أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-4-2016
3135
التاريخ: 5-6-2022
1332
التاريخ: 5-03-2015
3324
التاريخ: 5-4-2016
3314
|
حينما أذيع خبر توجهه وبلوغ معاوية اليهم عم العراقيين الذعر والخوف ولما علم الإمام بتوجهه أمر بعض أصحابه أن ينادى فى العاصمة الصلاة جامعة ويقصد بذلك جمع الناس فى جامع البلد فنودي بذلك وما هي إلا فترة يسيرة من الزمن حتى اكتظ الجامع بالجماهير الحاشدة فخرج (عليه السلام) فاعتلى المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أما بعد : فان الله كتب الجهاد على خلقه وسماه كرها ثم قال لأهل الجهاد : اصبروا إن الله مع الصابرين فلستم أيها الناس نائلين ما تحبون إلا بالصبر على ما تكرهون انه بلغنى أن معاوية بلغه أنا كنا أزمعنا على المسير إليه فتحرك لذلك اخرجوا رحمكم الله الى معسكركم في النخيلة حتى ننظر وتنظرون ونرى وترون , ولما أنهى (عليه السلام) خطابه وجم الحاضرون وأخرست ألسنتهم واصفرّت ألوانهم كأنهم قد سيقوا الى الموت فلم يجب الإمام أحد منهم كل ذلك لخوفهم من أهل الشام وحبهم للسلم وإيثارهم للعافية وكان هذا التخاذل في بداية الدعوة الى جهاد العدو ينذر بالخطر ويدعو الى التشاؤم واليأس من صلاحهم , ولما رأى الصحابي العظيم والحازم اليقظ عدي بن حاتم سكوت الجماهير وعدم اجابتهم للإمام غاظه ذلك والتاع أشد اللوعة فانبرى إليهم منكرا سكوتهم وتخاذلهم المفضوح قائلا بنبرات تقطر حماسا وعزما : أنا عدي بن حاتم سبحان الله ما أقبح هذا المقام!!! ألا تجيبون إمامكم وابن بنت نبيكم؟ أين خطباء المصر الذين ألسنتهم كالمخاريق في الدعة فاذا جد الجد راوغوا كالثعالب أما تخافون مقت الله ولا عيبها وعارها ؛ ثم التفت الى الإمام مظهرا له الطاعة والامتثال قائلا : أصاب الله بك المراشد وجنبك المكاره ووفقك لما يحمد ورده وصدره قد سمعنا مقالتك وانتهينا الى أمرك وسمعنا لك وأطعنا فيما قلت ورأيت ؛ ثم أظهر الى المجتمع عزمه على الخروج لحرب معاوية فورا قائلا : وهذا وجهي الى معسكرنا فمن أحب أن يوافي فليواف ؛ ثم خرج من المسجد وكانت دابته بالباب فركبها وخرج وحده من دون أن يلتحق به أحد وأمر غلامه أن يلحقه بما يصلحه فانتهى الى النخيلة فعسكر بها وحده ؛ وهكذا اضطرب غيظا وموجدة كل من الزعيم قيس بن سعد بن عبادة ومعقل بن قيس الرياحي وزياد بن صعصعة التميمي لما رأوا سكوت الجماهير وعدم إجابتهم بشيء فلاموهم على هذا التخاذل وبعثوا فيهم روح النشاط الى حرب عدوهم ومناجزته ثم التفتوا الى الامام وكلموه بمثل كلام عدي فى الانقياد والطاعة والامتثال لأمره فشكرهم الامام على موقفهم المشرف وأثنى على شعورهم الطيب قائلا : ما زلت أعرفكم بصدق النية والوفاء والنصيحة فجزاكم الله خيرا ؛ وخرج الامام (عليه السلام) من فوره لرد العدوان الأموي واستخلف فى عاصمته المغيرة بن نوفل بن الحرث وأمره بحثّ الناس الى الجهاد واشخاصهم إليه فى النخيلة وطوى (عليه السلام) البيداء بجيشه الجرار المتخاذل حتى انتهى الى النخيلة فاستقام فيها فنظم جيشه ثم ارتحل عنها وسار حتى انتهى الى دير عبد الرحمن فأقام به ثلاثة أيام ليلتحق به المتخلفون من جنده وعنّ له أن يرسل مقدمة جيشه للاستطلاع على حال العدو وإيقافه فى محله لا يتجاوزه الى آخر واختار الى مقدمته خلّص أصحابه من الباسلين والماهرين وكان عددهم اثنى عشر الفا واعطى القيادة العامة الى ابن عمه عبيد الله بن العباس وقبل أن تتحرك هذه الفصيلة من الجيش دعا الامام قائدها العام عبيد الله فزوده بهذه الوصية القيّمة وهي : يا ابن العم! إني باعث معك اثنى عشر ألفا من فرسان العرب وقراء المصر الرجل منهم يزيد الكتيبة فسر بهم وألن لهم جانبك وابسط لهم وجهك وافرش لهم جناحك وادنهم من مجلسك فانهم بقية ثقات أمير المؤمنين وسر بهم على شط الفرات ثم امضي حتى تستقبل بهم معاوية فان أنت لقيته فاحتبسه حتى آتيك فاني على أثرك وشيكا وليكن خبرك عندي كل يوم وشاور هذين قيس بن سعد وسعيد بن قيس وإذا لقيت معاوية فلا تقاتله حتى يقاتلك فان فعل فقاتله وإن أصبت فقيس بن سعد على الناس فان اصيب فسعيد بن قيس على الناس ؛ وحفلت هذه الوصية بما يلي :
1 ـ إنها دلت على اطلاعه الوافر في تدبير شئون الدولة فان التوصية بالجيش بهذا اللون المشتمل على العطف والحنان والاطراء عليه بمثل هذا الثناء من أنهم بقية ثقات أمير المؤمنين والزام القيادة العامة باللين والبسط مما يزيد الجيش اخلاصا وإيمانا بدولته ومن الطبيعى ان الجيش إذا أخلص لحكومته وآمن بسياستها ثبتت قواعدها وظفرت بسياج حصين يمنع عنها العدوان الخارجي ويقيها من الشر والفتن الداخلية ويوجب لها المزيد من الهدوء والاستقرار.
2 ـ وأما أمره أن لا يعتدي عبيد الله على معاوية ولا يناجزه الحرب حتى يكون هو المبتدي فليس ذلك لأن معاوية من مصاديق قوله تعالى : {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [البقرة: 190] , فان معاوية لم يبق وليجة للاعتداء إلا سلكها فقد اعتدى في تخلفه عن بيعة أمير المؤمنين ومحاربته له في صفين وفي بعثه السفاح بسر بن أبي أرطاة وفعله بأمره ما فعل من المنكرات ولم يزل معتديا وخارجا على الاسلام الى حين وفاة أمير المؤمنين ولكن إنما أمر الحسن (عليه السلام) أن لا يبتدئ عبيد الله بحربه لسد مراوغاته حتى لا يستطيع أن يدعي أنه ما جاء للحرب وإنما جاء للتداول في اصلاح أمر المسلمين.
3 ـ ونصت وصية الامام على الزام عبيد الله بمشاورة قيس بن سعد وسعيد بن قيس وترشيحهما للقيادة من بعده وفي ذلك الفات منه الى الجيش ان أمره المتبع هو المقرون بمشاورة الرجلين كما فيه توثيق لهما والحق انه لم يكن في جيش الامام من يضارعهما في نزعاتهما الخيرة وفي ولائهما لأهل البيت (عليهم السلام) وأعظم بهما شأنا أنهما نالا ثقة الامام واهتمامه .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|