أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-12-2015
5027
التاريخ: 27-09-2015
27073
التاريخ: 13-08-2015
2235
التاريخ: 10-04-2015
1858
|
هو بديع الزمان أبو الفضل أحمد بن الحسين بن يحيى بن سعيد ابن بشر، ولد في مدينة همذان، في شماليّ فارس، في ١٣ جمادى الثانية سنة 358 ه (5-5-969) ، و فيها نشأ.
درس بديع الزمان على أحمد بن فارس (توفي سنة ٣٩٠ ه) و أخذ عن عيسى بن هشام الأنصاري.
في سنة ٣٨٠ ه (٩٩٠ م) غادر بديع الزمان همذان إلى الريّ و اتّصل فيها بالصاحب بن عبّاد و أدرك عنده جاها و مالا، و لكن سرعان ما ساء ما بينهما و تهاجيا. ثم قدم جرجان و أقام فيها مدّة على مداخلة الإسماعيلية و التعيّش في أكنافهم. و غادر بديع الزمان جرجان إلى نيسابور (٣٨٢ ه) حيث «نشر بزّه و أظهر طرزه» ، و أملى فيها على أحد الكتّاب أربعمائة مقامة، فيما قيل. في هذه المدينة اتّصل بديع الزمان بأبي سعيد محمّد بن منصور أحد أعيان البلد، ثم حرص على الاتّصال بأبي بكر الخوارزمي لينال شيئا من الحظّ الأدبي على يديه. و لكنّ الخوارزميّ لم يحسن استقبال بديع الزمان فأخذ بديع الزمان يراسله معاتبا و يطاوله متجرّئا عليه، حتّى استفزّ قوم فجمعوا بينهما في مناظرة (1) ركب بديع الزمان في أثنائها سبيل التهجّم و القحة (مع بوارق من الذكاء) فحكم النظّارة له بالغلب على الخوارزمي. و قد اغتمّ الخوارزميّ ثم جعل يطعن في مقامات بديع الزمان، و لكنّه مات قبل أن يحول الحول على هذه المناظرة، في سنة ٣٨٣ ه (٩٩٣ م) .
و زار بديع الزمان سجستان و نال حظوة عند أميرها أبي أحمد خلف ابن أحمد (توفي سنة ٣٩٩ ه) ، و لكنّه انتقل وشيكا إلى غزنة و استقرّ فيها حينا. ثمّ مات في هراة، على نحو ثلاثمائة كيلومتر من غزنة شرقا، قبل أن يجاوز الأربعين من العمر، و ذلك في ١١ جمادى الآخرة سنة ٣٩٨ ه (١٠٠٧ م) مسموما، و قيل أصيب بالسكتة و دفن قبل أن يموت، فسمع صوته بالليل فنبشوا عنه و لكنهم وجدوه ميتا من هول القبر.
خصائصه الفنّيّة:
كان بديع الزمان مقبول الصورة خفيف الروح قويّ النفس حلو الصداقة مرّ العداوة. و لكنّه كان ظاهر الأنانية و الغرور. و كان عظيم التقى كثير التعصب لأهل الحديث و السّنّة شديد الميل على المعتزلة يحبّ العرب و يكره الشعوبيين، لأنه عربي.
و بديع الزمان كان صافي الذهن قويّ الذاكرة سريع الخاطر يحفظ القصيدة الطويلة من مرة واحدة، و ينتهي من الرسالة أو الكتاب حينما يطلب ذلك منه بلا إبطاء. و ربما بدأ بآخر سطر من الرسالة أو بآخر بيت من القصيدة ثم انتهى إلى المطلع عكسا. و تراه يدخل الشعر في النثر أحسن إدخال و اقتباس. «و كلامه كله عفو الساعة و قبض اليد» . و ربما ارتجل تعريب الشعر الفارسيّ إلى العربية فيأتي بأحسن الشعر مع محافظة على المعنى و المبنى.
بديع الزمان شاعر و ناثر، و لكنه اشتهر بنثره. و نثره رسائل و مقامات. و رسائله إخوانية محض لأنه لم يدخل خدمة الدواوين (لم يعيّن كاتبا في دواوين الدولة) .
مقامات بديع الزمان قصار في الأغلب و فيها فصاحة و سهولة و وضوح إلى جانب الدعابة و المرح و التهكّم. و بديع الزمان حسن الابتكار قلّ أن تجد له مقامتين في معنى واحد، و هو يجيد في مقاماته السرد و الوصف الحسّيّ و التحليل و يحسن دراسة الطبائع و تصوير المعائب و عرض مساوئ المجتمع. غير أنّه لا يقصد أن يصلح هذه المساوئ بنصح أو بردع، و إنّما غايته التهكّم بأصحابها و إطراف الآخرين بتصويرها و استعراضها. و هو كثير الاحتقار للناس.
و أسلوب بديع الزمان، في مقاماته خاصّة، حلو الألفاظ سائغ التركيب جميل الرصف كثير الصناعة المعنوية (في الاستعارات و الكنايات و التوريات خاصّة) من غير تكلّف و لا إغراق في السجع.
و للمقامات الخمسين التي بدأها بديع الزمان في سنة 375 ه (985 م) راوية واحد هو عيسى بن هشام و مكد (بطل) واحد هو أبو الفتح الإسكندريّ (نسبة إلى الإسكندرية التي هي قرب الكوفة على الفرات) ، و هما شخصيّتان تاريخيّتان.
المختار من آثاره:
-المقامة الحرزية
حدّثنا عيسى بن هشام، قال: لما بلغت بي الغربة باب الابواب (2)، و رضيت من الغنيمة بالإياب (3)، و دونه من البحر وثاب بغاربه، عسّاف براكبه، استخرت اللّه في القفول، و قعدت من الفلك بمثابة الهلك. و لمّا ملكنا البحر و جنّ علينا الليل غشيتنا سحابة تمدّ من الامطار حبالا و تحوذ (4) من الغيم جبالا، بريح ترسل الأمواج أزواجا و الأمطار أفواجا. و بقينا في يد الحين، بين البحرين لا نملك عدّة غير الدعاء، و لا حيلة إلاّ البكاء، و لا عصمة إلا الرجاء (5). و طويناها ليلة نابغية (6). و أصبحنا نتباكى و نتشاكى. و فينا رجل لا يخضلّ جفنه و لا تبتلّ عينه، رخيّ (7) الصدر منشرحه، نشيط القلب فرحه.
فعجبنا، و اللّه، كل العجب؛ و قلنا له: ما الذي أمّنك من العطب؟ فقال: حرز لا يغرق صاحبه؛ و لو شئت أن أمنح كلّ واحد منكم حرزا لفعلت. فكل رغب إليه، و ألحّ في المسألة عليه. فقال: لن أفعل ذلك حتى يعطيني كل واحد منكم دينارا الآن، و يعدني دينارا إذا سلم.
قال عيسى بن هشام: فنقدناه ما طلب و وعدناه ما خطب (8). و آبت يده إلى جيبه فأخرج منها قطعة ديباج فيها حقّة عاج، قد ضمّن صدرها رقاعا و حذف كلّ واحد منها بواحدة منها.
فلما سلمت السفينة و أحلّتنا (9) المدينة اقتضى الناس ما وعدوه فنقدوه (10). و انتهى الأمر إليّ، فقال: دعوه! فقلت: لك ذلك على أن تعلمني سرّ حالك. قال: أنا من بلاد الإسكندرية. فقلت: كيف نصرك الصبر و خذلنا (11)؟ فأنشأ يقول:
ويك، لو لا الصبر ما كنـ...ـت ملأت الكيس تبرا (12)
لن ينال المجد من ضا...ق بما يغشاه صبرا (13)
ثم ما أعقبني السا...عة ما أعطيت ضرّا (14)
بل به اشتدّ أزارٌ... و به أجبر كسرا (15)
و لو اني اليوم في الغر... قى لما كُلفت عذرا (16)
- المقامة البغدادية:
حدّثنا عيسى بن هشام قال: اشتهيت الأزاذ و أنا ببغداذ، و ليس معي عقد على نقد (17). فخرجت أنتهز محالّه حتى أحلّني الكرخ، فإذا أنا بسواديّ يسوق بالجهد حماره و يطرف بالعقد إزاره (18). فقلت: ظفرنا، و اللّه، بصيد. و حيّاك اللّه، أبا زيد! من أين أقبلت؟ و أين نزلت؟ و متى وافيت؟ و هلمّ إلى البيت» .
فقال السواديّ: لست بأبي زيد، و لكني أبو عبيد! فقلت: نعم، لعن اللّه الشيطان و أبعد النسيان. أنسانيك طول العهد و اتصال البعد. فكيف حال أبيك: أ شابّ كعهدي أم شاب بعدي؟ فقال: قد نبت الربيع على دمنته (19) و أرجو أن يصيّره اللّه إلى جنّته. فقلت: إنّا للّه و إنّا إليه راجعون، و لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه العليّ العظيم.
و مددت يد البدار إلى الصدار أريد تمزيقه. فقبض السواديّ على خصري بجمعه (20)، و قال: ناشدتّك اللّه لا مزّقته. فقلت: هلمّ إلى البيت نصب غداء، أو إلى السوق نشتر شواء. و السوق أقرب، و طعامه أطيب» .
فاستفزّته حمة القرم، و عطفته عاطفة اللقم. و طمع و لم يعلم أنّه وقع. ثم أتينا شوّاء يتقاطر شواؤه عرقا، و تتسايل جواذباته مرقا (21)، فقلت: افرز لأبي زيد من هذا الشواء، ثم زن له من تلك الحلواء. و اختر له من تلك الأطباق، و انضد عليها أوراق الرقاق، و رشّ عليها شيئا من ماء السمّاق ليأكله أبو زيد هنيئا (22).
فانحنى الشوّاء بساطوره على زبدة تنّوره فجعلها كالكحل سحقا و كالصحن دقا. ثم جلس (أبو زيد) و جلست، و ما يئس و لا يئست حتى استوفينا (23). و قلت لصاحب الحلوى: زن لأبي زيد من اللّوزينج (24) رطلين، فهو أجرى في الحلوق و أمضى في العروق؛ و ليكن ليليّ العمر يوميّ النشر رقيق القشر كثيف الحشو لؤلؤيّ الدهن كوكبيّ اللّون، يذوب كالصمغ قبل المضغ، ليأكله أبو زيد هنيّا. فوزنه. ثم قعد (أبو زيد) و قعدت. و جرّد و جرّدت حتى استوفيناه (25) .
ثم قلت: يا أبا زيد، ما أحوجنا إلى ماء يشعشع بالثلج ليقمع هذه الصارّة و يفثأ هذه اللقم الحارّة (26) . أجلس، أبا زيد، حتى نأتيك بسقّاء يأتيك بشربة ماء» . ثم خرجت و جلست بحيث أراه و لا يراني انظر ما يصنع. فلمّا أبطأت عليه قام السّواديّ إلى حماره، فاعتاق الشوّاء بإزاره، و قال: أين ثمن ما أكلت؟ فقال أبو زيد: أكلته ضيفا! فلكمه لكمة، و ثنّى عليه بلطمة. ثم قال الشوّاء: هاك، و متى دعوناك؟ زن، يا أخا القحة، عشرين (27). فجعل السواديّ يبكي و يحلّ عقده بأسنانه، و يقول: كم قلت لذلك القريد: أنا أبو عبيد. و هو يقول: أنت أبو زيد. فأنشدت:
أعمل لرزقك كلّ آلة... لا تقعدنّ بكلّ حالة (28)
و انهض بكلّ عظيمة... فالمرء يعجز لا محالة
- المقامة المضيريّة
- المقامة المضيريّة: هذه مقامة رائعة، و لكنّها تخالف الخصائص العامّة لمقامات بديع الزمان. إنّها طويلة جدّا (بالإضافة إلى مقاماته) ثم ليس فيها كدية (احتيال على النظّارة بمال) . و السرد و الوصف فيها بارعان إلى درجة أن قارئها لا يشعر بملل البتّة. و بديع الزمان الهمذاني يريد أن يصوّر في هذه المقامة طبيعة نفر من الذين استجدّ لهم غنى فهم يحبّون دائما أن يقصّوا على الآخرين وصف أحوالهم بالتفصيل من غير أن يملّوا من الكلام على أنفسهم:
حدّثنا عيسى بن هشام، قال: كنت بالبصرة، و معي أبو الفتح الإسكندريّ، رجل الفصاحة يدعوها فتجيبه، و البلاغة يأمرها فتطيعه. و حضرنا معه دعوة بعض التجّار، فقدمت إلينا مضيرة تثني على الحضارة، و تترجرج في الغضارة، و تؤذن بالسلامة، و تشهد لمعاوية، رحمه اللّه، بالإمامة (29)، في قصعة يزلّ عنها الطّرف، و يموج فيها الظّرف (30). فلمّا أخذت من الخوان مكانها، و من القلوب أوطانها، قام أبو الفتح الاسكندريّ يلعنها و صاحبها، و يمقتها و آكلها، و يثلبها و طابخها. و ظننّاه يمزح، فإذا الأمر بالضدّ، و إذا المزاح عين الجدّ. و تنحّى عن الخوان، و ترك مساعدة الإخوان (31) . و رفعناها، فارتفعت معها القلوب، و سافرت خلفها العيون، و تحلّبت لها الأفواه، و تلمّظت لها الشفاه، و اتّقدت لها الأكباد، و مضى في إثرها الفؤاد(32). و لكنّا ساعدناه على هجرها، و سألناه عن أمرها، فقال: قصّتي معها أطول من مصيبتي فيها. و لو حدثتكم بها، لم آمن المقت (33) و إضاعة الوقت. قلنا: هات. قال: دعاني بعض التجّار إلى مضيرة، و أنا ببغداد، و لزمني ملازمة الغريم و الكلب لأصحاب الرّقيم (34) ، إلى أن أجبته إليها، و قمنا. فجعل طول الطريق يثني على زوجته، و يفدّيها بمهجته، و يصف حذقها في صنعتها و تأنّقها في طبخها، و يقول: يا مولاي، لو رأيتها و الخرقة (35) في وسطها، و هي تدور في الدور من التنّور إلى القدور، و من القدور إلى التنّور، تنفث بفيها النار، و تدقّ بيديها الأبزار؛ و لو رأيت الدّخان و قد غبّر في ذلك الوجه الجميل، و أثّر في ذلك الخدّ الصقيل، لرأيت منظرا تحار فيه العيون! و أنا أعشقها لأنها تعشقني. و من سعادة المرء أن يرزق المساعدة من حليلته، و أن يسعد بظعينته، و لا سيّما إذا كانت من طينته. و هي ابنة عمي لحّا: طينتها طينتي، و أرومتها أرومتي (36). لكنها أوسع مني خلقا، و أحسن خلقا.
و صدّعني (37) بصفات زوجته، حتى انتهينا إلى محلته. ثم قال: يا مولاي، ترى هذه المحلة؟ هي أشرف محالّ بغداد، يتنافس الأخيار في نزولها، و يتغاير (38) الكبار في حلولها. ثم لا يسكنها غير التجّار، و إنما المرء بالجار. و داري في السّطّة من قلادتها، و النّقطة من دائرتها (39). كم تقدّر، يا مولاي، أنفق على كلّ دار منها؟ قله تخمينا إن لم تعرفه يقينا. قلت: الكثير! فقال: يا سبحان اللّه! ما أكبر هذا الغلط! تقول: الكثير فقط! و تنفّس الصعداء (40)، و قال: سبحان من يعلم الأشياء.
و انتهينا إلى باب داره، فقال: هذه داري. كم تقدّر، يا مولاي، أنفقت على هذه الطاقة (41)؟ أنفقت، و اللّه، عليها فوق الطاقة، و وراء الفاقة. كيف ترى صنعتها و شكلها؟ أ رأيت، باللّه، مثلها؟ انظر إلى دقائق الصنعة فيها، و تأمّل حسن تعريجها! فكأنما خطّ بالبركار (42)! و انظر إلى حذق النجّار في صنعة هذا الباب! أتّخذه من كم؟ قل: و من أين؟ اعلم. هو ساج من قطعة واحدة لا مأروض و لا عفن؛ إذا حرّك أنّ، و إذا نقر طنّ (43). من اتخذه، يا سيّدي؟ اتخذه أبو إسحاق بن محمّد البصريّ. و هو، و اللّه، رجل نظيف الأثواب، بصير بصنعه الأبواب، خفيف اليد في العمل. للّه درّ ذلك الرجل! بحياتي، لا استعنت إلا به على مثله (44)! و هذه الحلقة، تراها؟ اشتريتها، في سوق الطرائف من عمران الطرائفيّ، بثلاثة دنانير معزّيّة. و كم فيها، يا سيّدي، من الشّبه (45)؟ فيها ستة أرطال. و هي تدور بلولب في الباب. باللّه، دوّرها! ثم انقرها و أبصرها! و بحياتي عليك، لا اشتريت الحلق إلاّ منه! فليس يبيع إلاّ الأعلاق (46) .
ثمّ قرع الباب، و دخلنا الدهليز، و قال: عمّرك اللّه، يا دار! تأمّل، باللّه، معارجها؛ و تبيّن دواخلها و خوارجها! و سلني: كيف حصّلتها؟ و كم من حيلة احتلتها حتى عقدتها؟ (47) كان لي جار يكنى أبا سليمان يسكن هذه المحلة، و له من المال ما لا يسعه الخزن، و من الصامت ما لا يحصره الوزن. مات، رحمه اللّه، و خلّف خلفا أتلفه بين الخمر و الزّمر، و مزّقه بين النّرد و القمر (48). و أشفقت أن يسوقه قائد الاضطرار إلى بيع الدار، فيبيعها في أثناء الضجر (49)، و يجعلها عرضة للخطر. ثم أراها، و قد فاتني شراها فأنقطع عليها حسرات إلى يوم الممات. فعمدت إلى أثواب لا تنضّ تجارتها، فحملتها إليه، و عرضتها عليه، و ساومته على أن يشتريها نسيّة، و المدبر يحسب النّسية عطيّة و المتخلّف يعتدّها هدية (50). و سألته وثيقة بأصل المال، ففعل و عقدها لي. ثم تغافلت عن اقتضائه، حتى كادت حاشية حاله ترقّ فأتيته فاقتضيته، و استمهلني فأنظرته (51)، و التمس غيرها من الثياب فأحضرته. و سألته أن يجعل داره رهينة لديّ، ففعل. ثم درّجته بالمعاملات إلى بيعها، حتى حصلت لي بجدّ صاعد، و بخت مساعد، و قوّة ساعد؛ و ربّ ساع لقاعد! (52) و أنا بحمد اللّه مجدود، في مثل هذه الأحوال محمود. و حسبك (53)، يا مولاي، أني كنت منذ ليال نائما في البيت، مع من فيه، إذ قرع علينا الباب. فقلت: من الطارق المنتاب؟ فإذا امرأة معها عقد لآل، في جلدة ماء ورقة آل، تعرضه للبيع. فأخذته منها اخذة خلس، و اشتريته بثمن بخس، و سيكون له نفع ظاهر و ربح وافر، بعون اللّه و دولتك (54). و إنما حدثتك بهذا الحديث لتعلم سعادة جدي في التجارة؛ و السعادة تنبط (55) الماء من الحجارة. اللّه أكبر! لا ينبئك أصدق من نفسك، و لا أقرب من أمسك! اشتريت هذا الحصير في المناداة، و قد أخرج من دور آل الفرات وقت المصادرات و زمن الغارات (56). و كنت أطلب مثله منذ الزمن الأطوال فلا أجد؛ و الدهر حبلى ليس يدرى ما يلد. ثم اتّفق أني حضرت باب الطاق (57) ، و هذا يعرض في الأسواق، فوزنت فيه كذا و كذا دينارا. تأمّل، باللّه، دقّته و لينه و صنعته و لونه! فهو عظيم القدر، لا يقع مثله إلا في الندر! (58) و ان كنت سمعت بأبي عمران الحصيريّ، فهو عمله؛ و له ابن يخلفه الآن في حانوته، لا يوجد أعلاق الحصر إلا عنده. فبحياتي، لا اشتريت الحصر إلا من دكّانه! فالمؤمن ناصح لإخوانه، لا سيّما من تحرّم بخوانه (59).
و نعود إلى حديث المضيرة، فقد حان وقت الظهيرة. يا غلام، الطست و الماء. فقلت: اللّه أكبر! ربما قرب الفرج و سهل المخرج؟ و تقدّم الغلام، فقال: ترى هذا الغلام؟ انه روميّ الأصل عراقي النشء. تقدّم، يا غلام، و احسر عن رأسك، و شمّر عن ساقك، و انض عن ذراعك، و افترّ عن اسنانك، و أقبل و أدبر. ففعل الغلام ذلك. و قال التاجر: باللّه، من اشتراه (60) ؟ اشتراه، و اللّه، أبو العبّاس من النخّاس. ضع الطست و هات الإبريق. فوضعه الغلام، و أخذه التاجر و قلّبه و أدار فيه النظر، ثم نقره فقال: انظر إلى هذا الشّبه، كأنّه جذوة اللهب أو قطعة من الذهب! شبه الشام و صنعة العراق! ليس من خلقان الأعلاق (61)! قد عرف دور الملوك و دارها! تأمّل حسنه! و سلني متى اشتريته؟ اشتريته، و اللّه، عام المجاعة، و ادّخرته لهذه الساعة. يا غلام، الإبريق (62)، فقدمه. و أخذه التاجر فقلّبه، ثم قال: و أنبوبه منه! لا يصلح هذا الابريق إلا لهذا الطست، و لا يصلح هذا الطست إلا مع هذا الدست (64)، و لا يحسن هذا الدست إلا في هذا البيت، و لا يجمل هذا البيت إلا مع هذا الضيف. أرسل الماء، يا غلام، فقد حان وقت الطعام. باللّه، ترى هذا الماء ما أصفاه: أزرق كعين السنّور، و صاف كقضيب البلّور! استقي من الفرات، و استعمل بعد البيات، فجاء كلسان الشمعة في صفاء الدمعة. و ليس الشأن في السّقّاء، الشأن في الإناء!(65) لا يدلّك على نظافة أسبابه أصدق من نظافة شرابه.
و هذا المنديل؟ سلني عن قصّته! فهو نسج جرجان، و عمل أرّجان. وقع إليّ فاشتريته، فاتخذت امرأتي بعضه سراويلا(66)، و اتخذت بعضه منديلا. دخل في سراويلها عشرون ذراعا، و انتزعت من يدها هذا القدر انتزاعا، و اسلمته إلى المطرّز حتى صنعه كما تراه و طرّزه. ثم رددته من السوق و خزنته في الصّندوق، و ادّخرته للظراف من الأضياف، لم تذلّه عرب العامّة بأيديها، و لا النساء لمآقيها. فلكل علق يوم، و لكل آلة قوم! يا غلام، الخوان فقد طال الزمان، و القصاع فقد طال المصاع (67)، و الطعام فقد كثر الكلام.
فأتى الغلام بالخوان، و قلّبه التاجر على المكان، و نقره بالبنان، و عجمه بالأسنان (68)، و قال: عمّر اللّه بغداد! فما أجود متاعها، و أظرف صنّاعها! تأمّل، باللّه، هذا الخوان! و انظر إلى عرض متنه (69) و خفّة وزنه و صلابة عوده و حسن شكله! فقلت: هذا الشكل، فمتى الأكل؟ فقال: الآن. عجّل، يا غلام، الطعام. لكنّ الخوان قوائمه منه.
قال أبو الفتح: فجاشت نفسي، و قلت: قد بقي الخبز و آلاته، و الخبز و صفاته، و الحنطة من أين اشتريت أصلا، و كيف أكترى لها حملا، و في أيّ رحى طحن، و إجّانة عجن، و أيّ تنّور سجر (70)، و خبّاز استأجر؛ و بقي الحطب من أين احتطب، و متى جلب، و كيف صفّف حتى جفّف، و حبس حتى يبس. و بقي الخبّاز و وصفه، و التلميذ و نعته، و الدقيق و مدحه، و الخمير و شرحه، و الملح و ملاحته. و بقيت السكرّجات (71) من اتّخذها، و كيف انتقدها، و من عملها؛ و الخلّ، كيف انتقي عنبة أو اشتري رطبه، و كيف صهرجت معصرته و استخلص لبّه، و كيف قيّر حبّه، و كم يساوي دنّه (72). و بقي البقل، كيف احتيل حتى قطف، و في أيّ مبقلة رصف، و كيف تؤنّق (فيه) حتى نظّف (73). و بقيت المضيرة كيف اشتري لحمها، و وفّي شحمها، و نصبت قدرها، و أجّجت نارها، و دقّت أبزارها حتى أجيد طبخها و عقّد مرقها. و هذا خطب يطمّ، و أمر لا يتم! (74) فقمت. فقال: أين تريد؟ فقلت: حاجة أقضيها. فقال: يا مولاي، تريد كنيفا يزري بربيعيّ الأمير، و خريفيّ الوزير (75)؟ قد جصّص (76) أعلاه، و صهرج أسفله، و سطّح سقفه، و فرشت بالمرمر أرضه؟ يزلّ عن حائطه الذّرّ فلا يعلق، و يمشي على أرضه الذّباب فيزلق؟ عليه باب غيرانه خليطي ساج و عاج، مزدوجين أحسن ازدواج (77) ، يتمنّى الضيف أن يأكل فيه! فقلت: كل أنت من هذا الجراب، لم يكن الكنيف في الحساب!
و خرجت نحو الباب، و أسرعت في الذّهاب، و جعلت أعدو (78)، و هو يتبعني و يصيح: يا أبا الفتح، المضيرة! و ظن الصبيان أن المضيرة لقب لي، فصاحوا صياحه! فرميت أحدهم بحجر، من فرط الضّجر. فلقي رجل الحجر بعمامته، فغاص في هامته (79). فأخذت من النّعال بما قدم و حدث، و من الصفع بما طاب و خبث. و حشرت إلى الحبس، فأقمت عامين في ذلك النّحس (80). فنذرت ألاّ آكل مضيرة ما عشت! فهل أنا في ذا، يا آل همدان، ظالم؟ (81).
قال عيسى بن هشام: فقبلنا عذره، و نذرنا نذره، و قلنا: قديما جنت المضيرة على الأحرار، و قدّمت الأراذل على الأخيار.
- كتب بديع الزمان الهمذانيّ إلى ابن أخته يعزّيه بأخيه و يحضّه على المثابرة على تحصيل العلم:
كتابي، و قد ورد كتابك بما ضمّنته من تظاهر نعم اللّه عليك و على والديك. فسكنت إلى ذلك من حالك، و سألت اللّه إبقاءك، و أن يرزقني لقاءك (82).
و ذكرت مصابك بأخيك، فكأنّما فتّتت عضدي (83) و طعنت في كبدي. فقد كنت معتضدا بمكانه (84) و القدر جار لشانه. و كذا المرء يدبّر، و القضاء يدمّر، و الآمال تنقسم، و الآجال تبتسم. و اللّه يجعله فرطا (85) و لا يريني فيك سوءا أبدا. و أنت-أيّدك اللّه-وارث عمره و سداد ثغره، و نعم العوض بقاؤك:
إنّ الأشاء إذا أصاب مشذّبا منه أغلّ ذرى و أثّ أسافلا (86)!
و أبوك سيّدي-أيّده اللّه و ألهمه الجميل، و هو الصبر، و آتاه الجزيل، و هو الأجر، و أمتعه بك طويلا فما سئت بديلا. أنت ولدي ما دمت و العلم شانك، و المدرسة مكانك و الدفتر نديمك. و إن قصّرت، و لا إخالك، فغيري خالك؛ و السلام.
-و كتب إلى أبي بكر الخوارزميّ:
أنا لقرب الاستاذ-أطال اللّه بقاءه (كما طرب النشوان مالت به الخمر) ، و من الارتياح للقائه (كما انتفض العصفور بلّله القطر) ، و من الامتزاج بولائه (كما التقت الصهباء و البارد العذب) ، و من الابتهاج بمرآه (كما اهتزّ تحت البارح (87) الغصن الرّطب) -. فكيف نشاط الاستاذ لصديق طوى إليه (88) ما بين قصبتي العراق و خراسان، بل ما بين عتبتي نيسابور و جرجان؟ و كيف اهتزازه لضيف في بردة (89) جمّال. و جلدة حمّال:
رثّ الشمائل(90) منهج الأثواب ... بكرت عليه مغيرة الأعراب (91)
و هو-أيّده اللّه-ولي إنعامه، بإنفاذ غلامه (92) إلى مستقرّي، لأفضي إليه بسرّي، إن شاء اللّه تعالى.
_______________________
١) راجع تفاصيل هذه المناظرة في رسائل بديع الزمان الهمذاني (الجوائب، ص ٢٨- ٨٣) ؛ و في معجم الأدباء (٢:١٧٣-١٨٢) ؛ و في النثر الفني لزكي مبارك (٢:٣٣١- 350) .
2) باب الأبواب: ناحية بشمالي فارس.
3) رضيت من الغنيمة بالإياب: رضيت أن أرجع من سفري بلا ربح. في هذه الجملة تضمين من قول امرئ القيس. و قد طوفت في الآفاق حتى رضيت من الغنيمة بالإياب
4) دونه: دون باب الأبواب، بين باب الأبواب و العراق. و ثاب بغاربه: بحر ثائر بأمواجه يثب إلى ظهور المراكب. عساف براكبه: يدفع راكبه يمينا و شمالا على غير هدى و بشدة.
5) استخار اللّه: اتجه بقلبه إلى اللّه ليلهمه ما يعمل، أو رجع معتمدا على اللّه في توفيقه في عودته. القفول: الرجوع. الفلك: السفينة. بمثابة الهلك: كأني هالك، لا أرجو النجاة. ملكنا البحر: صرنا على ظهره لا نستطيع الرجوع إلى البر لو أردنا. تحوذ: تدفع، تسوق.
6) الحين: الموت. البحران: بحر من فوقنا هو المطر، و بحر من تحتنا هو البحر. العدة: السلاح. العصمة: الملجأ. ليلة نابغية: ليلة طويلة سوداء شاقة، نسبة إلى قول النابغة: كليني لهمّ يا أميمة ناصب و ليل أقاسيه بطيء الكواكب
7) يخضل: يبتل. رخي الصدر: واسع الصدر، مطمئن.
8) خطب: طلب. آب: رجع. الجيب: شق القميص عند العنق. ديباج: حرير فاخر. حقة: وعاء. عاج: سن الفيل. حذف: رمى.
9) أحلتنا المدينة: أنزلتنا (سالمين) إلى المدينة. اقتضى الناس: طلب منهم تأدية الدين.
10) نقدوه: دفعوه له عينا (ذهبا)
11) خذله الصبر: فارقه عند الحاجة اليه.
12) ويك: ويل لك. التبر: الذهب.
13) غشيه: أتى عليه.
14) ما حرف نفي. أعقبني: أثر في، حصل لي. الضر (بالفتح و الضم) : الضرر.
15) الازر: الظهر-ازداد قوة.
16) لو غرقنا لما طالبني أحد بشيء، و لا بأن اعتذر.
17) الأزاذ: تمر جيد. ليس معي عقد على نقد: ليس معي مال (النقد: العملة المسكوكة من ذهب أو فضة. و العادة انها تصر، يعقد عليها) .
18) الكرخ الجانب الغربي من بغداد. السوادي: الفلاح من أهل سواد (اخضرار، الأرض المزروعة) الكوفة يطرف بالعقد ازراره: يعقد جانبي ازراره على عدد من قطع العملة.
19) توفي مند زمن بعيد حتى نبت العشب على قبره الذي أصبح دمنة (أثرا ممحوا) 0
20) مددت يد البدار: بادرت، أسرعت. الصدار: ثوب يلبس على الصدر. جمعه: قبضة كفه.
21) حمة القرم: لذع الشهوة إلى أكل اللحم. اللقم: جعل اللقمة كبيرة، النهم. الشواء: بائع اللحم المشوي. يتقاطر. . . . عرقا: يقطر منه الدهن بكثرة. الجوذابة: خبز مندى بدهن اللحم المشوي.
22) نضد: صف. أوراق الرقاق: رقاق (أرغفة) رقيقة كرقة الورق. السماق: شجر له ثمر حامض يظهر عناقيد.
23) التنور: الموقد. زبدة تنوره: أحسن قطعة لحم عنده. الساطور: آلة كالسكين و لكن سميكة جدا يكسر بها العظم و يرقق اللحم. ما يئست: (المعنى غامض) ، و في رواية: فلا نبس و لا نبست (بفتح الباء) : ما تكلمنا، بل كنا نأكل و نحن سكوت. استوفينا: أكلنا كل ما كان أمامنا.
24) اللوزينج: حلواء تصنع بالدقيق و دهن اللوز و تحشى بالجوز أو اللوز (تشبه القطائف) . الرطل (بفتح الراء أو كسرها) : وزن قديم (453 غراما؟) .
25) ليلي العمر: صنع في الليل (صنع في وقت كاف ينضج فيه جيدا) . يومي النشر: طازج جديد. لؤلؤي الدهن: دهنه متكاثف متبلور (جيد) . كوكبي اللون: أبيض، ناصع (نظيف) . جرد: استعمل يده في الأكل كأنه يضرب بها بالسيف.
26) يشعشع: يمزج. يقمع: يقهر، يذهب. الصارة: العطش. يفثأ: يسكن، يكسر حدة الحرارة.
27) هاك: خذ. القحة: الوقاحة. زن عشرين: ادفع ثمن ما أكلت زنة عشرين درهما. يحل العقد التي عقدها على قطع من العملة في أطراف ازاره. (راجع الحاشية ٧ ص ۵٩٩) .
28) افعل كل ما يخطر ببالك قبل أن تعجز عن عمل مثله
29) المضيرة: لبن يطبخ بمرقة اللحم. تثني على الحضارة: فيها تأنق أهل الحضر. تترجرج: تهتز. الغضارة: سعة العيش، الترف-متقنة الصنع. تؤذن بالسلامة: ان الاسراف منها لا يضر الآكل لطيبها و إتقان صنعها و فائدتها. تشهد لمعاوية بالإمامة: لو طبخها معاوية لخصومه لشهدوا له بالإمامة (بالخلافة) .
30) قصعة: وعاء. يزل عنها الطرف: يزلق عنها البصر لملاستها و نقاوتها إذ لا يقع فيها على عيب أو سوء. يموج فيها الظرف: سكبت المضيرة في القصعة بذوق.
31) الخوان: منضدة الطعام. ثلب: ذم. تنحى: ابتعد. مساعدة الاخوان: موافقتهم.
32) تحلبت الأفواه: سال ريقها شوقا اليها. تلمظت الشفاه: تحركت كأنها تتذوق طعاما.
33) الكره و البغض.
34) الغريم: الدائن. لزمني: لحق بي و لم يفارقني. الرقيم: لوح من بلاط منقوش. و أصحاب الكهف و الرقيم بضعة أشخاص أنامهم اللّه في كهف ثلاثمائة و تسع سنوات ثم أيقظهم. و كان معهم كلب طول هذه المدة (راجع سورة الكهف الآية التاسعة و ما بعدها) .
35) الخرقة: قطعة نسيج تعقدها المرأة في وسطها في أثناء مكوثها في المطبخ لتدفع عن ثيابها رشاش الماء و الطعام. تدور: تعتني بغرف البيت الكثيرة. التنور: موقد يخبز فيه العجين. القدور جمع قدر: وعاء لطبخ الطعام. الابزار: جمع بزر كالصنوبر و كبش القرنفل و الكزبرة اليابسة و سواها مما يوضع في الطعام.
36) المساعدة: الموافقة. حليلته: زوجته. الظعينة: المرأة المسافرة في الهودج، يقصد امرأته أيضا. طينته: من مستواه الاجتماعي. ابنة عمي لحا: ابنة عمي اخي ابي مباشرة. الأرومة: الأصل.
37) أصابني بالصداع: اوجع رأسي (؟) .
38) يتغاير: يغار بعضهم من بعض.
39) السطة: الوسط، الجوهرة الكبيرة (؟) . القلادة: العقد-يقصد في وسط المحلة.
40) تنفس الصعداء: تنهد.
41) الحنية أو القنطرة المعقودة فوق المدخل.
42) البركار: اداة ترسم بها الدائرة (بيكار) -برجل.
43) الساج: شجر كبير من شجر الهند. مأروض: أكلته الأرضة (بكسر الهمزة و فتح الراء) ، منخور. عفن، متهرئ بالرطوبة. أنّ: أحدث صوتا لثقله. نقر: ضرب باليد. طن: أحدث صوتا متسقا (ينفر الاناء حتى يعرف أ مكسور هو أم سليم) .
44) الدر: الحليب. للّه دره: ما أحسنه! لا استعنت إلا به على مثله: لا تصنع بابا إلا عنده. الحلقة: أداة معدنية تعلق في الباب ليقرع الباب بها. سوق الطرائف: السوق التي تباع فيها الأشياء النفيسة.
45) معزية: نسبة إلى معز الدولة بن بويه؛ و يظهر انها كانت دنانير راجحة. الشبه: النحاس الأصفر.
46) الرطل (بالفتح و الكسر) اربعمائة و ثمانون درهما (راجع القاموس المحيط ٣:٣٨۵) -نحو ١۵٣۶ غراما (راجع، فوق، ص ۶٠٠، الحاشية ۵: يبدو أن الاوزان كانت مختلفة المقادير في الاماكن المختلفة) . اللولب مسمار مخروط خرطا حلزونيا (برغي) . الاعلاق جمع علق (بالكسر) : الشيء النفيس.
47) الدهليز: ممر يفضي إلى الدار. المعارج جمع معرج: المرقى، المرقاة، السلم. عقد البيت: ملكه.
48) الصامت: المال من الذهب و الفضة. الخلف: الذرية، الأولاد. الزمر: سماع الغناء. النرد: لعبة الطاولة. القمر: الخسارة في القمار.
49) اشفق، خاف، خشي. الضجر: الضيق و اليأس من الفرج.
50) لا تنض تجارتها: (الملموح) لا تروج تجارتها، كاسدة. نسية: دينا. المدبر: المفتقر، الشقي، يظن ان النسية منحة. و المتخلف (المتأخر تجاريا) يظنها هدية. و عندي، المدبر (بضم الميم و فتح الدال و كسر الباء المشددة) : المفكر بعواقب الأمور، الداهية، إنه يعتبر ان ما أعطاه دينا كأنه منحه أو صدقه لا يهمه أ يرجع أم لا. و المتخلف يظن أنه هدية لأنه لن يدفع ثمنه نقدا.
51) وثيقة بأصل المال: سند بالدين. عقدها لي: تعهد لي فيها بالوفاء. الاقتضاء: المطالبة بالدين. رقت حاله: افتقر. أنظرته: أمهلته، اجلت الدين.
52) درجته بالمعاملات: جررته إلى البيع شيئا فشيئا. الجد و البخت: الحظ. ساعد: من اليد إلى المرفق؛ بقوة ساعد: بجهد و نشاط؛ رب ساع لقاعد مثل (فرائد اللآلي 1:246) : قد يكون انسان في بيته بينما هنالك آخر يسعى له في خير.
53) مجدود: محظوظ. حسبك: يكفيك.
54) المنتاب (في القاموس) : الذي يأتي مرة بعد مرة. (و هي في رأيي هنا) : المفاجئ. لآل: جمع لؤلؤ جمع لؤلؤة. جلدة ماء: صاف كأنه في غشاء من ماء. الآل: السراب؛ كناية عن الرقة و الصفاء أيضا. بدولتك: برعايتك.
55) يجعلها تنبع.
56) الحصير: السجادة. المناداة: البيع بالمزاد العلني. آل الفرات: أسرة و ليت الوزارة للعباسيين، نكبوا و صودرت أموالهم في أيام الخليفة المقتدر (ت ٣٢٠ ه) الغارات: النهب (الفرهود بعامية أهل بغداد) .
57) سوق ببغداد.
59) نادرا، قليلا جدا.
60) أكل عنده. . .
61) النشأة، المربى. حسر: كشف. نضا عن ذراعه: نزع ثوبه عن ذراعه. افتر عن أسنانه: ضحك. الضمير في اشتراه تعود على الغلام.
62) هو علق (بكسر العين) نفيس و ليس بخلق (بفتح اللام) قديم بل هو جديد أيضا.
63) مفعول به لفعل محذوف تقديره (هات) .
64) البيت؛ و في الأصل: المجلس الفخم، المنصب. يقال دست الوزارة.
65) السنور: الهر. كثيرون من أهل بغداد كانوا يفضلون الشرب من ماء الفرات لأنه أعذب من ماء دجلة، مع ان بغداد مبنية على نهر دجلة مباشرة. البيات: ترك الماء في الآنية مدة الليل حتى يترسب ما فيه من عكر. السقاء: الذي ينقل الماء.
66) المنديل: المنشفة. جرجان و أرجان مقاطعتان في فارس، اشارة إلى جودة نسجه و جنسه. و السراويل مفرد سروال و شروال: ثوب للقسم الأدنى من البدن.
67) الظراف: جمع ظريف. عرب العامة: البدو. القصاع جمع قصعة: وعاء يسكب فيه الطعام. المصاع: (الجدال، الكلام) .
68) على المكان: حالا. البنان جمع بنانة: رأس الاصبع. عجمه: عضه ليعرف قساوته.
69) متنه: ظهره، كناية عن أن ظهره عريض و مع ذلك فهو من قطعة واحدة
70) الرحى: الطاحون. اجانة: وعاء كبير يعجن فيه. التنور: حفرة اسطوانية الشكل يخبز العجين فيها أو على أطرافها. سجر التنور: أشعل فيه النار.
71) التلميذ هنا صبي الفران. و لا يزال معلم الفرن يدعى في بغداد إلى الآن أستاذ. السكرجات: الصحاف و الاطباق التي يسكب فيها الطعام.
72) الرطب: التمر. صهرج الحفرة: طلى أسفلها و جدراتها بالطين و الكلس الخ. المعصرة في الأصل بكسر الميم. و الصواب فتحها على انها اسم مكان لا اسم آلة، فان الذي صهرج مكان العصر لا آلة العصر. الحب: الجرة الضخمة لها عروتان. قير الحب: طلي خارجه بالقار (الزفت) . الدن: وعاء طويل له عسعس (بضم العينين) أي ان أسفله مخروطي الشكل لا يثبت على الأرض و لذلك يجعلون له أداة من خشب يضعونه عليها.
73) البقل: النبت، الخضرة كاللوبياء و السلق الخ. المبقلة: المكان المعد لخزن أنواع البقل. رصف: وضع بعضه إلى جانب بعض، أو فوق بعض.
74) الابزار: أنواع من البزر تضاف إلى الطعام المطبوخ كالصنوبر و الجوز و الكزبرة. . . الخ. المرق: ماء اللحم المغلي. عقد: خثر، أصبح غليظا سميكا بفعل الغلي. خطب يطم: أمر يتعاظم و يتفاقم، مصيبة كبيرة
75) يزرى بربيعي الأمير: يظهر ربيعي الأمير بجانبه حقيرا صغيرا. الربيعي و الخريفي: مسكن للربيع و مسكن للخريف.
76) جصص الجدار: طلاه بالجص (بالكلس) .
77) يزل عن حائطه الذر: يزلق عنه النمل الصغير (لملاسته) . غير انه (كذا بالأصل) فسرها الشارح: الغيران جمع غار أصله الاخدود بين اللحيين من الفم استعمله في الفواصل بين الواح الباب. . . من خليطي ساج و عاج: أي من خشب هندي (اسود) مطعم (بتشديد العين) بالعاج (الابيض) . مزدوجين أحسن ازدواج: منسقين تنسيقا جميلا.
78) اركض.
79) رأسه.
80) أخذتني النعال، أي أن الناس ضربوني بالنعال و صفعوني كثيرا. . .
81) في الأصل: همذان (بفتح الميم و الذال المعجمة) و الصواب: همدان (بسكون الميم و بالدال المهملة) و هذا اقتباس من قول عمرو بن براق الهمداني: و كنت إذا قوم غزوني غزوتهم؛ فهم أنا في ذا-يا لهمدان-ظالم؟
82) (هذا) كتابي (أكتبه اليك) . تظاهر: توالي، تتابع. فسكنت إلى ذلك من حالك: اطمأننت عليك. يرزقني لقاءك: يتيح لي أن أجتمع بك قريبا.
83) فتتت عضدي: كسرت عظم ساعدي (كناية عن الألم من المصيبة النازلة) .
84) كنت معتضدا بمكانه: عظيم الأمل بحسن مستقبله، أرجو أن يكون في المستقبل (لي و لك) عونا. و القدر جار لشانه: تنفذ أحكامه من غير أن يلقي بالا إلى آمالنا (و نحن غافلون عما يخبئه لنا) .
85) الفرط: المتقدم، السابق (جعله اللّه ثوابا لنا مقدما عند اللّه ليوم القيامة) . سداد (بكسر السين) ثغره: تقوم مقامه (في الأمور التي كان ينتظر منه أن يقوم هو بها، لو كتبت له الحياة) .
86) الاشاء جمع اشاءة: النخلة الصغيرة. التشذيب: قطع الأغصان اليابسة أو الزائدة. أغل ذرى: حمل (في أعلاه) حملا كثيرا. أث كثر، التف، كثف (إذا شذبت الأشجار انبسطت أغصانها و كثر ثمرها و اشتد جذعها)
87) البارح: الريح الحارة في الصيف (القاموس) ! !
88) طوى الأرض: قطعها، سافر.
89) البردة: الثوب؛ جمال: راعي الجمال. الحمال: العتال (كناية عن رثاثة الثياب و عن الفقر) .
90) الشمائل جمع شملة: ثوب يلف على البدن. منهج (بالبناء للمجهول) : متهرئ.
91) بكرت. . . . : غدا عليه قطاع الطريق من البدو فسلبوه ما كان يحمله من مال و متاع. و هذا الشطر مطلع قصيدة للسري الرفاء (بتشديد الياء و الفاء) .
92) خادمه.
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|