أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-3-2016
3514
التاريخ: 17-3-2016
4131
التاريخ: 11-7-2022
1971
التاريخ: 2024-08-13
334
|
لمّا انتهى الرسول (صلّى الله عليه وآله) من حجّه قفل راجعاً إلى يثرب وحينما انتهى موكبه إلى غدير خم هبط عليه أمين الوحي يحمل رسالة من السماء بالغة الخطورة تحتّم عليه بأن يحطّ رحله ليقوم بأداء هذه المهمة الكبرى وهي نصب الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) خليفةً ومرجعاً للاُمّة من بعده وكان أمر السماء بذلك يحمل طابعاً من الشدّة ولزوم الإسراع في إذاعة ذلك بين المسلمين فقد نزل عليه الوحي بهذه الآية : {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: 67] , لقد أنذر النبي (صلّى الله عليه وآله) أنه إن لم ينفذ إرادة السماء ذهبت أتعابه وضاعت جهوده وتبدّد ما لاقاه من العناء في سبيل هذا الدين فانبرى (صلّى الله عليه وآله) بعزم ثابت وإرادة صلبة إلى تنفيذ إرادة الله فوضع أعباء المسير وحطّ رحله في رمضاء الهجير وأمر القوافل أن تفعل مثل ذلك وكان الوقت قاسياً في حرارته حتّى كان الرجل يضع طرف ردائه تحت قدميه ليتّقي به من الحرّ وأمر (صلّى الله عليه وآله) باجتماع الناس فصلّى بهم وبعد ما انتهى من الصلاة أمر أن توضع حدائج الإبل لتكون له منبراً ففعلوا له ذلك فاعتلى عليها وكان عدد الحاضرين فيما يقول المؤرّخون : مئة ألف أو يزيدون ؛ وأقبلوا بقلوبهم نحو الرسول (صلّى الله عليه وآله) ليسمعوا خطابه فأعلن (صلّى الله عليه وآله) ما لاقاه من العناء والجهد في سبيل هدايتهم وإنقاذهم من الحياة الجاهليّة إلى الحياة الكريمة التي جاء بها الإسلام كما ذكر لهم كوكبة من الأحكام الدينية وألزمهم بتطبيقها على واقع حياتهم ثمّ قال لهم : انظروا كيف تخلفوني في الثقلين؟.
فناداه مناد من القوم : ما الثقلان يا رسول الله؟
فقال (صلّى الله عليه وآله) : الثقل الأكبر كتاب الله طرف بيد الله عزّ وجلّ وطرف بأيديكم فتمسّكوا به لا تضلوا والآخر الأصغر عترتي وإنّ اللطيف الخبير نبّأني أنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض فسألت ذلك لهما ربّي ؛ فلا تقدموهما فتهلكوا ولا تقصروا عنهما فتهلكوا ؛ ثمّ أخذ بيد وصيّه وباب مدينة علمه الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) ليفرض ولايته على الناس جميعاً حتّى بان بياض إبطيهما ونظر إليهما القوم فرفع (صلّى الله عليه وآله) صوته قائلاً : يا أيها الناس مَن أولى الناس بالمؤمنين من أنفسهم؟
فأجابوه جميعاً : الله ورسوله أعلم.
فقال (صلّى الله عليه وآله) : إنّ الله مولاي وأنا مولى المؤمنين وأنا أولى بهم من أنفسهم فمَن كنت مولاه فعليّ مولاه. قال ذلك ثلاث مرات أو أربع ثمّ قال : اللّهمّ وال مَن والاه وعاد مَن عاداه وأحبّ مَن أحبّه وابغض مَن أبغضه وانصر مَن نصره واخذل مَن خذله وأدر الحقّ معه حيث دار ألا فليبلّغ الشاهد الغائب.
وبذلك أنهى خطابه الشريف الذي أدّى فيه رسالة الله فنصّب أمير المؤمنين (عليه السّلام) خليفة وأقامه علماً للاُمّة وقلّده منصب الإمامة وأقبل المسلمون يهرعون وهم يبايعون الإمام بالخلافة ويهنّئونه بإمرة المسلمين وأمر النبي (صلّى الله عليه وآله) اُمّهات المؤمنين أن يسرن إليه ويهنّئنّه ففعلن ذلك .
وأقبل عمر بن الخطاب فهنّأ الإمام وصافحه وقال له : هنيئاً يابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة ؛ وانبرى حسان بن ثابت فاستأذن النبي (صلّى الله عليه وآله) بتلاوة ما نظمه فأذن له النبي (صلّى الله عليه وآله) فقال :
يناديهمُ يوم الغدير نبيُّهمْ بخمٍّ واسمع بالرسول مناديا
فقال فمَنْ مولاكمُ ونبيُّكمْ؟ فقالوا ولم يبدوا هناك التعاميا
إلهُكَ مولانا وأنت نبيُّنا ولم تلقَ منّا في الولاية عاصيا
فقال له قم يا عليُّ فإنّني رضيتكَ من بعدي إماماً وهاديا
ونزلت في ذلك اليوم الخالد في دنيا الإسلام هذه الآية الكريمة : {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا } [المائدة: 3] لقد كمل الدين بولاية أمير المؤمنين وتمّت نعمة الله على المسلمين بسمو أحكام دينهم وسمو قيادتهم التي تحقّق آمالهم في بلوغ الحياة الكريمة وقد خطا النبي (صلّى الله عليه وآله) بذلك الخطوة الأخيرة في صيانة اُمّته من الفتن والزيغ فلم يترك أمرها فوضى كما يزعمون وإنّما عيّن لها القائد والموجّه الذي يعنى بأمورها الاجتماعية والسياسية.
إنّ هذه البيعة الكبرى التي عقدها الرسول العظيم (صلّى الله عليه وآله) إلى باب مدينة علمه الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) من أوثق الأدلّة على اختصاص الخلافة والإمامة به وقد احتجّ بها الإمام الحسين (عليه السّلام) في مؤتمره الذي عقده بمكة لمعارضة حكومة معاوية وشجب سياسته فقد قال (عليه السّلام) : أمّا بعد فإنّ هذا الطاغية يعني معاوية قد صنع بنا وبشيعتنا ما علمتم ورأيتم وشهدتم وبلغكم وإنّي اُريد أن أسألكم عن شيء فإن صدقت فصدّقوني وإن كذبت فكذّبوني واسمعوا مقالتي واكتبوا قولي ثمّ ارجعوا إلى أمصاركم وقبائلكم ومَن ائتمنتموه من الناس ووثقتم به فادعوه إلى ما تعلمون من حقّنا ؛ فإنّا نخاف أن يدرس هذا الحقّ ويذهب ويغلب والله متمّ نوره ولو كره الكافرون ؛ وما ترك شيئاً مما أنزل الله في القرآن فيهم إلاّ تلاه وفسّره ولا شيئاً مما قاله رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في أبيه واُمّه ونفسه وأهل بيته إلاّ رواه وكل ذلك يقولون : اللّهمّ نعم قد سمعنا وشهدنا ؛ ويقول التابعون : اللّهمّ نعم قد حدّثني به مَن أصدقه وآتمنه من الصحابة ؛ وقال (عليه السّلام) في عرض استدلاله : أنشدكم الله أتعلمون أنّ رسول الله نصّبه يعني علياً يوم غدير خمٍّ فنادى له بالولاية وقال : ليبلّغ الشاهد الغائب ؛ قالوا : اللّهمّ نعم .
إنّ البيعة للإمام في يوم عيد الغدير جزء من رسالة الإسلام وركن من أركان الدين وهي تستهدف صيانة الاُمّة من التيّارات العقائدية ووقايتها من الانحراف.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|