أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-12-2014
1968
التاريخ: 27-02-2015
2198
التاريخ: 5-05-2015
2022
التاريخ: 5-05-2015
2684
|
ما في القرآن آية إلاّ ولها ظهْرٌ وبطنٌ ، وربّما بطون (2) ، هي حقائقها الراهنة ، السارية الجارية مع مختلف الأحوال ومتقلّبات الأزمان ، يعرفها الراسخون في العلم ، الذين ثبَتوا على الطريقة ، فسقاهم ربُّهم شراباً غَدَقاً (3) .
وخير وسيلة لفتح مغالق القرآن هو : اللجوء إلى أبواب رحمة الله ومنابع فَيضه القُدسي ، أهل بيت الوحي ، الذين هم أدرى بما في البيت ؛ فإنّ بيدهم مقاليد هذه المغالق ومفاتيح هذه الأبواب .
فإنّهم عِدل القرآن وأحد الثقلَين ، الذين أوصى بهما الرسول الكريم ( صلّى الله عليه وآله ) ، وفي كلماتهم الكثير من الإرشادات إلى معالم القرآن وفَهْم حقائقه الناصعة ، وممّا لا تجده في كلام غيرهم على الإطلاق .
من ذلك ما ورد بشأن قوله تعالى : {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} [الرعد: 41] .
وقوله ـ في آية أخرى ـ : {أَفَلَا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} [الأنبياء: 44] .
وهذا تهديد ووعيد بالهلاك والدمار إن لم يرضخوا لناموس الشريعة الغرّاء ، ولكن كيف هذا التهديد ؟ وبمَ كان هذا الوعيد ؟ .
وقد فسّرها جُلّ المفسّرين بغلَبة الإسلام والتضايق على بلاد الكُفر والإلحاد ، قال الثعالبي : إنّا نأتي أرض هؤلاء بالفتح عليك ، فننقصها بما يدخل في دينك من القبائل والبلاد المجاورة لهم ، فما يؤمّنهم أن نمكنّك منهم أيضاً (4) .
وهكذا رجّحه ابن كثير قال : وهو ظهور الإسلام على الشِرك قريةً بعد قرية ، كقوله تعالى : {وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرَى} [الأحقاف: 27] ، وهذا اختيار ابن جرير (5) .
وقد ذهب ابن كثير وغيره ـ حتى سيّد قطب ـ إلى أنّ السورة مكّية ، ولم يذكر أحدٌ استثناء هذه الآية منها ، وسورة الأنبياء مكيّة بلا خلاف ولم يذكروا سنداً لاستثناء الآية منها ، الأمر الذي يلتئم مع هذا الاختيار في معنى الآية .
ثمّ الآية صريحة في نقصان أطراف الأرض ، ولم يُعهَد اختصاص اسم الأرض بمكّة المكرّمة .
نعم ، فتَح هذا المغلاق في وجه الآية ، وفسّرها تفسيراً جليّاً ، ما جاء في كلام الإمام الصادق ( عليه السلام ) فيما رواه ابن بابويه الصدوق ، قال : سئل الصادق ( عليه السلام ) عن هذه الآية ؟ فقال : ( فقْدُ العلماء ) (6) .
وذلك : أنّ الأرض يراد بها المعمورة منها في أكثر الأحيان ، كما في قوله تعالى : {أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} [المائدة: 33] ، وقد فهِم منه الفقهاء ـ في حدّ المحاربين ـ نفْيَهم من عمارة الأرض ، فلا يدخلوا بلداً ولا يحلّوا دياراً إلاّ أُخرجوا .
وإذا كانت عمارة الأرض هي حصيلة جهود العلماء والاختصاصيّين من أهل العلم ، فعفوك أنّ خرابها بفقْد العلماء وذهاب الخيار من الصلحاء ، فعند ذلك تفسد البلاد وتهلك العباد ، والروايات بهذا المعنى كثيرة عن الأئمة (7) .
وقد تنبّه لذلك بعض الأقدَمين ، فيما روي عن ابن عبّاس : تُخرّب قرية ويكون العمران في ناحية ، والنقصان نقصان أهلها وبركتها ... وقال الشعبي : تنقص الأنفس والثمرات . وفي رواية عن ابن عبّاس أيضاً : خرابها بموت علمائها وفُقهائها وأهل الخير منها . قال مجاهد : هو موت العلماء (8) .
قال تعالى : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ } [الأعراف: 96] .
وقوله تعالى : {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ} [البقرة: 34].
فقد أُشكل على المفسّرين وجه هذا السجود والأمر به ، ولا تجوز العبادة لغير الله ! ومن ثمّ اختلفوا هل أنّه كان بوضع الجِباه على الأرض ، وأنّهم جعلوا آدم قبلةً يسجدون لله تعالى ؟ .
نعم ، ورد الحديث عن رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) أنّه كان لآدم سجود طاعة ، ولله سجود عبادة (9) ، وهو كناية عن قيامهم بمصالح الإنسان عِبر الحياة ، فإنّ قوى الطبيعة بأسرها مسخّرة لهذا الإنسان خاضعة تحت إرادته ... والسجود هو الخضوع التامّ ، قال الشاعر:
ترى الأُكَم فيها سُجّداً للحوافر
أي : التلال مذلّلة لحوافر الخيول (10) .
وهذا نظير قوله تعالى ـ بشأن يوسف وإخوته ـ : {وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا} [يوسف: 100] أي : وقَعوا على الأرض خضوعاً له ـ على وجه ـ .
* * *
وقوله تعالى : {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ } [يوسف: 24].
فلولا الامتناعية دلّت على أنّ الهمّ من يوسف لم يقع . سوى أنّ الذي منعَه وعَصَمه من هَمّ المعصية ماذا كان ؟ فقيل : إنّه رأى صورة أبيه عاضّاً على إصبعه ، وقيل غير ذلك ـ ممّا يتنافى وعصمة مقام النبوّة ـ .
والصحيح : ما هدانا إليه الأئمّة الراشدون ، أنّه الإيمان الصادق الذي هو منشأ العصمة في أنبياء الله ( عليهم السلام ) ؛ بدليل تعقيبه بقوله : { كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ } إشارة إلى مقام عصمة الأنبياء (11) .
_______________________
(1) المصدر السابق : ص11 ، ح4 .
(2) راجع تفسير البرهان : ج1 ، ص20 .
(3) راجع آية 16 من سورة الجنّ .
(4) تفسير الثعالبي : ج2 ، ص274 .
(5) تفسير ابن كثير : ج2 ، ص520 ـ 521 .
(6) تفسير البرهان : ج2 ، ص302 ، ح5 .
(7) تفسير البرهان : ج2 ، ص301 ـ 302 .
(8) مجمع البيان : ج6 ، ص300 / تفسير ابن كثير : ج2 ، ص520 .
(9) عيون الأخبار : ج1 ، ص263 ، قطعة من ح 22 / بحار الأنوار : ج11 ، ص140 ، ح6 .
(10) بحار الأنوار : ج11 ، ص140 .
(11) راجع تفسير الميزان : ج11 ، ص141 و 181 .
|
|
احذر تخزين الطعام بورق الألومنيوم.. حياتك في خطر
|
|
|
|
|
العلماء الروس يطورون مسيرة لمراقبة حرائق الغابات
|
|
|
|
|
ضمن فعّاليات اليوم الثاني مؤتمر العميد السابع يشهد انعقاد ورشة عن تحدّيات التربية في ظلّ الانفتاح المعلوماتي
|
|
|