أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-12-2015
4885
التاريخ: 6-5-2022
1629
التاريخ: 18-3-2016
1970
التاريخ: 22-3-2016
2306
|
قال تعالى : {انَّ الَّذيِنَ آمَنوُا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الَبِريَّةِ* جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجرِى مِنْ تَحتِهَا الانهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ابَداً رَّضِىَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِىَ رَبَّهُ} (البيّنة/ 7- 8).
في هذه الآيات وما قبلها ذكر اللَّه تعالى «خير» و «شر» مخلوقاته، فهو يصف الكفار والمشركين وأهل الكتاب الذين يفكّرون بإطفاء نور اللَّه من خلال مختلف الدسائس والمؤامرات، وهم ضالون ويجرّون الآخرين نحو الضلالة، بأنّهم شر البرية (1)، وفي المقابل وصف المؤمنين الذين اكتشفوا طريق الحقّ في ظل إيمانهم وكانوا ولا زالوا مصدراً للأعمال الصالحة، فبالإضافة إلى أنّهم مهتدون فهم نبراس هداية الآخرين، على أنّهم «خير البرية».
صحيح أنّ مفهوم الآية واسع وشامل، ولا يختص بشخص أو أشخاص معينين، ولكن تمت الإشارة في العديد من الروايات الإسلامية التي جاءت في مصادر الحديث لأهل السنّة والشيعة، إلى أشخاص يقفون في طليعة (خير البرية) وأفضل مخلوقات اللَّه.
إنّ التمعن في مضمون هذه الروايات بإمكانه ايضاح الكثير من الحقائق التي يلفها الغموض لحد الآن بالنسبة للبعض. وأن يكون رداً على الكثير من الأباطيل النابعة عن الجهل.
وهنا نلفت انتباه القراء إلى جانب من هذه الروايات :
1- يروي المفسر المعروف «السيوطي» في الدر المنثور عن «ابن عساكر» عن «جابر بن عبد اللَّه» في ذيل هذه الآية : كنّا عند رسول اللَّه صلى الله عليه و آله وإذا بعلي قادم نحونا، ولمّا وقعت عين رسول اللَّه صلى الله عليه و آله عليه، قال : «والذي نفسي بيده إنّ هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة، ونزلت {إنّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات اولئك هم خير البرية}، فكان أصحاب النبي صلى الله عليه و آله إذا أقبل علي عليه السلام قالوا : جاءَ خَيرُ البَرِيّة» (1).
وجاءت هذه الرواية بنفس المضمون، في «شواهد التنزيل» للحاكم الحسكاني (2).
2- ونقرأ في رواية اخرى عن ابن عباس : لما نزلت آية : {إنّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية}، قال النبيّ صلى الله عليه و آله لعلي عليه السلام : «هو أنت وشيعتك، تأتي أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين ويأتي عدوّك غضباناً مقمحين» (3).
3- جاء في رواية اخرى عن «أبو بريدة» : لمّا قرأ النبيّ صلى الله عليه و آله هذه الآية، التفت إلى علي عليه السلام وقال : «هم أنت وشيعتك يا علي وميعاد ما بيني وبينك الحوض» (4).
4- جاء في تفسير الدر المنثور أنّ ابن مردوية يروي عن علي عليه السلام أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله قال لي :
«ألم تسمع قول اللَّه إنّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية، أنت وشيعتك وموعدي وموعدكم الحوض إذا جِئْتُ الامَمُ للحِسابِ تُدَعَوْنَ غُراً محَجَلينَ» (5).
5- كما ورد في «شواهد التنزيل» : إن «عطية الكوفي» يقول : دخلنا على «جابر بن عبد اللَّه الأنصاري» وقد سقط حاجباه على عينيه من الكبر فقلنا له : اخبرنا عن علي، فرفع حاجبيه بيده ثم قال : «ذاك من خير البريَّة» (6).
6- يروي الكنجي الشافعي في كفاية الطالب عن عطاء : سألت عائشة عن علي عليه السلام فقالت : «ذاك خير البشر لا يشك فيه إلّا كافر» (7).
ونُقل في نفس الكتاب أيضاً عن «حذيفة» أنّه قال : سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يقول : «علي خير البشر، من أبى فقد كفر» (8).
بديهي أنّ هذه التعابير جميعها ناظرة إلى شخص علي عليه السلام بعد النبيّ صلى الله عليه و آله، أي أنّه أفضل الناس بعد رسول اللَّه صلى الله عليه و آله.
والملفت للانتباه أن الآلوسي المفسر السنّي المعروف الذي يمتاز بتشدد خاص في الروايات الخاصة بفضائل علي عليه السلام (وطالما أشرنا إلى نماذج من ذلك في هذا الكتاب) وبعد بيانه لجانب مهم من الروايات الواردة عن النبيّ صلى الله عليه و آله في ذيل هذه الآية، يقول : «ليس معنى هذه الروايات أنّ هذه الآية تخص علياً عليه السلام وشيعته، وإن كانوا داخلين في هذه الآية ويقفون في الصفوف الاولى بلا ريب.
ثمّ يقول : إنّ الإمامية وإن كانوا يعتبرون علياً عليه السلام أفضل من الأنبياء والملائكة، إلّا أنّهم يفضلون النبيّ صلى الله عليه و آله عليه».
وخلاصة القول : إنّ جماعة كثيرة نقلت الروايات المتعلقة ب «خير البرية» في المصادر الإسلامية المعروفة، وهي من أجلى الأدلة على افضلية علي عليه السلام على كافة المسلمين والصحابة بعد رسول اللَّه صلى الله عليه و آله.
هذا في الوقت الذي ركز أعداء علي عليه السلام وبسبب عدائهم له أبان عهد بني امية الأسود على كتمان فضائله، وَكَتَمَ شيعتُهُ فضائله بسبب خوفهم من أولئك المجرمين، إلّا أنّ هذه الفضائل العظمى قد تجاوزت جميع هذه الحقب، وبعد كل هذه القرون والاعصار وصلت إلينا بأُعجوبة، وهذا لم يتحقق إلّا باللطف الإلهيّ.
على أيّ حال، يستفاد من هذه الروايات بالإضافة إلى الآية الشريفة أمران هما :
1- أفضلية علي عليه السلام على جميع أصحاب النبيّ صلى الله عليه و آله، وحيث إنّ تقديم غير الأفضل على الأفضل فعل قبيح وغير مقبول، فلا يمكن تقديم غيره عليه، وعليه يجب أن يكون هو أول خليفة لرسول اللَّه صلى الله عليه و آله، سواء كان التنصيب من اللَّه- كما تعتقد الشيعة- أم من قبل الامّة حيث تعتقد به طائفة اخرى.
2- الأمر الآخر الذي نحصل عليه من هذه الروايات العديدة هو أن تسمية اتباع علي عليه السلام ب «الشيعة» أمر ورد على لسان النبيّ صلى الله عليه و آله مراراً، والذين يعلنون عداءهم لهذه الصفة، ويتنفرون منها، وأحياناً يتخذون «الشين» فيها دليلًا على «الشؤم» و «الشر» هم في الواقع قد انبروا إلى معارضة رسول اللَّه صلى الله عليه و آله ويعربون عن انزعاجهم لكلامه والعياذ باللَّه، ومن المسلّم به أنّ فعلهم صعب جدّاً فيما لو صرحوا بكلامهم هذا علانية، أليس الأفضل أن نقول :
«إنّهم كانوا يجهلون هذه الروايات الواردة عن النبيّ صلى الله عليه و آله؟».
نعم، فلقب الشيعة لا يثير الازعاج، إنّه تاج فخر وضعه رسول اللَّه صلى الله عليه و آله على رؤوس أتباع مذهب علي عليه السلام، طبقاً للكثير من الروايات، نسأل اللَّه أن نكون أهلًا لهذا الفخر.
______________________________
(1) «البرية» من مادة «برء» وتعني الخلق، لذا يقال للَّه تعالى «الباري» بمعنى «الخالق» والمخلوقات برية، وقال البعض، إنّ «البرية» من «البري» وتعني «التراب» وبما أنّ المخلوقات برئت من التراب فيقال لها «برية»، وقال البعض أيضاً، إنّ «البرية» أخذت من «بريت القلم» ونظراً إلى أنّ المخلوقات تأتي إلى الوجود بأمر اللَّه على أشكال مختلفة من حيث الهيئة والقامة كأنّهم يشبهون الأقلام المبراة في مصنع الخلق فيقال لها «برية» (يراجع تفسير القرطبي، ج 10، ص 7235؛ ومفردات الراغب وسائر كتب اللغة).
(1) تفسير در المنثور، ج 6، ص 379.
(2) شواهد التنزيل، ج 2، ح 1139.
(3) شواهد التنزيل، ج 2، ص 357، ح 1126؛ ونفس المضمون أورده ابن حجر في الصواعق، ص 96؛ والشبلنجي في نور الابصار، ص 70 و 101 أيضاً.
(4) المصدر السابق، ص 359، ح 1130.
(5) تفسير در المنثور، ج 6، ص 379.
(6) شواهد التنزيل، ج 2، ص 364، ح 1142.
(7) 1. كفاية الطالب، ص 118، طبعة الغري (على ضوء نقل احقاق الحق، ج 3، ص 288).
(8) المصدر السابق.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|