المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
زكاة الفطرة
2024-11-05
زكاة الغنم
2024-11-05
زكاة الغلات
2024-11-05
تربية أنواع ماشية اللحم
2024-11-05
زكاة الذهب والفضة
2024-11-05
ماشية اللحم في الولايات المتحدة الأمريكية
2024-11-05

الامواج والتيارات البحرية
2024-10-08
تردد أساسي fundamental frequency
21-6-2019
ولاية أبي الأسود على البصرة
29-4-2016
مميزات البوليمرات المتبلورة(crystalline polymers)
30-11-2017
Conformations of Other Alkanes
12-4-2016
نجاسة الميت الآدمي
24-12-2015


شعراء التصوف  
  
4929   10:15 مساءاً   التاريخ: 24-3-2016
المؤلف : شوقي ضيف
الكتاب أو المصدر : عصر الدول و الإمارات ،الأندلس
الجزء والصفحة : ص356-361
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / الشعر / العصر الاندلسي /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-05-28 778
التاريخ: 17-2-2022 2909
التاريخ: 2024-08-09 415
التاريخ: 2024-01-31 869

لعلنا لا نبعد إذا قلنا إن أول شاعر صوفي استظهر في وضوح عقيدة التصوف مقترنة بعقيدة الاعتزال هو أبو عمر (1)أحمد بن يحيى بن عيسى الإلبيري الأصولي المتوفى سنة 4٢٩ للهجرة، و يقول عنه تلميذه أبو المطرف الشعبي الذى روى عنه تآليفه «إنه كان متكلما دقيق النظر عارفا بالاعتقادات على مذاهب أهل السنة» . و يذكر ابن بسام أن أمر مدينة إلبيرة كان دائرا عليه مع زهده و ورعه، بينما يذكر أبو المطرف أنه لقيه بغرناطة و فيها أخذ عنه مصنفاته، و أكبر الظن أنه ظل بإلبيرة حتى خرّبتها قبيلة صنهاجة في عهد الزيريين كما مر بنا، فانتقل عنها-مع أكثر سكانها إلى غرناطة. و أشاد ابن بسام بنثره و شعره و روى له رسالة كتبها سنة 4١٩ إلى بعض إخوانه و فيها نزعة صوفية واضحة، و سنلم بها في الفصل التالي، و ينشد له ابن بسام:

شربت بكأس الحبّ من جوهر الحبّ    رحيقا بكفّ العقل في روضة الحبّ
و خامر ماء الرّوح فاهتزّت القوى      قوى النّفس شوقا و ارتياحا إلى الرّبّ
و نادى حثيثا بالأنين حنينها     إلهي إلهي من لعبدك بالقرب
و خاطبه وحيا إليه مليكه:      سأكشف-يا عبدى لعينك-عن حجب
فأعلن بالتسبيح: مثلك لم أجد     تعاليت عن كفء يكافيك أو صحب
و هو يقول إنه شرب في روضة الحب الإلهي رحيقا مصفّى من جوهر الحب امتزج بروحه، فحنّت قوى نفسه شوقا إلى مشاهدة ربه، و نادى-و أنّ في ندائه-متلهفا على قربه من ربه، و تجلّى له اللّه رافعا ما بينه و بين عبده من حجبه، فسبّح بحمده منزها له عن أن يكون له كفء أو صحب، و كأنه يشير إلى الآيتين: وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ - أَنّٰى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَ لَمْ تَكُنْ لَهُ صٰاحِبَةٌ . و التصوف في الأبيات-كما ذكر تلميذه أبو المطرف-تصوف سنى، فيه إشارة إلى وحدة الشهود، و ليس فيه إشارة إلى الاتحاد بالذات العلية الذي يؤمن به أصحاب التصوف الفلسفي. و كان يقرن إلى تصوفه إيمانه بعقيدة الاعتزال في مثل قوله:

يا محدثا للكلّ كنت و لم تزل     و كذاك ربّي لا يزال بلا مكان
و قوله:

جلّت صفات جلاله، فجلاله    قد جلّ عن تحديد كيف و من و ما
و هو يشير بذلك إلى ما يؤمن به المعتزلة من تنزيه اللّه عن مشابهة المخلوقين فلا يحدّه مكان و لا زمان و لا تحصره كيفية و لا جوهر و لا عرض، تعالى جلال اللّه عن ذلك علوا كبيرا.

و يذكر آسين بلاسيوس-و يتابعه پالنثيا-أن مدينة المرية على البحر المتوسط في الجنوب الشرقي للأندلس أصبحت في القرن الخامس الهجري-بتأثير آراء ابن مسرة-مركزا مهما من مراكز الصوفية القائلين بوحدة الوجود، فظهر فيها محمد بن عيسى الإلبيري الصوفي و أبو العباس بن العريف (2)، و ما ذكرناه آنفا عن أحمد بن عيسى الإلبيري المتوفى قبل ابن العريف بأكثر من قرن يدل على أن اسمه حرّف عند بلاسيوس، فأصبح محمدا بدلا من أحمد، و نفس لقبه الإلبيري يدل بوضوح على أنه ليس من أهل المرية إنما هو من إلبيرة بجوار غرناطة، و فيها قضى حياته كما مرّ بنا، و كان من أصحاب التصوف السنى بشهادة أشعاره و تلميذه أبي المطرف الشعبي.

أما أبو العباس بن العريف المتوفى سنة 5٣6 للهجرة فكان من أهل المرية حقا غير أنه لم يكن من أصحاب التصوف الفلسفي على نحو ما سيتضح في ترجمتنا له عما قليل. و كان يعاصره في إشبيلية ابن (3)برّجان عبد السلام بن عبد الرحمن اللخمي المتوفى سنة 5٣6 و فيه يقول ابن الأبار: «كان من أهل المعرفة بالقراءات و الحديث و التحقق بعلم الكلام و التصوف مع الزهد و الاجتهاد في العبادة و له تآليف مفيدة، منها تفسير للقرآن لم يكمله و شرح الأسماء الحسنى» و له في التصوف كتاب عين اليقين. و كان يعاصره أبو القاسم (4)أحمد بن قسى، و يقول ابن حجر في لسان الميزان إنه رحل إلى ابن العريف في المرية، و عاد إلى موطنه في مارتلة بقرب باجة في غربي الأندلس و كثر أتباعه من المريدين. و حين احتدمت الثورة على المرابطين في أواخر العقد الرابع من القرن السادس الهجري ثار عليهم مع مريديه و غلب على شلب و لبلة، و كاتب عبد المؤمن سلطان الموحدين و دخل في طاعته و انقلب على واليه، و حاول الاستعانة بالنصارى، و شعر بحركته بعض من معه فقتل سنة546. و ينسب ابن حجر إليه-كما ينسب إلى ابن برّجان-تحريفهما لمعاني النصوص القرآنية و تأويلها بخلاف الظاهر، و له كتاب خلع النعلين و شرحه فيما بعد ابن عربي. و كان تصوفه هو و ابن برّجان-مثل تصوف ابن العريف-تصوفا سنيا، إذ لم ينسب إليهم جميعا مترجموهم كلاما في وحدة الوجود. و في رأينا أن اعتناق بعض المتصوفة الأندلسيين لهذه الوحدة تأخر إلى عصر الموحدين. و ممن اعتنقها حينئذ أبو عبد اللّه الشوذى الإشبيلي الملقب بالحلوى، ولى القضاء بإشبيلية في دولة الموحدين، ثم خلص للتصوف و مزجه بالفلسفة، و قال بوحدة الوجود (5)، و أهم تلاميذه ابن دهاق إبراهيم بن يوسف الأوسي المالقي المتوفى سنة 611 و فيه يقول ابن الأبار: «كان فقيها مشاورا غلب عليه علم الكلام، فرأس فيه و اشتهر به، و له تآليف منها شرح الإرشاد في علم الكلام لأبى المعالى الجويني إمام الحرمين، و كتاب في مسائل الإجماع و شرح على محاسن المجالس لابن العريف، سكن مرسية و تجول في غير بلد، و كان يعتنق رأى أستاذه في وحدة (6)الوجود.

و نلتقى بمحيى الدين بن عربي، و هو أشهر متصوفة الأندلس، و سنخصه بترجمة قصيرة، و ظهر في إثره ابن سبعين (7)عبد الحق العكي المولود بمرسية سنة 6١4 لأسرة كانت على حظ من الجاه و النعمة، و أكب فى بدء حياته على علم المنطق و الفلسفة الإلهية و العلوم الطبيعية و الرياضية و نظر في أصول الدين على طريقة الأشعرية كما نظر في كتب التصوف لابن دهاق و غيره، و انتقل إلى سبتة سنة 64٠، و بها أخذ يدعو لعقيدته الصوفية، و تبعه كثير من الفقراء و العبّاد، و تصادف أن أرسل فردريك الثاني صاحب صقلية إلى علماء سبتة أسئلة فلسفية آملا منهم في الإجابة عليها، و انتدب ابن سبعين للرد عليها، و كانت ردوده مقنعة حاسمة، مما جعل فردريك يشكره عليها، و ظل علماء الغرب يهتمون بها اهتماما واسعا، و أكبّ حينئذ على كتب المتصوفة يستوعبها، و استقامت له في التصوف عقيدة ظل يدافع عنها بقية حياته، دافع عنها أمام علماء سبتة، حتى إذا ضيّقوا عليه الخناق غادر سبتة إلى بجاية و أقام بها فترة ثم نزل تونس و جادله علماؤها حتى اضطر إلى مغادرتها. و نزل القاهرة، و لم يطب له المقام-على ما يبدو-في مصر، فغادرها في أوائل العقد السادس من القرن السابع، و نزل مكة و جاور بها بقية حياته إلى أن توفى سنة 66٩ و بها عقدت صلة وثيقة بينه و بين حاكمها الشريف أبي نمىّ محمد الأول (654-٧٠٢ ه‍) . و ألف ابن سبعين مصنفات و رسائل متعددة، و أهم مصنفاته: الإحاطة و بدّ العارف و سماه صاحب الفوات: «ما لا بد للعارف منه» و كأنه أراد أن يشرح المراد بالعنوان، و له بجانب ذلك مصنفات في آداب السلوك و الرياضات العملية، و من أهمها رسالة العهد و رسالة الفقيرية التي يصور فيها معانى الفقر الصوفي و آدابه، و له رسائل في علم الحروف. و هو بدون ريب صاحب عقيدة صوفية تابعه فيها فرقة صوفية نسبت إليه فسميت السبعينية، و تهمنا عقيدته فيما يتصل بوحدة الوجود إذ غالى فيها غلوا مفرطا بإيمانه بالوحدة المطلقة، بمعنى أنه لا وجود سوى وجود اللّه فهو عين الخلق و هو عين الاتجاهات الصوفية و مسائل التصوف الكبرى من وحدة الوجود و الاتحاد و الحلول و نظرية المعرفة و المحبة الإلهية و غير ذلك. و نشعر أن نفسه أشربت منازع التصوف السنى، و ينعكس ذلك عنده في بعض القصائد و بعض المقطوعات، و هي جميعا إلى أن تكون خواطر صوفية أقرب منها إلى أن تكون تصوفا بالمعنى الدقيق لهذه الكلمة، و لا ينطبق ذلك على أشعاره في الكتاب وحدها بل أيضا على ما يماثلها في ديوانه: «الصيّب و الجهام و الماضي و الكهام» . و بالمثل ينطبق على ما نجد عند ابن خاتمة معاصره و غيره من قصائد و أبيات تحمل أصداء صوفية، لا تساع رنين التصوف منذ أواسط القرن السابع الهجري في كل بلد و كل دار. و حري بنا أن نقف قليلا عند ابن العريف و ابن عربي و الششترى.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1) انظر في أبي عمر أحمد بن عيسى الإلبيري و ترجمته و شعره الذخيرة ١/٨4٧ و ما بعدها و المغرب ٢/٩5 و الصلة رقم ٨٩ و قد أسنّ تلميذه أبو المطرف عبد الرحمن ابن قاسم الشعبي و اشتهر بالعلم و الفضل، توفى سنة 4٩٧. انظر الصلة:٣٢٩.

2) انظر في ذلك پالنثيا ص ٣٢٩ و ما بعدها و كتاب ابن سبعين و فلسفته الصوفية للدكتور أبى الوفا التفتازاني طبع دار الكتاب اللبناني) ص ٧۶.

3) انظر في ابن برجان التكملة ص 6٢5 و ابن شاكر في الفوات ١/56٩ و لسان الميزان لابن حجر (طبع حيدر آباد)4 /١٣.

4) راجع في ابن قسى لسان الميزان ١/٢4٧ و بالنثيا ص ٣٣٢،٣٧٣.

5) انظر في الشوذي و طريقته الصوفية و قوله بوحدة الوجود كتاب ابن سبعين ٧١-٧5.

6) راجع في ابن دهاق التكملة (البقية المطبوعة في الجزائر) ص ٢٠٠ و الإحاطة و راجع كتاب ابن سبعين (انظر الفهرس) و مقدمة ابن خلدون ٣/١١٠6

7) انظر في ابن سبعين فوات الوفيات ١/5١6 و البداية و النهاية ١٣/٢6١ و لسان الميزان ٣/٣٩٢ و النفح ٢/١٩6 و العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين للفاسي 5/٣٢6 و شذرات الذهب 5/٣٢٩ و كتاب ابن سبعين و فلسفته الصوفية للدكتور أبي الوفا التفتازاني.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.