أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-02-2015
17572
التاريخ: 5-11-2014
1981
التاريخ: 5-11-2014
6512
التاريخ: 5-11-2014
5618
|
بعد أن عرفت مواضع الفواصل من آيات الذكر الحكيم ، وأقسامها الأربعة على ما فصّلها علماء البيان ، نُلفت نظرك إلى ناحية أُخرى هي مسألة السجع ، هل في القرآن منه شيء ؟ وأوّل مَن تكلّم في ذلك وأنكر وجوده في القرآن ، وأنّه يترفّع عن مبتذلات أهل التكلّف في الكلام ، هو الأُستاذ أبو الحسن علي بن عيسى الرمّاني ، وتقدّم بعض كلامه (1) ، قال :
الفواصل بلاغة ، والأسجاع عيب ، وذلك أنّ الفواصل تابعة للمعاني ، وأمّا الأسجاع فالمعاني تابعة لها ، وهو قلب ما توجبه الحكمة في الدلالة ؛ إذ كان الغرض من حكمة الوضع إنّما هو الإبانة عن المعاني التي الحاجة إليه ماسّة ، فإذا كانت المشاكلة وصلة إليه فهو بلاغة ، وأمّا إذا كانت المشاكلة الكلامية هي المقصودة بالذات ، والمعاني مغفول عنها إلاّ عرضاً فهو عيب ولَكنَة ؛ لأنّه تكلّف من غير الوجه الذي توجبه الحكمة ، ومَثَله مَن رصّع تاجاً ثُمّ ألبسه إنساناً دميماً (2) أو نظّم قلادة درٍّ ويواقيت ثُمّ ألبسها كلباً عقوراً ، وقبحُ ذلك وعيبه بيّنٌ لمَن له أدنى فهم .
فمن ذلك ما يُحكى عن بعض الكهّان : والأرض والسماء ، والغراب الواقعة بنقعاء ، لقد نفر المجد إلى العشراء .
ومنه ما يُحكى عنه مسيلَمة الكذّاب : يا ضفدع نقّي كم تنقّين ، لا الماء تُكدّرين ، ولا النهر تفارقين .
فهذا أغثّ كلام يكون وأسخفه ، وقد بينا علّته ، وهو تكلّف المعاني من أجله ، وجعلها تابعة له من غير أن يبالي المتكلّم بها ما كانت !
وفواصل القرآن كلها بلاغة وحكمة ـ على ما سبق بيانه ـ لأنّها طريق إلى إفهام المعاني التي يحتاج إليها في أحسن صورة يدلّ بها عليها .
وإنّما اُخذ السجع في الكلام من سجع الحمامة ؛ وذلك أنّه ليس فيه إلاّ الأصوات المتشاكلة مع إغفاء المعاني ، كما ليس في سجع الحمامة إلاّ الأصوات المتشاكلة ـ الهدير (3) ـ وهكذا المعنى في السجع ، إذا تكلّف له من غير وجه الحاجة إليها ذاتاً ، أو ملاحظة الفائدة فيه ، لم يعتد به ، ولم تخرج الكلمات بذلك عن
كونها غير ذوات مفهوم ، فصارت بمنزلة هدير الحمام ، ليس فيه سوى ترجيع أصوات متشاكلة (4) .
______________________
(1) في ص 300 من هذا الجزء .
(2) قبيح السيرة والصورة .
(3) يقال : هَدَر الحمام إذا قرقر وكرّر صوته في حنجرته .
(4) النكت في إعجاز القرآن : ص97 ـ 98 .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|