مصادفة جديدة، فنراه يقف متحيرا ولا يعلم بالموقف الذي يجب ان يتخذه هل هو البكاء ام الضحك ام السكوت ام ماذا؟

فهو متحير ويطيل النظر إلى والديه ليعرف : ما هو تأثير هذا الارتطام فيهما، وعندئذ يقوم بردة الفعل تجاهه فان ضحكا يضحك، وان تألما يبكي، وان سكتا يسكت ويعاود الحركة مرة اخرى.

ان مثل هذه اللحظات واشباهها لها تأثير شديد من الوجهة التربوية لان اي سلوك سيء من قبل الوالدين تجاه موقف كهذا يترك اثارا سيئة في نفسية الطفل. وعليه يجب على الابوين ان يفهما طفلهما عمليا بان الارتطام بالجدار والسقوط على الارض هو نتيجة حركته السريعة وهي حالة اعتيادية في الحياة، وعليهما ايضا ان يستفيدا من هذه الفرصة ويقدما له النصائح والارشادات النافعة التي يجب ان يلتزم بها اثناء لعبة وحركته لكي لا تكرر مثل هذه الحادثة او غيرها.

ولكن مما يؤسف له حقيقة ان بعض الاباء والامهات في مثل هذه الحوادث التافهة نراهم يقومون بسرعة مذهلة إلى الطفل ويضمونه إلى صدورهم ويقبلونه وهم بحالة شديدة من التأثر والتألم، وربما يضربون الارض التي وقع عليها او الجدار الذي ارتطم به ترضية للطفل وهنا تكون ردة الفعل من الطفل على كثرة ما يشعر به من الحب والحنان من قبل والديه، ان يرفع صوته بالبكاء او الصراخ وغزارة الدموع، وعندما تتكرر للطفل مثل هذه المشاهد والعواطف تتولد في نفسه تلك الصفة السيئة الا وهي الاعجاب بالنفس وتكبر في ضميره بصورة تدريجية فينشأ على الضعة والذل، ويظل متوقعا للحنان والمحبة لكل حدث حقير تافه.

نعم، ان حياة الطفل مع هذا التوقع الخاطئ له اثار سلبية خطيرة تكون ملازمة له حتى عندما يكبر وقد يشتد الامر ويتألم اكثر عندما يقابل في المجتمع آلاما كبيرة ولا يجد من يتعاطف معه ويشفق عليه خلافا لما كان يتوقعه، وعندها يحس بالدناءة ويصاب بعقدة الحقارة، مما يجعل حياته تعيسة دائما.

وهذه نتيجة سيئة من نتائج الحب والحنان المفرطين للطفل من قبل الوالدين وقد صدق الامام محمد الباقر (عليه السلام) حينما قال : (شر الاباء من دعاه البر إلى الافراط). وليتدبر كل والد ووالدة ومرب ومربية.

4- يجب ان يُكيَّف الطفل :

من الحقيقة بمكان ان كل فرد يجب ـ بدافع من رغباته الفردية واهوائه الشخصيةـ ان يتحرر من كل قيد، وان لا يكون هناك مانع يقف حجر عثرة في طريق تحقيق اماله فهو يحاول دائما ارضاء شهواته كيفما كانت ولكن المصلحة الخاصة ومصلحة المجتمع الذي يعيش فيه يقتضيان ان يتخلى كل فرد عن آماله غير المشروعة ويبتعد عن ارضائها وهذا هو شرط مهم في الحياة الاجتماعية للشعوب والامم في العالم.

فالحياة السعيدة للبشرية تقتضي ان يتعرف كل فرد على حسنات الحياة وسيئاتها من جهة وان يسيطر كل فرد على نفسه ويبعدها عن المساوئ من جهة اخرى.

إذن، ان الحياة السعيدة لا تتحقق للفرد والمجتمع الا باتباع حسنات الحياة والابتعاد عن مساوئها وهذا يقتضي ان يتربى كل فرد تربية صالحة يكون فيها مسيطرا على ميوله ورغباته ومبعدا نفسه عن كل المساوئ في الحياة.

واعتقد ان هذا هو الهدف المقدس الذي أرسل الانبياء والرسل (عليهم السلام) من اجل تحقيقه في الوجود، وهو الغرض المهم الذي يتبناه رجال التربية العظماء لان أي تقدم للتربية الصحيحة في المجتمع يؤدي لا محالة إلى انحسار الآلام والجرائم بقدر ذلك التقدم في التربية الصالحة. وهذا مصداق لما قاله امير المؤمنين عليه (عليه السلام): (من كلف بالأدب قلت مساويه)(1).

وحتما كلما اهملت التربية الصحيحة وتقاعس البشر عن القيام بها ازداد حجم المساوئ والالام في المجتمع والعالم. وبهذا الصدد اثر عن امير المؤمنين (عليه السلام) انه قال: ( من قل ادبه كثرت مساويه)(2).

اذن، يجب على الوالدين الاهتمام بالتربية الصالحة للأطفال وخصوصاً في الادوار الاولى من حياتهم، لأنهم اكثر استعداداً لتقبل التربية سواء كانت فاسدة ام صالحة وان الذي يتعلمه الطفل في الصغر ينفذ إلى اعماق نفسه ومن السهولة بمكان ضمان استمرار ذلك مدى العمر وعليه :  ( يجب ان يكيف الطفل).

يقول العالم الشهير الكسيس كارل :

(تتوقف قيمة الانسان على قدرته على مواجهة العواطف المعاكسة بسرعة ومن غير بذل جهد، ويمكن بلوغ مثل هذه اليقظة بأنشاء اكثر ما يستطاع من انواع الانعكاسات وردود الفعل الغريزية، وكلما كان الفرد صغيراً سهل توطيد الانعكاسات.

ففي استطاعة الطفل ان يكدس كنوزا من المعلومات غير الواعية كما انه اسهل تدريبا بل انه لا يقارن في ذلك حتى بكلب الحراسة الذكي.. كما انه يستطيع ان يتعلم كيف يركض من غير ان يتعب وكيف يسقط كالقط وكيف يتسلق ويسبح ويقف ويمشي بانسجام ويلاحظ الاشياء بدقة ويستيقظ بسرعة ويتكلم عدة لغات ويطيع ويهاجم ويدافع عن نفسه ويستعمل يديه بتناسق في تأدية مختلف انواع العمل .. الخ.

وتخلق العادات الادبية فيه بطريقة مماثلة .. والكلاب نفسها تتعلم الا تسرق فالأمانة والاخلاص والشجاعة تنمو بواسطة العمليات نفسها التي تستخدم في تكوين الانعكاسات أي بغير ما حاجة إلى مناقشة او شرح ... وصفوة القول:(يجب ان يُكيّف الاطفال)(3).

___________

1- غرر الحكم ودرر الحكم:645.

2- نفس المصدر السابق.

3- الانسان ذلك المهول: تعريب: عادل شفيق ص334.




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.