أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-05-28
![]()
التاريخ: 2025-03-09
![]()
التاريخ: 2023-07-13
![]()
التاريخ: 2023-12-16
![]() |
هو أيضا توقيفي ومن الله عز وجل ، وتدل عليه الوجوه التالية :
الأول : ما استدللنا به في نظائر البحث من أن العقل والاعتبار لا يريان للاجتهاد في القرآن مجالا ، الأمر الذي يؤثر في إعجازه الخالد ، إذ لو جاز إعمال الرأي والقياس في ترتيب آياته لأمكن حدوث الخطأ أحيانا في الترتيب بحيث يقدم ما حقه التأخير وبالعكس ، وهذا يوجب اختلالا في الأسلوب القرآني المعجز.
أضف إلى ذلك : أن ترتيب القرآن الموجود ليس له ملاك واحد ، يكون أساسا مطردا في تقديم هذا وتأخير ذاك ، وكمثال على ذلك تأمل في الآيتين من سورة الشمس {وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا} [الشمس : 3 ، 4] فترى ذكر النهار فيها مقدما على ذكر الليل ، بخلاف الآيتين في سورة الليل : {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى} [الليل : 1، 2] فالليل فيها مقدم على النهار ، الأمر الذي يقوي الظن بأن الترتيب لم يكن بالاجتهاد والاستحسان ، وإلا لقدم أحدهما في جميع المواضع.
الثاني : الأحاديث الدالة على أن النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) قد ذكر بعض الآيات بأنها آخر أو أول سورة كذا ، مما يكشف عن أن أول السورة وآخرها قد أحدث في عصره (صلى الله عليه وآله).
وكذا الحال في الروايات التي ورد فيها ذكر أسامي بعض السور ، وهي كثيرة وتدل على أن السورة قد تكونت في عصره (صلى الله عليه وآله). ونذكر منها على سبيل المثال :
1 - ما تقدم عن الشيخ الثقة ماجيلويه عن علي بن الحسين (عليهما السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : من قرأ أربع آيات من أول البقرة وآية الكرسي وآيتين بعدها وثلاث من آخرها لم ير في نفسه وماله شيئا يكرهه... الخ.
2 - ما عن البخاري في كتاب فضائل القرآن : من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة... الخ.
قال العسقلاني : ومن حديث النعمان بن بشير رفعه : أن الله كتب كتابا أنزل منه آيتين ختم بهما سورة البقرة. وقال في آخره : " آمن الرسول... " وأصله عند الترمذي والنسائي وصححه ابن حبان والحاكم (1).
3 - ما عن أنس عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال : من قرأ آخر سورة الحشر ثم مات من يومه أو ليلته كفر عنه كل خطيئة عملها (2).
4 - ما عن ثقة الإسلام الكليني بإسناده عن سعد الإسكاف قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : أعطيت السور الطوال مكان التوراة ، وأعطيت المئين مكان
الإنجيل ، وأعطيت المثاني مكان الزبور ، وفضلت بالمفصل ثمان وستون سورة ، وهو مهيمن على سائر الكتب (3).
5 - ما رواه العلامة المجلسي في فضائل سور القرآن وآياته ، وهي روايات عديدة ذكر فيها أسماء سور على لسان النبي (صلى الله عليه وآله) ، الأمر الذي يدل على أنها قد الفت في عصره (صلى الله عليه وآله) على النحو الموجود ، وحيث لا يسع المجال ذكر الروايات بنصوصها فنحن نكتفي بذكر أسماء السور التي ورد لها ذكر على لسانه (صلى الله عليه وآله) (4).
وهي : حم الدخان ، والحواميم ، واقتربت الساعة ، والحشر ، والجمعة ، والمسبحات (5) ، والمنافقون ، وتبارك ، والبروج ، والطارق ، والأعلى ، وجميع السور التي نزلت دفعة ، فإن الترتيب موجود فيها ، وقد أسلفنا الكلام عليها في مقال سبق (6).
هذا ، ولا يخفى أننا لا نريد أن نأتي بشاهد ودليل من الأخبار على وضع وترتيب كل آية آية ، بل كل ما ذكرناه إنما هو على سبيل الموجبة الجزئية لتوجيه الأذهان إلى أن بعض السور كانت قد استكملت تكونها في عصر النبي (صلى الله عليه وآله) وحصل لها طبعا ترتيب في آياتها ، حتى سورة البقرة ، فإذا كانت سورة البقرة الطويلة قد رتبت وجعل وعين لها أول وآخر فكيف بغيرها ؟
الثالث : ما دل على أن وضع الآيات في أماكنها كان يحصل بأمره (صلى الله عليه وآله) وأنه كان يقول لكتابه : ضعوا هذه الآيات في مكان كذا وتلك في مكان كذا ، ونذكر منها :
1 - ما رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن حبان والحاكم عن ابن عباس قال : قلت لعثمان : ما حملكم على أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني ، وإلى براءة وهي من المئين ، فقرنتم بينهما ولم تكتبوا : بينهما سطر : بسم الله الرحمن الرحيم ، ووضعتموها في السبع الطوال ؟ فقال عثمان : كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) تنزل عليه السورة ذات العدد ، فكان إذا نزل عليه الشئ دعا بعض من كان يكتب ، فيقول : ضعوا هؤلاء الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا. وكانت الأنفال من أوائل ما انزل بالمدينة ، وكانت براءة من آخر القرآن نزولا ، وكانت قصتها شبيهة بقصتها ، فظننت أنها منها ، فقبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولم يبين لنا أنها منها ، فمن أحل ذلك قرنت بينهما... الخ (7).
2 - ما عن أحمد عن عثمان بن أبي العاص قال : كنت جالسا عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذ شخص ببصره ثم صوبه ، ثم قال : أتاني جبرئيل فأمرني أن أضع هذه الآية هذا الموضع من هذه السورة : * { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى ... الخ} * (8).
الرابع : ما دل على أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يقرأ سورة كذا وكذا مما يدل على أن هذه السورة كانت موجودة في عصره (صلى الله عليه وآله).
منها : ما رواه الفقيه الهمداني بسند قد وثقه عن عيسى بن عبد الله القمي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يصلي بالغداة بعم يتساءلون وهل آتاك حديث الغاشية ولا أقسم بيوم القيامة... الخ (9).
ومنها : ما رواه السيوطي عن حذيفة : أنه (صلى الله عليه وآله) قرأ سورة البقرة وآل عمران والنساء. وعن صحيح البخاري : أنه قرأ الأعراف (10).
فهذه الروايات المذكورة وغيرها مما لم تذكر تدل في الجملة على أن السور كانت موجودة ولها أسماء ، كما هي الآن.
هذا كله بالإضافة إلى الإجماعات المنقولة على أن ترتيب الآيات توقيفي (11).
______________
(1) راجع فتح الباري : ج 9 ص 50 هامش وص 51 شرح.
(2) بحار الأنوار : ج 92 ص 309 نقله عن الدر المنثور.
(3) الكافي : ج 2 ص 601 ح 10 كتاب فضل القرآن.
(4) راجع بحار الأنوار : ج 92 ص 224 - 321.
(5) المسبحات : على الظاهر هي السور التي أولها التسبيح ، كالإسراء والحديد والحشر والجمعة والتغابن والأعلى.
(6) راجع بحث " هل نزل القرآن سورا كاملة ؟ " من هذا الكتاب.
(7) الإتقان : ج 1 ص 62.
(8) الإتقان : ج 1 ص 62 وذكر أن سنده حسن ، والآية 90 من سورة النحل.
(9) مصباح الفقيه : كتاب الصلاة ص 307.
(10) الإتقان : ج 1 ص 62.
(11) الإتقان : ج 1 ص 62 و 63 ، مناهل العرفان : ج 1 ص 339 ، مباحث في علوم القرآن لمناع القطان : ص 70.
|
|
للعاملين في الليل.. حيلة صحية تجنبكم خطر هذا النوع من العمل
|
|
|
|
|
"ناسا" تحتفي برائد الفضاء السوفياتي يوري غاغارين
|
|
|
|
|
ملاكات العتبة العباسية المقدسة تُنهي أعمال غسل حرم مرقد أبي الفضل العباس (عليه السلام) وفرشه
|
|
|