أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-4-2016
2981
التاريخ: 20-10-2015
3217
التاريخ: 15-04-2015
3231
التاريخ: 20-10-2015
4628
|
الزهري عده الشيخ من أصحاب الإمام زين العابدين (عليه السلام) و أضاف أنه عدو و قد نسبه الشيخ إلى جده الأعلى فإنه محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله شهاب و لا بدلنا من وقفة قصيرة للبحث عنه:
1- ولادته:
كانت ولادة الزهري سنة50هـ و أما ما قيل من أن سنه و سن الإمام واحد فليس بصحيح فإن الإمام أكبر منه بثلاث عشرة سنة .
2- نشأته:
نشأ في يثرب نشأة علمية و قد اتصل بالإمام (عليه السلام) و أخذ الكثير من علومه كما اتصل بغيره من أبناء الصحابة.
3- مكانته العلمية:
هو أحد الأعلام من أئمة الإسلام حسب ما يقول ابن حجر و ابن كثير .
قال الليث: ما رأيت عالما أجمع من ابن شهاب و لا أكثر علما منه لو سمعته يحدث في الترغيب لقلت: لا يحسن إلا هذا و إن حدث عن الانسان لقلت: لا يعرف إلا هذا و إن حدث عن القرآن و السنة كان حديثه نوعا جامعا ؛ و روى الليث عن الزهري أنه قال: ما نشر أحد من الناس الناس هذا العلم نشري و لا بذله بذلي .
4- سخاؤه:
كان محمد من أسخياء العرب و قد قال فيه عمر و بن دينار: ما رأيت أحدا انص للحديث من الزهري و لا أهون من الدينار و الدرهم عنده و ما الدراهم و الدنانير عنده إلا بمنزلة البعر و فيه يقول فائد بن أقرم:
زر ذا و اثن على الكريم محمد و اذكر فواضله على الأصحاب
و إذا يقال من الجواد بماله قيل الجواد محمد بن شهاب
أهل المدائن يعرفون مكانه و ربيع ناديه على الاعراب
يشري وفاء جفانه و يمدها بكسور انتاج و فتق لباب
و قد عاتبه على اسرافه رجاء بن حياة فقال له: لا آمن أن يحبس هؤلاء القوم - يعني بني أمية- ما بأيديهم عنك فتكون قد حملت على أمانيك فوعده الزهري بالاقلال و عدم الاسراف فمر به بعد ذلك و قد وضع موائد الطعام و هي حافلة بالعسل و غيره فقال له رجاء: يا أبا بكر ما هذا الذي فارقتنا عليه؟ فقال له الزهري: أنزل فان السخي لا تؤدبه التجارب و قد نظم بعض الشعراء هذا المعنى بقوله:
له سحائب جود في أنامله أمطارها الفضة البيضاء و الذهب
يقول في العسر ان أيسرت ثانية أقصرت عن بعض ما أعطي و ما أهب
حتى إذا عاد أيام اليسار له رأيت أمواله في الناس تنتهب
اتصاله ببني أمية:
كان الزهري وثيق الصلة بالأمويين و كانوا يغدقون عليه الأموال الطائلة لأنه قد سار في ركابهم و دافع عن مظالمهم و قد قضى عنه هشام مرة من الديون التي عليه ثمانين ألف درهم و قد وفد على عبد الملك بدمشق فأكرمه و قضى دينه و فرض له في بيت المال فأخلص لهم كأعظم ما يكون الاخلاص و كان من أصلب المدافعين عنهم.
كان الزهري من المعجبين بالإمام زين العابدين (عليه السلام) و قد روى المؤرخون طائفة من الكلمات القيمة التي أشاد بها بفضل الإمام و غزارة علمه و فقهه .
تفريج الإمام عنه:
فرج الإمام (عليه السلام) عن الزهري هما وقع فيه فقد روى المؤرخون أنه حينما كان عاملا لبني أمية عاقب رجلا فمات الرجل في العقوبة فخرج الزهري هائما على وجهه و توحش و دخل إلى غار و مكث فيه عدة سنين و حج الإمام زين العابدين (عليه السلام) إلى بيت اللّه فأتاه الزهري فقال له الإمام: إني أخاف عليك من قنوطك ما لا أخاف عليك من ذنبك فابعث بدية مسلمة إلى أهله و أخرج إلى أهلك و معالم دينك ؛ و فرح الزهري و راح يقول له: فرجت عني يا سيدي اللّه اعلم حيث يجعل رسالته في من يشاء و تركه و انصرف إلى أهله فقد أنقذه الإمام من هم مقيم كاد يؤدي بحياته.
رسالة الإمام إليه:
1- و كتب الإمام للزهري الرسالة التالية و هي من مفاخر الوثائق السياسية في الإسلام فقد نعى عليه اتصاله ببني أمية و خدمته لهم و حذره من عذاب اللّه و عقابه لأنه سار في ركابهم و هذا نصها:
كفانا اللّه و إياك من الفتن و رحمك من النار فقد أصبحت بحال ينبغي لمن عرفك بها أن يرحمك فقد أثقلتك نعم اللّه بما أصح من بدنك و أطال من عمرك و قامت عليك حجج اللّه بما حملك من كتابك و فقهك فيه من دينك و عرفك من سنة نبيه محمد (صلى الله عليه واله) فرض لك في كل نعمة أنعم بها عليك و في كل حجة احتج بها عليك الفرض فما قضى إلا ابتلى شكرك في ذلك و أبدى فيه فضله عليك فقال: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم: 7] .
فانظر أي رجل تكون غدا إذا وقفت بين يدي اللّه فسألك عن نعمه عليك كيف رعيتها؟ و عن حججه عليك كيف قضيتها؟ و لا تحسبن اللّه قابلا منك بالتعذير و لا راضيا منك بالتقصير هيهات هيهات ليس كذلك أخذ على العلماء في كتابه إذ قال {لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ} [آل عمران: 187] و اعلم أن أدنى ما كتمت و اخف ما احتملت إن آنست وحشة الظالم و سهلت له طريق الغي بدنوك منه حين دنوت و إجابتك له حين دعيت فما أخوفني أن تكون تبوء بإثمك غدا مع الخونة و أن تسأل عما أخذت بإعانتك على ظلم الظلمة إنك أخذت ما ليس لك ممن أعطاك و دنوت ممن لم يرد على أحد حقا و لم تردّ باطلا حين أدناك و أحببت من حاد اللّه أو ليس بدعائه إياك حين دعاك جعلوك قطبا أداروا بك رحى مظالمهم و جسرا يعبرون عليك إلى
بلاياهم و سلما إلى ضلالتهم داعيا إلى غيهم سالكا سبيلهم يدخلون بك الشك على العلماء و يقتادون بك قلوب الجهال إليهم فلم يبلغ أخص وزرائهم و لا أقوى أعوانهم إلا دون ما بلغت من اصلاح فسادهم و اختلاف الخاصة و العامة إليهم , فما أقل ما أعطوك في قدر ما أخذوا منك و ما أيسر ما عمروا لك فكيف ما خربوا عليك؟ فانظر لنفسك فإنه لا ينظر لها غيرك و حاسبها حساب رجل مسؤول , و انظر كيف شكرك لمن غذاك بنعمه صغيرا و كبيرا فما أخوفني أن تكون كما قال اللّه في كتابه: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا} [الأعراف: 169] إنك لست في دار مقام أنت في دار قد آذنت برحيل فما بقاء المرء بعد قرنائه طوبى لمن كان في الدنيا على و جل يا بؤس لمن يموت و تبقى ذنوبه من بعده.
احذر فقد نبئت و بادر فقد أجلت إنك تعامل من لا يجهل و إن الذي يحفظ عليك لا يغفل تجهز فقد دنا منك سفر بعيد و داو ذنبك فقد دخله سقم شديد و لا تحسب أني أردت توبيخك و تعنيفك و تعييرك لكني أردت أن ينعش اللّه ما قد فات من رأيك و يرد إليك ما عزب من دينك و ذكرت قول اللّه تعالى في كتابه: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} [الذاريات: 55] .
أغفلت ذكر من مضى من أسنانك و أقرانك و بقيت بعدهم كقرن أعضب انظر هل ابتلوا بمثل ما ابتليت أم هل وقعوا في مثل ما وقعت فيه أم هل تراهم ذكرت خيرا علموه و علمت شيئا جهلوه بل حظيت بما حل من حالك في صدور العامة و كلفهم بك إذ صاروا يقتدون برأيك و يعملون بأمرك إن احللت أحلوا و إن حرمت حرموا و ليس عندك و لكن أظهرهم عليك رغبتهم في ما لديك ذهاب علمائهم و غلبة الجهل عليك و عليهم و حب الرئاسة و طلب الدنيا منك و منهم أ ما ترى ما أنت فيه من الجهل و الغرة و ما الناس فيه من البلاء و الفتنة قد ابتليتهم و فتنتهم بالشغل عن مكاسبهم مما رأوا فتاقت نفوسهم إلى أن يبلغوا من العلم ما بلغت أو يدركوا به مثل الذي أدركت فوقعوا منك في بحر لا يدرك عمقه و في بلاء لا يقدر قدره فاللّه لنا و لك و هو المستعان.
أما بعد: فأعرض عن كل ما أنت فيه حتى تلحق بالصالحين الذين دفنوا في اسمالهم لاصقة بطونهم بظهورهم ليس بينهم و بين اللّه حجاب و لا تفتنهم الدنيا و لا يفتنون بها رغبوا فطلبوا فما لبثوا أن لحقوا فإذا كانت الدنيا تبلغ من مثلك هذا المبلغ مع كبر سنك و رسوخ علمك و حضور أصلك فكيف سلم الحدث في سنه الجاهل في علمه المأفون في رأيه و المدخول في عقله إنا للّه و إنا إليه راجعون على من المقول؟ و عند من المستعتب؟ نشكو إلى اللّه بثنا و ما نرى فيك و نحتسب عند اللّه مصيبتنا بك ؛ فانظر كيف شكرك لمن غذاك بنعمه صغيرا و كبيرا؟ و كيف اعظامك لمن جملك بدينه في الناس جميلا؟ و كيف صيانتك لكسوة من جعلك بكسوته في الناس ستيرا و كيف قربك أو بعدك ممن أمرك أن تكون منه قريبا ذليلا؟ ما لك لا تنتبه من نعستك و تستقيل من عثرتك فتقول: و اللّه ما قمت للّه مقاما واحدا أحييت به له دينا أو أمت له فيه باطلا فهذا شكرك من استحملك ما أخوفني أن تكون كما قال اللّه في كتابه: {أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} [مريم: 59] استحملك كتابه و استودعك علمه فأضعتها فنحمد اللّه الذي عافانا مما ابتلاك به و السلام لا أعرف وثيقة سياسة أروع من هذه الوثيقة فقد حفلت بما يلي:
أولا: إنها نعت على الزهري اتصاله بالأمويين مع سمو مكانته العلمية.
ثانيا: انها حرمت الاتصال بالحكم الأموي الجائر و إن تأييده و العمل في جهازه إنما هو تأييد للظلم و الجور و محاربة للّه و رسوله.
ثالثا: ان استقطاب الأمويين للزهري و هو من أبرز علماء عصره قد جعلوه جسرا يعبرون عليه لظلم الرعية و سلب ثرواتها و الحكم فيها بغير ما أنزل اللّه.
رابعا: إن انضمام الزهري للأمويين قد جلبوا بذلك قلوب الجهال و سيطروا على عواطفهم و أضافوا الشرعية على حكمهم الجائر.
خامسا: إن ما استفاده الزهري من أموال الأمويين و هباتهم الوفيرة التي أغدقوها عليه لا يقاس بما سلبوا منه فقد سلبوا دينه و كرامته.
سادسا: إن انضمام الزهري للأمويين قد اغرى بذلك ناشئة المسلمين بطلب العلم لينالوا ما ناله و بذلك يكون طلب العلم لا للّه و إنما للاتصال بالهيئة الحاكمة و الظفر بخيراتها و هباتها.
سابعا: إنها ذكرت الزهري بألطاف اللّه و نعمه عليه و حذرته من عذابه و نقمته هذه بعض البنود التي احتوت عليها هذه الرسالة الذهبية.
و روى الزهري كوكبة من الأخبار عن الإمام زين العابدين (عليه السلام) يتعلق بعضها في أحكام الشريعة و بعضها في آداب السلوك و محاسن الأخلاق و بعضها في شؤون الإمام و أحواله .
و نص الشيخ الطوسي في رجاله على أن الزهري من مبغضي أهل البيت (عليهم السلام) و ذكر ذلك غير واحد من الاعلام إلا أن المصادر التي بأيدينا التي نقلت الكثير من شؤونه و أحواله لم تذكر أي بادرة تدل على عدائه لهم و قال السيد الخوئي: و بما ذكرنا يظهر أن نسبة العداوة إليه على ما ذكره الشيخ لم تثبت بل الظاهر عدم صحتها .
توفي الزهري سنة123هـ و قيل غير ذلك .
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|