أقرأ أيضاً
التاريخ: 12/10/2022
1276
التاريخ: 13-4-2016
7841
التاريخ: 31-3-2016
3208
التاريخ: 22/10/2022
1165
|
كان الإمام زين العابدين (عليه السلام) يستقبل يوم عيد الفطر بالدعاء إلى اللّه تعالى طالبا منه أن يتقبل صومه و سائر عباداته و مبراته في شهر رمضان و أن يمنحه العفو و الرضوان و كان في الصباح الباكر يعطي الفقراء زكاة الفطرة عن نفسه و عمن يعول به كما كان يصلي صلاة العيد و بعد الفراغ منها يستقبل القبلة و يدعو بهذا الدعاء الجليل:
يا من يرحم من لا يرحمه العباد و يا من يقبل من لا تقبله البلاد و يا من لا يحتقر أهل الحاجة إليه و يا من لا يخيب الملحين عليه و يا من لا يجبه بالرد أهل الدالة عليه يا من يجتبي صغير ما يتحف به و يشكر يسير ما يعمل له و يا من يشكر على القليل و يجازي بالجليل و يا من يدنو إلى من دنا منه و يا من يدعو إلى نفسه من أدبر عنه و يا من لا يغير النعمة و لا يبادر بالنقمة و يا من يثمر الحسنة حتى ينميها و يتجاوز عن السيئة حتى يعفيها انصرفت الآمال دون مدى كرمك بالحاجات و امتلأت بفيض جودك أوعية الطلبات و تفسخت دون بلوغ نعتك الصفات فلك العلو الأعلى فوق كل عال و الجلال الأمجد فوق كل جلال كل جليل عندك صغير و كل شريف في جنب شرفك حقير خاب الوافدون على غيرك و خسر المتعرضون إلا لك و ضاع الملمون إلا بك و اجدب المنتجعون إلا من انتجع فضلك بابك مفتوح للراغبين وجودك مباح للسائلين و اغاثتك قريبة من المستغيثين لا يخيب منك الآملون و لا ييأس من عطائك المتعرضون و لا يشقى بنقمتك المستغفرون رزقك مبسوط لمن عصاك و حلمك معترض لمن ناواك عادتك الاحسان الى المسيئين و سنتك الابقاء على المعتدين حتى لقد غرتهم أناتك عن الرجوع و صدهم امهالك عن النزوع و إنما تأنيت بهم ليفيئوا إلى أمرك و أمهلتهم ثقة بدوام ملكك فمن كان من أهل السعادة ختمت له بها و من كان من أهل الشقاوة خذلته لها.
عرض الإمام الأعظم (عليه السلام) في هذه اللوحة إلى الطاف اللّه تعالى و فضله الشامل على العباد فهو العطوف و الرحيم على من انقطع عن العباد و لا يجد راحما سواه كما أن رحمته تعالى شملت من طاردته الحكومات فهام على وجهه من الخوف و من الطاف اللّه تعالى أنه لا يحتقر المحتاجين إليه كما يحتقرهم العباد و من رحمته تعالى أنه لا يخيب آمال الملحين عليه بالمسألة و الدعاء و من عظيم فضله تعالى وسعة رحمته انه يقبل القليل من العمل الصالح و يجازي عليه بالكثير و قد تحبب الى عباده فقد دنا إلى من دنا منه و دعا من أدبر عنه ليمنحهم المنزلة الرفيعة في دار الآخرة و ينقذهم من الهلاك و من الطاف اللّه على عباده أنه لا يغير نعمة أنعم بها عليهم إلا أن يغيروا ما بأنفسهم كما أنه تعالى ينمي الحسنة و يربيها لصاحبها في دار الآخرة .
إن كرم اللّه وجوده لا يحد فقد عجزت الأوصاف و النعوت أن تلم به تعالى فهو فوق كل عال وفوق كل جلال و فوق كل شريف , و نعى الإمام (عليه السلام) في دعائه على الذين يلجئون إلى غير اللّه فقد فوتوا عليهم الخير و ضاعت آمالهم و خسرت صفقتهم كما قد ربح من التجأ إليه تعالى و فاز فوزا عظيما و تعرض الإمام (عليه السلام) إلى حلم اللّه تعالى و انابته على المعتدين فلم يعاجلهم بالعقوبة لعلهم يفيئوا إلى أمره تعالى و يرجعوا إلى حظيرة الحق , هذه بعض الأمور التي حفلت بها هذه القطعة من دعاء الإمام (عليه السلام) و لنستمع إلى الفصل الأخير منه:
كلهم صائرون إلى حكمك و أمورهم آئلة إلى أمرك لم يهن على طول مدتهم سلطانك و لم يدحض لترك معاجلتهم برهانك حجتك قائمة لا تدحض و سلطانك ثابت لا يزول فالويل الدائم لمن جنح عنك و الخيبة الخاذلة لمن خاب منك و الشقاء الأشقى لمن اغتر بك ما أكثر تصرفه في عذابك و ما أطول تردده في عقابك و ما ابعد غايته من الفرج و ما اقنطه من سهولة المخرج!! عدلا من قضائك لا تجور فيه و انصافا من حكمك لا تحيف عليه فقد ظاهرت الحجج و أبليت الأعذار و قد تقدمت بالوعيد و تلطفت في الترغيب و ضربت الأمثال و أطلت الامهال و أخرت و أنت مستطيع للمعالجة و تأنيت و أنت ملئ بالمبادرة , لم تكن انانك عجزا و لا امهالك و هنا و لا امساكك غفلة و لا مداراة بل لتكون حجتك أبلغ و كرمك أكمل و احسانك أوفى و نعمتك اتم كل ذلك كان و لم تزل و هو كائن و لا تزال حجتك أجل من أن توصف بكلها و مجدك أرفع من أن تحد بكنهه و نعمتك أكثر من أن تحصى بأسرها و إحسانك أكثر من أن تشكر على أقله و قد قصر بي السكوت عن تحميدك و فههني الامساك عن تمجيدك و قصاراي الاقرار بالحسور لا رغبة- يا إلهي- بل عجزا منها أنا ذا أؤمك بالوفادة و اسألك حسن الرفادة فصل على محمد و آله و اسمع نجواي و استجب دعائي و لا تختم يومي بخيبتي و لا تجبهني بالرد في مسألتي و اكرم من عندك منصرفي و إليك منقلبي إنك غير ضائق بما تريد و لا عاجز عما تسأل و أنت على كل شيء قدير و لا حول و لا قوة إلا باللّه العلي العظيم .
عرض الإمام (عليه السلام) في هذه الكلمات إلى أن جميع الخلق مؤمنهم و فاسقهم و موحدهم و كافرهم إنما هم في قبضة اللّه تعالى خاضعون لحكمه صائرون إلى أمره و أما تعند العصاة و استمرارهم في البغي و التمرد و العصيان فإنهم لا يوهنون بذلك سلطان اللّه و الويل لهم من عقابه الدائم و عذابه الخالد و إنما امهلهم تعالى في دار الدنيا و لم يعجل عقوبتهم و ذلك شفقة منه و لطفا بهم إذ لعلهم يرجعون إلى حظيرة الحق و يتوبون إلى اللّه و بذلك يكون كرمه تعالى أوفى و نعمته على عباده اكمل .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|