أقرأ أيضاً
التاريخ: 20/10/2022
813
التاريخ: 15-04-2015
3723
التاريخ: 24/10/2022
1221
التاريخ: 24/10/2022
905
|
كان الإمام زين العابدين (عليه السلام) يتأثر إذا انطوت أيام رمضان لأنه ربيع الأبرار و كان يودعه بهذا الدعاء الجليل:
اللهم يا من لا يرغب في الجزاء و يا من لا يندم على العطاء و يا من لا يكافئ عبده على السواء منتك ابتداء و عفوك تفضل و عقوبتك عدل و قضاؤك خيرة إن اعطيت لم تشب عطاءك بمن و إن منعت لم يكن منعك تعديا تشكر من شكرك و أنت الهمته شكرك و تكافئ من حمدك و أنت علمته حمدك تستر على من لو شئت فضحته و تجود على من لو شئت منعته و كلاهما أهل منك للفضيحة و المنع غير أنك بنيت فعالك على التفضل و أجريت قدرتك على التجاوز و تلقيت من عصاك بالحلم و امهلت من قصد لنفسه بالظلم تستنظرهم باناتك إلى الانابة و تترك معاجلتهم إلى التوبة لكيلا يهلك عليك هالكهم و لا يشقى بنعمتك شقيهم إلا عن طول الإعذار إليه و بعد ترادف الحجة عليه كرما من عفوك يا كريم و عائدة من عطفك يا حليم .
و لا بد لنا من وقفة قصيرة للنظر في هذه الفقرات المضيئة من كلام الإمام (عليه السلام) فقد احتوت على ما يلي:
1- كرم اللّه: أما كرم اللّه تعالى وجوده على العباد فقد تميز بما يلي :
(أ) إن نعمة اللّه تعالى على العباد لا يرجو منها جزاء لانه تعالى مستغن عن عباده و هم الفقراء إليه.
(ب) إنه تعالى إذا أنعم على عبد بنعمة مهما كبرت فإنه لا يندم على عطائه كما يندم المخلوقون في عطائهم إذا لم تكن هناك عائدة أو منفعة ترجع إليهم.
(ج) إن نعم اللّه على عباده غير مشوبة بالمن فإنه تعالى يعطي تفضلا .
(د) إنه تعالى هو الذي يبتدئ بالإحسان و الكرم على عباده.
2- عفو اللّه و عقابه: أما عفو اللّه عن المذنبين و المسيئين فإنما هو تفضل و رحمة منه و أما عقابه لهم فإنما هو عدل لأنه لا يعاقب إلا بقدر ما يستحق المذنب من العقاب.
3- قضاء اللّه: أما قضاء اللّه و صدور الأفعال منه فإنه باختياره و هو غير مجبور عليها كما يقول بذلك بعض الفلاسفة.
4- شكره للشاكرين: إن اللّه تعالى يشكر من شكره و ذلك بزيادة الطافه و نعمه عليه و هذا هو المراد من شكر اللّه لعبده كما أنه تعالى يكافئ من حمده و يزيد عليه الطافه.
5- ستره على العبد: و من الطاف اللّه على عبده ستره عليه في حال ارتكابه للمعاصي و لو شاء تعالى لفضحه و اسقطه من عيون الناس كما أن الطافه تعالى على المذنب أنه يجود عليه و يرزقه و لو شاء لمنعه رزقه و أماته جوعا و لكنه تعالى قد جرت مشيئته و قدرته على التجاوز عن المذنبين رجاء أن يرجع إليهم حلمهم و يتوبوا إلى طريق الحق و الرشاد و لا يشقى منهم إلا من أصر على العصيان و نبذ الحق ؛ هذه بعض المحتويات في كلام الإمام (عليه السلام) و لنستمع إلى قطعة اخرى من هذا الدعاء الشريف :
أنت الذي فتحت لعبادك بابا إلى عفوك و سميته التوبة و جعلت على ذلك الباب دليله من وحيك لئلا يضلوا عنه فقلت تبارك اسمك {تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [التحريم: 8] فما عذر من أغفل دخول ذلك المنزل بعد فتح الباب و إقامة الدليل و أنت الذي زدت في السوم على نفسك لعبادك تريد ربحهم في متاجرتهم لك و فوزهم بالوفادة عليك و الزيادة منك فقلت تبارك اسمك و تعاليت: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا} [الأنعام: 160] و قلت: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ} [البقرة: 261] و قلت: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً} [البقرة: 245] و ما أنزلت من نظائرهن في القرآن من تضاعيف الحسنات و أنت الذي دللتهم من غيبك و ترغيبك الذي فيه حظهم على ما سترته عنهم لم تدركه أبصارهم و لم تعه اسماعهم و لم تلحقه أوهامهم فقلت: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ} [البقرة: 152] و قلت: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم: 7] و قلت: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: 60] فسميت دعاءك عبادة و تركه استكبارا و توعدت على تركه دخول جهنم داخرين فذكروك بمنك و شكروك بفضلك و دعوك بأمرك و تصدقوا لك طلبا لمزيدك و فيها كانت نجاتهم من غضبك و فوزهم برضاك و لو دل مخلوق مخلوقا من نفسه على مثل الذي دللت عليه عبادك منك كان موصوفا بالإحسان و منعوتا بالامتنان و محمودا بكل لسان فلك الحمد ما وجد في حمدك مذهب و ما بقي لفظ تحمد به و معنى ينصرف إليه يا من تحمد إلى عباده بالإحسان و الفضل و غمرهم بالمن و الطول ما افشى فينا نعمتك و اسبغ علينا منتك و اخصنا ببرك هديتنا لدينك الذي اصطفيت و ملتك التي ارتضيت و سبيلك الذي سهلت و بصرتنا الزلفة لديك و الوصول إلى كرامتك .
تحدث الإمام (عليه السلام في هذه القطعة عن عظيم لطف اللّه و فضله على العصاة من عباده فقد فتح لهم باب التوبة و المغفرة لينقذهم من الهلاك و الشقاء في دار الآخرة و التوبة ماحية للذنوب و منجية للإنسان من غمرات الأهوال و يشترط فيها الندم على ما اقترف الإنسان من ذنب و عدم العودة إليه , و تحدث الإمام (عليه السلام) عن لطف آخر من الطاف اللّه على عباده و ذلك بأن حثهم على الإحسان إلى الناس و فعل الخير و على الصدقة و البر بالفقراء و الضعفاء و ضمن لهم عوض ذلك الثمن الجزيل في دار البقاء و الخلود كل ذلك لنجاتهم و سعادتهم فما أسبغ نعمته و اعظم فضله على العباد , و عرض (عليه السلام) في كلامه إلى شكر اللّه على نعمه و أنه مما يوجب المزيد كما تعرض (عليه السلام) إلى الدعاء إلى اللّه و التضرع إليه فقد جعل ذلك عبادة و تركه استكبارا حسب ما أعلن القرآن الكريم و لنستمع بعد هذا الى قطعة أخرى من هذا الدعاء:
اللهم و أنت جعلت من صفايا تلك الوظائف و خصائص تلك الفروض شهر رمضان الذي اختصصته من سائر الشهور و تخيرته من جميع الأزمنة و الدهور و آثرته على كل أوقات السنة بما أنزلت فيه من القرآن و النور و ضاعفت فيه من الإيمان و فرضت فيه من الصيام و رغبت فيه من القيام و اجللت فيه من ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر ثم آثرتنا به على سائر الأمم و اصطفيتنا بفضله دون أهل الملل فصمنا بأمرك نهاره و قمنا بعونك ليله متعرضين بصيامه و قيامه لما عرضتنا له من رحمتك و تسببنا إليه من مثوبتك و أنت المليء بما رغب فيه إليك الجواد بما سئلت من فضلك القريب إلى من حاول قربك و قد أقام فينا هذا الشهر مقام حمد و صحبنا صحبة مبرور و اربحنا أفضل أرباح العالمين ثم فارقنا عند تمام وقته و انقطاع مدته و وفاء عدده فنحن مودعوه وداع من عزّ فراقه علينا و غمنا و أوحشنا انصرافه عنا و لزمنا له الذمام المحفوظ و الحرمة المرعية و الحق المقضي .
أشاد الإمام (عليه السلام) بهذه الكلمات بفضل شهر رمضان المبارك الذي ميزه اللّه على سائر الشهور و اختصه بالمزيد من الفضل ففرض فيه الصيام و ندب فيه إلى إحياء لياليه بالعبادة و الطاعة و جعل ثواب الأعمال الصالحة فيه مضاعفا كما خصه بليلة القدر التي هي خير من ألف شهر و قد آثر اللّه به المسلمين و حباهم به دون غيرهم من سائر الأمم لينالوا الدرجات العالية و المنزلة الكريمة عنده , و تعرض الإمام (عليه السلام) إلى حزنه على مفارقة هذا الشهر العظيم الذي كان يكتسب في كل ثانية منه الحسنات و الأعمال التي تقربه إلى اللّه زلفى و لنستمع إلى قطعة أخرى من هذا الدعاء المبارك:
فنحن قائلون السلام عليك يا شهر اللّه الأكبر و يا عيد اوليائه السلام عليك يا أكرم مصحوب من الأوقات و يا خير شهر في الأيام و الساعات السلام عليك من شهر قربت فيه الآمال و نشرت فيه الأعمال السلام عليك من قرين جل قدره موجودا و افجع فقده مفقودا و مرجوا آلم فراقه السلام عليك من أليف انس مقبلا فسرّ و أوحش منقضيا فمضّ السلام عليك من مجاور رقت فيه القلوب و قلت فيه الذنوب السلام عليك من ناصر أعان على الشيطان و صاحب سهّل سبل الاحسان السلام عليك ما أكثر عتقاء الله فيك و ما أسعد من رعى حرمتك بك السلام عليك ما كان أمحاك للذنوب و استرك لانواع العيوب السلام عليك ما كان اطولك على المجرمين و اهيبك في صدور المؤمنين السلام عليك من شهر لا تنافسه الأيام السلام عليك من شهر هو من كل أمر سلام السلام عليك غير كريه المصاحبة و لا ذميم الملابسة السلام عليك كما وفدت علينا بالبركات و غسلت عنا دنس الخطيئات السلام عليك غير مودع برما و لا متروك صيامه سأما السلام عليك من مطلوب قبل وقته و محزون عليه قبل فوته السلام عليك كم من سوء صرف بك عنا و كم من خير أفيض بك علينا السلام عليك و على ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر السلام عليك ما كان احرصنا بالأمس و أشد شوقنا غدا إليك السلام عليك و على فضلك الذي حرمناه و على ماض من بركاتك سلبناه .
لقد ودع الإمام (عليه السلام) شهر رمضان المبارك بهذه التحيات الحارة العاطرة مشفوعة بالمرارة و الأسى على فراقه لأنه كان ميدانا لمبراته و أعماله الصالحة التي تقربه إلى اللّه تعالى و قد عرض (عليه السلام) إلى خصائص هذا الشهر العظيم و بيان امتيازاته على بقية الشهور و لنستمع إلى لوحة اخرى من هذا الدعاء الجليل:
اللهم إنا أهل هذا الشهر الذي شرفتنا به و وفقتنا بمنك له حين جهل الأشقياء وقته و حرموا لشقائهم فضله أنت ولي ما آثرتنا به من معرفته و هديتنا له من سنته و قد تولينا بتوفيقك صيامه و قيامه على تقصير و أدينا فيه قليلا من كثير , اللهم فلك الحمد إقرارا بالإساءة و اعترافا بالإضاعة و لك من قلوبنا عقد الندم و من ألسنتنا صدق الاعتذار فاجرنا على ما أصابنا فيه من التفريط أجرا نستدرك به الفضل المرغوب فيه و نعتاض به من أنواع الذخر المحروص عليه و أوجب لنا عذرك على ما قصرنا فيه من حقك و أبلغ بأعمارنا ما بين أيدينا من شهر رمضان المقبل فإذا بلغتناه فأعنا على تناول ما أنت اهله من العبادة و أدنا إلى القيام بما يستحقه من الطاعة و أجر لنا من صالح العمل ما يكون دركا لحقك في الشهرين من شهور الدهر , اللهم و ما ألممنا به في شهرنا هذا من لمم أو اثم أو واقعنا فيه من ذنب و اكتسبنا فيه من خطيئة على تعمّد منا أو على نسيان ظلمنا فيه أنفسنا أو انتهكنا به حرمة من غيرنا فصل على محمد و آله و استرنا بسترك و اعف عنا بعفوك و لا تنصبنا لأعين الشامتين و لا تبسط علينا فيه ألسن الطاغين و استعملنا بما يكون حطة و كفارة لما انكرت منا فيه برأفتك التي لا تنفد و فضلك الذي لا ينقص اللهم صل على محمد و آله و اجبر مصيبتنا بشهرنا و بارك لنا في يوم عيدنا و فطرنا و اجعله من خير يوم مرّ علينا أجلبه لعفو و امحاه لذنب و اغفر لنا ما خفي من ذنوبنا و ما علن .
أ نظرتم إلى هذا الخضوع و التذلل أمام الخالق العظيم و طلب العفو و المغفرة منه و الاعتراف أمامه بالتقصير في أداء ما ينبغي من عبادته و طاعته في شهر رمضان المبارك هذا و هو زين العابدين و داعية اللّه الأكبر!!! حقا لقد كان هذا الإمام العظيم أنموذجا فريدا في عالم المتقين و الصالحين ؛ و لنستمع إلى الفصل الأخير من هذا الدعاء:
اللهم اسلخنا بانسلاخ هذا الشهر من خطايانا و أخرجنا بخروجه من سيئاتنا و اجعلنا من أسعد أهله به و اجزلهم قسما فيه و أوفرهم حظا منه اللهم و من رعى هذا الشهر حق رعايته و حفظ حرمته حق حفظها و قام بحدوده حق قيامها و اتقى ذنوبه حق تقاتها أو تقرب إليك بقربة أوجبت رضاك له و عطفت رحمتك عليه فهب لنا مثله من وجدك و اعطنا اضعافه فإن فضلك لا يغيض و ان خزائنك لا تنقص بل تفيض و إن معادن إحسانك لا تفنى و إن عطاءك للعطاء المهنّا.
اللهم صل على محمد و آله و اكتب لنا مثل أجور من صامه أو تعبد لك فيه إلى يوم القيامة اللهم انا نتوب إليك في يوم فطرنا الذي جعلته للمؤمنين عيدا و سرورا و لأهل ملتك مجمعا و محتشدا من كل ذنب اذنباه أو سوء اسلفناه أو خاطر شر اضمرناه توبة من لا ينطوي على رجوع إلى ذنب و لا يعود بعدها إلى خطيئة توبة نصوحا خلصت لك من الشك و الارتياب فتقبلها منا و ارض عنا و ثبتنا عليها , اللهم ارزقنا خوف عقاب الوعيد و شوق ثواب الموعود حتى نجد لذة ما ندعوك به و كآبة ما نستجيرك منه و اجعلنا عندك من التوابين الذين أوجبت لهم محبتك و قبلت منهم مراجعة طاعتك يا أعدل العادلين اللهم تجاوز عن آبائنا و أمهاتنا و أهل ديننا جميعا من سلف منهم و من غبر إلى يوم القيامة اللهم صل على محمد نبينا و آله كما صليت على ملائكتك المقربين و صل عليه و آله كما صليت على انبيائك المرسلين و صل عليه و آله كما صليت على عبادك الصالحين و أفضل من ذلك يا رب العالمين صلاة تبلغنا بركتها و ينالنا نفعها و يستجاب لها دعاؤنا إنك اكرم من رغب إليه و أكفى من توكل عليه و اعطى من سئل من فضله و أنت على كل شيء قدير .
إن هذا الدعاء الشريف بل و سائر ادعية الإمام (عليه السلام) مما تهتز لها أعماق النفوس و تضطرب منها دخائل القلوب و تبعث للتقوى و الإيمان كما تبعث على الندم و الحسرات على ما فرط الإنسان في جنب اللّه .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|