المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
الصحافة الأدبية في دول المغرب العربي
2024-11-24
الصحافة الأدبية العربية
2024-11-24
الصحافة الأدبية في أوروبا وأمريكا
2024-11-24
صحف النقابات المهنية
2024-11-24
السبانخ Spinach (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-24
الصحافة العمالية
2024-11-24

ايثار اهل البيت
18-11-2014
ألا تعتقدون أنّ مواقف الشيعة المبدئية من بعض الصحابة يعمّق فجوة الخلاف بين المسلمين؟
2-9-2020
ابن عصفور
4-03-2015
علي أسد الله يحاكي أخيه جعفر
20-01-2015
أحمد بن بكران بن الحسين الزجاج
10-04-2015
منهج علم الأصول
1-9-2016


دعاؤه لأبويه  
  
3855   10:46 صباحاً   التاريخ: 13-4-2016
المؤلف : باقر شريف القرشي .
الكتاب أو المصدر : حياة الإمام زين العابدين (عليه السلام)
الجزء والصفحة : ج‏1،ص52-56.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن الحسين السجّاد / التراث السجّاديّ الشريف /

كان الإمام زين العابدين (عليه السلام) من أبر الناس بأبيه و مربيته فقد خفض لهما جناح المودة و الرحمة و لم تبق مبرة و لا خدمة إلا قدمها لهما و بلغ من عظيم بره لأبيه أنه طلب من عمته زينب بطلة كربلاء في يوم الطف أن تزوده بالعصى ليتوكأ عليها و بالسيف ليذب به عن أبيه في حين أن المرض قد فتك به فلم يتمكن أن يخطو خطوة واحدة على الأرض إلا أن عمته صدته‏ عن ذلك لئلا تنقطع ذرية النبي (صلى الله عليه و آله) فأي مبرة مثل هذه المبرة؟ و من خدماته لأبيه أنه قام بعد شهادته بتسديد ما عليه من الديون الضخمة التي كان قد أنفقها على البؤساء و المحرومين فمن مبراته لأبويه دعاؤه لهما فدعاء الإمام زين العابدين (عليه السلام)  لأبويه هو من المع القواعد في التربية الإسلامية الهادفة إلى إصلاح الأسرة و سعادتها و شيوع المحبة و الاحترام بين أفرادها و من الطبيعي أن الأسرة إذا صلحت صلح المجتمع بأسره و إذا فسدت فسد المجتمع كذلك لأنها الخلية الأولى في بناء المجتمع و تكوينه و فيما يلي نص هذه اللوحة الذهبية من دعائه :

 اللهم صل على محمد عبدك و رسولك و أهل بيته الطاهرين و اخصصهم بأفضل صلواتك و رحمتك و بركاتك و سلامك و اخصص اللهم والدي بالكرامة لديك و الصلاة منك يا أرحم الراحمين ؛ اللهم صلّ على محمد و آله و ألهمني علم ما يجب لهما علي الهاما و اجمع لي علم ذلك كله تماما ثم استعملني بما تلهمني منه و وفقني للنفوذ فيما تبصرني من علمه حتى لا يفوتني استعمال شي‏ء علمتنيه و لا تثقل اركاني‏ عن الحفوف‏ فيما الهمتنيه .

و مثلت هذه الكلمات المشرقة سمو آداب الإمام و معالي اخلاقه و مدى احترامه لأبويه فقد دعا لهما اللّه أن يخصهما بالفضل و الكرامة لديه و أن يلهمه تعالى ما يجب لهما من الحقوق ليقوم بأدائها و أن لا يثقله عن أدائها و لنستمع إلى قطعة أخرى من دعائه لهما :

 اللهم صلّ على محمد و آله كما شرفتنا به و صل على محمد و آله كما أوجبت لنا الحق على الخلق بسببه , اللهم اجعلني اهابهما هيبة السلطان العسوف و أبرهما بر الأم الرؤوف و اجعل طاعتي لوالدي و بري بهما أقر لعيني من رقدة الوسنان‏ و اثلج لصدري من شربة الظمآن حتى اوثر على هواي هواهما و أقدم على رضاي رضاهما و استكثر برهما بي و إن قل و استقل بري بهما .

و إن كثر و ليس في دنيا البر و الإحسان للأبوين مثل ما ذكره الإمام في هذه الفقرات لأبويه فقد سأل من اللّه تعالى أن يمنحه المزيد من الهيبة لهما ليطيعهما و لا يخالفهما و أن يبرهما بر الأم الرؤوف لولدها و أن يؤثر هواهما على هواه و يقدم رضاهما على رضاه و أن يشكر ما أسدياه إليه من البر و الإحسان و أن يستقل بره لهما و من الطبيعي أن مثل هذه الآداب من الأبناء تجاه آبائهم فإنها مما تنسيهم متاعب الحياة و آلام الشيخوخة كما توجد سعادة الأسرة و ازدهار الحياة الاجتماعية و نعود إلى مواصلة ذكر الفقرات المشرقة من دعاء الإمام لأبويه :

 اللهم خفض لهما صوتي و اطب لهما عريكتي‏ و اعطف عليهما قلبي و صيرني بهما رفيقا و عليهما شفيقا اللهم اشكر لهما تربيتي و أثبهما على تكرمتي و احفظ لهما ما حفظاه مني في صغري اللهم ما مسهما مني من أذى أو خلص لهما عني من مكروه أوضاع قبلي لهما من حق فاجعله حطة لذنوبهما و علوا في درجاتهما و زيادة في حسناتهما يا مبدل السيئات بأضعافها من الحسنات .

و مثلت هذه القطعة آداب أهل البيت (عليهم السلام) و سمو تربيتهم فقد أضاف الإمام فيها إلى ما ذكره سابقا من حقوق الأبوين حقوقا أخرى و هي:

1- أن يخفض الولد صوته أمام أبويه و لا يعلو به عليهما.

2- أن يطيب لهما عريكته و لا يقابلهما بالشدة و القسوة.

3- أن يملأ قلبه عطفا و حنانا و مودة لهما.

4- الدعاء لهما بالمغفرة و الرضوان على ما أسدياه إليه من المعروف و اللطف أيام صغره الذي هو في أمس الحاجة إلى رعايتهما و تربيتهما.

5- الطلب من اللّه أن يكتب لهما المزيد من الأجر على ما مسهما من الأذى و خلص إليهما من المكروه أو التقصير في أداء حقوقهما من قبله و ليس في عالم التربية المثالية مثل هذه الآداب التي يسمو بها الإنسان و تزدهر بها حياته و لنستمع إلى قطعة اخرى من كلامه (عليه السلام) .

اللهم و ما تعديا علي فيه من قول أو أسرفا علي فيه من فعل أو ضيعاه لي من حق أو قصرا بي عنه من واجب فقد وهبته لهما وجدت به عليهما و رغبت إليك في وضع تبعته عنهما فإني لا اتهمهما على نفسي و لا استبطئهما في بري و لا أكره ما تولياه من أمري يا رب فهما أوجب حقا علي و أقدم احسانا إلي و اعظم منه لدي من أن أقاصهما بعدل أو أجازيهما على مثل أين ذا يا إلهي طول شغلهما بتربيتي؟ و أين شدة تعبهما في حراستي؟ و أين اقتارهما على أنفسهما للتوسعة علي؟ هيهات ما يستوفيان مني حقهما و لا أدرك ما يجب علي لهما و لا أنا بقاض وظيفة خدمتهما فصل على محمد و آله و اعني يا خير من استعين به و وفقني يا أهدى من رغب إليه و لا تجعلني في أهل العقوق للآباء و الأمهات يوم تجزى كل نفس بما كسبت و هم لا يظلمون .

إن هذه التربية العلوية إنما هي نفحة من روح اللّه لتكون منارا إلى الأمم و الشعوب لترفع من قيمة الإنسان و تسمو به إلى عالم الملكوت ؛ لقد عرض هذا الإمام المربي إلى أن الواجب يحتم على الأبناء أن يسامحوا آباءهم على ما يصدر منهم من تعد عليهم في القول أو إسراف في الفعل أو تقصير في واجب عليهم أن يهبوا كل ذلك لهم مكافأة لهم و مجازاة لتربيتهم و عنايتهم و نعمتهم التي لا يؤدي الولد البار مهما عمل من خدمة بعض ما يجب عليه من البر و الإحسان لأبيه , و لنستمع إلى القطعة الأخيرة من دعاء الإمام:

اللهم صلى على محمد و آله و ذريته و اخصص أبوي بأفضل ما خصصت به آباء عبادك المؤمنين و أمهاتهم يا أرحم الراحمين اللهم لا تنسني ذكرهما في ادبار صلواتي و في آناء من أناء الليل و في كل ساعة من ساعات نهاري اللهم صل على محمد و آله و اغفر لي بدعائي لهما و اغفر لهما ببرهما بي مغفرة حتما و ارض عنهما بشفاعتي لهما رضى عزما و بلغهما بالكرامة مواطن السلامة اللهم و ان سبقت مغفرتك لهما فشفعهما في و إن سبقت مغفرتك لي فشفعني فيهما حتى نجتمع برأفتك في دار كرامتك و محل مغفرتك و رحمتك إنك ذو الفضل العظيم و المن القديم و أنت أرحم الراحمين .

إن الإنسانية إنما تسمو و تتميز بهذه الأخلاق العلوية الهادفة إلى خلق مجتمع متكامل واحد تسوده المحبة و الألفة و الاحترام المتبادل خصوصا في عالم الأسرة التي ينطلق منها تهذيب الفرد و بناء شخصيته , لقد دعا الإمام (عليه السلام)  لأبويه في هذه الفقرات الأخيرة طالبا من اللّه أن يتفضل عليهما بالمغفرة و الرضوان و أن يغفر له ببركة دعائه لهما و أن يغفر لهما ببرهما له فأي مودة و رحمة للأبوين مثل هذه المودة و الرحمة؟




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.