المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24
من آداب التلاوة
2024-11-24
مواعيد زراعة الفجل
2024-11-24
أقسام الغنيمة
2024-11-24
سبب نزول قوله تعالى قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون الى جهنم
2024-11-24

البحث حول الراوي داود بن كثير الرقّي.
15/12/2022
الامير يخبر عن قصة قتله
5-01-2015
بنو امية واسلامهم
6-11-2017
Martin Ohm
17-7-2016
كسوف حلقي annular eclipse
6-11-2017
متى كان الله ؟
16-12-2020


الفرزدق  
  
13603   11:06 صباحاً   التاريخ: 29-12-2015
المؤلف : عمر فرّوخ
الكتاب أو المصدر : تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة : ج1، ص649-663
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-09-2015 7566
التاريخ: 25-12-2015 4512
التاريخ: 5-10-2015 8623
التاريخ: 10-04-2015 8602

هو أبو فراس همّام بن غالب بن صعصعة، من مجاشع بن دارم من بني تميم.

كان الفرزدق من فرع قويّ من بني تميم. و عرف جدّه صعصعة بأنه محيي الموءودات لأنه كان في الجاهلية يفدي كل فتاة يبلغ اليه أن أهلها يريدون أن يئدوها من فقر. و كان والده غالب يحيا حياة بدوية و يملك إبلا و أنعاما كثيرة. فلما بنيت البصرة (14 ه‍) نزل جنوبها، و اشتهر هنالك بكرمه. و أمّ الفرزدق لينة بنت قرظة الضبّيّة (1)، و جدّته لأبيه ليلى بنت حابس (2) أخت الاقرع بن حابس (3).

أما الفرزدق نفسه فقد ولد في كاظمة (4) نحو سنة 20 ه‍(642 م) في خلافة عمر بن الخطاب و نشأ هنالك نشأة بدوية. و الفرزدق لقب له لغلظ وجهه و شبهه بالرغيف (5).

لم يتصل الفرزدق بأحد من الخلفاء قبل الإمام عليّ[عليه السلام]: لما بدأ الفرزدق ينظم الشعر حمله أبوه إلى الإمام علي في البصرة نحو سنة 36 ه‍(657 م) و عمره يومذاك نحو خمسة عشر عاما، و جعله ينشد أمامه شيئا من شعره. و يقال إن الإمام عليّا نصحه يومذاك بأن يحفظ القرآن. إنّ ذلك يمكن أن يعني شيئين اثنين، أولهما إنّ شعر الفرزدق جيد فيحسن تثقيفه بلغة القرآن؛ و ثانيهما ان شعره رديء فيجب أن يترك قول الشعر و يشتغل بالقرآن فذلك أعود عليه. و على كل فانّ الفرزدق عمل بنصيحة الإمام عليّ و قيّد نفسه بقيد من حديد و لم ينزعه إلاّ بعد أن حفظ القرآن فيما يروى (6). و قد اثرت شخصية الإمام علي في الشاعر الناشئ تأثيرا عميقا.

نشأ الفرزدق على حب آل البيت[عليهم السلام] و على الاعتقاد بحقهم في الخلافة، و لكنه كان أحيانا يتظاهر بغير ما يعتقد حرصا على أن يتكسب من غير آل البيت[عليهم السلام] أيضا. و كانت حياة الفرزدق الشخصية حفلة بالقصف و المغامرات، و خصوصا في ولاية زياد بن أبيه على البصرة (45-53 ه‍) ، و الفرزدق يومذاك في عنفوان شبابه.

و بعد استشهاد الحسين[عليه السلام] (61 ه‍-680 م) و مقتل عبد اللّه بن الزبير سنة 73 ه‍(692 م) ، و كان العلويّون قد خسروا جاههم السياسي و خسروا معه أموالهم التي كانوا يجيزون منها الشعراء، انضمّ الفرزدق إلى شعراء الامويين تكسّبا لا اعتقادا.

مهاجاة الفرزدق و جرير:

تزوّج تميم بن علاثة، و هو رجل من بني سليط، بكرة بنت مليص من بني كليب؛ و قد اتّفق يوما أن ضربها فشجّها، فلقيه أخوها فلامه، فوقع بينهما لحاء. فضرب أخو بكرة تميما فشجّه. فهجا عطيّة بن الخطفى (والد جرير) تميما، لأن بكرة كانت من بني كليب قوم عطيّة. . . .

و بعد زمن تجاور بنو جحيش من بني سليط (أقارب تميم بن علاثة) و بنو الخطفى (أقارب جرير) في غدير بالقاع فتنازعوا، فجعل بنو الخطفى يهجونهم. و كان بنو جحيش لا يقولون الشعر فاستعانوا بغسّان بن ذهيل. . . . ابن سليط فهجا بني الخطفى.

علم جرير بذلك-و لم يكن قد قال الشعر بعد-فانتصر لأهله و هجا غسّان بن ذهيل برجز هو أوّل ما قاله من الشعر. . . . و لحم الهجاء بين جرير و غسّان. . . . ثم ان البعيث جعل يعين غسّان على جرير، فأخذ جرير يهجو البعيث (غ 8:16) . و لمّا أعان الفرزدق البعيث انقلب جرير إلى الفرزدق يهجوه.

و كانت وفاة الفرزدق في سنة 114 ه‍(732 م) .

الفرزدق شاعر مقتدر ألفاظه جزلة فخمة كثيرة الغريب. هذه الألفاظ تبلغ في ديوان الفرزدق نحو أربعين ألفا حتّى قيل: لو لا الفرزدق لذهب ثلث اللغة، و قيل لذهب ثلثاها. و تراكيب الفرزدق متينة شديدة الأسر إلى حدّ أنها تميل إلى التعقيد. أما معانيه فهو كثيرة متنوّعة لأن الفرزدق من الشعراء الذين قالوا في كلّ باب من أبواب الشعر، على أن في معانيه شيئا من الغموض في بعض الأحيان. و كان في طبع الفرزدق جفاء حمل إلى شعره شيئا من الخشونة و الصلابة. و شعره مطوّلات و مقطّعات، و هو ذو بديهة. و لقد جعله نفر من الرواة و النقّاد شبيها بزهير بن أبي سلمى.

و مع كثرة الفنون التي قال فيها الفرزدق فان فضله الأوّل في الفخر، و هو أحسن شعراء العصر الأموي فخرا (7). ثم ان فخره قد غلب على جميع فنونه حتّى أضرّ ذلك به في التكسب فقد كان لا يتمالك أن يدخل الفخر بنفسه و قومه في مدائح بني أمية فيغضب بنو أمية ثم يقطعونه و لا يعطونه. و قد أحسن الفرزدق في المدح و الهجاء بعض الاحسان، إلا انه شديد الإقذاع في هجائه. و قد أساء في الرثاء و الغزل. ثم إن له أشياء تستجاد في الوصف البدوي كوصف الذئب مثلا. و له أبيات مقلّدة (فيها حكمة) .

-للفرزدق نقيضة (8) من طوال قصائده تبلغ مائة و خمسة و عشرين بيتا فيها نسيب بدويّ يخالطه شيء من الألوان الحضرية، إلاّ أن فيه أيضا شيئا من السماجة. و الفرزدق يمدح في هذه النقيضة (عبد الملك) بن مروان متكسّبا و هو يعتذر بالقحط الشديد الذي كان جاء على البلاد. قال الطبري في أخبار سنة 68 ه‍(687-688 م) : «و في هذه السنة كان القحط الشديد بالشام حتّى لم يقدروا من شدّته على الغزو» (طبعة القاهرة 7:167) . و يفهم من قصيدة الفرزدق أن القحط توالى، و من المنتظر أن يكون قد امتد إلى البلاد التي هي أقل خصبا في الأصل. و في القصيدة أيضا فخر شهر به الفرزدق و هجاء لجرير. و فيها بيتان ذكر الفرزدق فيهما أمير المؤمنين (عبد الملك) بن مروان ليتخلّص منهما إلى وصف القحط فالى الفخر بقومه و بكرم قومه حتّى في مثل هذا القحط. قال الفرزدق:

عزفت بأعشاش، و ما كنت تعزف ... و أنكرت من حدراء ما كنت تعرف (9)

و لجّ بك الهجران حتّى كأنّما... ترى الموت في البيت الذي كنت تألف (10)

لجاجة صرم ليس بالوصل، إنّما... أخو الوصل من يدنو و من يتلطّف (11)

إذا انتبهت حدراء من نومة الضحى... دعت، و عليها درع خزّ و مطرف (12)

بأخضر من نعمان ثمّ جلت به... عذاب الثنايا طيّبا حين يرشف (13)

و مستنفزات للقلوب كأنّها... مها حول منتوجاتها تتصرّف (14)

إذا هنّ ساقطن الحديث كأنّه ... جنى النحل أو أبكار كرم تقطّف (15)

موانع للأسرار إلاّ لأهلها... و يخلفن ما ظنّ الغيور المشفشف (16)

يحدّثن، بعد اليأس من غير ريبة... أحاديث تشفي المدنفين و تشغف (17)

إذا القنبضات السّود طوّفن بالضحى... رقدن عليهن الحجال المسجّف (18)

و إن نبّهتهنّ الولائد بعد ما... تصعّد يوم الصيف أو كاد ينصف (19)

دعون بقضبان الأراك التي جنى... لها الرّكب من نعمان أيام عرّفوا (20)

فمحن به عذبا رضابا غروبه... رقاق و أعلى حيث ركّبن أعجف (21)

لبسن الفرند الخسروانيّ، دونه... مشاعر من خزّ العراق المفوّف (22)

فكيف بمحبوس دعاني، و دونه... دروب و أبواب و قصر مشرّف (23)

و صهب لحاهم راكزون رماحهم... لهم درق تحت العوالي مصفّف (24)

يبلّغنا عنها بغير كلامها... إلينا من القصر البنان المطرّف (25)

دعوت الذي سوّى السماوات أيده... و للّه أدنى من وريدي و ألطف (26)

ليشغل عنّي بعلها بزمانة... تدلّهه عنّي و عنها فنسعف (27)

بما في فؤادينا من الهمّ و الهوى... فيبرأ منهاض الفؤاد المسقّف (28)

فأرسل في عينيه ماء علاهما... و قد علموا أني أطبّ و أعرف (29)

فداويته عامين، و هي قريبة... أراها و تدنو لي مرارا فأرشف (30)

سلافة جفن خالطتها تريكة... على شفتيها و الذكيّ المسوّف (31)

فيا ليتنا كنّا بعيرين لا نرد... على حاضر إلاّ نشلّ و نقذف (32)

كلانا به عرّ يخاف قرافه... على الناس مطليّ المساعر أخشف (33)

بأرض خلاء وحدنا و ثيابنا... من الرّيط و الدّيباج درع و ملحف (34)

و لا زاد إلاّ فضلتان: سلافة... و أبيض من ماء الغمامة قرقف (35)

و أشلاء لحم من حبارى يصيدها... إذا نحن شئنا، صاحب متألّف (36)

لنا ما تمنّينا من العيش ما دعا... هديلا حمامات بنعمان هتّف (37)

إليك، أمير المؤمنين، رمت بنا... هموم المنى و الهوجل المتعسّف (38)

و عضّ زمان، يا ابن مروان، لم يدع... من المال إلاّ مسحتا أو مجرّف (39)

إذا اغبرّ آفاق السماء، و كشّفت... كسور بيوت الحيّ نكباء حرجف (40)

و هتّكت الاطناب كلّ عظيمة... لها تامك من صادق النّيّ أعرف (41)

و جاء قريع الشّول قبل إفالها... يزفّ، و راحت خلفه و هي زفّف (42)

و باشر راعيها الصّلى بلبانه... و كفّيه حرّ النار ما يتحرّف (43)

و أوقدت الشّعرى مع الليل نارها... و أمست محولا جلدها يتوسّف (44)

و أصبح موضوع الصّقيع كأنّه... على سروات النيب قطن مندّف (45)

و قاتل كلب الحيّ عن نار أهله... ليربض فيها و الصّلى متكنّف (46)

وجدت الثّرى فينا إذا يبس الثّرى ... و من هو يرجو فضله المتضيّف (47)

نرى جارنا فينا يجيز، و إن جنى... فلا هو ممّا ينطف الجار ينطف (48)

و قد علم الجيران أن قدورنا... ضوامن للأرزاق و الريح زفزف (49)

نعجّل للضّيفان، في المحل، بالقرى... قدورا بمعبوط تمدّ و تغرف (50)

ترى حولهن المعتفين كأنّهم... على صنم في الجاهلية عكّف (51)

قعودا، و خلف القاعدين سطورهم... جنوح و أيديهم جموس و نطّف (52)

و ما حلّ، من جهل، حبى حلماءنا... و لا قائل بالعرف فينا يعنّف (53)

و ما قام منّا قائم في نديّنا... فينطق إلاّ بالتي هي أعرف (54)

و لو تشرب الكلبى المراض دماءنا... شفتها، و ذو الداء الذي هو أدنف (55)

وجدنا أعزّ الناس أكثرهم حصى... و أكرمهم من بالمكارم يعرف (56)

و كلتاهما فينا إلى حيث تلتقي... قبائل لاقى بينهن المعرّف (57)

فما أحد في الناس يعدل درأنا... بعزّ، و لا عزّ له حين نجنف (58)

سيعلم من سامى تميما إذا هوت... قوائمه في البحر من يتخلّف (59)

لنا العزّة القعساء و العدد الذي... عليه إذا عدّ الحصى يتخلّف (60)

و لا عزّ إلاّ عزّنا قاهر له... و يسألنا النصف الذليل فينصف (61)

و منّا الذي لا ينطق الناس عنده... و لكن هو المستأذن المتنصّف (62)

تراهم قعودا حوله و عيونهم ... مكسّرة أبصارها ما تصرّف (63)

و بيتان: بيت اللّه نحن ولاته... و بيت بأعلى إيلياء مشرّف (64)

إذا هبط الناس المحصّب من منى... عشيّة يوم النّحر من حيث عرّفوا (65)

ترى الناس، ما سرنا، يسيرون خلفنا... و إن نحن أومأنا إلى الناس وقّفوا (66)

ألوف ألوف من دروع و من قنا... و خيل كريعان الجراد و حرشف (67)

فإنّك إن تسعى لتدرك دارما... لأنت المعنّى، يا جرير، المكلّف (68)

-هذه قصيدة طويلة تبلغ أبياتها مائة و أربعة أبيات هجا الفرزدق بها جريرا، و كانت تسمّى الفيصل (راجع البيت السادس عشر و شرحه) . من هذه القصيدة:

إنّ الذي سمك السماء بنى لنا... بيتا دعائمه أعزّ و أطول (69)

بيتا بناه لنا المليك، و ما بنى... حكم السماء فانّه لا ينقل (70)

بيتا زرارة محتب بفنائه... و مجاشع و أبو الفوارس نهشل (71)

يلجون بيت مجاشع؛ و إذا احتبوا... برزوا كأنّهم الجمال البزّل (72)

لا يحتبي بفناء بيتك مثلهم ...أبدا إذا عدّ الفعال الأفضل (73)

من عزّهم حجرت كليب بيتها ...زربا لديه كأنّهن القمّل (74)

ضربت عليك العنكبوت بنسجها... و قضى عليك به الكتاب المنزل (75)

إنّ الزحام لغيركم، فتحيّنوا... ورد العشيّ اليه يصفو المنهل (76)

حلل الملوك لباسنا في أهلنا... و السابغات إلى الوغى نتسربل (77)

أحلامنا تزن الجبال رزانة... و تخالنا جنّا إذا ما نجهل (78)

فادفع بكفّك إن أردت بناءنا... ثهلان ذا الهضبات، هل يتحلحل (79)

يا ابن المراغة، أين خالك؟ إنّني... خالي حبيش ذو الفعال الأفضل (80)

خالي الذي غصب الملوك نفوسهم... واليه كان حباء جفنة ينقل (81)

إنّا لنضرب رأس كلّ قبيلة... و أبوك خلف أتانه يتقمّل (82)

و شغلت عن حسب الكرام و ما بنوا... إنّ اللئيم عن المكارم يشغل (83)

إنّ التي فقئت بها أبصاركم... و هي التي دمغت أباك: الفيصل (84)

. . . . . . . . (85) إنّ استراقك، يا جرير، قصائدي... مثل ادّعاء سوى أبيك تنقّل (86)

ليس الكرام بناحليك أباهم... حتّى تردّ إلى عطيّة تعتل (87)

و زعمت أنّك قد رضيت بما بنى... فاصبر، فما لك عن أبيك محوّل (88)

- و قال الفرزدق يمدح الحجّاج بن يوسف:

أمير المؤمنين، و قد بلونا... أمورك كلّها رشدا صوابا

تعلّم أنما الحجّاج سيف... تجذّ به الجماجم و الرقابا

هو السيف الذي نصر ابن أروى... به مروان عثمان المصابا (89)

فمن يمنن عليك النصر يكذب... سوى اللّه الذي رفع السحابا

و لو أنّ الذي كشّفت عنهم...من الفتن البليّة و العذابا

جزوك بها نفوسهم و زادوا... لك الأموال ما بلغوا الثوابا

- وصف الذئب:

خرج الفرزدق في قافلة و معه شاة مذبوحة قد أعجله المسير عن أكلها. و شم ذئب رائحة الدم فلحق بالقافلة-و الفرزدق في نوبته من الحراسة. خاف الفرزدق فقطع يد الشاة و ألقى بها بعيدا عن القافلة. رجع الذئب و أكل اليد ثم تبع القافلة من جديد. . . و ما زال الفرزدق يقطع من الشاة عضوا عضوا و يرميها للذئب حتى شبع الذئب من لحم الشاة و رجع عن اللحاق بالقافلة. و لكن الفرزدق يروي في القصيدة أنه هو الذي دعا الذئب إلى القرى (الضيافة) و إنه لم يقتله كرما منه:

و أطلس عسّال، و ما كان صاحبا... دعوت بناري موهنا فأتاني (90)

فلما دنا قلت: ادن دونك، إنني... و إياك في زادي لمشتركان

فبتّ أسوّي الزاد (91) بيني و بينه... على ضوء نار مرّة و دخان

فقلت له لمّا تكشّر ضاحكا...و قائم سيفي من يدي بمكان (92)

تعشّ؛ فإن واثقتني لا تخونني.. نكن مثل من، يا ذئب، يصطحبان (93)

و انت امرؤ، يا ذئب، و الغدر كنتما ...أخيّين كانا أرضعا بلبان (94)

و لو غيرنا نبّهت تلتمس القرى... أتاك بسهم أو شباة سنان (95)

و كل رفيقي كلّ رحل و إن هما... تعاطى القنا قوماهما أخوان (96)

- حجّ هشام بن عبد الملك في خلافة الوليد اخيه و معه رؤساء أهل الشام، فجهد ليستلم الحجر (الأسود) فلم يقدر من ازدحام الناس. فنصب له منبر فجلس عليه ينظر إلى الناس. و أقبل علي بن الحسين[عليه السلام] فطاف بالبيت فلما بلغ الحجر الأسود تنحى الناس كلهم و أخلوا له الحجر ليستلمه هيبة و إجلالا له. فقال رجل لهشام: من هذا، أصلح اللّه الامير؟ قال: لا أعرفه، و كان به عارفا، و لكنه خاف أن يرغب فيه أهل الشام و يسمعوا منه. فقال الفرزدق، و كان لذلك كله حاضرا: أنا أعرفه. ثم قال:

هذا الذي تعرف البطحاء وطأته... و البيت يعرفه و الحلّ و الحرم (97)

هذا ابن فاطمة ان كنت جاهله... بجدّه أنبياء اللّه قد ختموا (98)

و ليس قولك: «من هذا؟» بضائره... العرب تعرف من أنكرت و العجم

ما قال: «لا» قطّ إلاّ في تشهّده... لو لا التشهد كانت لاؤه نعم (99)

يغضي (100) حياء و يغضى من مهابته... فما يكلّم إلاّ حين يبتسم

يكاد يمسكه عرفان راحته ... ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم (101)

ينشقّ ثوب الدّجى عن نور غرّته... كالشمس تنجاب عن إشراقها الظلم

من معشر (102)حبهم دين، و بغضهم...كفر، و قربهم منجى و معتصم

فحبسه هشام.

_________________________

1) غ 19:2.

2) معجم الشعراء 466.

3) راجع، فوق، صفحة 272، راجع 273-274.

4) راجع الشعر و الشعراء 290، السطر الأخير. كاظمة: هي الجهرة الحالية، شرق مدينة الكويت اليوم.

5) الفرزدق: تعريب للكلمة الفارسية «برازده» (خبز، رغيف) .

6) الكامل 16.

7) طبقات الشعراء 87؛ العمدة 1:79.

8) راجع، فوق، ص 361.

9) عزفت بأعشاش: صددت عن اللهو مع النساء في أعشاش و كرهته، و ما كنت تفعل ذلك من قبل. حدراء بنت زيق: فتاة نصرانية تزوجها الفرزدق بعد امرأته النوار. و ماتت حدراء في أيام الفرزدق فرثاها الفرزدق رثاء يسيرا بلا مبالاة. أنكرت ما كنت تعرف: (أصبحت كارها للأمور التي كنت تحبها في حدراء) .

10) و تطرفت في الكره حتى هجرت زيارة حدراء هجرا تاما. . . .

11) تطرفا يدل على أنك تريد قطع صلتك بها من غير أن ترجع إلى وصلها (استئناف صلتك بها) ، لأن أخو الوصل (الذي يريد انشاء صلة) يتقرب إلى الناس و يرفق في كلامهم و معاملتهم.

12) الضحى: ارتفاع النهار (كانت حدراء منعمة تنام إلى ارتفاع النهار لأنها لم تكن مضطرة إلى قضاء حاجات بيتها بنفسها) . الدرع: قميص تلبسه المرأة. خز: حرير. المطرف (بضم الميم أو كسرها و بالراء المفتوحة) : رداء من خز (حرير) مربع و فيه أشكال (يرتدى فوق الملابس) .

13) -. . . . (طلبت غصنا) أخضر من (شجر الأراك الذي ينبت في وادي) نعمان (وراء جبل عرفات قرب مكة) ثم جلت به (غسلت أسنانها ثم فركتها بذلك الغصن) . غصن الاراك يتشعث و يصبح كالفرشاة. عذاب: حلوة (الريق) . الثنايا (المقصود الاسنان) . طيبا (ريقها) حين يرشف (يشرب، يمص) .

14) مستنفزات (محركات) للقلوب: مثيرات للعاطفة. مها جمع مهاة: البقرة الوحشية (نوع من الغزلان) . منتوجاتها: أولادها. تتصرف: تذهب و تجيء (إذا كان للأنثى طفل فإنها تكون ذات حنان و عطف) .

15) ساقطن الحديث: تحدثن، تبادلن الحديث، إذا حاورن أحدا. جنى النحل: العسل. أبكار كرم: العنب في أول نضجه (يكون فيه شيء من الحموضة و من الطعم الواضح) . تقطف: تقطع من الشجيرة (حديثا) .

16) الاسرار جمع سر: الزواج. موانع للأسرار إلا لأهلها: لا يتزوجن إلا أكفاءهن. المشفشف: الشديدة الغيرة. -يخلفن ما ظن الغيور: لا يعملن ما يحمل أحدا على ظن السوء بهن (هن مصونات عفيفات) .

17) يحدثن (يبذلن الحديث) بعد اليأس (بعد أن قنط المحب من عطفهن) من غير ريبة (تهمة، سوء ظن، ما يدعو إلى الفساد) . المدنف: الذي ثقل مرضه (من الحب) . تشغف: تمتلك العقل و تغلب على القلب.

18) القنبضة: المرأة القصيرة الدميمة (المحتاجة إلى السعي على رزقها أو إلى خدمة بيتها) طوفن بالضحى (بدأن يعملن منذ الصباح الباكر) رقدن (أولئك النسوة الجميلات الغنيات المنعمات) عليهن (مسدولا عليهن) . الحجلة (بفتح ففتح) : ستر تنام المرأة وراءه: المسجف: المرخى

19) الوليدة: الخادم. تصعد اليوم: مر قسم منه. نصف (بفتح الصاد) ينصف (بضم الصاد) و أنصف: صار نصفه.

20) دعون بقضبان الاراك (راجع، فوق، ص 562، الحاشية 5) . التي جنى لها (قطفها خصيصا لهن) الركب من نعمان أيام عرفوا (الحجاج بعد أن نزلوا من جبل عرفات) -لم يقطفها التجار بل الحجاج ثم قدموها اليهن هدية بعد أن تخيروا الأفضل منها (تحببا اليهم و اكراما لهن لا حبا بالربح) .

21) ماح: استاك، نظف أسنانه بالسواك أو بفرشاة الاسنان. عذبا رضابا: (فما ذا ريق حلو) . غروبه: (أسنانه) . و أعلى حيث ركبن (أي اللثة) أعجف (نحيله، لأن اللثة المتضخمة تكون مريضة و مستسقية فيها دم فاسد وقيح) .

22) الفرند الخسرواني: نوع من الثياب (ثياب ملوكية) . دونه: تحته: مشاعر جمع مشعر: ثوب يلبس مما يلي الجسد (مشاعر منصوبة على الحال) . مفوف: كثير الألوان.

23) محبوس: (فتاة) مصونة. دعاني: دعاني الحب اليها. دونها: بينها و بين الناس (لا يصل اليها أحد) . الدرب: الطريق (الصعب) في الجبل. أبواب: أبواب كثيرة عليها حجاب. مشرف: له شرفات (كناية عن علوه) .

24) . . . . و حراس لحاهم صهب (حمر) ، فهم روم يونانيون. ركز الرمح: غرزه في الأرض (منصوبا) . درق جمع درقة (بفتح الدال و الراء) : الحجفة (بفتح الحاء و الجيم) : قطعة من جلد تلبس تحت الدرع لتزيد في حماية الصدر عند القتال (راجع القاموس 3:126،163،230) . مصفف: قطع جلد بعضها فوق بعض (؟) .

25) البنان: أطراف الأصابع. المطرف: المصبوغ. -تشير الينا من القصر بيدها التي صبغت أطرافها باللون الأحمر (كناية عن الجمال و التنعم) فنفهم ما تريد.

26) أيده: قوته. و اللّه أدنى (أقرب) من وريدي (من حبل الوريد: العرق الناقل للدم حينما يصل إلى العنق) . اللطيف: العالم بخفايا الأمور.

27) الزمانة: العاهة المزمنة (القديمة الصعبة الشفاء) . تدلهه: تحيره حتى يغفل عما حوله. نسعف، نساعد، (يتسع لنا المجال حتى نتلاقى) .

28) المنهاض: (العظم) الذي كان قد كسر ثم جبر ثم كسر ثانية. المسقف (الكسر) الذي لا تزال عليه الجبيرة.

29) الماء الازرق أو الأسود إذا علا العين (جاء تحت غشائها) منع البصر. أطب (أحسن تطبيبا) و أعرف (أكثر معرفة بهذا المرض) .

30) أرشف: أمص الريق عند التقبيل.

31) السلافة: أول عصير العنب. الجفن لعله نوع من العنب ينمو في الطائف (راجع القاموس 4:209 السطرين 6-7 من أسفل) . تريكة: بقية من ريقها (على شفتيها) . الذكي (المسك) الشديد الرائحة المسوف (المرغوب في شمه) .

32) لا نرد على حاضر: لا نمر بمكان معمور (مسكون) . نشل: نطرد. نقذف: نرمي بالحجارة. لا وجه لجزم «نرد» . في رواية: لا نرى.

33) العر: الجرب. القرأف: العدوى بداء يقتل (راجع القاموس 3:184، السطرين 13-14) . مطلي: مدهون (بالقطران) . المسعر: أثناء الجسد (كالإبط و ما بين الأصابع) . أخشف: يابس (من اشتداد الجرب فيها) .

34) الريطة: نوب من قطعة واحدة منسوجة نسجا لينا رقيقا. الديباج: الحرير. الدرع: ثوب تلبسه المرأة مما يلي جسدها. الملحف: رداء يلبس فوق الثياب ليدفع البرد (القاموس 3:195 ع) .

35) زاد: طعام. فضلة: بقية (شيء يكفي لدفع الجوع) . سلافة: خمر. و أبيض من ماء الغمامة: شيء من ماء المطر الصافي. القرقف: البارد (راجع القاموس 3:185، السطر 3) .

36) أشلاء: قطع من لحم. حبارى: نوع من الطير. صاحب متألف: صقر أو بازي يحسن الصيد.

37) الهديل (هنا) : فرخ الحمام (القاموس 4:67، السطر الأخير) . هتف جمع هاتف و هاتفة: صائح. ما دعت الحمام أفراخها (دائما) .

38) جاء بنا اليك هموم المنى (آمالنا بما سننال منك) و الهوجل (الأرض الواسعة) المتعسف (الصعبة المسلك إذ لا علامات يهتدى بها المسافر فيها) . -آمالنا العظيمة في عطاياك جعلنا نأتي من مكان بعيد و نقطع فلاة واسعة شديدة على المسافرين.

39) اشتد الزمان علينا بالقحط حتى أنه ما ترك شيئا يقتات أحد به. المسحت: ما بقي من الشيء بعد استئصاله (القاموس 1:149، السطر 7 من أسفل) . المجرف: الباقي من الشيء بعد أن يجرفه السيل الخ) . و بعد هذا البيت أبيات في وصف الصحراء و الناقة.

40) إذا اغبر (أظلم) آفاق (أطراف: نواحي) السماء بالغبار الأحمر (للجفاف و قلة الغيوم) ثم ان النكباء (الريح التي تهب من كل مكان) الحرجف (الشديدة الهبوب الباردة) كشفت (أطارت الاستار و الامتعة في) كسور البيوت (الكسر بفتح الكاف أو كسرها: جانب البيت) .

41) ثم جاءت النياق العظيمة ذوات التامك (السنام العظيم) من صادق التي (من السمن الخالص الصرف) . أعرف: طويل العرف. لها تامك أعرف (طويل) . و هتكت الاطناب (لما اشتد البرد جاء النياق تريد الدخول إلى البيوت من البرد فقطعت حبال الخيام و هدمت الخيام) .

42) القريع: فحل الابل الذي يترك سارحا و لا يربط بحبل. الشول: الابل التي شالت (ارتفعت، خفت) ألبانها. افالها: صغارها. زف: أسرع. -جاء القريح (نحو الخيمة هربا من البرد) و كانت الابل الصغار تتبعه مسرعة وراءه.

43) و ألصق راعي الابل صدره و كفيه بموقد النار و لم يكن يتزحزح عنه أو يميل يمنة أو يسرة.

44) الشعرى الشامية: نجم يظهر في الشتاء أول الليل على الأفق الشرقي ثم يبلغ في منتصف الليل كبد السماء. أوقدت نارها: أصبحت في ذروة ظهور نورها (في منتصف الليل حينما يبلغ البرد أشده) . و أمست (الأرض) قاحلة يطير التراب عن وجهها لشدة القحط.

45) الثلج على ظهور الابل كالقطن المندوف.

46) و قاتل الكلب أهله ليبعدهم عن النار و يبرك هو مكانهم، بينما كان الناس يتكنفون النار (يحيطون بها من كل جانب) .

47) (في مثل هذه الحال من القحط) تجد الثرى (الخير الكثير و الكرم) إذا يبس الثرى (وجه الارض بالقحط) و وجدت فينا الرجل المضياف الكريم الذي يثق الناس بكرمه.

48) ثم ترى جارنا ضيفنا يجيز: يحمي (الناس الذين يلجئون اليه اعتمادا على قوتنا و عزنا و كرمنا) . ثم يكون عندنا آمنا و لا يهلك (بالجوع أو باعتداء الآخرين عليه، كما يتفق لجيران غيرنا) .

49) زفزف: شديدة الهبوب باردة.

50) المحل: القحط. القرى: الضيافة. المعبوط: اللحم الطري الذي ذبحت ابله أو غنمه حديثا. تمد (تملأ باستمرار كلما نقصت) و تغرف (يغرف منها، يسكب منها للناس) .

51) المعتفون: طالبو المعروف، المحتاجون. عكف: يقفون حول شيء ما في دائرة (مع المواظبة و الخشوع) .

52) . . . تجد قسما منهم قعودا، و قسما كبيرا آخر وقوفا، بعضهم قد أكل و شبع فكان السمن قد جمس (جمد) على كفه، و آخرون لا يزالون يأكلون و لا تزال أيديهم تنطف (تقطر، تسيل) بالسمن.

53) الحبوة (بفتح الحاء) : شملة يربطها سيد القوم من ظهره إلى ركبتيه و يجلس وقورا يحكم بين الناس. يقول الفرزدق (حسب قراءة النقائض 564: حل بضم الحاء) : لا يبلغ الجهل من سادتنا أن يحل أحدهم حبوته (أي إلى أن يغضب) . و أود أنا أن-أقرأ: حل (بفتح الحاء) : لا يغضب سادتنا مهما خاطبهم الناس بجهل و افتراء. (من جهل: من حرف جر زائد، جهل مجرور لفظا مرفوع محلا على أنه فاعل «حل») . و لا يعنف: لا يلام (لا يخطئ) أحد منا مع أنه يقول بالعرف (بالحكم الشخصي مع غير رجوع إلى قانون موضوع-أقوالنا قوانين و قواعد للسلوك) .

54) الندي: مجتمع القوم. أعرف: أعلم (بالأمور، لا يخفى عليه شيء منها) .

55) و لو شرب المرضى المصابون بالكلب (بفتح الكاف و اللام) دماءنا لشفوا (بفتح اللام و ضم الشين و الفاء) لأننا ملوك (تقول الخرافات: ان دماء الملوك تشفي من داء الكلب) . و من هو أدنف (و كذلك دماؤنا شفاء لمن كان مرضهم أشد من مرض الكلب) .

56) أعز الناس: أقواهم. أكثرهم حصى: أكثرهم عددا. بالمكارم يعرف: يشتهر بالمكارم.

57) المعرف: جبل عرفات حيث يجتمع الحجاج من كل أمة (حيث يجتمع كل الناس) . -نحن أقوى البشر و أكثر الأمم عددا في كل مكان.

58) يعدل: يوازي (يقاربنا، يشبهنا) . الدرء: الدفاع (القدرة و الشجاعة) . و لا عز له حين نجنف: ليس لأحد من الناس عز (قوة) يستطيع أن يدفع به جنفنا (ظلمنا، اعتداءنا) عنه.

59) الماء قليل في البادية، لذلك كانت القبائل القوية إذا وردت الماء مع غيرها من القبائل تتقدم فتستقي هي أولا و تسقي انعامها. و إلى هذا يشير الفرزدق فيقول: إن من اراد أن ينافس بني تميم في عزهم و قوتهم سيعلم مقامه الحقيقي إذا ذهب إلى الماء و رأى الانعام التي تسبق إلى الشرب فيحكم لأصحابها بالتقدم. إنها أنعامنا نحن.

60) العزة: القوة. القعساء: العالية، العظيمة. عددنا يقل عنه عدد الحصى (الحجارة الصغيرة) .

61) و يسألنا (الرجل الضعيف) الذليل النصف (الانصاف، الانتصاف، أن نأخذ له بحقه من الذين ظلموه) فينصف (فنستطيع أن نأخذ له بحقه من جميع الناس) .

62) و فينا نحن فقط ذلك الرجل الذي إذا كان في مجلس ثم تكلم فلا يجسر أحد أن ينطق في حضرته (لا يجسر أن يقاومه و لا أن يقول كلاما صائبا مثله) . المستأذن: الذي يطلب الآخرون الاذن منه بالكلام. المتنصف. السلطان (الوالي) الذي يلجأ اليه الناس طلبا للانتصاف من الذين ظلموهم (راجع القاموس 3:200، السطر 7 من أسفل) .

63) عيونهم مكسرة أبصارها: مطرقون إلى الأرض احتراما له و هيبة منه. ما تصرف-ما تتصرف: لا تنظر يمنة أو يسرة.

64) بيت اللّه: الكعبة، و ايلياء القدس (يقصد المسجد الأقصى) .

65) المحصب: المكان الذي يلقي فيه الحاج الحصباء (الحصا، الحجارة) لرجم الشيطان، و ذلك من مناسك الحج. و المحصب في منى (بكسر الميم و فتح النون و ياء مقصورة بلا تنوين) شرق مكة. النحر: ذبح الانعام و هو من مناسك الحج أيضا. يوم النحر: يوم الذبح، يوم عيد الأضحى، بعد تمام مناسك الحج. عرفوا: وقفوا بعرفة (قبل يوم النحر) .

66) أومأ: أشار.

67) القنا: الرماح. كريعان الجراد: مثل الجراد في العدد و في اشتداد الحركة. الحرشف: الرجالة (القاموس 3:126، السطر 4 من أسفل) ، المشاة في الحرب.

68) لتدرك دارما: حتى تبلغ منزلة دارم (قوم الفرزدق) . المعنى: الذي يتعب نفسه. المكلف: الذي يطلب منه أمر فوق طاقته!

69) سمك: رفع. بنى لنا بيتا (من العزة و الجاه و الحكم) . الدعائم جمع دعامة (بكسر الدال) : عمود البيت. أعز (أشد) و أطول (أعلى) من كل ما بني الآخرون.

70) المليك، حكم السماء: اللّه. -ما جعله اللّه لنا لا يعطى لغيرنا.

71) زرارة بن عدس (بضم العين و الدال) و مجاشع و نهشل ابنا دارم: من سادة بني تميم في الجاهلية. محتب: (راجع ص 656، الحاشية 10) . فناء البيت: باحته. -هؤلاء المشاهير كانوا سادة في بني تميم، و نحن ورثنا السيادة (على الناس) منهم.

72) كانوا إذا دخلوا بيت مجاشع ليعقدوا مجلس القبيلة ظهروا و كأن كل واحد منهم جبل قائم (لعظمتهم و هيبتهم و وقارهم) .

73) لا يجتمع مثل هؤلاء، يا جرير، في بيتك (للأمور الحميدة العظيمة، لكن قد يجتمع نفر منكم للشر و الدناءة) .

74) كان بنو كليب (في ذلك الزمن) يلزمون بيوتهم من خوفهم من هؤلاء (لم يكن لأسلافك، يا جرير، مكانة في أيام أسلافي هؤلاء) . القمل (هنا) : نوع من الجراد صغير لا أجنحة له. و القمل أيضا: النمل الأحمر الصغير؛ و حشرات صغيرة تكون في شعر الانسان و بدنه. و التشبيه هنا للاحتقار و الهجاء، و لكن وجه الشبه فيه غير واضح.

75) أنت ضعيف إلى درجة أن نسج العنكبوت يقيدك و يمنعك الحركة. و قضى عليك به (دل على ضعف بيت العنكبوت) الكتاب المنزل (القرآن الكريم) : في القرآن الكريم في سورة العنكبوت: «. . . . وَ إِنَّ أَوْهَنَ (أضعف) اَلْبُيُوتِ لَبَيْتُ اَلْعَنْكَبُوتِ، لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ» (29:41) .

76) الزحام: المنافسة، المسابقة (لورود الماء في طليعة الواردين) لغيركم (يا بني تميم، انه للأقوياء) . تحينوا: انتظروا انتهاء جميع الناس من ورد الماء للشرب و للاستقاء، عند المساء، حينئذ يكون المورد صافيا لكم (لا أحد عليه، و لكن الماء نفسه لا يكون حينئذ صافيا، و لا يكون هنالك أحيانا ماء أصلا) .

77) الحلل جمع حلة (بضم الحاء) : ثوب من قطعتين له بطانة. السابغات جمع سابغة: الدرع. الوغى: الحرب. نتسربل: نلبس.

78) الاحلام: العقول. رزانة: ثقل، وقار. الجهل؛ (الاندفاع مع العاطفة) .

79) إذا أردت، يا جرير، أن تهدم بناءنا (عزنا، أن يأخذ قومك مكاننا في القبيلة) فجرب قوتك في زحزحة جبل ثهلان من موضعه. الهضبة: البقعة من الأرض المنبسطة إذا كانت مرتفعة عن سطح البحر. ذو الهضبات: كناية عن اتساع هذا الجبل و عظمه.

80) المراغة: الاتان، الحمارة. ابن المراغة: ام جرير لقبها بذلك الفرزدق (القاموس 3:112، السطر الثاني من أسفل) فلزمها و ثبت عليها. أين خالك: ما مكانة خالك في الناس؟ حبيش بن دلف (بضم الدال و فتح اللام) بن عسير بن ذكوان الضبي كان قد أسر عمرو بن الحارث بن أبي شمر (بفتح الشين و كسر الميم) الغساني من أمراء الشام فجز ناصيته و اشترط عليه أن يبعث اليه في كل سنة بحباء (عطاء، غرامة) حتى يموت. الفعال (بفتح الفاء: مفرد مذكر) : العمل الحميد.

81) آل جفنة: الغساسنة أمراء الشام (راجع الحاشية السابقة) .

82) نحن نقاتل الملوك بينما يقضي أبوك حياته قاعدا وراء أتانه يتقمل (ينقي ثيابه من القمل) .

83) ان صغارة نفسك شغلتك (ألهتك) عن حسب الكرام (الاعمال الحميدة العظيمة التي يعملها كرام الناس و عظماؤهم) .

84) هذه القصيدة فقأت أبصاركم (سردت من مخازيكم ما لا تستطيعون انكاره و ألزمتكم الخضوع) ، ثم هي دمغت أباك خاصة (أصابته على دماغه لأنها تناولت الكلام على دنائته و هوانه و ضعفه) ، ثم كانت فيصلا (فاصلا بين الحق و الباطل بيننا و بينكم فاقتنع الناس كلهم بقوتنا و بحقنا في رئاسة بني تميم دونكم) .

85) هنا أبيات يفتخر فيها الفرزدق بأنه ورث الشعر الجيد عن نفر من القدماء (راجع، فوق، ص 87) .

86) استرق فلان شيئا: جاء مستترا إلى حرز (مكان مغلق) فأخذ ذلك الشيء منه (أنت تحاول، يا جرير، أن تسرق قصائدي: أن تنظم قصائد جيادا مثل قصائدي) . هذا العمل يشبه دعواك بأنك تنتسب إلى تميم (بينما أنت تنتسب إلى بني كليب بن يربوع الفرع الضعيف من بني تميم لا إلى مجاشع بن دارم الفرع القوي من تميم) . تنقل محاولة للانتماء إلى أب قوي عظيم (؟) لعلها «تنقل» (بالفاء بنقطة واحدة) : أن يطلب الانسان فوق حقه (راجع القاموس 4:59، السطرين 7-8 من أسفل) .

87) ان الكرام لا يهبونك آباءهم (لا يقبلون أن تنتسب اليهم، بل يردونك إلى عطية) يذكرونك بأنك ابن عطية بن الخطفى الذي هو من بني كليب بن يربوع. و إذا أصررت على الانتساب اليهم، ظلوا يعتلونك (يضربونك بالعتلة-بفتح العين و التاء-و هي الهراوة الغليظة) حتى تقنع بأبيك الحقيقي.

88) بعدئذ زعمت (ادعيت) أنك مسرور بأبيك و صرت تفتخر بأعماله. فاقتنع، اذن، بذلك؛ انك لن تستطيع ان تتحول عن (الضعف و الهوان اللذين ورثتهما عن) أبيك!

89) مروان بن الحكم نصر عثمان بن عفان المقتول، و اروى هي أم عثمان. و المعروف ان الحجاج بن يوسف انتقم من بعض الذين قتلوا عثمان.

90) أطلس: (ذئب) أغبر، لونه لون الغبار. عسال: يتلوى في مسيره لنحوله (من الجوع) . دعوت بناري أضرمت النار حتى يراها فيأتي. -كان الجاهليون يوقدون نارا خاصة اسمها نار القرى تكون علامة لكل محتاج إلى الضيافة أو إلى الطعام. موهنا: بعد نصف الليل.

91) أقسمه بالسوية.

92) تكثر: أبدى أسنانه، كناية عن التهديد. الفرزدق يفسر ذلك بأن الذئب مسرور بالضيافة. و قائم سيفي الخ: السيف قريب من يدي لأضربه به إذا هجم علي.

93) نكن، يا ذئب، مثل من يصطحبان: أي صديقين.

94) اللبان (بفتح اللام) : الثدي؛ (و بالكسر) : الرضاع، اللبن. -يقول: كنت، يا ذئب، أنت و الغدر أخوين صغيرين و رضعتما من ثدي واحد (الغدر) فالغدر طبع لك (رضعته مع الحليب) .

95) الشباة: نصل الرمح. -لو طلبت ضيافة غيرنا في الليل لقتلك.

96) كل رفيقين في السفر صديقان، و ان كان شعباهما عدوين.

97) البطحاء: أرض مكة. وطأته: سيره على الأرض. البيت: الكعبة. الحل: السنة ما عدا موسم الحج. الحرم: موسم الحج، حينما يحرم الناس فينقطعون عن كل شيء إلا العبادة. -المعنى: كل الناس يعرفون هذا الذي تسأل عنه و كل الأشياء تعرفه.

98) فاطمة بنت محمد رسول اللّه[صلى الله عليه وآله]. بجده أنبياء اللّه قد ختموا: جده أفضل الأنبياء، و لا نبي بعده.

99) التشهد قراءة التحيات في جلوس الصلاة، و فيها: اشهد ان «لا» اله إلا اللّه. -لا يقول «لا» إلا في التشهد: يجيب الناس إلى كل ما يطلبون كرما منه و حسن أخلاق.

100) أغضى: غض من بصره. راجع ص 635، الحاشية 1، و ص 636 السطر الاول.

101) الحطيم: جانب الكعبة حيث يوجد الحجر الاسود. استلم: الحجر الاسود: قبله. -حتى الحجر الاسود يعرفه: فاذا جاء ليقبله أمسك براحته لأنه يعرفها (يفهم من هذا البيت ان الاستلام هو المس بالكف. و يمكن أن يكون هذا من الادلة على ان القصيدة ليست للفرزدق، لأن الفرزدق لا يمكن أن يجهل ان الاستلام هو التقبيل بالفم لا الأخذ باليد، كما أصبح معنى الكلمة في الأعصر المتأخرة) .

102) من معشر. . . : من آل بيت رسول اللّه.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.