أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-03-2015
5305
التاريخ: 2-6-2022
1708
التاريخ: 6-03-2015
3653
التاريخ: 6-03-2015
3738
|
مما لا شبهة فيه أن للتربية الصالحة أهمية كبرى في تكوين الطفل وتنمية مداركه كما أن سلوك الوالدين لهما الأثر الفعال في نمو ذكائه وفي سلوكه العام وطفولة الامام الحسن (عليها السلام) قد التقت بها جميع هذه العناصر الحية فالرسول (صلى الله عليه واله) تولى تربية سبطه وافاض عليه بمكرمات نفسه والامام أمير المؤمنين (عليها السلام) غذاه بحكمه ومثله والعذراء القديسة أفضل بنات حواء قد غرست في نفس وليدها الفضيلة والكمال وبذلك سمت طفولته فكانت مثالا للتكامل الانساني وعنوانا للسمو والتهذيب ورمزا للذكاء والعبقرية ؛ لقد ذهب بعض علماء النفس إلى أن الطفل في اصغر ما يلزمه من العادات وفي أهم الخصائص العقلية والخلقية وفي الموقف العام الذي يقفه من الناس وفي وجهة النظر العامة التي ينظر بها إلى الحياة أو العمل في كل هذه الأشياء مقلد إلى حد كبير وقد يكون التقليد أحيانا شعوريا مقصودا ولكنه في أغلب الحالات يكون لا شعوريا فاذا منح الطفل بتقليده الأشخاص المهذبين ظل متأثرا بأخلاقهم وعواطفهم وإن هذا التأثير في أول الأمر يعتبر تقليدا ولكنه سرعان ما يصبح عادة والعادة طبيعة ثانية والتقليد هو أحد الطريقين اللذين تكتسب بهما الخصائص الفردية وتتكون بهما الأخلاق الشخصية .
إن الامام الحسن (عليه السلام) على ضوء هذا الرأي هو الفرد الاول في خصائصه العقلية والخلقية لأنه نشأ في بيت الوحي وتربى في مدرسة التوحيد وشاهد جده الرسول (صلى الله عليه واله) الذي هو اكمل انسان ضمه هذا الوجود يقيم في كل فترة من الزمن صروحا للعدل ويشيد دعائم الفضيلة والكمال قد وسع الناس بأخلاقه وجمعهم على كلمة التوحيد وتوحيد الكلمة فتأثر السبط بذلك وانطلق يسلك خطى جده في نصح الناس وارشادهم فقد اجتاز مع أخيه سيد الشهداء (عليها السلام) وهما في دور الطفولة على شيخ لا يحسن الوضوء فلم يدعهما السمو في النفس وحب الخير للناس أن يتركا الشيخ على حاله لا يحسن وضوءه فاحدثا نزاعا صوريا أمامه وجعل كل منهما يقول للآخر : أنت لا تحسن الوضوء والتفتا إلى الشيخ بأسلوب هادئ وجعلاه حاكما بينهما قائلين له : يا شيخ يتوضأ كل واحد منا أمامك وانظر أي الوضؤين أحسن؟ فتوضآ أمامه وجعل الشيخ يمعن في ذلك فتنبه إلى قصوره والتفت إلى تقصيره من دون أن يأنف فقال لهما : كلاكما يا سيدي : تحسنان الوضوء ولكن هذا الشيخ الجاهل هو الذي لا يحسن وقد تعلم الآن منكما وتاب على يديكما , وهذه البادرة ترينا بوضوح ان اتجاه الرسول (صلى الله عليه واله) في هداية الناس بالطرق السليمة والاخلاق الرفيعة قد انطبعت في ذهن الامام الحسن (عليه السلام) وهو في دور الصبا حتى صارت من خصائصه ومن طبائعه لقد ذهب بعض علماء النفس إلى وراثة الخلق الفردي وان لها أثرا مهما في تكوين اخلاق الشخص وأنها لا تقل أهمية عن التقليد يقول هكسلي » : ما من أثر أو خاصة لكائن عضوي الا ويرجع كلها الى الوراثة أو إلى البيئة فالتكوين الوراثي يضع الحدود لما هو محتمل والبيئة تقرر أن هذا الاحتمال سيتحقق فالتكوين الوراثي ليس الا القدرة على التفاعل مع أية بيئة بطريق خاص .
وقد أيد هذه النظرية جنجز فقال : إن كل انسان لديه قوى موروثة كامنة ولكن اظهار أية واحدة يقف على الظروف التي تحيط بهذه القوى عند نموها , وقاعدة الوراثة تقضى ان الامام الحسن (عليها السلام) في طليعة من ظفر بهذه الظاهرة فقد ورث ما استقر في نفس جده (صلى الله عليه واله) من القوى الروحية والثروة الاصلاحية الهائلة يضاف إلى ذلك تأثره بالبيئة الصالحة التي تكونت من أسرته ومن خيار المسلمين وصلحائهم , وملك الامام الحسن (عليها السلام) بمقتضى ميراثه من الذكاء وسمو الادراك ما لا يملكه غيره فقد حدث الرواة عن مدى نبوغه الباكر فقالوا : إنه كان لا يمر عليه شيء إلاّ حفظه وكان يحضر مجلس جده (صلى الله عليه واله) فيحفظ الوحي فينطلق إلى أمه فيلقيه عليها فتحدث به أمير المؤمنين (عليها السلام) فيتعجب ويقول : من أين لك هذا؟!! ؛ فتقول (عليها السلام) : من ولدك الحسن .
واختفى الامام (عليها السلام) في بعض زوايا البيت ليسمع ولده ويقبل الحسن على عادته ليلقي على أمه ما حفظه من آيات الوحي والتنزيل فيرتج عليه ولا يستطيع النطق فتبادر البتول قائلة :
يا بني لما ذا أرتج عليك؟!! يا أماه لا تعجبي مما عراني فان كبيرا يرعاني!! .
وهذه البادرة تدل بوضوح على مدى ادراكه الواسع الذي يبصر به الاشياء من بعيد ويستشف به ما غاب عنه من وراء حجاب.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|