أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-11-2014
![]()
التاريخ: 2-12-2015
![]()
التاريخ: 5-11-2014
![]()
التاريخ: 5-11-2014
![]() |
من عجائب القرآن وواحدة من أدلّة الإعجاز، أنّه لا يوجد في تعبيره ركّة وإبتذال وعدم العفّة وما إلى ذلك، كما أنّه لا يتناسب مع اُسلوب الفرد العادي الاُمّي الذي تربّى في محيط الجاهليّة، مع أنّ حديث كلّ أحد يتناسب مع محيطه وأفكاره!.
وبين جميع قصص القرآن وأحداثه التي ينقلها توجد قصّة غرام وعشق واقعية، وهي قصّة (يوسف وامرأة عزيز مصر).
قصّة تتحدّث عن عشق امرأة جميلة والهة ذات أهواء جامحة لشاب جميل طاهر القلب.
أصحاب المقالات والكتاب حين يواجهون مثل هذا الأمر .. إِمّا أن يتحدّثوا عن أبطال القصّة بأن يطلقوا للقلم أو اللسان العنان، حتّى تظهر في (البين) تعابير مثيرة وغير أخلاقية كثيرة.
وإِمّا أن يحافظوا على العفّة والنزاهة في القلم واللسان، فيحوّلوا القصّة إلى القرّاء أو السامعين بشكل غامض ومبهم.
فالكاتب أو صاحب المقال مهما كان ماهراً يبتلى بواحد من هذين الإشكالين، ترى هل يعقل أنّ فرداً لم يدرس يرسم رسماً دقيقاً وكاملا لفصول مثل هذا العشق المثير، دون أن يستعمل أقلّ تعبير مهيّج وبعيد عن العفّة؟!
ولكنّ القرآن يمزج في رسم هذه الميادين الحسّاسة من هذه القصّة ـ باُسلوب معجب ـ الدقّة في البيان مع المتانة والعفّة، دون أن يغضّ الطرف عن ذكر الوقائع، أو أن يظهر العجز، وقد إستعمل جميع الاُصول الأخلاقية والأُمور الخاصّة بالعفّة .
ونعرف أنّ أخطر ما في هذه القصّة ما جرى في «خلوة العشق» وما أظهرته امرأة العزيز بإبتكارها وهواها. والقرآن يتناول كلّ ما جرى من حوادث ويتحدّث عنها دون أن يظهر أقلّ إنحراف من اُصول العفّة حيث يقول: {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} [يوسف: 23] والمسائل التي تسترعي الإنتباه في هذه القصّة ما يلي:
1 ـ كلمة «راود» تستعمل في مكان يطلب فيه أحد من الآخر شيئاً بإصرار ممزوجاً بالترغيب واللين، لكن ما الذي أرادته امرأة العزيز من يوسف؟!.. بما أنّه كان واضحاً فقد إكتفى القرآن بالكناية والتلميح دون التصريح!.
2 ـ إنّ القرآن هنا لم يعبّر عن امرأة العزيز تعبيراً مباشراً، بل قال: (الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا) ليقترب من بيان العفّة وإسدال الحجاب، كما جسّد معرفة يوسف للحقّ وجسّد مشاكل يوسف أيضاً في عدم التسليم إزاء من كانت حياته في قبضتها.
3 ـ (وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ) التي تدلّ على المبالغة وأنّ الأبواب جميعاً أوصدت بشدّة، (وهذا تصوير من هذا الميدان المثير).
4 ـ جملة (هَيْتَ لَكَ) تشرح آخر كلام امرأة العزيز للبلوغ إلى وصال يوسف، ولكنّها في عبارة متينة ذات مغزى كبير وليس فيها ما يشير إلى تعبير سيىء.
5 ـ (معاذ الله إنّه ربّي أحسن مثواي) التي قالها يوسف لتلك المرأة الجميلة، معناها كما يقول أكثر المفسّرين : إنّي ألتجئ إلى الله فإنّ عزيز مصر صاحبي وسيّدي وهو يجلّني ويحترمني ويعتمد عليّ ، فكيف أخونه؟! وهذا العمل خيانة وظلم (إنّه لا يفلح الظالمون) وبهذا توضّح الآية سعي يوسف إلى إيقاظ العواطف الإنسانية في امرأة العزيز.
6 ـ جملة {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ } [يوسف: 24] ترسم ـ من جهة ـ تلك الخلوة بدقّة، بحيث لو أنّ يوسف لم يكن لديه مقام العصمة أو العقل أو الإيمان لكان قد وقع في «الفخّ».
ومن جهة أُخرى ترسم إنتصار يوسف أخيراً في هذه الظروف على شيطان الشهوة الطاغي .. باُسلوب رائع.
الطريف هنا أنّ الآية استعملت كلمة «همّ» فحسب، «أي إنّ امرأة العزيز صمّمت من جهتها ولو لم يَر يوسف برهان ربّه لصمّم من جهته أيضاً، ترى هل توجد كلمة أكثر متانةً للتعبير عن (القصد والتصميم) أفضل من هذه؟!
|
|
لخفض ضغط الدم.. دراسة تحدد "تمارين مهمة"
|
|
|
|
|
طال انتظارها.. ميزة جديدة من "واتساب" تعزز الخصوصية
|
|
|
|
|
"نسائم القوافي والولاء بين البقيع وكربلاء" .. عنوانٌ يتصدّر المهرجان الشعري العربي السنوي الحادي عشر
|
|
|