أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-10-2014
4358
التاريخ: 13-10-2014
3028
التاريخ: 2023-04-03
1224
التاريخ: 14-10-2014
9815
|
عملية تفسير القرآن بالقرآن قبل أن تصل الى المنهجية ، بدأت في زمان نزول القرآن ، والقرآن شاهد على ذلك ؛ إذ نجد بعض الآيات تشير الى بعض آخر وتبينها .
يقول الذهبي : ومن أجل ذلك نستطيع ان نوافق الأستاذ جولد زيهر ، على ما قاله في كتابه (المذاهب الإسلامية في تفسير القرآن) : " أن المرحلة الأولى لتفسير القرآن ، والنواة التي بدأ بها ، تتركز في القرآن نفسه ، وفي نصوصه نفسها ، وبعبارة أوضح : في قراءاته ، ففي هذه الاشكال المختلفة ، نستطيع ان نرى اول محاولة للتفسير " ، نعم نستطيع ان نوافقه على ان المرحلة الاولى للتفسير تتركز في القرآن نفسه ، على معنى رد متشابهه الى محكمه ، وحمل مجملة على مبينه ، وعامة على خاصة ، ومطلقه على مقيده ... (1).
كما أن الرسول صلى الله عليه واله وسلم ايضا كان يفسر القرآن بالقرآن احياناً ، وبعده سلك هذا المسلك اصحابه الكرام وائمة الهدى ، ومع كثرة الروايات التفسيرية وظهور المناهج الاجتهادية في التفسير لم ينقص من قيمة منهج تفسير القرآن بالقرآن شيء ، بل بقي على قوته وزيد في عظمته .
ونذكر في ما يلي ما يدل على وجود هذا النوع من التفسير في عصر النزول :
أ ـ تفسير القرآن بالقرآن حين النزول
اول من فسر القرآن القرآن هو الله تبارك وتعالى حين إنزاله الآيات على الرسول صلى الله عليه واله وسلم ، فنذكر نموذجين لذلك :
جاء في تفسير أضواء البيان : إن الله تارة يحيل على شيء ذكر في آية أخرى ، كقوله في نساء : {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ } [النساء : 140] . والآية المحال عليها هو قوله تعالى في الأنعام : {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ } [الأنعام : 68] . ومن أمثلته : قوله تعالى في النحل : {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ} [النحل : 118] ، الآية ، والمراد به ما قص عليه في الأنعام في قوله تعالى : {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ} [الأنعام : 146] . ومن أمثلته : قوله تعالى : {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ } [البقرة : 222] .
فإن محل الإتيان المعبر عنه بلفظة (حيث) هنا ، أشير اليه في موضعين :
أحدهما : قوله هنا : {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة : 223] ؛ لأن قوله : فأتوا ، أمر منه تعالى بالإتيان ، وقوله : حرثكم ، يعين محل الإتيان ، وأنه في محل حرث الأولاد وهو القبل دون الدبر ، فاتضح : أن محل الإتيان المأمور به المحال عليه هو محل بذر الأولاد ، ومعلوم أنه القبل ، وسترى إن شاء الله تحقيق تحريم الإتيان في الدبر في سورة البقرة .
والآخر : قوله تعالى : {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ } [البقرة : 187] فقوله تعالى : باشروهن ، أي : جامعوهن ، والمراد بما كتب الله لكم : الولد على التحقيق ، وهو قول الجمهور (2).
يقول الطباطبائي في تفسير الميزان ذيل الآية : {الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة : 3] : فالآية تنبئ عن ان المؤمنين في أمن بعد خوفهم وان الله رضي لهم ان يتدينوا بالإسلام الذي هو دين التوحيد ، فعليهم ان يعيدوه ولا يشركوا به شيئاً بطاعة غير الله او من أمر بطاعته ، واذا تدبرت قوله تعالى : {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور : 55] ، ثم طبقت فقرات الآية على فقرات قوله تعالى : {الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ } الخ ، وجدت آية سورة المائدة من مصاديق إنجاز الوعد الذي تشتمل عليه آية سورة النور ، على ان يكون قوله {وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} ، وسورة النور قبل سورة المائدة نزولاً (3). فآية المائدة تشير الى آية النور وتبينها مصداقاً .
ب ـ تفسير القرآن بالقرآن في عهد الرسول صلى الله عليه واله وسلم
يقول السيوطي في الإتقان : وأخرج أحمد والترمذي والنسائي والحاكم – وصححه – وغيرهم ، عن أبي أمامة ، عن النبي صلى الله عليه واله وسلم في قوله : {وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ (16) يَتَجَرَّعُهُ } [إبراهيم : 16 ، 17] قال : " يقترب اليه فيتركه فاذا أدني منه شوى وجهه ورفع فروة رأسه فاذا شربه قطع امعاءه حتى يخرج من دبره ، يقول الله تعالى : {وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ } [محمد : 15] وقال تعالى : {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ} [الكهف : 29] (4).
وفي الاتقان ايضا : اخرج احمد والشيخان وغيرهم عن ابن مسعود ، قال : لما نزلت هذه الآية : {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام : 82] شق ذلك على الناس ، فقالوا : يارسول الله ! وأينا لا يظلم نفسه ؟ قال : " إنه ليس الذي تعنون ، ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح : {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان : 13] إنما هو الشرك " (5).
وفي تفسير علي بن ابراهيم ، عن ابن أذينة قال : قال ابو عبد الله عليه السلام : قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم : " بسم الله الرحمن الرحيم أحق ما أجهر ، وهي الآية التي قال الله عز وجل : {وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا} [الإسراء : 46] (6).
ج ـ تفسير القرآن بالقرآن في عهد الصحابة والائمة
في (جامع البيان للطبرسي ) عن ابن عباس ، قوله : {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج : 78] يقول : ما جعل عليكم في الإسلام من ضيق ، هو واسع ، وهو مثل قوله في الأنعام : {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا} [الأنعام : 125] . يقول : من أراد ان يضله يضيق عليه صدره حتى يجعل عليه الإسلام ضيقاً ، والإسلام واسع (7).
وفي (تفسير القرآن العزيز) للصنعاني : عن عبد الله بن الحارث ، قال : اجتمع ابن عباس وكعب ، قال : قال بن عباس : أما نحن بنو هاشم فنزعم أو نقول : إن محمداً رأى ربه مرتين ، قال : فكبر كعب حتى جاوبته الجبال ثم قال : إن الله قسم رؤيته وكلامه بين محمد وموسى ، فكلمه موسى ، ورآه محمد بقلبه . قال مجالد : وقال الشعبي : واخبرني مسروق انه قال لعائشة قلت : أي أمتاه ! هل رأى محمد ربه ؟ فقالت : إنك لتقول قولاً ، إنه (ليقف) منه شعري ، قال : قلت : رويداً ، قال : فقرأت عليها : {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى} [النجم : 1] حتى {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى } فقالت : رويداً ابن يذهب بك ؟ إنما رأى جبريل في صورته ، من حدثك ان محمداً رأى ربه فقد كذب ، و من حدثك انه يعلم الخمسة من الغيب فقد كذب { إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث } الى آخر السورة . قال عبد الرزاق : فذكرت هذا الحديث لمعمر ، فقال : ما عندنا بأعلم من ابن عباس (8).
وفي بحار الانوار : ومن المناقب : ان عمر اتى بامرأة وضعت لستة اشهر ، فهم يرجمها فبلغ ذلك علياً ، فقال : ليس عليها رجم ، فبلغ ذلك عمر ، فأرسل اليه يسأله ، فقال علي عليه السلام : {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ } [البقرة : 233] ، وقال : {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف : 15] فستة اشهر حمله وحولان تمام الرضاعة ، لا حد عليها ولا رجم عليها ، قال : فخلى عنها (9).
وفي تفسير نور الثقلين : عن زرارة ومحمد بن مسلم انهما قالا : قلنا لأبي جعفر عليه السلام : ما نقول في الصلاة في السفر ، كيف هي ، وكم هي ؟ فقال : " إن الله عز وجل يقول : {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ } [النساء : 101] فصار التقصير في السفر واجباً كوجوب التمام في الحضر " ، قالا : قلنا : إنما قال الله عز وجل : {فليس عليكم جناح } ولم يقل : افعلوا فكيف أوجب ذلك كما اوجب التمام في الحضر ؟ فقال عليه السلام : " أو ليس قد قال الله عز وجل في الصفا والمروة : {فمن حج البيت او اعتمر فلا جناح عليه ان يطوف بهما } ألا ترون أن الطواف بهما واجب مفروض ؟ لأن الله عز وجل ، ذكره في كتابه وصنعه نبيه صلى الله عليه واله وسلم ، وكذلك التقصير في السفر ، شيء صنعه النبي صلى الله عليه واله وسلم وذكره الله تعالى ذكره في كتابه " (10).
______________________
1- التفسير والمفسرون ، للذهبي 1 : 41.
2- راجع : أضواء البيان : 26.
3- الميزان في تفسير القرآن 5 : 182 ، ذيل الآية 3 من سورة المائدة .
4- الإتقان في علوم القرآن 4 : 265 ، النوع الثمانون .
5- الإتقان 4 : 253 و 254 . النوع الثمانون .
6- تفسير نور الثقلين 3 : 173 ، ح 245.
7- جامع البيان 10 : 207 ، ذيل الآية 78 من سورة الحج .
8- تفسير القرآن العزيز 2 : 203 و 204 ، ذيل الآية 1 من سورة النجم .
9- البحار : 101 .
10- تفسير نور الثقلين 1 : 541 و 542 ، ح527.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|