أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-05-2015
6357
التاريخ: 21/10/2022
1452
التاريخ: 30-3-2016
8635
التاريخ: 25-09-2014
5124
|
قال تعالى : { وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة : 31]
للمفسّرين كلام طويل حول ماهية علم الأسماء هذا، الذي يعدّ من أعظم المواهب الإلهيّة لآدم عليه السلام، والمنشأ لفضيلته وافتخاره ولياقته لتسلّم مقام الخلافة الإلهيّة.
فتارة قيل : إنّ المراد به هو علم اللغات، في حين أنّ معرفة مجموعة من اللغات لا يمكن أن تكون المنشأ لفضيلة كهذه، فضلًا عن عدم تناسب هذا المعنى مع التعبير الوارد في هذه الآيات، لأنّ التعبير ب : {غَيْبَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ} يبيّن عودة هذا العلم إلى أسرار السماوات والأرضين الخفيّة، التي بقيت خافية عن أنظار الملائكة.
وقالوا تارةً اخرى : إنّ المراد هو أسماء حجج اللَّه، خصوصاً الأئمّة المعصومين الذين كانت أرواحهم مخلوقة من قبل، وقد ورد مثل هذا التفسير في بعض الروايات.
لكن من المسلّم أنّ مثل هذه الروايات ليست أكثر من إشارة إلى البعض من المصاديق المهمّة لهذا العنوان الكلّي، كما عليه أسلوب الروايات التفسيرية، لا أنّ «علم الأسماء» يختصّ بها.
لكن الكثير من المفسّرين قالوا : إنّ المراد من «الاسم» هنا هو «المسمّى»، أي أنّ اللَّه علّم آدم كلّ العلوم المرتبطة بالأرض والسماء، وأنواع الصناعات واستخراج المعادن وغرس الأشجار وخواصها ومنافعها، (أو أنّه تعالى وضعها في كيانه ووجوده بشكل مركّز).
وعلى هذا فقد تعرّف آدم على كلّ أسرار العالم، وهيّأ الأرضية لذرّيته للإحاطة بكلّ هذه الأسرار. فأيّة فضيلة أسمى وأرفع من التمتّع بمثل هذا العلم، وكذلك جعل القابلية على نيله في متناول أولاده أيضاً.
ولذا نقرأ في حديث الإمام الصادق عليه السلام حو تفسير هذه الآية قال : «الأرضين والجبال والشعاب والأودية ثمّ نظر إلى بساط تحته فقال هذا البساط ممّا علمه» «1»، (وباختصار كلّ موجودات العالم).
هذا التعبير يبيّن أنّ آدم عليه السلام كان عالماً بكلّ هذه العلوم.
وهناك كلام للمرحوم «العلّامة الطباطبائي» في «الميزان» حاصله : «أوّلًا يستفاد من تعابير الآية أنّ هذه «الأسماء» سلسلة أمور غائبة عن العالم السماوي والأرضي، خارج محيط الكون، ولها مفهوم عام واسع أشير إليه بلفظة «كلّها» كما أنّ الضمير «هم» بصيغة الجمع، مشعر بأنّ كلّ هذه الأسماء كانت موجودات حيّة عاقلة مستورة في عالم الغيب»، ثمّ يضيف قائلًا : «وإذا تأمّلت هذه الجهات أعني عموم الأسماء، وكون مسمّياتها لها حياة وعلم، وكونها غيب السموات والأرض، قضيت بانطباقها بالضرورة على ما أشير إليه في قوله تبارك وتعالى : {وَإِنْ مِنْ شَيءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ} (الحجر/ 21).
وأخيراً يقول العلّامة : «فتحصّل أنّ هؤلاء الذين عرضهم اللَّه على الملائكة موجودات عالية محفوظة عند اللَّه، محجوبة بحجب الغيب، أنزل اللَّه كلّ اسم في العالم بخيرها وبركتها، واشتقّ كلّ ما في السموات والأرض من نورها وبهائها» «2».
على أيّة حال فقد كان «علم الأسماء» علماً واسعاً محيطاً بكلّ الحقائق المهمّة لهذا العالم.
2- يقول اللَّه تعالى حول موسى بن عمران عليه السلام :
{وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِى الُمحْسِنِينَ} (القصص/ 14).
3- ويقول عن داود عليه السلام :
{وَقَتَلَ دَاوُدُ (الذي كان في ذلك الزمان فتى في ريعان الشباب) جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ} (البقرة/ 251).
4- ويقول عن داود وسليمان عليهما السلام :
{وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً} (الأنبياء/ 79).
5- ويقول عن النبي لوط عليه السلام :
{وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً} (الأنبياء/ 74).
6- كما يكرّر نفس هذا المعنى في حقّ يوسف عليه السلام إذ يقول :
{وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً} (يوسف/ 22).
و لابدّ من الإلتفات هنا إلى هذه النكتة، وهي أنّ لفظة «علماً» قد وردت في هذه الآيات بصيغة «النكرة» وذلك لبيان العظمة التي لا نعرف لها حدّاً وحدوداً.
البعض فسّر لفظة ال «حكم» في هذه الآيات بمعنى مقام «القضاء» والبعض فسّرها بمعنى مقام «النبوّة»، وحملها البعض الآخر على معنى العلم الخاصّ الذي يساعد الإنسان على تمييز الحقّ من الباطل، وبعبارة أخرى أن المراد هو العقل والفهم والقدرة على القضاء الصحيح، والفصل بين الحقّ والباطل «3»، لكن بالنتيجة يمكن لكلّ واحدة من هذه المعاني أن تكون شاهداً على المراد.
7- ويقول حول السيّد المسيح عليه السلام :
{وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ} (المائدة/ 110).
ويقول حول نبي الإسلام صلى الله عليه و آله :
{وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً} (النساء/ 113).
9- وفي موضع آخر وبعد الإشارة إلى فريق من الأنبياء العظام، أي إبراهيم وإسحاق ويعقوب ونوح وداود وسليمان وأيّوب ويوسف وموسى وهارون وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس واسماعيل واليسع ويونس ولوط يقول :
{أُوْلَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ} (الأنعام/ 89).
وبناءً على هذا فقد وهب اللَّه ثلاثة امتيازات مهمّة لهؤلاء الأنبياء العظام الثمانية عشر، لكنّها لم تكن تختصّ بهم فقط بل كانت شاملة لكلّ الأنبياء الإلهيين ببداهة الحال، وهي :
«الكتاب السماوي» و «الحكم» و «النبوّة»، طبعاً ينبغي ألّا يفهم من هذا الكلام أنّ كلّ واحد منهم كان يمتلك كتاباً مستقلًا، بل إنّ فريقاً منهم كان قد اوحي إليه كتاب، وفريقاً آخر كان حافظاً لكتب السلف.
10- هناك تعبير بليغ آخر يشاهد في آيات القرآن حول هذا الموضوع بالنسبة للنبي الأكرم صلى الله عليه و آله، وخلفائه المعصومين، وهو تعبير «الرَّاسِخُونَ فِى الْعِلْمِ» حيث يقول القرآن، وبعد تقسيمه للآيات القرآنية إلى «المحكمات» (الآيات الصريحة والواضحة) و «المتشابهات» (الآيات التي ليست كذلك) :
{وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ (أي المتشابهات) إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِى الْعِلْمِ، (ونظراً لفهمهم أسرار آيات القرآن) يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُوْلُوا الْأَلْبَابِ} (آل عمران/ 7).
ومعلوم أنّ هناك حديثاً مفصّلًا بين المفسّرين حول تفسير هذه الآية، وأنّه هل يجب الوقوف بعد لفظ الجلالة «اللَّه» وفصل جملة «وَالرَّاسِخُونَ فِى الْعِلْمِ»، ليفهم منها أنّ الراسخين في العلم يؤمنون إجمالًا بالآيات المتشابهة وإن لم يكن لهم إلمام كافٍ بها، أم أنّ جملة «الراسخون في العلم» معطوفة على لفظ الجلالة «اللَّه» ليفهم منها أنّ كلًا من اللَّه وكذلك الراسخين في العلم لهم اطّلاع بتأويل هذه الآيات، وقد اخترنا في التفسير الأمثل الشقّ الثاني، وذكرنا هناك أربعة أدلّة على مدّعانا «4».
على أيّة حال فعبارة «الراسخون في العلم» تدلّ على أنّ لهؤلاء القادة العظام سهماً وافراً من العلم، لأنّ لفظة «الرسوخ» وعلى حدّ قول صاحب المفردات تعني ثبات الشيء متمكّناً، وأنّ الراسخ في العلم هو المحقّق به الذي لا تعترضه شبهة.
فنستنتج من مجموع هذه الآيات بكلّ وضوح، أنّ للأنبياء الإلهيين حصّة كبيرة من العلوم والمعارف.
_________________________
(1) تفسير مجمع البيان، ج 1، ص 76.
(2) تفسير الميزان، ج 1 ذيل الآيات مورد البحث، يمكن أن يكون مراد العلّامة من هذا الكلام المجمل شيئاً شبيهاً بالمثل الافلاطونية أو العقول العشرة.
(3) راجع تفسير مجمع البيان، ج 5، ص 222، ذيل الآية 22 من سورة يوسف.
(4) يرجى مراجعة التفسير الأمثل، ذيل الآية مورد البحث.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|