أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-10-2014
4980
التاريخ: 2023-05-06
1186
التاريخ: 2-12-2015
4671
التاريخ: 4-12-2015
5199
|
«التورية» ـ ويعبّر عنها أحياناً بلفظة (معاريض) ـ تعني أن يقول الرجل شيئاً يقصد به غيره ويفهم منه غير ما يقصده. فمثلا شخص يسأل آخر : متى رجعت من السفر؟ فيجيبه : قبل غروب الشمس ، في الوقت الذي كان قد عاد من سفره قبل الظهر ، فالسائل يفهم من ظاهر الكلام ، أنّه عاد قبل غروب الشمس بقليل ، في حين أنّه كان يقصد قبل الظهر ، لأنّ قبل الظهر يعدّ أيضاً قبل غروب الشمس. أو شخص يسأل آخر : هل تناولت الطعام ، فيجيبه : نعم. فالسائل يفهم من الكلام أنّه تناول الطعام اليوم ، في حين أنّ قصد المجيب هو أنّه تناول الطعام يوم أمس.
مسألة هل أنّ التورية كذب أم لا ؟ مطروحة في الكتب الفقهية ، فمجموعة من كبار العلماء ومنهم الشيخ الأنصاري رضوان الله عليه يعتقدون أنّ التورية ليست كذباً ، فلا العرف ولا الروايات تعدها كذباً ، وإنّما وردت بشأنها روايات تنفي عنها صفة الكذب ، إذ قال الإمام الصادق (عليه السلام) : «الرجل يستأذن عليه فيقول للجارية قولي ليس هو هاهنا. فقال (عليه السلام) : لا بأس ليس بكذب» (1)
والحقّ هو لزوم القول بالتفصيل ، ولابدّ من وضع ضابطة كليّة : فإذا كان للفظ في اللغة والعرف معنيان ، والمخاطب تصوّر معنىً خاصّاً من تلك الكلمة ، في حين أنّ المتحدّث يقصد معنىً آخر ، مثل هذا يعدّ تورية وليس بكذب ، حيث يستخدم لفظ مشترك المعاني يفهم منه المخاطب شيئاً ، في حين أنّ المتحدّث يقصد منه معنىً آخر.
وعلى سبيل المثال ، جاء في شرح حال «سعيد بن جبير» ، أنّ الطاغية الحجّاج بن يوسف الثقفي سأل سعيد بالقول : ما هو تقييمك لي ، فأجابه سعيد : إنّك (عادل) ، ففرح جلاوزة الحجّاج ، في حين قال الحجّاج : إنّه بكلامه هذا كفّرني ، لأنّ أحد معاني (العادل) هو العدول من الحقّ إلى الباطل.
أمّا إذا كان للفظ معنى لغوي وعرفي واحد من حيث المفهوم ، والمتحدّث يترك المعنى الحقيقي ويستخدمه كمعنى مجازي من دون أن يذكر قرائن المجاز ، فمثل هذه التورية ـ من دون أيّ شكّ ـ حرام ، ولربّما تمكّنا بهذا التفصيل الجمع بين آراء مختلف الفقهاء.
ولكن ، يجب الإنتباه إلى أنّه في بعض الأحيان حتّى في الموارد التي لا تكون فيها التورية مصداقاً للكذب ، تكون للتورية أحياناً مفاسد ومضارّ وإيقاع الناس في الخطأ ، ومن هذا الباب قد تصل في بعض الأحيان إلى درجة الحرمة ، ولكن إن لم تكن قد إشتملت على مفسدة ، ولم تكن مصداقاً للكذب ، فليس هناك دليل على حرمتها. ورواية الإمام الصادق (عليه السلام) هي من هذا القبيل.
بناءً على ذلك فإنّ عدم وجود الكذب في التورية ليس كافياً ، بل يجب أيضاً أن لا تشتمل التورية على مفاسد ومضارّ اُخرى. وبالطبع ففي الحالات التي تقتضي الضرورة فيها أن يقول الإنسان كذباً ، فمن المسلّم به جواز إستعمال التورية ما دام هناك مجال لإستخدامها ، لكي لا يكون كلامه مصداقاً للكذب.
لكن هل أنّ التورية جائزة أيضاً للأنبياء ، أم لا؟
يجب القول : إنّه طالما كانت سبباً في تزلزل ثقة الناس المطلقة فهي غير جائزة ، لأنّ الثقة المطلقة هذه هي رأسمال الأنبياء في طريق التبليغ ، وأمّا في موارد مثل ما ورد عن تمارض إبراهيم (عليه السلام) ونظره في النجوم ، ووجود هدف مهمّ في ذلك العمل ، دون أن تتسبّب في تزلزل أعمدة الثقة لدى مريدي الحقّ ، فلا تنطوي على أي إشكال.
________________________
1. وسائل الشيعة ، ج8 ، ص580 ، (الباب 141في ابواب العشرة ، ح8).
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|