أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-11-2014
9258
التاريخ: 13-10-2014
4570
التاريخ: 27-09-2015
1997
التاريخ: 13-10-2014
4754
|
قال الله تعالى : {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الزمر : 62].
تكرر مضمون هذه الآية الكريمة في أربعة مواضع من القرآن ، وبحسب هذا المضمون جميع المخلوقات الموجودة في الكون هي من خلق الله تعالى وصنعه.
ويجب أن لا تغرب عنا هذه النكتة أن في مئات من الآيات صدق موضوع العلية والمعلولية ، ونسب فيها فعل كل فاعل اليه ، واعتبر الأفعال الاختيارية من أفعال الانسان نفسه وخصت الآثار بالمؤثرات كالإحراق بالنار والنبات إلى الأرض والمطر إلى السماء وغيرها.
والنتيجة أن صانع كل شيء وفاعله ينسب فعله وصنعه اليه الا أن مفيض الوجود والموجد الحقيقي للفعل هو الله تعالى ليس غيره.
ومن هنا نعرف التعميم الذي نجده في قوله تعالى {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ} [السجدة : 7] ، فلو انضمت هذه الآية السابقة لرأينا الجمال والخلقة قرينين ، فكلما وجد في عالم المخلوقات من خلق كان موصوفا بالجمال.
ويجب أيضا أن لا تغرب عنا هذه النكتة أن الآيات القرآنية تعترف بالخير مقابل الشر والنفع مقابل الضرر والحسن مقابل السيء والجمال مقابل القبح ، وتعتبر كثيرا من الأفعال والأقوال والأفكار حسنة أو سيئة ، ولكن هذه المساوئ والقبائح والشرور تبدو واضحة اذا ما قيست بما يقابلها ، فوجودها نسبي وليس بنفسي.
مثلا الحية والعقرب مؤذيان ، لكن بالنسبة إلى الانسان والحيوانات التي تتألم من سمهما لا بالنسبة إلى الحجر والتراب. والشيء المر والرائحة الكريهة منفوران ، لكن بالنسبة الى ذائقة الانسان وشامته لا بالنسبة إلى كل الحيوانات وبعض الأعمال والأقوال تبدو شاذة ، لكن بالنسبة إلى البيئة التي يعيش فيها الانسان لا بالنسبة إلى كل البيئات.
نعم لو لم نلاحظ النسبة والقياس وننظر إلى الأشياء بنظرة مطلقة نراها في منتهى الجمال ونرى الوجود أخاذا يلفت النظر ولا يمكن وصف حسنه وجماله ، لأن الوصف نفسه من الخلق الجميل الذي يحتاج بدوره إلى وصف.
والآية المذكورة أعلاه تريد صرف الأنظار عن وجوه الجمال والقبح النسبية والقياسية والاعتبارية لتوجهها إلى الجمال المطلق وتجهيز الأفهام لإدراك الكلي والعموم الذي هو الأهم.
اذا ما أدركنا النقاط المشروحة في مئات من الآيات القرآنية التي تصف عالم الوجود بكل جزء جزء منه وبمجموعة مجموعة منه وبمختلف أنظمته الكلية والجزئية لنرى أنه أحسن دليل على التوحيد وأعظم مرشد إلى معرفة الله تعالى وكمال قدرته.
لو تأملنا في الآيتين المذكورتين سابقا وامعنا النظر فيما سبق من الكلام ، نعلم أن هذا الجمال المحير الذي ملأ عالم الوجود كله انما هو لمعة من الجمال الالهي ندركه نحن بواسطة الآيات السماوية والارضية ، وكل جزء من العالم كوة ننظر منها إلى القدرة اللامتناهية لنعرف أن ليس لهذه الأجزاء شيء من القدرة الا ما أفيض عليها.
ولهذا نرى في آيات قرآنية كثيرة نسبة أنواع الجمال والكمال إلى الله تعالى ، فتقول : {هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} [غافر : 65].
و{أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا } [البقرة : 165]
و{فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا} [النساء : 139].
و{ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ} [الروم : 54].
و {هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الإسراء : 1].
و{اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [طه : 8].
فبمقتضى هذه الآيات كل جمال وكمال نراه في عالم الوجود هو في الحقيقة من الله تعالى وليس لغيره الا المجاز والعارية.
وتأكيدا لما مضى ذكره يوضح القرآن الكريم بأسلوب آخر أن الجمال والكمال المودع في مخلوقات العالم انما هو محدود متناهي ، وهو عند الله تعالى غير محدود وليس له نهاية ، قال عز من قائل {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر : 49].
وقال : { وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ} [الحجر : 21].
عندما يتقبل الانسان هذه الحقيقة القرآنية يرى نفسه أمام الجمال والكمال اللامتناهي يحيط به من كل جانب وليس فيه خلا أصلا ، ينسى كل جمال وكمال في العالم ، وحتى نفسه التي هي من تلك الآيات ينساها وينجذب إلى خالق الجمال والكمال قال تعالى : {وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} [البقرة : 165].
عند هذا يسلم العبد اراداته واستقلاله إلى الله تعالى كما هو من شؤون الحب والعبودية الخالصة ، فينضوي تحت لواء الحق ويدخل في ولايته ، كما يقول عز وجل {وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران : 68]. {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [البقرة : 257]
فيجد حينئذ روحا أخرى ويحيا حياة جديدة ويشرق في قلبه نور الحقيقة ، فتتفتح له طرق السعادة ليشق مسيرته الكريمة بين المجتمع ، قال تعالى : { أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ} [الأنعام : 122] وقال { أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ} [المجادلة : 22].
وفي آية اخرى يزمع تعالى إلى كيفية حصول هذا النور فيقول { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ} [الحديد : 28].
وقد فسر الايمان بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم في آية أخرى بالتسليم له واتباعه ، فقال {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران : 31].
ووضح الاتباع في آية أخرى ، فقال {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ } [الأعراف : 157].
وأوضح من هذا نجد معنى الاتباع في آية أخرى أيضا حيث يقول : { فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ } [الروم : 30].
فبمقتضى هذه الآية الكريمة البرنامج الكامل الاسلامي هو المتطلبات التي يحتاج اليها من يعيش في الكون ، ونعني بها القوانين والشرائع التي تدل عليها الفطرة الانسانية ، الحياة غير المعقدة التي يحياها الانسان المستقيم ، كما يقول تعالى في موضع آخر {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس : 7 - 10].
القرآن الكريم هو الكتاب الوحيد الذي يساوي بين الحياة الانسانية السعيدة والحياة الفطرية النزيهة وهو بعكس جميع الكتب والمناهج الأخرى يجمع بين البرامج الدينية والبرامج الحياتية ، فله رأيه الخاص في الفرد والمجتمع وله كلمته في كل الشؤون ، ودستوره ينظر إلى الحقائق الثابتة (معرفة الله تعالى النظرة الشاملة إلى الكون) بأعمق النظرات.
ان القرآن يصف أولياء الله تعالى وعباده المخلصين بكثير من النعوت والخواص الصورية والمعنوية التي يحتلون بها نتيجة لا يمانهم الخالص ويقينهم الثابت ، ويؤسفنا أن هذا الفصل القصير لا يسع لسردها بصورة مفصلة.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|