أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-5-2022
1845
التاريخ: 7-12-2015
1535
التاريخ: 12-1-2016
1687
التاريخ: 10-11-2021
1902
|
لم يحظ شخص بالقرب من رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) والرعاية منه مثلما حظي عليّ (عليه السلام) بذلك حتّى صحّ أن يقال عنه أنّه ربيب رسول اللّه (صلى الله عليه واله وسلم) .
فقد تكفّل رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) عليّا وكان عمره يومئذ ستّة أعوام ، وذلك إثر أزمة اقتصادية مرّت بقريش وأثّرت على أبي طالب وكان عميد بني هاشم آنذاك وصاحب اسرة كبيرة «1» .
وهكذا انتقل عليّ (عليه السلام) وهو صغير إلى بيت النبيّ (صلى الله عليه وآله) لينشأ في رعايته ويكبر على عينه ، وفي دفء وجوده المبارك يغذّيه من حنانه ومودّته ويلهمه من أخلاقه وأفكاره .
وقد أشار الإمام عليّ (عليه السلام) إلى ما حظي به من رعاية رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) له في خطبته المعروفة بالقاصعة ، قائلا : (و لقد علمتم موضعي من رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) بالقرابة القريبة والمنزلة الخصيصة : وضعني في حجره وأنا ولد ، يضمّني إلى صدره ، ويكنفني في فراشه ، ويمسّني جسده ، ويشمّني عرفه ، وكان يمضغ الشيء ثمّ يلقمنيه ، وما وجد لي كذبة في قول ، ولا خطلة في فعل) .
وقال أيضا مشيرا إلى عناية الرسول (صلى الله عليه وآله) بتربيته : (و لقد قرن اللّه به- صلى الله عليه واله - من لدن أن كان فطيما ، أعظم ملك من ملائكته ، يسلك به طريق المكارم ومحاسن أخلاق العالم ، ليله ونهاره ، ولقد كنت أتبعه اتّباع الفصيل أثر امّه ، يرفع لي في كلّ يوم من أخلاقه علما ويأمرني بالاقتداء معه) .
وبعد أن بلّغ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) بوحي الرسالة ، فإنّ خديجة وعليّ كانا أوّل من بادر إلى الايمان بدعوته ، فشكّلا بذلك أوّل بيت في الاسلام تنعقد أركانه على الإيمان ، وبذلك يقول علي (عليه السلام) : (و لقد كان يجاور في كلّ سنة بحراء ، فأراه ولا يراه غيري ، ولم يجمع بيت واحد في الاسلام غير رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) وخديجة وأنا ثالثهما ، أرى نور الوحي والرسالة وأشمّ ريح النبوّة) «2» .
أهداف الرعاية النبويّة
ولم تكن هذه العناية الخاصّة بدافع القرابة أو العاطفة ورسول اللّه (صلى الله عليه وآله) رسول اللّه الّذي «لا ينطق عن الهوى» ولا ينطلق في تصرّفاته ومواقفه إلّا من وحي الرسالة ، لذا فإنّ الرعاية الشخصية الخاصّة لعلي من لدن الرسول ، كانت لتهيئة الأجواء الفكرية والتركيز على بناء الشخصية الرسالية لعلي (عليه السلام) في فهم القرآن ووعيه واستيعابه بما يؤهله لاستخلاف النبيّ (صلى الله عليه وآله) في امّته . فإن وجود الواعين للرسالة هو الضمانة من عدم الانحراف؛ واستمرار وجود الفهم الصحيح للدين بعيدا عن الغلو والبدع والأهواء والمصالح ، ولذا شبه رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) أهل بيته بسفينة نوح الّتي من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق .
وهكذا هيّأ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) لعلي الأجواء وفتح أمامه الأبواب لتلقّي العلم القرآني ، وهو يقول : (و كنت أدخل عليه كلّ يوم دخلة فيخلّيني فيها أدور معه حيث دار . وقد علم أصحاب رسول اللّه أنّه لم يكن يصنع ذلك بأحد غيري . . . إذا أسأله أجابني ، وإذا سكتّ أو نفدت مسائلي ابتدأني ، فما نزلت عليه آية من القرآن إلّا أقرأنيها وأملاها عليّ ، فكتبتها بخطّي ، ودعا اللّه أن يفهمني إيّاها ويحفّظني ، فما نسيت آية من كتاب اللّه منذ حفظتها ، وعلّمني تأويلها ، فحفظته وأملاه عليّ فكتبته . . . ثمّ وضع يده على صدري ، ودعا اللّه أن يملأ قلبي علما وفهما وفقها وحكما ونورا ، وأن يعلّمني فلا أجهل وأن يحفظني فلا أنسى . . .) «3» .
وأخرج النّسائي عنه ، قال : «كنت إذا سألت رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) أعطاني وإذا سكتّ ابتدأني» «4» .
وكانت عناية الرسول (صلى الله عليه وآله) بعلي ، من عناية اللّه ولطفه به ، إذ روى الطبري بسنده عن بريدة ، يقول : سمعت رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) يقول لعلي (عليه السلام) : يا عليّ ! إنّ اللّه أمرني أن ادنيك فلا اقصيك ، وأن اعلّمك وأن تعي ، وحقّ على اللّه أن تعي ، قال : فنزلت :
{وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ} [الحاقة : 12] «5» .
كما روى الطبري بسنده عن مكحول يقول : «قرأ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) : {وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ} [الحاقة : 12] ثمّ التفت إلى علي (عليه السلام) فقال : سألت اللّه أن يجعلها اذنك . قال علي (عليه السلام) : فما سمعت شيئا من رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) فنسيته» «6» .
وأخرج النّسائي عن ابن عباس عن عليّ (عليه السلام) أنّه قال : «كانت لي ساعة من الفجر ، أدخل فيها على رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) ، فإن كان في صلاته سبّح ، فكان ذلك إذنه لي ، وإن لم يكن في صلاته أذن لي» «7» .
نتائج الرعاية النبويّة
وهكذا نشأ علي (عليه السلام) كما أراده اللّه ورسوله ، فكان (عليه السلام) أعلم الامّة بالقرآن تنزيله وتأويله .
«وقد روى معمر عن وهب بن عبد اللّه عن أبي الطفيل ، قال : شهدت عليا يخطب وهو يقول : سلوني ، فو اللّه لا تسألونني عن شيء إلّا أخبرتكم ، وسلوني عن كتاب اللّه ، فو الله ما من آية إلّا وأنا أعلم : أ بليل نزلت أم بنهار ، أم في سهل أم في جبل» «8» .
«وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود ، قال : إنّ القرآن انزل على سبعة أحرف ، ما منها حرف إلّا وله ظهر وبطن ، وإن عليّ بن أبي طالب عنده منه الظاهر والباطن .
وأخرج أيضا عن عليّ قال : واللّه ما نزلت آية إلّا وقد علمت فيم أنزلت وأين أنزلت ، إن ربّي وهب لي قلبا عقولا ولسانا سئولا» «9» .
وقد عقد ابن عساكر بابا ذكر فيه أنّه لم يقل أحد على المنبر : سلوني عمّا بين اللوحين . . . إلّا عليّ بن أبي طالب «10» .
«وروى ابن سعد بسنده عن جبلة بن المصفح عن أبيه ، قال : قال لي علي (عليه السلام) : يا أخا بني عامر! سلني عمّا قال اللّه ورسوله فإنّا أهل البيت أعلم بما قال اللّه ورسوله» «11» .
وقد كان هذا الأمر مفروغا منه تاريخيا ومتّفقا عليه بين المسلمين ، قال الشهرستاني : «ولقد كانت الصحابة (رضي اللّه عنهم) متفقين على أن علم القرآن مخصوص بأهل البيت (عليه السلام) إذ كانوا يسألون عليّ بن أبي طالب : هل خصصتم أهل البيت دوننا بشيء سوى القرآن ؟ وكان يقول : لا والّذي خلق الحبّة وبرأ النسمة إلّا بما في قراب سيفي هذا . . . الخبر .
فاستثناء القرآن بالتخصيص دليل على إجماعهم بأنّ القرآن وعلمه : تنزيله وتأويله مخصوص بهم» «12» .
وقال الإمام الغزالي : «قد علم الأوّلون والآخرون أن فهم كتاب اللّه منحصر إلى عليّ ، ومن جهل ذلك فقد ضلّ عن الباب الّذي من ورائه يرفع اللّه عن القلوب الحجاب ، حتّى يتحقق اليقين الّذي لا يتغيّر بكشف الغطاء» «13» .
«وقال ابن عطية : فأمّا صدر المفسّرين والمؤيّد فيهم فعليّ بن أبي طالب» «14» .
__________________________
(1)- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد/ ج 1/ ص 15 .
(2)- نهج البلاغة/ تبويب د . صبحي الصالح/ ص 300 .
(3)- كتاب سليم : ص 106 ، راجع : دور أهل البيت (عليه السلام) في القرآن ، للاستاذ الشيخ محمّد هادي معرفة/ رسالة القرآن/ ج 94/ ص 72 .
(4)- النّسائي/ كتاب الخصائص/ ج 5/ ص 141/ ح 8502 .
(5)- تفسير الطبري/ ج 29/ ص 35 ، تفسير الآية ورواه بطريق آخر ، وذكره قريبا من ذلك
- الهيثمي في مجمعه/ ج 1/ ص 131 . المتقي في كنز العمال/ ج 6/ ص 398 . السيوطي في الدرّ المنثور ، تفسير الآية . الواحدي في أسباب النزول . راجع : فضائل الخمسة من الصحاح الستّة/ الفيروزآبادي/ ج 1/ ص 320 .
(6)- م . ن ، وكذلك الزمخشري في الكشاف . السيوطي في الدرّ المنثور/ تفسير الآية . وكنز العمال/ ج 6/ ص 408 .
(7)- النّسائي/ السنن الكبرى/ الخصائص/ ج 5/ ص 141/ باب 36/ ح 8500 .
(8)- حلية الأولياء/ ج 1/ ص 67 . طبقات ابن سعد/ ج 2/ القسم 2/ ص 101 . تهذيب التهذيب لابن حجر/ ج 7/ ص 337 . الإصابة لابن حجر/ القسم الأوّل/ ص 270 . الاستيعاب لابن عبد البرّ/ ج 2/ ص 463 . كنز العمال/ ج 1/ ص 228 . راجع : فضائل الخمسة/ ج 2/ ص 267 . والنص للسيوطي/ الإتقان/ ج 2/ ص 1227 .
(9)- الإتقان/ ج 2/ ص 1227 .
(10)- تاريخ دمشق/ ترجمة الإمام أمير المؤمنين/ ج 3/ ص 22- 25 . راجع مقال الشيخ الاستاذ معرفة .
(11)- طبقات ابن سعد/ ج 6/ ص 167 ، فضائل الخمسة/ ج 2/ ص 274 .
(12)- مفاتيح الأسرار ومصابيح الأبرار/ ج 1/ ص 84 .
(13)- فيض القدير للمناوي/ ج 3/ ص 46 . فضائل الخمسة/ ج 2/ ص 269 .
(14)- البرهان/ الزركشي/ ج 1/ ص 8 .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|