أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-09-29
151
التاريخ: 30-12-2016
2273
التاريخ: 28-12-2016
2103
التاريخ: 1-2-2016
6504
|
التفاعل بين الجاذبية والضوء
تركزت الدراسة للميكانيكا حتى الآن على فهم كيفية حركة الاجسام او اتزانها تحت تأثير القوى. ويصف قانون الجاذبية العام ان هناك قوة تجاذبية أساسية بين كتلتين. على التأثير الجاذبية في تحديد المدارات الدائرية للكواكب والتوابع الارضية وعلى دورها في تعجيل الأجسام الساقطة بالقرب من سطح الأرض. لكننا حتى الآن لم نكر شيئاً عن إحدى الظواهر اليومية وهي المتعلقة بحركة الضوء. وبالرغم من ان للضوء طاقة وكمية تحرك فإنه لا يحتوي على مادة وليس له كتلة، وهذا ما سوف يناقش في فصول لاحقة. والسؤال الآن هو هل تستطيع قوة الجاذبية التأثير على حركة شيء لا يتكون من المادة؟ ليس في نظرية نيوتن ما ينبئ عن مثل هذا التأثير.
من أهم المشاهدات العامة أن الضوء يسير في خطوط مستقيمة. والحقيقة أننا نستخدم هذه الخاصية في تعريف الخطوط المستقيمة في الأعمال المساحية وقياس المسافات. كذلك يشار إلى " أشعة " الضوء على انها تصف اتجاه حركة الضوء. من المعلوم أيضاً أن الشعاع الضوئي يمكن أن " ينثني " أو ينكسر عند انتقاله من مادة شفافة إلى اخرى؛ عندما يدخل الضوء من الهواء إلى الزجاج أو الماء من الهواء مثلاً. ولكن الضوء لا ينحرف أبداً عن المسار الخطي المستقيم عند انتقاله في الفضاء أو حتى في الهواء عندما يكون ضغطه ودرجة حرارته منتظمتين. فمثلاً لا يلاحظ إطلاقاً أن الحزمة الضوئية الموازية للأرض تتخذ مساراً منحنياً كمسار المقذوف. يبدو إذن أن الضوء لا يتأثر بالجاذبية الأرضية.
الخاصية الثانية للضوء هي أنه يتحرك في الفضاء بنفس السرعة وهي3×108 m/s . وهكذا يبدو أن خبرتنا تؤكد ان الضوء لا يعاني أي تسارع ، وأن سرعته تظل ثابتة في المقدار والاتجاه. هاتان الخبرتان السابقتان تقترحان إذن أن الجاذبية لا تؤثر على الضوء بأي قوة كانت.
ومع ذلك فقط استطاع ألبرت أينشتين في سنوات ما قبل الحرب العالمية الأولى وأثناءها تطوير نظرية جديدة للجاذبية تتميز بأنها أكثر تعقيداً وأعم من نظرية نيوتن للجاذبية، وتعرف هذه النظرية بنظرية النسبية العامة. وتعتبر الجاذبية في إطار هذه النظرية بمثابة نتيجة ما نتخيله دائماً عند الحديث عن الخطوط المستقيمة.
يمكن تعريف الخط المستقيم بأنه أقصر مسافة بين نقطتين، وتعرف مثل هذه الخطوط عادة باسم الخطوط الجيوديسية. وعندما يطلب منا رسم خط مستقيم فإننا نفعل ذلك دائماً على سطح مستو كورقة الكراسة مثلاً. ولكن لنفرض أننا قد أعطينا كرة بيضاء عليها نقطتان ثم طلب منا رسم خط مستقيم بين هاتين النقطتين على سطح الكرة. قد يكون أول رد فعل لنا في هذه الحالة أن نقول أن ذلك مستحيل ، لأن كل خط على سطح الكرة لا يمكن إلا أن يكون منحنياً. ولكن عند الالتزام بتعريف الخط المستقيم بأنه أقصر مسافة بين النقطتين ، قد نقوم عندئذ برسم خط يمثل جزءاً مما يسمى الدائرة العظمى ، وهي دائرة ينطبق مركزها مع مركز الكرة.
الشكل (1)
والنتيجة في هذه الحالة، كما هو مبين بالشكل (1) ، تبدو شبيهة إلى حد كبير بخط منحن، ولكن هذا الخط يتطابق مع تعريف " الخط المستقيم " في الفراغ ثنائي البعد للكرة والورقة المستوية يتمثل في خاصية للفراغ تسمى الانحناء. وبالرغم من إمكانية تمثيل الانحناء في بعدين، إلا أن تمثيل الانحناء بالرسم في ثلاثة أبعاد أمر مستحيل. لذلك فإننا نحاول استخدام الوصف في بعدين لأغراض المقارنة فقط.
تفترض نظرية أينشتاين أن الفضاء الخالي، أي الفراغ بدون مادة، "مستوى" في ثلاثة أبعاد. علاوة على ذلك يقترح أينشتين أن وجود الكتلة يدخل انحناء في الفراغ بالقرب من هذه الكتلة. وتبين النظرية أيضاً أن مقدار الانحناء يكون محسوساً فقط عندما تكون الكتلة كبيرة كبراً فلكياً كالنجم مثلاً. وعلى هذا الأساس يمكن القول أن انحناء الفراغ بسبب انحراف مسار الجسم المتحرك عن الخط المستقيم عند مروره بالقرب من جسم ذي كتلة هائلة. وبناء على ذلك فإن نيوتن، الذي يفترض أن الفراغ غير منحن، سوف ينظر إلى هذا المسار "المنحني" على أنه نتيجة لعجلة تسببها قوى التجاذب التثاقلي المؤثرة على الجسم. وعلى العكس من ذلك، فإن وجهة نظر أينشتين للجاذبية هي أن المسار المنحني مرتبط بمقدار انحناء الفراغ الناتج عن الجسم.
لنحاول الآن تطبيق أينشتاين على مسارات الضوء. لقد أوضحنا سابقاً أن الضوء يسير في خطوط مستقيمة ( الخطوط الجيوديسية). ولكن الخط الجيوديسي في الفراغ يختلف عنه في حالة ما إذا كان الفراغ مستوياً. تذكر مقارنة الخطوط المستقيمة على سطح كرة بالخطوط المستقيمة على الورق المستوى وهكذا اقترح أينشتين أنه إذا امكننا رصد الضوء المتحرك على استقامة خط جيوديسي بالقرب من كتلة كبيرة فإننا سنرى أن الضوء سيكون منحرفاً عن الخط الجيوديسي في فراغ مستو بسبب الانحراف الناتج عن الكتلة الكبيرة. وإحدى طرق تحقيق ذلك هي ان نرصد الضوء المنبعث من نجم بعيد عند مروره بالقرب من الشمس في طريقه إلى تلسكوبناً. فإذا كان أينشتين محقاً. فإن انحناء الفراغ بالقرب من كتلة الشمس لابد أن يغير مساء الضوء، ومن ثم إلى زحزحة الموضع الظاهري للنجم عن موضعه في حالة عدم وجود النجم والشمس على خط واحد ، وهذه الظاهرة مبينة بالشكل 2)). وباستخدام لغة الفيزياء الكلاسيكية لنيوتن يمكننا القول أن الشمس تؤثر على الضوء بقوة معينة مسببة بذلك انحناء مساره. ولكن قانون الجاذبية لنيوتن لا يتضمن شيئاً يمكن ان يتنبأ بمثل هذا التفاعل بين الكتلة والضوء.
الشكل 2))
وفي عام 1919 كان من المتوقع حدوث كسوف كلي للشمس عند وجود الشمس على خط مستقيم واحد مع مجموعة النجوم اللامعة المعروفة باسم هياديس Hyades. ومن المعروف انه اثناء الكسوف يمكن رصد النجوم التي تظهر قريبة جداً من حافة الشمس.
بناء على ذلك قام أينشتين بإجراء حساباته فوجد أن اتجاه الضوء " المحتك " بالشمس يجب ان تتزحلق طبقاً لنظريته بمقدار 1.745 ثانية، وأن الموضع الظاهري للنجم يحب ان يتزحلق التلسكوبات الحديثة قياس زوايا أقل من الثانية بكثير). وعلى الفور قامت الجمعية الفلكية الملكية البريطانية* بإرسال فرقتين لاختبار نظرية أينشتين ، إحداهما إلى غرب أفريقيا والأخرى إلى شمال البرازيل. وقد تمكن كلا الفريقان من رصد هذه الظاهرة ، كما أثبت القياسات التي أجريت فيما بعد في أحد عشر كسوفاً متتالية أن متوسط قيمة زحزحة النجم لا تختلف عن القيمة التي تنبأ بها أينشتين إلا في حدود 0.2 في المائة.
في عام 1916 نجح الفيزيائي الألماني كارل شفارتزشيلد في اشتقاق نتيجة اكثر إدهاشاً وغرابة عن انحناء الفضاء. تنبأ هذا الرجل بأن نجماً ذا كتلة هائلة جداً وحجم صغير جداً يمكنه أن يسبب انحناء شديداً للفراغ القريب من النجم لدرجة انه يستطيع أن ياسر أي ضوء يمر قريباً منه وعلى بعد أقل من مسافة معينة تسمى أفق الحدث. هذه المسافة R تعطي بالعلاقة:
حيث c مقدار سرعة الضوء ويساوي 3×108 m/s وإذا كانت M تساوي كتلة الشمس سنجد أن R تساوي وال 3 km. بأسلوب آخر ، إذا أمكن للشمس أن تنطوي وتتضاءل إلى كرة بهذه الحجم أو أصغر من ذلك فإن الضوء المار بالقرب من هذه الشمس المتضائلة وعلى بعد أقل من هذه المسافة لن تستطيع الهروب مكن جاذبيتها الهائلة. وهكذا فإن هذه الأجسام التي لا يستطيع حتى الضوء ان يهرب منها لن ينبعث منها أي نوع من الطاقة، ولذلك فهي تسمى الثقوب السوداء. ولكي يتكون الثقب يجب ان تكون كتلة النجم أكبر من حوالي ثلاثة أمثال كتلة الشمس. وقد رصدت بالفعل نجوم تزيد كتلتها عن هذا القدر ، ولذلك يعتقد الفلكيون أن هذه النجوم سوف تتضاءل في نهاية الأمر متحولة إلى ثقوب سوداء مثلما حدث لمثيلاتها فيما مضى. وبالرغم من ان مثل هذه الاجسام لا يمكن مشاهدتها بطريقة مباشرة فإن العجلة الهائلة التي تكسبها هذه الاجسام للمادة خارج آفاق حدثها لابد أن تؤدي إلى إنتاج أشعة سينية كثيفة جداً، وهذه يمكن كشفها بمساعدة التلسكوبات الملائمة على التوابع الأرضية. والواقع ان الأعداد المتزايدة من نتائج رصد هذه الأشعة السنية التي تحققت أخيراً قد تكون برهاناً مقنعاً على ان الثقب السوداء موجودة بالفعل.
يستنتج مما سبق إذن أن الضوء يتأثر بوجود الكتلة، ولكن بطريقة لا يمكن تفسيرها على أساس قانون الجاذبية العام لنيوتن. ومرة ثانية نؤكد أن تفسير مثل هذه الظواهر الجديدة لن يصبح ممكناً إلا باستخدام الإنجازات العلمية للقرن العشرين، والتي أدت إلى تحويل وتعديل قوانين الفيزياء الكلاسيكية بدرجة كبيرة.
__________________________________________
(*) The British Royal Astronomical Socicty.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|