أقرأ أيضاً
التاريخ: 31-3-2016
4353
التاريخ: 2023-11-04
1628
التاريخ: 31-3-2016
2031
التاريخ: 9/9/2022
1969
|
يجوز للادارة وضمن حالات ثلاث استعمال وسيلة التنفيذ المباشر لقراراتها الادارية ، وهذا ما استقر عليه الفقه والقضاء الاداريين (1). من اجل ايجاد نوع من التوازن بين المصلحة العامة ومصلحة الافراد اذا ما امتنع الافراد عن الرضوخ لتنفيذ القرار الاداري لمقتضيات المصلحة العامة تلك الحالات هي : حالة وجود نص قانوني يبيح للادارة التدخل لتنفيذ القرار ، وحالة وجود نص قانوني خالٍ من الجزاء ، وحالة الضرورة والاستعجال(2). وسوف نتناول كل حالة من هذه الحالات بالبحث والتفصيل .
اولاً : حالة وجود نص صريح :
قد تخول الادارة ومن قبل المشرع سلطة تنفيذ قراراتها تنفيذاً مباشرا ًمستخدمة في ذلك قوتها المادية دون اللجوء الى القضاء مقدماً ، وذلك لخطورة بعض الموضوعات وضرورة اتخاذ الادارة اجراءات حاسمة تجاهها (3) ، وهذا لا يعني ان تعفى اعمال الادارة من الخضوع لرقابة القضاء ، بل من نتيجته ان يغير الوقت الذي يتدخل فيه القضاء فبدلاً من ان يتدخل قبل التنفيذ يتدخل بعد التنفيذ (4)، فلا يحق لها اللجوء الى التنفيذ المباشر بنفسها ، وانما عليها التأكد من وجود نص قانوني يبيح لها ذلك ، والا يكون تنفيذها غير قانوني ، وتكون مسؤولة عنه والامثلة على حالة وجود نص صريح يمنح الادارة حق التنفيذ المباشر كثيرة ولكن ما يهمنا في موضوعنا هنا هي النصوص القانونية التي تمنح الادارة حق التنفيذ المباشر لازالة التجاوز الواقع على اموال الدولة . حيث يلاحظ ما نصت عليه المادة 970 من القانون المدني المصري ، حيث لا يجوز التعدي على اموال الدولة الخاصة بعد اسباغ الحماية عليها كالاموال العامة وفي حالة حصول التعدي يكون للوزير المختص حق ازالته ادارياً (5) . هذا يعني اعطاء الحق للادارة بازالة ذلك التعدي بتنفيذ قرارها بالازالة تنفيذاً مباشراً من قبلها . اما بالنسبة لمشرعنا العراقي وفي معالجته لموضوع التجاوزات ومن خلال ما شرع وبالاخص قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل (6). والتي تمت دراستها . فيما تقدم ، فقد اعطى الادارة الحق بتنفيذ قرارها بازالة التجاوزات اذا ما امتنع الافراد عن ازالته جبرياً ومباشرة وعلى نفقة المتجاوز وبعض تلك القرارات اعطت الحق للافراد بالطعن بذلك القرار امام محكمة الاستئناف بصفتها التميزية منها القرار 398 لسنة 1987 . ولكن بعض النصوص القانونية اعتبرت قرار رئيس الوحدة الادارية قطعياً لا يقبل الطعن ، بمعنى ان يكون القرار في قمة العدالة بحيث لا يعطي مجالاً للطعن فيه وان يكون مستنداً الى وقائع صحيحة وموضوعية .
ثانياً : حالة وجود نص بلا جزاء .
تهدف النصوص التشريعية عادة الى تحقيق اغراض معينة واستكمال تحقيق هذه الاغراض لا يكون الا عن طريق تنفيذها ، ولكن احياناً قد توجد نصوص قانونية خالية من الجزاء عند امتناع الافراد عن تنفيذ قرارات الادارة مما يضعها في مركز يسمح لها بان تباشر بنفسها اجراءات التنفيذ ودون تدخل القضاء (7) . حيث لا يعقل ان تحرم الادارة من حق تنفيذ النصوص القانونية او الانظمة مع العلم ان هذا الامر من صميم واجبها . وقد اجاز الفقه والقضاء الفرنسيان للادارة ان تنفذ مباشرة اذا ما رفض الافراد تنفيذ قانون او لائحة لم ينص فيها على جزاء لمن يخالفها ، وقد قضت محكمة التنازع الفرنسية في حكمها الشهير الصادر سنة 1902 حيث اصدرت الحكومة الفرنسية وتطبيقاً للمادة 13 من قانون اول يوليو سنة 1901 مرسوماً بأغلاق مؤسسة تابعة لجماعة الراهبات لا نشاءها تجاوزاً بدون موافقات اصولية حيث قامت الادارة بتنفيذ هذا المرسوم ادارياً . فاخلت المؤسسة ووضعت الاختام على نوافذ المكان الذي تشغله ، فلما رفع الامر الى محكمة التنازع الفرنسية قررت ان التنفيذ الاداري لا شائبة فيه لان المادة 13 من القانون اعلاه لم يشر الى طريق اخر لتنفيذ احكامه في هذا الصدد (8). اما بالنسبة لمصر فان المادة 395 من قانون العقوبات المصري قد تكفلت بوضع عقوبات لكل لائحة تغفل الادارة عن تضمينها جزاء ، لهذا تجد الادارة نفسها ملزمة بتوقيع العقوبات التي تنص عليها اللوائح . اما اذا كانت خالية من النص على اية عقوبة فيتوجب عليها تطبيق العقوبة المقررة في المادة اعلاه من قانون العقوبات المذكور والتي تقابلها المادة 240 من قانون العقوبات العراقي والتي خوّلت الهيئات الادارية سلطة اصدار الاوامر في حدود سلطاتها القانونية وبالاستناد الى المادة الاولى من قانون العقوبات (9) . ولكن يبرز الى الوجود سؤال فيما اذا كانت مخالفة الافراد لقانون وليس لأنظمة دون ان يتضمن ذلك القانون اية عقوبة لمخالفة احكامه ؟. هنا يجب التفريق ما اذا كانت الادارة قد اصدرت الانظمة (اللائحة التنفيذية) لتطبيق احكام ذلك القانون ، فتكون الادارة ملزمة حينذاك بتطبيق العقوبة المنصوص عليها في الأنظمة او تطبيق العقوبة المنصوص عليها في قانون العقوبات . ولكن يحق لها التنفيذ المباشر لقراراتها وان كان هناك اختلاف فقهي حول ذلك ، ان لم تكن الادارة قد اصدرت لائحة تنفيذية لتطبيق القانون او تطبيقه لا يحتاج الى انظمة وتعليمات لتنفيذه (10). ويلاحظ من كل ذلك ان سلطة الادارة في التنفيذ المباشر اكثر تقييداً في العراق ومصر مقارنة بالقانون الاداري الفرنسي ، ومن جانبنا نؤيد المشرع العراقي في هذا الاتجاه ، وحسناً فعل بذلك لان توسيع سلطة الادارة في التنفيذ المباشر يعد عملاً خطيراً فيه مساس بالأموال والحريات الفردية العامة ولكن في بعض المواقع والظروف فان استخدام الادارة لسلطتها في التنفيذ المباشر امر لا بد منه .
ثالثاً : حالة الضرورة والاستعجال .
تلجا الادارة الى التنفيذ المباشر اذا ما وجدت حالة الضرورة والتي يقصد بها وجود خطر داهم مما يستوجب دفعه من خلال اتخاذ الادارة من جانبها للاجراء الاداري المباشر (11) . حيث يتعذر على الادارة دفعه الا بوسيلة غير عادية تحقيقاً لمصلحة عامة عاجلة او دفعاً لخطر جسيم واضح او محتمل الوقوع في الحالات التي لم يصدر بشأنها ترخيص من المشرع ، وذلك حفاظاً على هيبة القانون من ان يهان او يخترق جهراً (12) . فهي تلجأ الى التنفيذ المباشر في جميع الظروف الاستثنائية والمستعجلة كحالة الاوبئة والفيضانات والحروق واضطراب الامن الداخلي للبلد وما شابهها (13) . فهل يمكن اعتبار التجاوزات الحاصلة على اموال الدولة العقارية وبالشكل الذي تجاوز حده في الوقت الحاضر ظروفاً استثنائية تجيز للادارة استخدام سلطتها في التنفيذ المباشر وباستخدام القوة الجبرية ؟ حيث اصبحت تلك التجاوزات لا حدود لها وبصورة مستمرة من كثير من المواطنين الذين غاب عنهم الحس الوطني والشعور بالمسؤولية الاجتماعية فلا بد من الاسراع في الحد من هذه التجاوزات اولاً ومتابعة المخالفين ثانياً. لذا نرى تأليف لجان ادارية ذات اختصاص اداري للنظر في رفع التجاوز وبالسرعة الممكنة او تاليف لجان قضائية من بين اعضاء اداريين مختصين من امانة بغداد والمحافظات ، ودائرة التسجيل العقاري حيث يتم منع اقامة أي بناء او ترميم الا بعد الحصول على الاجازة المطلوبة ، حيث تمثل تلك التجاوزات اعتداء على التصاميم الاساسية للمدن وبالاخص العاصمة ونحن من جانبنا مع المشرع العراقي لوضع حلول سريعة وجذرية للحد من هذه التجاوزات وهي اعطاء الادارة المجال لاستخدام سلطتها في التنفيذ بالقوة الجبرية بعد استتباب الامن تحقيقاً للمصالح العامة ولحسن سير المرافق العامة ، حيث يلاحظ البدء باجراءات رسمية بحصر واحصاء لممتلكات الدولة حسب عائديتها لكل وزارة مشغولة تجاوزاً من قبل الافراد او الاحزاب والمنظمات والنقابات وغيرها (14)، اذا ما تحققت للضرورة شروطها حق للادارة اللجوء الى التنفيذ المباشر ، حيث اتفق الفقه والقضاء الفرنسي والمصري على ذلك (15). وهذه الشروط هي :
أ- وجود خطر جسيم يهدد النظام العام ، بحيث يكون تطبيق القانون العادي غير مجدٍ لتلافي هذا الخطر ، كاضطراب الامن او حدوث الكوارث او الحروب.
ب-ان يكون هدف الادارة من استخدامها للتنفيذ المباشر هو المصلحة العامة والا كان عملها مشوباً بعيب الانحراف بالسلطة .
ج- ان يتعذر على الادارة رفع الخطر بالطرق القانونية العادية الا اذا كان التجاء الادارة الى تلك الوسائل والطرق عديم الفائدة والجدوى مقارنة بالخطر الذي يهدد النظام العام .
د- واذا كان هدف الادارة المصلحة العامة ولكن عليها عدم التفريط بمصالح الافراد الا بالقدر اللازم الذي تقتضيه الضرورة فعليها بالحرص والحذر اكمالاً للمبدأ المعروف ( ان الضرورة تقدر بقدرها) (16).
_____________________________
1- ينظر De LANBADERE (Andrr ) Manuel de droit administrative , dixieme edition , paris , 1976 , p76 .
- د. ماجد راغب الحلو ، مرجع سابق ، ص569 وما بعدها .
- د. ابراهيم عبد العزيز شيحا ، مبادئ القانون الأداري اللبناني ، مرجع سابق ، ص501 وما بعدها
- د. محمد علي ال ياسين ، مرجع سابق ، 137
2- د. شاب توما منصور ، القانون الأداري ، الكتاب الثاني ، ط1 ، مطبعة دار العراق للطبع والنشر ، 1980 ، ص432 ، وما بعدها .
3- ينظر
- د. توفيق شحاتة ، مرجع سابق ، ص685 ، وينظر كذلك
-د. ابراهيم عبد العزيز شيحا ، مبادئ واحكام القانون الأداري اللبناني ، مرجع سابق ، ص502 .
4- د. توفيق شحاتة ، مرجع سابق ، ص683 .
5- د. ابراهيم عبد العزيز شيحا ، مبادئ واحكام القانون الأداري البناني ، مرجع سابق ، ص502 واصول القانون الأداري ، مرجع سابق ،ص200
6- راجع على الأخص القرارات 548 لسنة 1979 في المادة الرابعة عشر منه ، والقرار 1328 لسنة 1981 في الفقرة الثانية منه والقرار 398 لسنة 1987 في البند أولاً والقرار154 لسنة 2001 في المادة (6) منه ، منشور في التشريعات ذات العلاقة بعمل دوائر البلديات .
7- ينظر - د. سليمان محمد الطماوي ، النظرية العامة للقرارات الأدارية ، مرجع سابق ، ص628 وينظر كذلك محمود خلف حسين ، مرجع سابق ، ص184 .
8-ينظر
-د. سليمان محمد الطماوي ، النظرية العامة للقرارات الأدارية ، مرجع سابق ، ص638 وينظر كذلك .
- د. ابراهيم عبد العزيز شيحا ، اصول القانون الأداري ، مرجع سابق ، ص201 مبادئ واحكام القانون الأداري اللبناني ، مرجع سابق ، ص502 .
9- تنظر المادة الأولى من قانون العقوبات العراقي المرقم 111 لسنة 1969 حيث نصت ( لا عقاب على فعل أو امتناع إلا بناء على قانون ينص على تجريمه وقت اقترافه ، ولا يجوز توقيع عقوبات او تدابير احترازية لم ينص عليها القانون ) .
10- ينظر
- د. ابراهيم عبد العزيز شيحا ، مبادئ واحكام القانون الأداري اللبناني ، مرجع سابق ، ص505
- د. سليمان محمد الطماوي ، النظرية العامة للقرارات الأدارية ، مرجع سابق ، ص639 ،
- محمود خلف حسين ، مرجع سابق ،ص186 .
11- ينظر
- د. ماهر صالح علاوي ، القرار الأداري ، مرجع سابق ، ص219 وينظر كذلك
- د. ابراهيم عبد العزيز شيحا ، اصول القانون الأداري ، مرجع سابق ، ص204
12- ينظر
- د. توفيق شحاتة ، مرجع سابق ، ص689
-د. سليمان الطماوي ، النظرية العامة للقرارات الأدارية ، مرجع سابق ، ص640 .
- د. حامد مصطفى ، مرجع سابق ، ص286 .
13- د. طاهر التكمجي ، مرجع سابق ، ص111
14- حسب ما جاء بكتاب وزارة التربية / المديرية العامة للأبنية المدرسية المرقم 14188 في 28 / 6 / 2004 المبلغ اليها بكتاب الأمانة العامة لمجلس الوزراء المرقم م. خ /22 / 323 في 22 / 6 / 2004 .
15- د. ابراهيم عبد العزيز شيحا ، مرجع سابق ، اصول القانون الأداري ، ص205 .
16- ينظر
- د. سليمان الطماوي ، الوجيز في القانون الأداري دراسة مقارنة ، مرجع سابق ، ص696 والنظرية العامة للقرار الأداري ، مرجع سابق ، ص643
- د. ابراهيم عبد العزيز شيحا ، اصول القانون الأداري ، مرجع سابق ، ص206 ومبادئ واحكام القانون الأداري اللبناني ، مرجع سابق ، ص509
- د. توفيق شحاتة ، مرجع سابق ، ص690 .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|