أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-11-21
1055
التاريخ: 6-11-2014
6538
التاريخ: 2023-06-13
1011
التاريخ: 28-01-2015
15379
|
من المعلوم أنّه قد ورد في القرآن الكريم بالإضافة إلى المعارف والتعاليم المرتبطة بالمبدأ والمعاد والمسائل الأخلاقية والتاريخية والتشريعات المتعلقة بالعبادات، مجموعة من القوانين الاجتماعية أيضاً، والتي ترسم معالم القانون الأساسي للإسلام وبعض القوانين المدنية، الحقوقية والجزائية المتعلقة به.
إنّ الدقّة والحكمة الموجدتين في النصوص القرآنية تكفيان لوحدهما في اظهار معجزة القرآن استناداً إلى أنّ ظهور وبروز هذه القوانين الحكيمة جدّاً في محيط تحكمه شريعة الغاب، أو بعبارة اخرى : في جو يضجُّ بالفوضى والتسيب، هذه القوانين بإمكانها أن تحمل كل فرد منصف على التسليم والاذعان، لذا نحن لسنا ملزمين بأنّ نفتش عن عظمة هذا الكتاب السماوي واعجازه في المسائل المرتبطة بالفصاحة والبلاغة، أو المعارف والعلوم والجوانب التاريخية فقط، بل إنّ الاقتصار على البحث في مجموعة القوانين القرآنية يفتح نافذة بوجه هذا العالم الكبير.
وهنا ينبغي- وقبل كل شيء- أن نقدم مقدمة قصيرة حول بيان معنى القانون الصالح وحقيقته، وذلك من أجل تدعيم أساس هذا البحث.
ماهي أفضل القوانين؟
من الصعوبة الجواب عن هذا السؤال ، ولكن إذا وقفنا على الحكمة الواقعية من وراء وضع القوانين في المجتمعات الإنسانية فإنّ معالم الطريق ستصبح واضحة.
إنّ المسألة تكمن في كون الإنسان يميل فطرياً إلى الحياة الاجتماعية، ويعود الفضل في رُقيه وتطوره إلى حياته الاجتماعية، فمن خلال هذه الحياة تتلاقح أفكار العلماء والمفكرين وتتآزر الاكتشافات والاختراعات والإبتكارات العلمية الموجودة في المجتمع وتنتقل من جيل إلى جيل آخر، ففي كل يوم نشهد تطوراً وتقدماً ورقياً على صعيد العلوم والتفكر والحضارة الإنسانية.
وأيّاً كان الدافع من وراء الاهتمام بهذا التعايش المشترك فإنّ له موضوعاً مستقلًا للبحث، ولكن ممّا لا شك فيه إذا كانت حياة الناس مبعثرة ومشتتة شأنها شأن حياة الحيوانات الاخرى لم يكن هناك أي فرق بين إنسان اليوم وإنسان العصر الحجري، ولا يوجد معنى للعلم والحضارة والاختراع والاكتشاف ولا الصناعات والفنون ولا اللغة والآداب ولا لأي شيء آخر، إلّا أنّ لهذه الحياة الاجتماعية طواريء ومشاكل إذا لم تتمّ الوقاية منها بشكل صحيح فإنّها تؤدّي إلى حدوث نكبات وويلات تُودي بحياة الأجيال فضلا عمّا يترتب على ذلك من توقفٍ لعجلة التكامل والرقي.
إنّ هذه الافرازات عبارة عن : الصراعات التي تنشأ من تعارض المصالح وتزاحم الحقوق وطلب الاستعلاء، وحب الاستئثار، والأنانيات والمنافع الشخصية والتي تؤدّي بدورها إلى حدوث الخلافات والنزاعات والمناوشات الفردية أو الجماعية ونشوب الحروب الأقليمية، أو الدولية، ولهذا أدركت المجاميع الإنسانية منذ تلك اللحظة هذه الحقيقة وهي أنّه لو لم توضع المقررات اللازمة لتعيين حدود صلاحيات الأفراد وحقوقهم واسلوب حل المنازعات والدعاوى والمشاجرات، لانقلبت الموازين الاجتماعية رأساً على عقب وأدّت إلى حدوث كارثة كبرى.
وأساساً إنّما يأخذ المجتمع الواقعي طريقه إلى الوجود والظهور بعد أن تسوده حالة التعاون والتعاضد والتعاطف بين أفراده، ومثل هذا الأمر لا يتحقق إلّافي ظل وضع القوانين والمقررات، وفي الواقع ليس هناك مفهوم للتعاون من دون تعهد أخلاقي، وهذا التعهد بحد ذاته منشأ حدوث القانون.
علاوة على ذلك فإنّه من الخطأ أن نعتبر وظيفة القانون منحصرة في نطاق الحد من حدوث الاعتداءات وإنهاء النزاعات- وإن كان هذا هو الهدف من وضع الكثير من القوانين- بل يقع على عاتق القانون قبل هذا مسؤولية توثيق العلاقات الاجتماعية وإيجاد الضمانات والتعامل معها بصدق وأمانة وتأمين الحرية اللازمة من أجل تمكين وتربية القابليات وتنميتها، وتمركز القوى وتعبئة الإمكانيات باتّجاه معين من أجل توسيع رقعة التكامل.
والواقع إنّ القانون هو بمثابة الدم الجاري في عروق المجتمع البشري، لهذا لابدّ من القول بصراحة : إنّه إذا انعدم القانون لم يكن لوجود المجتمع معنى، ولم يتحقق التقدم والازدهار.
إذن لم يعد الجواب عن السؤال المتقدم صعباً، فالقانون الأفضل هو الذي يمتلك صلاحية أكثر في تأمين الامور التالية :
1- أن يجمع بين كافة القوى المؤلفة للمجتمع الإنساني تحت راية واحدة قوية، ويحل مشكلة الاختلافات الموجودة فيه كاختلاف الألوان والقوميات واللغات.
2- أن يهيء الأرضية المناسبة لنمو الاستعدادات الكامنة وتطوير القدرات الخلاقة لدى المجتمع.
3- أن يؤمّن الحرية الواقعية حتى يتمكن جميع الأفراد من العمل على تنمية استعداداتهم في ظلها.
4- يحدد الحق المشروع لكل شخص من الأشخاص وكل فئة من الفئات كي يقف حاجزاً دون حصول النزاعات والاختلافات والاعتداءات.
5- أن يعمق في النفوس روح الاعتماد والاطمئنان من خلال تعيين نظام إجرائي صحيح مضمون.
6- القانون الصالح ليس كما يتصوره البعض بأنّه القانون الذي يحمل معه مجموعة من القوانين العريضة والموسعة والتي تشتمل على الأجهزة القضائية الواسعة والشرطة والسجون الكثيرة، بل إنّ هذا يدل على ضعف ذلك القانون وذلك المجتمع وعجزهما، فالقانون الصحيح هو الذي يتخذ إجراءات وقائية مناسبة من خلال وضع التعليمات الثقافية والمقررات الصحيحة حتى لا تدعو الحاجة إلى التوسل بمثل هذه الامور.
إنّ الأجهزة القضائية والعقوبات والسجون بمثابة الطب العلاجي، أو بعبارة أصح، بمثابة إجراء عملية جراحية للمريض؛ بينما القوانين السليمة والمقررات الدقيقة بمثابة الطب الوقائي الذي يعتبر أقل مؤونة وأسلم طريقة لخلوه من الطواريء والأخطار.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|