المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19



اغتيالُ الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام)  
  
2950   11:26 صباحاً   التاريخ: 15-3-2016
المؤلف : باقر شريف القرشي .
الكتاب أو المصدر : حياة الامام الحسين
الجزء والصفحة : ج2, ص106-109.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن أبي طالب / شهادة أمير المؤمنين والأيام الأخيرة /

أطلّ على المسلمين شهر رمضان الذي أُنزل فيه القرآن وقد كان الإمام (عليه السّلام) على يقين بانتقاله إلى حظيرة القدس في بحر هذا الشهر العظيم فكان يجهد نفسه ويرهقها على أنْ يفطر على خبز الشعير وجريش الملح وأنْ لا يزيد على ثلاث لقم ـ حسب ما يقوله المؤرّخون ـ وكان يُحيي ليالي هذا الشهر بالعبادة ؛ ولمّا أقبلت ليلة الثامن عشر أحس الإمام (عليه السّلام) بنزول الرزء القاصم ، فكان برماً تساوره الهموم والأحزان وجعل يتأمل في الكواكب وهي مرتعشة الضوء كأنّها ترسل أشعة حزنها إلى الأرض وطفق يقول : ما كذبتُ ولا كُذّبت إنّها الليلة التي وُعِدْتُ فيها ؛ وأنفق الإمام (عليه السّلام) ليله ساهراً وقد راودته ذكريات جهاده وعظيم عنائه في الإسلام وزاد وجيبه وشوقه لملاقاة ابن عمّه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ؛ ليشكو إليه ما عاناه مِن أُمّته مِن الأود , وتوجّه الإمام (عليه السّلام) بمشاعره وعواطفه إلى الله يطلب منه الفوز والرضوان وقبل أنْ تشرق أنوار ذلك الفجر .

انطلق الإمام (عليه السّلام) فأسبغ الوضوء وتهيّأ إلى الخروج مِن البيت فصاحت في وجهه وزّ كأنّها صاحب ملتاعة حزينة تُنذر بالخطر العظيم الذي سيدهم أرض العرب والمسلمين , وتنبّأ الإمام مِن لوعتهن بنزول القضاء فقال : لا حول ولا قوّة إلاّ بالله صوائح تتبعها نوائح , وخرج الإمام (عليه السّلام) إلى بيت الله فجعل يوقظ الناس على عادته إلى عبادة الله ثمّ شرع في صلاته وبينما هو ماثل بين يدي الله وذكره على شفتيه إذ هوى عليه المجرم الخبيث عبد الرحمن بن ملجم وهو يهتف بشعار الخوارج : الحكم لله لا لك ؛ فعلا رأس الإمام (عليه السّلام) بالسيف فقدّ جبهته الشريفة التي طالما عفّرها بالسجود لله وانتهت الضربة الغادرة إلى دماغه المقدّس الذي ما فكّر فيه إلاّ في سعادة الناس وجمعهم على صعيد الحقّ ؛ ولمّا أحسّ الإمام (عليه السّلام) بلذع السيف انفرجت شفتاه عن ابتسامة وانطلق صوته يدوّي في رحاب الجامع قائلاً : فزتُ وربِّ الكعبة.

لقد كنتَ يا أمير المؤمنين أوّل الفائزين وأعظم الرابحين بمرضاة الله فقد سايرتَ الحقّ منذ نعومة أظفارك فلمْ تداهن في دينك ولمْ تؤثر رضا أحدٍ على طاعة الله قد جاهدتَ وناضلتَ مِن أجل أنْ تعلو كلمة الله في الأرض ووقيتَ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بنفسك ومُهجتك .

لقد فزتَ وانتصرتْ مبادئك وبقيتَ أنت وحدك حديث الدهر بما تركته مِن سيرةٍ مشرقةٍ أضاءت سماء الدنيا وغذّت الأجيال بجوهر الحقّ والعدل , وخفّ الناس مسرعين إلى الجامع حينما أُذيعَ مقتل الإمام (عليه السّلام) فوجدوه طريحاً في محرابه وهو يلهج بذكر الله قد نزف دمه , ثمّ حُمل إلى داره والناس تعجّ بالبكاء وهم يهتفون ـ بذوب الروح ـ : قُتلَ إمام الحقّ والعدل! قُتِلَ أبو الضعفاء وأخو الغرباء! واستقبلته عائلته بالصراخ فأمرهنَّ (عليه السّلام) بالخلود إلى الصبر , وغرق الإمام الحسن (عليه السّلام) بالبكاء فالتفت إليه الإمام (عليه السّلام) قائلاً : يا بُني لا تبكِ فأنت تُقْتَلُ بالسمّ ويُقْتَلُ أخوك الحُسين بالسيف , وتحقّق تنبّؤ الإمام (عليه السّلام) فلمْ تمضِ حفنةٌ مِن السنين وإذا بالحسن (عليه السّلام) اغتاله معاوية بالسمّ فذابت أحشاؤه وأمّا الحُسين (عليه السّلام) فتناهبت جسمه السيوف والرماح وتقطّعت أوصاله على صعيد كربلاء.

يقول المؤرّخون : إنّ الإمام الحُسين (عليه السّلام) لمْ يكن حاضراً بالكوفة حينما اغتيل أبوه وإنّما كان في معسكر النخيلة قائداً لفرقة مِن الجيش الذي أعدّه الإمام (عليه السّلام) لمناجزة معاوية وقد أرسل إليه الإمام الحسن (عليه السّلام) رسولاً يعرّفه بما جرى على أبيه فقفل راجعاً إلى الكوفة وهو غارق بالأسى والشجون فوجد أباه على حافّة الموت فألقى بنفسه عليه يوسعه تقبيلاً ودموعه تتبلور على خديه ؛ وأخذ الإمام العظيم يوصي أولاده بالمُثل الكريمة والقيم الإنسانية وعهد إليهم أنْ لا يقتلوا غير قاتله وأنْ لا يتّخذوا مِنْ قتله سبباً لإثارة الفتنة وإراقة الدماء بين المسلمين كما فعل بنو اُميّة حينما قُتِلَ عميدهم عثمان .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.