أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-9-2016
2160
التاريخ: 4-4-2022
1964
التاريخ: 23-12-2018
2147
التاريخ: 2023-09-30
11435
|
نرى الإسلام يولي هذا الجانب الانساني اهتمامه الكبير، فيحث الافراد على الزواج ليقوي النسبة المقررة، التي حفظ فيها حقوق المرأة كما – حفظ في الوقت نفسه - حقوق الرجل، وأوجد فيه بين الجنسين رابطة عاطفية لا تنفصم الا في ظروف شاذة فتح لها طريقا للانفصال ليحفظ الجانبين من الملابسات التي يحدثها هذا التفرق.
ولقد جاء هذا التأكيد، والترغيب في الزواج على لسان المشرع في اكثر من مورد حيث تبدأ الاحاديث مع الفرد على المراحل :
ـ المرحلة الاولى :
وقد تكفلت بتحبيب عملية الزواج بشتى الأساليب المحببة للنفوس والحث على التزاوج.
يقول الإمام أبو جعفر محمد الباقر (عليه السلام) ينقل عن جده النبي (صلى الله عليه واله) انه قال :(ما بني بناء في الاسلام احب الى الله عز وجل من التزويج)(1) ولنتصور ونحن نقف امام هذا الحديث لنرى مدى اهتمام الخالق سبحانه بهذه الشركة الحياتية حتى انه قدمها على كل عملية تقويمية يبني عليها كيان المجتمع الانساني، وما اروع هذا البناء اذا كانت بركة الله تحوط به من كل الجهات، حيث تبدو مظاهر تلك البركة بحب الله له، وبهذا الاسلوب الروحي بدأ الاسلام يحبب الزواج، ويقربه الى النفوس.
وتلاحظ في مقام امر طائفة اخرى من الاخبار تحبب الزواج وترغب فيه بلسان انه من سنة النبي (صلى الله عليه واله) وسنة المرسلين قال أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام) (تزوجوا فان التزويج سنة رسول الله (صلى الله عليه واله) فانه كان يقول : (من كان يحب ان يتبع سنتي فان من سنتي التزويج)(2).
ومن منا لا يرغب في المضي على سنة رسول الله (صلى الله عليه واله) ، ولا سيما السير على هدى هذه السنة الشريفة، وان من يرغب عن سنته (صلى الله عليه واله) فليس من الرسول كما جاء في الحديث الشريف في قوله : (من رغب عن سنتي فليس مني)(3)
واما انه من سنة المرسلين. فقد جاء عن ابي ايوب الانصاري عن النبي (صلى الله عليه واله) قوله : (اربع من سنن المرسلين : (الحياء، والتعطر، والسواك، والنكاح)(4) وعندما نقف عند بعض الاخبار الواردة عن طريق اهل البيت نجدها تحمل طابعا اخر غير التحبيب الى الزواج من الجهات الروحية، بل ترغب فيه من الوجهة الاجتماعية، والمادية، وان على الفرد ان لا يضع في طريق الوصول اليه قضية الانفاق، وما تتطلب هذه العملية من مال سواء في مقدماته او بعد حصوله، واستمراره، وما يترتب على ذلك من نفقات على الزوجة، وبقية أفراد الأسرة.
فالزواج في نظر الرسول (صلى الله عليه واله) هو مفتاح من مفاتيح الرزق كما جاء في الحديث عنه (صلى الله عليه واله) قوله :(اتخذوا الاهل فانه ارزق لكم)(5)، وحيث كان الفرد بطبيعته محتاجا الى المال ليقوم به حياته المعاشية نرى الحديث المذكور يؤمن له هذه الجهة، ويخبره بان الله يبارك له في زواجه فيوسع عليه الرزق. ولماذا لا يوسع الله لمن يكفل عياله في الرزق؟
وقد بين ذلك القرآن الكريم :{إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ}[الذاريات: 58].
ـ المرحلة الثانية :
ومن مجال الترغيب تنتقل الاحاديث لتهول الى الفرد عمله اللا اجتماعي لو آثر العزلة على الحياة الزوجية، فيبدأ الإمام أبو عبد الله الصادق (عليه السلام) بعملية مبسطة يشرح فيها مكانة المتزوج من غيره فينقل عن رسول الله (صلى الله عليه واله) قوله : (الركعتان يصليهما متزوج افضل من اعزب يقوم ليله، ويصوم نهاره)(6).
ولنقف مع الحديث لنرَ الفرق الكثير بين هذين الرجلين : متزوج واعزب. يصلي الاول منهما ركعتين، فتكونان افضل من قيام ليل، او صيام نهار لو قام بهما الثاني (الاعزب)... لا لشيء، بل لأنه متزوج. والثاني اعزب، حيث احرز المتزوج بزواجه نصف دينه كما يقول الحديث الشريف، وبقي الثاني بعيدا عن الزواج فلم يحصل على هذه المرتبة.
وفي حديث اخر جاء عنه (صلى الله عليه واله) قوله (ركعتان يصليهما المتزوج افضل من سبعين ركعة يصليهما غير متزوج)(7)
ـ المرحلة الثالثة :
وفي هذه المرحلة تبدأ الاحاديث الكريمة بتحقير الفرد الأعزب، وانه بعمله الانفرادي سيكون أداة طيِّعة لمن يجره الى الهوى، فينجر وراء الملذات غير المشروعة ليكون يداً قوية تساعد على تهديم المجتمع.
يقول الإمام أبو عبد الله الصادق (عليه السلام) ان رسول الله (صلى الله عليه واله) قال : (ارذال موتاكم العزاب)(8) وليس المقصود من الحديث ان من لم يتزوج سيكون رذلا حقيرا في نظر المشرع، بل المنظور للإمام (عليه السلام) في حديثه : الاعزب المتمكن من الزواج المتهرب منه، لا لعذر في تهربه من ذلك، فمثل هذا الشخص لا يتمكن من التحفظ على الانزلاق وراء الشهوات الجنسية سيعرض نفسه الى الانحراف، والهبوط الى المستوى الواطئ فيقترف بحسب طبيعته الشهوية- الرذائل والموبقات، واذا به يخسر اخرته لتكون نتيجته الى النار.
اما من حفظ نفسه بالزواج فقد احرز نصف دينه، ولذلك لا يكون ممن ينطبق عليه الحديث الشريف، فهو بعيد عنه من هذه الجهة لترفعه عن كل ما يزري به، وينزل به الى المستوى الوضيع.
ان الحياة الزوجية هي الحضن الوحيد الذي يجد الوليد بين جنبيه العواطف المطلوبة في مراحل الطفولة وهي المراحل الدقيقة التي يواجهها الطفل في هذه الحياة، ولهذا كله فقد سمت الشريعة الإسلامية بالزواج الى وصفه مودة ورحمة بين الرجل والمرأة، وعهدا مقدساً، وميثاقا محترما بينهما ؛لأنه علاقة تسمو بالإنسان، وترتفع به عن بقية الحيوانات التي تمارس نفس العملية لكنها انسانياً علاقة روحية اكثر منها علاقة حيوانية.
قال تعالى :{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}[الروم: 21].
ويقول عز وجل في آية أخرى:{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا}[الأعراف: 189].
هذه الآيات الكريمة تنبه الرجل والمرأة الى أن من اعظم دلائل قدرة الله، ان خلق للرجل من جنسه ليسكن اليها، والسكون النفسي المذكور في هذه الآية هو تعبير بليغ عن شعور الشوق والحب والرغبة، الذي يشعر به كل منهما نحو الاخر، والذي يزول به اعظم اضطراب فطري في القلب والعقل، ولا ترتاح النفس وتطمئن في سيرتها بدونه.
{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ}[الأعراف: 189] فالمعاني الوجدانية تتدفق في هذه الفقرة
من الآية الكريمة لتؤكد هذا الاتصال الوثيق الذي يربط بين انسانين متباعدين لا يربطهما روابط الصلة والقربى، فتحيلها الى نفس واحدة في جسدين يتحسسان العواطف الشفافة والخلجات العميقة في الحياة الزوجية {وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً}[الروم: 21] فالاستقرار، والطمأنينة لا يوجدان الا في ظل الحياة الزوجية ليجد كل من الزوجين المودة والرحمة، يكنهما كل طرف للآخر بعد ان تكفل لهما الله الرحمة والمودة، وليحصل من جراء هذا الاطمئنان والسكون الى الشريك الذي هو عش هادئ تظلله المحبة، وترتاح اليه النفس. ولنقف وقفة تأمل أمام هذا التعبير القرآني في كلمتي : (لتسكنوا اليها، وليسكن اليها) لنرى النغم التوجيهي لإنشاء حياة زوجية هادئة تتيح للرجل أن يقوم بأعباء ما يفرضه الشارع المقدس تجاه أسرته بما فيها النفقات المالية، ولتتهيأ الفرصة الكاملة للزوجة لإداء رسالتها كأم وكمعلمة في ان واحد وهي في الوقت نفسه زوجة تشبع للرجل رغباته الجنسية وعواطفه الروحية.
ولقد اخفى القرآن الكريم كل الروعة والجمال والدقة على هذه الحياة حين خاطب الزوجين ستارا واقيا للآخر إذ إن حاجة كل منهما للآخر كحاجته الى الملبس.
فان يكن الملبس لستر معايب الجسم ولحفظه من عاديات الأذى، وللجمال، والزينة، فكل من الزوجين لصاحبه كذلك يحفظ عليه شرفه ويصون عرضه ويوفر له راحته(9).
________________
1ـ وسائل الشيعة : ج14، باب1،ح4،ص3.
2ـ المصدر نفسه: ج14، باب1،ح6،ص3.
3ـ وسائل الشيعة : ج14،باب2،ح9،ص9.
4ـ مسند احمد :16/141 من الفتح الرباني.
5ـ وسائل الشيعة: ج14،باب2،ح1،ص6.
6ـ وسائل الشيعة : ج14،باب2،ح3،ص7.
7ـ وسائل الشيعة الباب (1) في مقدمات النكاح / حديث (1).
8ـ وسائل الشيعة:ج14،باب2،ج3،ص7.
9ـ الزواج في القران والسنة.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
وفد كلية الزراعة في جامعة كربلاء يشيد بمشروع الحزام الأخضر
|
|
|