أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-06-2015
1826
التاريخ: 28-6-2021
4976
التاريخ: 23-7-2016
4079
التاريخ: 13-08-2015
2471
|
هو أبو سليمان هدبة بن خشرم بن كرز بن أبي حيّة من بني عامر بن ثعلبة بن عبد اللّه بن ذبيان بن الحارث؛ وأمّه حيّة بنت أبي بكر ابن أبي حيّة من أقاربه الأدنين. وكان قوم هدبة يسكنون بادية الحجاز، وقد انقسموا فريقين ذوي عصبيّتين قويّتين: بني عامر بن عبد اللّه بن ذبيان ثم بني رقاش: بني قرّة بن خنيس بن عبد اللّه بن ذبيان. وقد كانت بين الفريقين حروب ومنازعات.
ولقد اتّفق، في حديث طويل، أن هدبة بن خشرم قتل صهره (زوج أخته سلمى) زياد بن زيد بن مالك بن عامر، في أيام ولاية سعيد بن العاص على المدينة (49-56 ه) ثم هرب. وقبض سعيد بن العاص على نفر من أهل هدبة فيهم زفر بن كرز (عمّ هدبة) حتّى جاء هدبة وأسلم نفسه للسجن فأفرج سعيد بن العاص عن أهله.
ومع أن وجه القضية كان واضحا (فان هدبة كان قد تربّص بزيادة بن زيد حتّى أمكنته منه الفرصة فقتله)، فان سعيد بن العاص لم يشأ أن يفصل في الأمر بنفسه (لوجاهة الفريقين وقوّة عصبيّتهما) فأرسل بالفريقين المتنازعين إلى معاوية بن أبي سفيان في دمشق. قيل إن عبد الرحمن بن زيد (أخا القتيل) ذهب إلى معاوية، وقيل ان هدبة كان مع عبد الرحمن.
ولم يشأ معاوية أن يفصل في الأمر، ثم وجد مخرجا لما سأل عبد الرحمن ابن زيد: أ لأخيك بنون؟ فقال عبد الرحمن: نعم، له صبيّ طفل اسمه المسوّر. فقال معاوية: اذن ننتظر المسوّر حتّى يرشد ليأخذ هو بثأر. أبيه!
ويبدو أن هدبة قضى في السجن (قبل عرض القضية على معاوية وبعد عرضها عليه) ثلاث سنوات على الاقل، وقيل بل «خمس سنين أو ستّا» (معجم الشعراء 460). ولعلّ هدبة بقي في السجن إلى أيام مروان بن الحكم (1) في ولايته الثانية على المدينة (56-57 ه).
وبعد مدة بلغ المسوّر رشده-ولم يستطع أحد أن يصلح بين الفريقين-فتولّى قتل هدبة، في آخر خلافة معاوية بن أبي سفيان (توفي 60 ه-680 م) في إحدى ضواحي المدينة.
هدبة بن خشرم شاعر في أسرة من الشعراء: كان أبوه وأمّه وإخوته الثلاثة وابن عمّه عبد الرحمن شعراء. وهو شاعر مطيل له قصيد ورجز، وهو يرتجل بيسر. وأسلوبه بدوي، وفي شعره شيء من الضعف والغموض إلى جانب قدر من الصناعة اللفظية. وفي رجزه الذي ناقض فيه عبد الرحمن بن زيد مجون. ولمّا دخل هدبة السجن كثر شعره وجاد. أما فنونه فهي الهجاء والحماسة والغزل والحكمة.
المختار من شعره:
قيل لمّا مثل عبد الرحمن بن زيد (أخو زيادة بن زيد الذي قتله هدبة) وهدبة بن خشرم عند معاوية عرض عبد الرحمن القضية أولا. فالتفت معاوية إلى هدبة و «قال له: يا هدبة، قل! فقال (هدبة): ان هذا رجل سجّاعة (2)، فان شئت أن أقصّ عليك قصّتنا كلاما أو شعرا فعلت: قال (معاوية): لا، بل شعرا. فقال هدبة هذه القصيدة مرتجلا بها» (3):
ألا، يا لقومي للنوائب والدهر... وللمرء يردي نفسه وهو لا يدري (4)
وللأرض، كم من صالح قد تأكّمت... عليه فوارته بلمّاعة قفر (5)
تباريح يلقاها الفؤاد صبابة... اليها وذكراها على حين لا ذكر (6)
فيا قلب، لم يألف كإلفك آلف... ويا حبّها، لم يغر شيء كما تغري (7)
وما عندها-للمستهام فؤاده... بها إن ألمّت-من جزاء ولا شكر (8)
فلا تتّقي ذا هيبة لجلاله... ولا ذا ضياع هنّ يتركن للفقر (9)
فلمّا رأيت أنها هي ضربة... من السيف أو اغضاء عين على وتر (10)
عمدت لأمر لا تعيّر والدي... خزايته ولا يسدّ به قبري (11)
وكم نكبة لو أنّ أدنى مرروها... على الدهر ذلّت عندها نوب الدهر (12)
رمينا فرامينا فصادف رمينا... منايا رجال في كتاب وفي قدر (13)
وأنت أمير المؤمنين، فما لنا... وراءك من معدى ولا عنك من قصر (14)
فإن تك في أموالنا لا نضق بها... ذراعا، وان صبر فنصبر للصبر (15)
وقال يتغزّل (غ 11:172 وكتاب الزهرة 343):
تذكّر حبّا كان في ميعة الصبى... ووجدا بها بعد المشيب معقّبا (16)
تذكّر شوقا من أميمة منصبا... تليدا ومنتابا من الشوق مجلبا (17)
إذا كاد ينساها الفؤاد ذكرتها... فيا لك ما عنّى الفؤاد وعذّبا (18)
غدا في هواها مستكينا، كأنه... خليع قداح لم يجد متنشّبا (19)
بعينيك زال الحيّ منها لنيّة... قذوف تشوق الآلف المتطرّبا (20)
وقد طال ما علّقت ليلي، معمّدا... وليدا إلى أن صار رأسك أشيبا (21)
رأيتك من ليلى كذي الداء لم يجد... طبيبا يداوي ما به فتطبّبا (22)
فلمّا اشتفى ممّا به كرّ طبّه (23) ... على نفسه من طول ما كان جرّبا
وقال في النسيب والحماسة والحكمة، وهو في سجنه (الزهرة 357، معجم الشعراء 461):
يجدّ النّأي ذكرك في فؤادي... إذا وهلت على النأي القلوب (24)
وقد علمت سليمى أن عودي... على الأحداث ذو وتد صليب (25)
عسى الكرب الذي أمسيت فيه يكون وراءه فرج قريب:
فيأمن خائف ويفكّ عان...ويأتي أهله النائي الغريب (26)
وروى أبو تمام لهدبة بن خشرم أبياتا في الحماسة:
وإني من قضاعة، من يكدها... أكده؛ وهي منّي في أمان (27)
ولست بشاعر السّفساف فيهم...ولكن مدره الحرب العوان (28)
سأهجو من هجاهم من سواهم... وأعرض منهم عمّن هجاني (29)
وقال هدبة بن خشرم في الحكمة (الشعر والشعراء 437):
ولا أتمنّى الشرّ والشرّ تاركي...ولكن متى أحمل على الشرّ أركب
ولست بمفراح إذا الدهر سرّني... ولا جازع من صرفه المتقلّب
وحرّبني مولاي حتّى غشيته...متى ما يحرّبك ابن عمّك تحرب (30)
______________________
1) الاغاني (الساسي)21:174. انتهت ولاية مروان بن الحكم على المدينة، في المرة الثانية، في شهر ذي القعدة من سنة 57 ه (ايلول-سبتمبر 677 م).
2) سجاعة: يأتي بالأسجاع (جمع سجع: الكلام المنثور المقفى).
3) الاغاني (الساسي)21:173؛ كتاب الزهرة 182؛ شعراء النصرانية بعد الاسلام 101.
4) يردي، يهلك، يلقي نفسه في التهلكة (بضم اللام).
5) تأكمت: أصبح فيها آكام (مرتفعات يسيرة): يقصد قبورا. اللماعة: الفلاة. القفر: التي لا نبات ولا ماء فيها. -دفن في الأرض رجال صالحون فوارتهم الأرض وظل أثر قبورهم ظاهرا على وجه الارض حينا ثم خفيت قبورهم فأصبحت تلك الفلاة وكأنه ليس تحتها شيء.
6) تباريح الشوق: توهجه (شدته) يلقاها الفؤاد صبابة (من الصبابة: شدة الحب) اليها: (صبابة) إلى (المحبوبة). على حين لا ذكر، لعلها على حين ما ذكر (ما زائدة): على حين ذكر. -كلما ذكر المحب حبيبته لقي من ذلك ألما وشدة.
7) لم يألف (يحب) أحد، يا قلب، مثل حبك؛ وليس في الأرض امرأة لها جمال يغرينا (بحب هذه المحبوبة) كجمال هذه المحبوبة.
8) -وإذا بلغها أن محبا بلغ في حبها إلى الهيام (بضم الهاء: جنون الحب) لم تجزه (بوصالها) على حبه هذا لها ولا شكرته (بالكلام فقط) على ذلك. -لا تبالي بمن يحبها.
9) لا تخف من رجل ذي هيبة (له وقار وسطوة) لجلاله (لعظمته في قومه) ولا تخف صاحب ضياع (أراض وقرى). هن يتركن للفقر. . .
10) . . . يبدو أن هنا أبياتا ضائعة. -علمت أنه لا بد (بعد الذي فعله زيادة بن زيد بن عامر: بعد ان قال رجزا في أخت هدبة وعرض بهدبة نفسه) من أحد أمرين: ان أضربه بالسيف (أقتله) أو أن أغضي (أغمض عيني: أسكت، أصبر) على وتر (أترك عقابه على ما قال).
11) اخترت الأمر الذي ليس عارا على والدي (الثأر من زيادة بن زيد، بينما السكوت على كلام زيادة هذا في أختي عار على والدي). ولا يسد به قبري (الملموح أنه يريد أن يقول: هذا عمل لا يقدم موتي ولا يؤخره).
12) وكم من مصيبة عظيمة (مثل هذه) لو أصاب أحدا شيء قليل منها لكان هذا القليل منها أعظم من نوب (مصائب) الدهر (كلها).
13) رمينا: رشقنا بالنبال: اعتدى (بعض الناس) علينا. فرامينا: فراشقناه بالنبال (رددنا اعتداءه) فصادف رمينا (اتفق أن نبالنا أصابت) رجلا كان قد انتهى أجله المسطور (في كتاب، في اللوح المحفوظ) وفي قدر (في الزمن الذي قدر اللّه موته. مع أن سهام ذلك الرجل لم تقتلني لأن أجلي لم يكن قد انتهى بعد).
14) -أنت أمير المؤمنين (القاضي والحكم) لا نستطيع أن نحتكم إلى غيرك. ولا عنك من قصر: مانع من أن نأتي اليك (؟).
15) -فاذا حكمت بدية القتيل (قبلنا بدفع الدية من أموالنا). لا نضيق بها ذراعا (ذرعا): لا نعجز عنها مهما كانت كبيرة (لأننا أغنياء). وان صبر: وان حكمت بقتلي صبرا (حبسا بلا طعام أو شراب حتى أموت) قبلت أيضا هذا الحكم.
16) ميعة الصبى (أو الصبا): ميعة الشباب (أوله وعنفوانه). معقبا: يأتي في عقب (بفتح العين وكسر القاف: آخر) العمر.
17) منصبا: متعبا. تليدا: قديما. منتابا: راجعا بعد أن كان قد ذهب وانقضى. مجلبا: جيء به على غير المنهج الطبيعي وفي غير وقته ومحله. تذكر حب أميمة بعد أن كان زمن الحب قد مضى فجعله ذلك يتألم من غير أن يستطيع أن يتمتع بما يتمتع به الانسان عادة في أيام شبابه.
18) وكلما أراد قلبك أن ينساها عدت فذكرتها له وذكرته بها. فلله منك كم تعذب قلبك بها.
19) مستكينا: خاضعا ذليلا. خليع قداح: (لعله الذي أضاع جميع ماله في القمار). المتنشب: الطعام القليل الذي يسد الرمق. في القاموس (1:132): انتشب طعاما: لمه.
20) علقت ليلى: تعلقت بها (أحببتها حبا لا تستطيع بعده فراقها). المعمد (بضم الميم الأولى وبتشديد الميم الثانية وفتحها) الذي هده العشق (القاموس 1:317).
21) بعينك: أمام عينيك، وأنت شاهد أو حاضر. زال الحي: انتقل الحي (أهل الحبيبة) لنية (مقصد، مكان) قذوف (بعيد). تشوق (وهي تشوق: تثير الشوق في قلب) الآلف (المحب) المتطرب (المتغني. -وهنا: الشخص الذي تثيره مظاهر الحسن، لأنه لا يزال شابا أو لا يزال يسلك سلوك الشبان).
22) تطبب: طبب نفسه (وليس هذا المعنى في القاموس-راجع 1:96).
23) لما نفعه ما كان قد طبب به نفسه (لنسيان المحبوب) أصبح يكرر استعمال هذه الطريقة التي كان قد اختبر صحتها بطول التجربة.
24) يجد: يجدد. النأي: البعاد. وهلت: ضعفت، فزعت والمقصود هنا: وهلت عنه: نسيته. -ان البعد عن المحبوبة يجدد ذكرها في قلبي، مع أن العادة هي أن ينسى الانسان محبوبه إذا ابتعد عنه.
25) ذو وتد: ثابت (كأنه مرزوز في الأرض). صليب: شديد. -ان نفسي صبور على مصائب الأيام.
26) العاني: الأسير (وهنا: المسجون). يفك عان: يطلق سراحه. النائي: البعيد (المسافر سفرا بعيدا).
27) من أراد لقضاعة الشر أردت أنا له الشر (جازيته بالشر على شره). ثم لا أريد بها هي شرا (ولو اعتدى علي أحد من أفرادها).
28) المدره: زعيم القوم، السيد الشريف، المقدم في اللسان والسيد في الخصومة والقتال. الحرب العوان: الحرب التي حورب فيها مرارا (وتكون عادة أشد من الهجوم العارض على غير تدبير وترتيب).
29) سأهجو كل شخص من غير قضاعة يهجو أحدا من قضاعة، وسأسكت عن كل رجل قضاعي يهجوني.
30) جربه: أثاره وأغضبه. مولاي: ابن عمي، قريبي الذي له علي حق البر. غشيه: علاه (بالسيف)، قتله. جرب (بفتح الحاء وكسر الراء): كلب (بفتح الكاف وكسر اللام)، واشتد غضبه.
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|