أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-06-2015
3140
التاريخ: 26-12-2015
3365
التاريخ: 20-7-2019
8261
التاريخ: 27-1-2016
5126
|
هو أبو سعيد أفلح بن عبد الوهّاب بن عبد الرحمن بن رستم الإمام الثالث في الدولة الإباضية في تيهرت بويع له بالإمامة (سنة ١٩٠) يوم وفاة أبيه. و مع أنّه كان ذا عزم و حزم ضابطا لأموره فقد كثرت عليه الفتن و الحروب. من أشهر حروبه و أكبرها حربه مع خلف بن السمح بن أبي الخطّاب عبد الأعلى (و كان السمح هو الإمام الأول بطرابلس و وزيرا لأفلح ثمّ واليه على جبل نفّوسة) . و لكنّ خلفا طمع في الإمامة (العامة) و نصب الحرب لأفلح. فولّى أفلح على جبل نفّوسة أبا الحسن أيوب بن العبّاس. و يبدو أن أبا الحسن هذا توفّي وشيكا فولّى أفلح بعده أبا عبيدة عبد الحميد الجنّاويّ (الأزهار الرياضية 2:152) فحارب أبو عبيدة خلفا و تغلّب عليه في ثالث عشر رجب من سنة ٢٢١. و قد نصب الحرب أيضا لأفلح رجل يعرف بابن فندين، كما كان عدد من القبائل يخرج عن طاعته مرّة بعد مرّة.
و كانت لأفلح صلات حسنة بملوك السودان (الغربي) و بملوك الأندلس الذين عاصر منهم ثلاثة هم الحكم الأول (١٨٠-206 ه) و عبد الرحمن الأوسط و محمّد بن عبد الرحمن (٢٣٨-٢٧٣ ه) . و لمّا بنى محمّد بن إبراهيم بن الأغلب قرب مدينة تيهرت مدينة سمّاها «العبّاسية» سار إليها أفلح و أحرقها، سنة ٢٢٧ (1) و كتب بذلك إلى الأمير عبد الرحمن الأوسط فأرسل إليه عبد الرحمن مائة ألف درهم (2).
و كانت وفاة أفلح سنة 240(855 م) بعد أن بقي في الإمامة خمسين سنة.
كان أفلح بن عبد الوهّاب فقيها، كما كان أديبا له نثر و نظم. و لم يكن في نثره و نظمه ابتكار، بل كانت آثاره مجموعا من الآراء العامّة المعروفة السائدة، إلاّ أن سبكه لهذه الآراء و الأقوال المعروفة كان سبكا سائغا جميلا ذا أثر في النفوس. و تكاد تكون جميع آرائه و تعابيره اقتباسا من القرآن و الحديث. و لآثاره قيمة واضحة هي أنّها تمثّل رأي الإباضية في الدين و الأخلاق و في المسلك العمليّ في الحياة.
مختارات من آثاره:
-النصيحة العامّة:
من أفلح بن عبد الوهّاب إلى من بلغه كتابنا هذا من المسلمين. أمّا بعد، فالحمد للّه الذي هدانا للإسلام و أكرمنا بمحمّد عليه السلام. و أبقانا بعد تناسخ (3) الأمم حتّى أخرجنا في الأمة المكرّمة التي جعلها أمّة وسطا شاهدة لنبيئها بالتبليغ و مصدّقة لجميع الأنبياء و شاهدة على جميع الأمم بالبلاغ من الأنبياء عليهم (4) السلام منّا من اللّه و رحمة. أرسل إلينا نبيئه محمّدا صلّى اللّه عليه و سلّم بالهدى و وعده بالنصر على الأعداء و ضمن له الفلج و الغلبة و وعده بالعصمة (5) و قال له عزّ و جلّ: «يا أَيُّهَا اَلرَّسُولُ، بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ. وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ. وَ اللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ» (6) . فأدّى ما أمره اللّه به و نصح لأمّته و دعا إلى سبيل ربّه و جاهد عدوّه و غلظ على الكفّار و لان للمؤمنين، فكان لهم كما وصفه اللّه تعالى رؤوفا رحيما. حتّى انقضت مدّته و فنيت أيامه و اختار له ربّه ما عنده فقبضه (7) إليه محمود السعي مشكور العمل صلّى اللّه عليه[وآله] و سلّم. فلم تبق خصلة من خصال الخير الدالّة على الرشد إلاّ دعا إليها و سنّها أو فرضها أو أوجبها، و لم تبق خصلة من خصال الشر الداغية إلى الهلكة إلاّ زجر عنها و أمر باجتنابها رحمة من اللّه لعباده. فله الحمد على ذلك كثيرا. ثمّ أمر تعالى بالجهاد في سبيله و القيام بحقّه و الأخذ بأمره و الانتهاء عمّا نهى عنه، و فرض الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و إغاثة الملهوف و القيام مع المظلوم و القمع (8) للظالمين لكيلا تقوم للشيطان دعوة و لا تثبت لأهل حزبه قدم و لا ينفذ لهم حكم. . .
ثمّ أحذّركم أهل البدع الذين لم يعرفوا حقّا فيتّبعوه و لم يلقوا أهل العلم فيقتبسوا منهم الدين. عاشوا مع أهل الجهل فخلا بهم الشيطان و نفخ في قلوبهم الكبر و أورثهم العجب فاستحيوا (9) أن يقولوا فيما لا يعلمون «لا نعلم» . فأفتوا برأيهم (10) أقواما جهلة لا يعرفون ما يقال لهم: قلّدوهم (11) دينهم و ألزموا أنفسهم الرأي فاتّبعوهم على بدعتهم فضلّوا و أضلّوا كثيرا و ضلّوا عن سواء السبيل. . . فاحذروا، معاشر المسلمين، من كانت هذه صفته و من حلّ بهذه المنزلة و رضيها لنفسه. و اعلموا أنّ من كان كهذا فقد صار من حزب الشيطان و أوليائه. . .
هذا، و قد بالغت إليكم في النصيحة و شرحت لكم الموعظة و رضيت لكم بما رضيت به لنفسي و نهيتكم عمّا أنهى عنه نفسي نصيحة للّه و اجتهادا في طلب رضائه. . .
- فضل العلم. قال من قصيدة له:
للّه عصبة أهل العلم إنّ لهم... فضلا على الناس غيّابا و حضّارا (12)
العلم علم، كفى بالعلم مكرمة... و الجهل جهل، كفى بالجهل إدبارا (13)
للعلم فضل على الأعمال قاطبة... عن النبيء روينا فيه أخبارا (14)
يقول: طالب علم بات ليلته... في العلم أعظم عند اللّه أخطارا
من عابد سنة للّه مجتهدا... صام النهار و أحيا الليل إسهارا
و قال: إنّ مداد الطالبين على... ثيابهم و على القرطاس أسطارا (15)
مثل (16) دم الشهداء المكرمين لهم... فضل؛ فأكرم بأهل العلم أخيارا
أكرم بهم من ذوي الفضل المبين، لهم... إرث النبوّة في أيديهم صارا (17)
و لا تكن جامعا للصحف تخزنها... كالعير يحمل بين العير أسفارا (18)
فاطلب من العلم ما تقضى الفروض به... و اعمل بعلمك مضطرّا و مختارا (19)
و اجعله للّه، لا تجعله مفخرة... و لا ترائي به بدوا و أحضارا (20)
مولاك يعلم ما تخفي الصدور، فلا... يكن لك الحلم من مولاك غرّارا (21)
و لا تداهن إذا ما قلت مسألة... أضررت بالدين-إن داهنت-إضرارا (22)
و عاشر الناس-و انظر من تعاشره... قصدا، و لا تكثرنّ الصحب إكثارا (23)
فربّ مكثر صحب لا يزال يرى... لنفسه قرناء السوء أشرارا
_____________________
١) في تاريخ ابن الأثير (6:5١٩) أن هذه الحادثة كانت في سنة ٢٣٩(نقلا عن فتوح البلدان للبلاذري، ص 234) ، فتكون الحادثة حينئذ في أيام الأمير محمّد.
٢) يقول الباروني (الأزهار الرياضيّة 186-١٨٧) أن أفلح كان يهادي ملوك الأندلس بالمال، و أنّ أفلح لم يتقرّب بإحراق العبّاسية تقرّبا لملوك الأندلس، بل كان ملك الأندلس هو الذي تقرّب من أفلح بالمال.
3) تناسخ الأمم (هنا) تطوّر بعض الأمم من بعض و ترقّيها في سلّم الحضارة.
4) هذه الجملة مقتبسة من ثلاث آيات: من سورة البقرة (2:143) «وَ كَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى اَلنّاسِ وَ يَكُونَ اَلرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً» ثمّ من سورة آل عمران (٣:١١٠) «كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ تَنْهَوْنَ (بفتح الهاء) عَنِ اَلْمُنْكَرِ» ثمّ من سورة النساء (4:4١) «فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَ جِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً» . -هذا مثال واحد، و معظم جمل أفلح تشبه ذلك.
5) العصمة (هنا) : الحماية من الناس (دفع ضرر الناس عن الرسول) ، راجع الآية المستشهد بها. الفلج الظفر.
6) راجع سورة المائدة (5:6٧) .
7) اختار له ربّه ما عنده (عند ربّه) : فضّل له الحياة الأخرى على هذه الحياة الدنيا. قبضه إليه: توفّاه (نقله من الحياة الدنيا إلى الحياة الأخرى) .
8) الملهوف: المظلوم الذي يطلب من الناس مساعدتهم. القمع: القهر و الإذلال.
9) الكبر: الجبر و التعاظم على الناس. العجب: الزهو (الافتخار) بالنفس. استحيا: غلبه الحياء أو الخجل.
10) أفتى برأيه: فسّر أمور الدين بعقله هو من غير رجوع إلى القرآن أو الحديث أو أعمال الصحابة.
11) الملموح هنا أن العامّة من الناس تابعوا الفقهاء في الاعتقاد و العبادات. و يمكن أن تعني أن الفقهاء قلّدوا العامّة الدين (فرضوه عليهم-جعلوه كالقلادة في أعناقهم) .
12) إنّك تستفيد من العالم إذا حضرت عليه شخصيّا أو إذا قرأت في كتبه (و لو بعد موته) .
13) الإدبار: تولي (ذهاب) النجاح و التوفيق عن الإنسان.
14) وصل إلينا عن النبيّ أحاديث في فضل العلم.
15) المداد: الحبر. الطالبون: طالبو العلم (التلاميذ) . القرطاس: الورق. الأسطار: السطور. -إنّ الحبر سواء أ كتبت به سطورا من العلم أو سقط على الثياب خطأ. . .
16) «مثل» فيها عيب (ينقص فيها مدّ: يجب أن يكون مكانها كلمة على وزن معنى أو رمى) .
17) في الحديث: العلماء ورثة الأنبياء.
18) العير: الحمار. في القرآن الكريم: «كَمَثَلِ اَلْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً» (6٢:5، سورة الجمعة) . يحمل كتبا و لا ينتفع بما فيها. العير (بالكسر) : القافلة.
19) ما تقضى الفروض به: ما يعلّمك أمور الدين (أو: ما تقرأه في صلاتك، مثلا) . اعمل بعلمك مضطرّا و مختارا (في كلّ حال) في أمور الدين و في غير أمور الدين.
20) أحضار (المقصود جمع حضر ضدّ البدو) .
21) إذا لم يعاقبك ربّك اليوم على ذنب اقترفته فلا تغتّر بذلك و تمضي في اقتراف ذلك الذنب تكرارا، فقد تعاقب على ذلك كلّه غدا.
22) المداهنة: المصانعة: (موافقة الناس على رأي أنت تعتقد في نفسك خلافه) .
23) عاشر الناس قصدا (باعتدال) لا تستكثر من الأصدقاء و لا تندفع في صداقة أحد بلا ضابط.
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|