المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8117 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تربية أنواع ماشية اللحم
2024-11-05
زكاة الذهب والفضة
2024-11-05
ماشية اللحم في الولايات المتحدة الأمريكية
2024-11-05
أوجه الاستعانة بالخبير
2024-11-05
زكاة البقر
2024-11-05
الحالات التي لا يقبل فيها الإثبات بشهادة الشهود
2024-11-05



حكم تغسيل الشهيد  
  
432   01:41 صباحاً   التاريخ: 22-12-2015
المؤلف : الحسن بن يوسف بن المطهر(العلامة الحلي)
الكتاب أو المصدر : تذكرة الفقهاء
الجزء والصفحة : ج1ص370-376
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / الفقه المقارن / كتاب الطهارة / احكام الاموات / الغسل /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-12-2015 1447
التاريخ: 22-12-2015 439
التاريخ: 21-1-2016 547
التاريخ: 22-12-2015 433

الشهيد إذا مات في المعركة لا يغسل ولا يكفن ، ذهب إليه علماؤنا أجمع ، وبه قال أهل العلم إلّا الحسن ، وسعيد بن المسيب ، فإنهما أوجبا غسله ، لأنّه ما مات ميّت إلّا جنب (1). وفعل  النبي  صلى الله عليه وآله  أحق بالاتباع ، وقد أمر بدفن شهداء احد ، وقال : ( زملوهم بدمائهم فإنهم يحشرون يوم القيمة وأوداجهم تشخب دما ، اللون لون الدم ، والريح ريح المسك ) (2) وقال  الصادق عليه السلام : « الذي يقتل في سبيل الله يدفن في ثيابه ولا يغسل إلّا أن يدركه المسلمون وبه رمق ، ثم يموت بعد ، فإنه يغسل ويكفن ويحنط ، إنّ  رسول الله  صلى الله عليه وآله كفن حمزة في ثيابه ولم يغسله ، ولكنه صلّى عليه » (3).

فروع :

أ ـ لو كان الشهيد جنباً ، قال الشيخ : لم يغسل (4) ، وبه قال مالك (5) ، لعموم الخبر في الشهداء(6) ، وقال ابن الجنيد والمرتضى : يغسل (7) ، وبه قال أبو حنيفة وأحمد (8) ، وللشافعي كالمذهبين (9) ، لأنّ حنظلة بن الراهب قتل يوم احد (10) ، فقال  النبي  صلى الله عليه وآله  : (ما شأن حنظلة ، فإني رأيت الملائكة تغسله ) فقالوا : إنّه جامع ثم سمع الهيعة (11) فخرج إلى القتال (12).

ب ـ لو طهرت المرأة من حيض ، أو نفاس ، ثم استشهدت لم تغسل للعموم (13). وقال أحمد : تغسل كالجنب ، ولو قتلت في الحيض ، أو النفاس ، سقط الغُسل عنده ، لأنّ الطُهر منهما شرط فيه (14).

ج‍ ـ المرأة كالرجل ، والعبد كالحر ، والصبي كالبالغ وإن كان رضيعا ـ وبه قال الشافعي ، وأبو يوسف ، ومحمد ، وأحمد ، وأبو ثور ، وابن المنذر (15) ـ لأنّه مسلم قتل في معركة والمشركين فكان كالبالغ ، ولأنّه كان في قتلى احد وبدر (16) أطفال كحارثة بن النعمان ، وعمر بن أبي وقاص ، ولم ينقل أنّ  النبي  صلى الله عليه وآله  غسلهم ، وفي يوم الطف (17) قتل ولد رضيع للحسين عليه السلام ولم يغسله ، وقال أبو حنيفة : لا يثبت حكم الشهادة لغير البالغ ، لأنّه ليس من أهل القتال (18). ويبطل بالمرأة.

د ـ شرط الشيخان في سقوط غسل الشهيد ، أن يقتل بين يدي إمام عادل في نصرته ، أو من نصبّه (19).

ويحتمل اشتراط تسويغ القتال ، فقد يجب القتال ، وإن لم يكن الامام موجودا ، لقولهم : «إغسل كلّ الموتى إلّا من قتل بين الصفين » (20).

هـ ـ كلّ مقتول في غير المعركة يغسل ، ويكفن ، ويحنط ، ويُصلّى عليه ، وإن قتل ظلما ، أو دون ماله ، أو نفسه ، أو أهله ، ذهب إليه علماؤنا أجمع ـ وبه قال الحسن ، ومالك ، والشافعي ، وأحمد في رواية (21) ـ لقول  الصادق عليه السلام : « إغسل كلّ الموتى ، إلّا من قتل بين الصفين » (22).

وقال الشعبي ، والأوزاعي ، وإسحاق ، وأحمد في رواية : لا يغسل (23) ، لقول  النبي  صلى الله عليه وآله  : ( من قتل دون ماله فهو شهيد ) (24).

و ـ النفساء تغسل وتكفن ويُصلّى عليها ، وهو مذهب العلماء كافة ، إلّا الحسن قال : لا يُصَلّى عليها لأنّها شهيدة (25) ، وفعل  النبي  صلى الله عليه وآله  بخلافه ، فإنه صلّى على امرأة ماتت في نفاسها (26) وتسميتها شهيدة للمبالغة في عظم ثوابها.

ز ـ المطعون والمبطون والغريق ، والمهدوم عليه يغسلون بالإجماع ، وتسميتهم شهداء باعتبار الفضيلة.

ح ـ لا فرق في الشهيد بين من قتل بالحديد ، والخشب ، والصدم ، واللطم باليد أو الرجل ، عملاً بإطلاق اللفظ.

ط ـ لو عاد عليه سلاحه فقتله ، فهو كالمقتول بأيدي العدو ، لأنّه قتل بين الصفين ، وقال رجل من أصحاب  النبي  صلى الله عليه وآله  : أغرنا على حي من جهينة ، فطلب رجل من المسلمين رجلاً منهم فضربه فأخطأ فأصاب نفسه بالسيف ، فقال  رسول الله  صلى الله عليه وآله : ( أخوكم يا معشر المسلمين ) فابتدر الناس ، فوجدوه قد مات ، فلفه  رسول الله  صلى الله عليه وآله بثيابه ، ودمائه ، وصلّى عليه ، فقالوا : يا رسول الله أشهيد هو؟ قال : ( نعم ، وأنا له شهيد ) (27).

ي ـ لو وجد غريقاً أو محترقاً في حال القتال ، أو ميتاً لا أثر فيه ، قال الشيخ : لا يغسل (28) ـ وبه قال الشافعي (29) ـ لاحتمال أنّه مات بسبب من أسباب القتال.

وقال ابن الجنيد : يغسل (30) ـ وبه قال أبو حنيفة (31) ـ لوجوب الغُسل في الأصل ، وقول الشيخ جيد.

يا ـ قال الشافعي : القتال الذي يثبت به حكم الشهادة هو أن يقتل المسلم في معترك المشركين بسبب من أسباب قتالهم ، مثل أن يقتله المشركون ، أو يحمل على قوم منهم فيتردى في بئر أو يقع من جبل ، أو يسقط من فرسه ، أو يرفسه فرس غيره ، أو يرجع سهم نفسه عليه فيقتله (32)، وهو جيد.

فإن انكشف الصف عن مقتول من المسلمين ، لم يغسل وإن لم يكن به أثر ، وقال أبو حنيفة وأحمد : إن لم يكن أثر غسل (33) ، قال أبو حنيفة : فإن كان دمه يخرج من عينه أو اذنه لم يغسل ، وإن كان يخرج من أنفه أو ذكره أو دبره غسل (34).

يب ـ لو نقل من المعركة وبه رمق ، أو انقضى الحرب وبه رمق ، غسل ـ وبه قال الشافعي ، وأحمد (35) ـ سواء أكل أو لا ، وصى أو لم يوص ، للأصل الدال على وجوب الغُسل ، وقال  الصادق عليه السلام : « الشهيد إذا كان به رمق غسل وكفن وحنط وصلي عليه ، وإن لم يكن به رمق دفن في أثوابه»(36).

وقال مالك : لا اعتبار بتقضي الحرب ، بل بأن يأكل ، أو يشرب ، أو يبقى يومين أو ثلاثة ، فيغسل حينئذ (37).

وقال أصحاب أبي حنيفة : إذا خرج عن صفة القتل وصار إلى حال الدنيا نقص بذلك حكم الشهادة ، مثل أن يأكل أو يشرب ، أو يوصي ، فأما غير ذلك فلم يخرج بذلك عن صفة القتلى ، لأنّ القتيل قد يبقى فيه النفس ، ومعنى الشهادة حاصل في حقه (38) ، وليس بجيد ، لأنّه مات بعد تقضي الحرب ، فلم يثبت له حكم الشهادة ، كما لو أوصى.

__________________

1 ـ المجموع 5 : 264 ، المبسوط للسرخسي 2 : 49 ، بداية المجتهد 1 : 227 ، الكفاية 2 : 104 ، المغني 2 : 398 ، الشرح الكبير 2 : 328 ، سبل السلام 2 : 548.

2 ـ مسند أحمد 5 : 431 ، سنن النسائي 4 : 78 ، سنن البيهقي 4 : 11 و 9 : 164 ـ 165 و 170 ، الجامع الصغير للسيوطي 2 : 30 / 4563.

3 ـ الكافي 3 : 212 / 5 ، التهذيب 1 : 332 / 973.

4 ـ المبسوط للطوسي 1 : 182.

5- المغني 2 : 399 ، الشرح الكبير 2 : 329 ، بُلغة السالك 1 : 204 ، فتح العزيز 5 : 157.

6 ـ سنن النسائي 4 : 78 ، مسند أحمد 5 : 431 ، الجامع الصغير 2 : 30 / 4563.

7 ـ حكى قولهما المحقق في المعتبر : 84.

8 ـ المغني 2 : 399 ، الشرح الكبير 2 : 329 ، المبسوط للسرخسي 2 : 57 ، فتح العزيز 5 : 157 ، الهداية للمرغيناني 1 : 94 ، اللباب 1 : 134.

9 ـ المجموع 5 : 263 ، فتح العزيز 5 : 157 ، الوجيز 1 : 76 ، المغني 2 : 399 ، الشرح الكبير 2 : 329.

10 ـ احد : جبل من جبال المدينة على بعد ميلين أو ثلاثة منها ، واتفقت غزوة احد فيها ، وذلك في سنة ثلاث من الهجرة لسبع خلون من شوال وقيل للنصف منه ، وكانت راية  رسول الله  صلى الله عليه وآله بيد أمير المؤمنين  علي عليه السلام ، واختص بحسن البلاء فيها والصبر وثبوت القدم ، عندما زلت من غيره الاقدام. راجع السيرة النبوية لابن هشام 3 : 64 ، السيرة الحلبية 2 : 216 ، المغازي للواقدي 1 : 199 ، تاريخ الطبري 2 : 499 ، الإرشاد للمفيد : 43.

11 ـ الهيعة والهائعة : الصوت تفزع منه وتخافه من عدو. القاموس المحيط 3 : 101 «هيع».

12 ـ المستدرك الحاكم 3 : 204 ، سنن البيهقي 4 : 15 ، اسد الغابة 2 : 59 ، الاصابة 1 : 361 ، السيرة النبوية لابن هشام 3 : 79.

13 ـ مسند أحمد 5 : 431 ، سنن النسائي 4 : 78 ، سنن البيهقي 4 : 11 و 9 : 164 ـ 165 و 170 ، الجامع الصغير 2 : 30 / 4563 ، الكافي 3 : 210 ـ 212 / 1 ـ 5 ، الفقيه 1 : 97 / 446 و 447 ، التهذيب 1 : 330 / 967 ، الاستبصار 1 : 213 ـ 214 / 753.

14 ـ المغني 2 : 399 ، الشرح الكبير 2 : 329.

15 ـ المجموع 5 : 266 ، المغني 2 : 400 ، الشرح الكبير 2 : 330 ، المبسوط للسرخسي 2 : 54 ، شرح العناية 2 : 107.

16 ـ بدر : اسم بئر كانت لرجل يدعى بدراً ، وفيها دارت رحى أول حرب خاضها المسلمون ، وذلك في شهر رمضان يوم تسعة عشر أو سبعة عشر منه ، على رأس تسعة عشر شهراً من هجرته 9. السيرة النبوية لابن كثير 2 : 380 ، السيرة النبوية لابن هشام 2 : 257 ، تاريخ الطبري 2 : 421 ، الإرشاد للمفيد : 38.

17 ـ يوم الطف : هو عاشر محرم الحرام من سنة احدى وستين يوم استشهاد سيد الشهداء الامام الحسين 7 على يد الاراذل الامويين من الشجرة الملعونة. كشف الغمة 2 : 45 ، مناقب ابن شهر آشوب 4 : 84 ، ترجمة الامام الحسين 7 من تاريخ ابن عساكر : 165 ، تاريخ الطبري 5 : 400 ، اعلام الورى : 220 ، الكامل في التاريخ 4 : 46 ، الاحتجاج : 301 ، مقتل الحسين للخوارزمي 2 : 32.

18 ـ المبسوط للسرخسي 2 : 54 ، شرح العناية 2 : 107 ، المجموع 5 : 266 ، المغني 2 : 400.

19 ـ المقنعة : 12 ، المبسوط للطوسي 1 : 181.

20- الكافي 3 : 213 / 7 ، التهذيب 1 : 330 / 967 ، الاستبصار 1 : 213 / 753 ، والرواية فيها موقوفة.

21 ـ المغني 2 : 403 ، الشرح الكبير 2 : 332 ، بُلغة السالك 1 : 204 ، المجموع 5 : 368 ، فتح العزيز 5 : 154.

22 ـ الكافي 3 : 213 / 7 ، التهذيب 1 : 330 / 967 ، الاستبصار 1 : 213 / 753 والرواية فيها موقوفة.

23 ـ المغني 2 : 403 ، الشرح الكبير 2 : 332.

24 ـ صحيح البخاري 3 : 179 ، صحيح مسلم 1 : 124 ـ 125 / 226 ، سنن النسائي 7 : 116 ، سنن ابن ماجة 2 : 861 / 2580 ، سنن ابي داود 4 : 246 / 4772 ، سنن الترمذي 4 : 28 ـ 30 / 1418 ـ 1421 ، مسند أحمد 1 : 187 و 189 و 190 ، الفقيه 4 : 272 / 828.

25 ـ المغني 2 : 403.

26 ـ صحيح البخاري 2 : 111 ، صحيح مسلم 2 : 664 / 964 ، سنن أبي داود 3 : 209 / 3195 مسند أحمد 5 : 19 ، سنن النسائي 4 : 72.

27 ـ سنن ابي داود 3 : 21 / 2539.

8 ـ المبسوط للطوسي 1 : 182.

29 ـ المجموع 5 : 267 ، فتح العزيز 5 : 152.

30 ـ حكاه المحقق في المعتبر : 84.

31 ـ المبسوط للسرخسي 2 : 51.

32 ـ الاُم 1 : 268 ، مغني المحتاج 1 : 350 ، كفاية الأخيار 1 : 101 ، المجموع 5 : 261 و 267 ، فتح العزيز 5 : 152 ، السراج الوهاج : 110.

33 ـ اللباب 1 : 133 ، المبسوط للسرخسي 2 : 51 ، شرح فتح القدير 2 : 104 ، المغني 2 : 402 ، الشرح الكبير 2 : 330 ، زاد المستقنع : 22 ـ 23 ، المجموع 5 : 267 ، فتح العزيز 5 : 152.

34 ـ المبسوط للسرخسي 2 : 51 ـ 52 ، شرح فتح القدير 2 : 104 ، اللباب 1 : 133 ، الجامع الصغير : 119.

35 ـ الاُم : 268 ، المجموع 5 : 261 ، فتح العزيز 5 : 154 ، كفاية الأخيار 1 : 101 ، مغني المحتاج 1 : 350 ، الوجيز 1 : 75 ، المغني 2 : 400.

36 ـ الكافي 3 : 211 / 3 ، الفقيه 1 : 97 / 446 ، التهذيب 1 : 331 / 971 ، الاستبصار 1 : 214 / 757.

37 ـ المدونة الكبرى 1 : 183 ، القوانين الفقهية : 93 ، المغني 2 : 401 ، الشرح الكبير 2 : 331 ، فتح العزيز 5 : 155.

38 ـ المبسوط للسرخسي 2 : 51 ، بدائع الصنائع 1 : 321 ، اللباب 1 : 134 ، المغني 2 : 401.





 

 

 




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.