المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24
من آداب التلاوة
2024-11-24
مواعيد زراعة الفجل
2024-11-24
أقسام الغنيمة
2024-11-24
سبب نزول قوله تعالى قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون الى جهنم
2024-11-24



مشفقون من مغادرة الامام الحجاز  
  
3407   11:39 صباحاً   التاريخ: 16-3-2016
المؤلف : باقر شريف القرشي .
الكتاب أو المصدر : حياة الامام الحسين
الجزء والصفحة : ج3, ص21-27.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام الحسين بن علي الشهيد / الأحداث ما قبل عاشوراء /

لما أذيع تصميم الحسين (عليه السلام) وعزمه على مغادرة الحجاز والتوجه إلى الكوفة أشفق عليه جماعة من أهل بيته وشيعته كما اظهر له الاخلاص رياء بعض ذوي الأطماع السياسية كعبد اللّه بن الزبير والأشدق الذي أشفق عليه بالخروج خوفا على انهيار الحكم الأموي وقد حذروا الامام وخافوا عليه من انقلاب أهل الكوفة وغدرهم به كما غدروا بأخيه الامام الحسن من قبل وقد أشاروا عليه بأن لا يتوجه لهذا القطر ولا يقرب منه كما ندد بخروجه جماعة من عملاء السلطة وأذنابها خوفا على تصدع الحكم الأموي وانهياره وقال بمثل مقالتهم جماعة من المنحرفين عن أهل البيت في كثير من العصور وفيما يلي آراء كلا الفريقين.

أما المشفقون من شيعة الامام الحسين وأهل بيته فكانت قلوبهم تذوب أسى وحزنا على مغادرة الامام للحجاز وكانوا يتكلمون بلغة العاطفة ويفكرون في شيء لم يكن الامام يفكر به فكانوا يشيرون عليه بمهادنة السلطة والبيعة ليزيد ليكون بمأمن من شروره واعتدائه وكان (عليه السلام) يرى دين جده (صلى الله عليه واله) قد صار العوبة بيد حفيد أبي سفيان فلا بد أن يثأر لكرامة هذا الدين ويضحي بكل شيء لحمايته فهذا هو مغزاه الذي كان لا يثنيه عنه شيء ولنستمع إلى حديث المشفقين عليه والعاذلين له :

1 ـ المسور بن مخرمة :

ذعر المسور بن مخرمة  حينما سمع بعزم الامام على مغادرة الحجاز والتوجه إلى العراق فكتب إليه هذه الرسالة : إياك أن تغتر بكتب أهل العراق ويقول لك ابن الزبير : الحق بهم فانهم ناصروك إياك أن تبرح الحرم فانهم ـ أي أهل العراق ـ ان كانت لهم بك حاجة فسيضربون آباط الابل حتى يوافوك فتخرج إليهم في قوة وعدة.

ولما قرأ الامام رسالته اثنى على عواطفه وقال لرسوله : استخير اللّه في ذلك .

2 ـ عبد اللّه بن جعفر :

وخاف عبد اللّه بن جعفر على ابن عمه حينما علم بعزمه على التوجه إلى العراق فأحاطت به موجات من الاسى فبعث إليه بابنيه عون ومحمد وكتب معهما هذه الرسالة : أما بعد : فاني أسألك اللّه لما انصرفت حين تقرأ كتابي هذا فاني مشفق عليك من هذا الوجه أن يكون فيه هلاكك واستئصال أهل بيتك .

إن هلكت اليوم اطفأ نور الأرض فانك علم المهتدين ورجاء المؤمنين فلا تعجل بالسير فاني في أثر كتابي والسلام.

وأسرع ابن جعفر وهو خائر القوى ذاهل اللب إلى عمرو بن سعيد حاكم مكة فأخذ منه كتابا فيه أمان للحسين وجاء مسرعا إليه وكان معه يحيى بن سعيد بن العاص فعرض عليه الاقامة في مكة وعدم النزوح إلى العراق فلم يستجب الامام له وأخذ يتضرع إليه عبد اللّه ويتوسل في أن ينصرف عن نيته فقال الامام : اني رأيت رسول اللّه (صلى الله عليه واله) في منامي وأمرني بأمر لا بد أن انتهي إليه ؛ فسأله ابن جعفر عن الرؤيا فأبى أن يحدثه بها وقال له : ما حدثت بها أحدا وما أنا بمحدث بها حتى ألقى اللّه عز وجل  وانصرف ابن جعفر وهو غارق بالأسى والشجون وأيقن بنزول الرزء القاصم وقد أمر ابنيه بمصاحبة خالهما الحسين.

3 ـ عبد اللّه بن عباس : وأسرع عبد اللّه بن عباس وهو حزين كثيب إلى الامام فقال له : إن الناس أرجفوا بأنك سائر إلى العراق فهل عزمت على شيء من ذلك؟.

نعم قد أجمعت على المسير في أحد يومي هذين إلى الكوفة أريد اللحاق بابن عمي مسلم إن شاء اللّه تعالى.

وفزع ابن عباس فقال للامام : اني أعيذك باللّه من ذلك اخبرني أتسير إلى قوم قتلوا أميرهم وضبطوا بلادهم فان كان قد فعلوا سر إليهم وان كانوا انما دعوك وأميرهم عليهم قاهر لهم وعمالهم تجبي بلادهم وتأخذ خراجهم فانما دعوك إلى الحرب ولا آمن عليك أن يغروك ويكذبوك ويخذلوك ويبيعوك فيكونوا أشد الناس عليك .

ولم تخف شيء من هذه النقاط الحساسة على الامام فقد كان على بصيرة من أمره فقال لابن عباس.

اني استخير اللّه وانظر ما ذا يكون؟

وأحاطت بابن عباس موجات من القلق والاضطراب فلم يتمكن ان يهدأ اعصابه فراجع الامام وقال له : إني اتصبر ولا اصبر إني أتخوف عليك في هذا الوجه الهلاك والاستئصال ؛ ان أهل العراق قوم غدر فلا تقربهم أقم في هذا البلد فانك سيد أهل الحجاز فان كان أهل العراق يريدوك ـ كما زعموا ـ فاكتب إليهم فلينفوا عاملهم وعدوهم ثم أقدم عليهم فان أبيت إلا أن تخرج فسر إلى اليمن فان بها حصونا وشعابا وهي أرض عريضة طويلة ولأبيك بها شيعة وأنت عن الناس في عزلة فتكتب إلى الناس وترسل وتبث دعاتك فاني أرجو ان يأتيك عند ذلك الذي تحب في عافية.

واخبره الامام عن تصميمه على السفر وأنه قد بتّ به فقال له ابن عباس : إن كنت سائرا فلا تسر بنسائك وصبيتك فاني لخائف أن تقتل كما قتل عثمان ونساؤه وولده ينظرون إليه .

لقد أقررت عين ابن الزبير بخروجك من الحجاز وهو اليوم لا ينظر إليه احد معك.

وفقد ابن عباس اهابه واندفع بثورة عارمة فقال حسبما يروي المؤرخون : واللّه الذي لا إله إلا هو لو اعلم اني إن اخذت بشعرك وناصيتك حتى يجتمع علينا الناس اطعتني فاقمت لفعلت ولم يخف على الامام كل ما قاله ابن عباس فقد كان مصمما على غايته التي بها انتصار الاسلام.

وخرج ابن عباس وهو يتعثر في خطاه قد نخر الحزن قلبه فاتجه نحو ابن الزبير فقال له :

لقد قرت عينك بابن الزبير ثم أنشد :

يا لك من قنبرة بمعمر خلا             لك الجو فبيضي واصفري

ونقرى ما شئت أن تنقري

هذا الحسين يخرج إلى العراق ويخليك والحجاز .

ان الامام لو كان يروم الملك والسلطان لاستجاب لرأي ابن عباس ولكنه (عليه السلام) كان يبغي الاصلاح واعادة الحياة الاسلامية إلى واقعها المشرق وأيقن أن ذلك لا يتحقق إلا بالتضحية الحمراء فهي وحدها التي تحقق ما يصبو إليه.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.