الاهتمامات البيئية العالمية "فيزياء الطاقة المستدامة: استجابة علمية للاهتمامات البيئية العالمية" |
![]() ![]() |
أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-6-2016
![]()
التاريخ: 2023-05-09
![]()
التاريخ: 2023-05-22
![]()
التاريخ: 2023-05-02
![]() |
إن تأثير الاحتباس الحراري في مستوى الكرة الأرضية، وتوقعات ارتفاع متوسط درجة حرارة الأرض هو الذي أدى إلى الاهتمام المتعاظم بالموضوع. يبيّن الشكل (3-1) مخططاً بسيطاً يوضح هذا التأثير. يتكوّن الإشعاع الشمسي الناتج من درجة الحرارة العالية جداً للشمس بشكل رئيس من إشعاع مرئي أو قريب من المرئي بطول موجي قصير نسبياً، حيث يكون الغلاف الجوي شفافاً بشكل كبير لهذا الإشعاع. بتعبير آخر، على الرغم من انعكاس جزء صغير من هذا الإشعاع بواسطة الغلاف الجوي عائداً إلى الفضاء، فإن معظمه يعبر الغلاف مباشرة كما لو أن الغلاف الجوي نافذة زجاجية) ويُسخن سطح الأرض. تُعيد الأرض الدافئة إشعاع بعض من هذه الطاقة إلى الفضاء، لكن بما أن هذه الإشعاعات يتم إنتاجها عند درجات حرارة منخفضة نسبياً فإنها ستكون بشكل رئيس ذات أطوال موجية طويلة أو إشعاعات تحت الحمراء. إن بعضاً من غازات الغلاف الجوي للأرض تعمل كنافذة زجاجية تكون معتمة بشكل خاص أو ذات نفاذية مُنخفضة لهذا النوع من الإشعاع طويل الموجة، ولذلك تُدعى بغازات الاحتباس الحراري (GHGs) بسبب ذلك فإن معظم الإشعاع طويل الموجة ينعكس عائداً إلى سطح الأرض، بالتالي يحصل عدم توازن بين الطاقة التي تمتصها الأرض وتلك التي يُعاد إشعاعها بعيداً عن الأرض، ما يؤدي إلى تسخين سطح الأرض والغلاف الجوي المحيط، تماماً كما يحصل في البيوت الزجاجية الزراعية.
تعتمد درجة عدم توازن الطاقة الإشعاعية (المشروحة أعلاه) كثيراً على قدرة النفاذية للغلاف الجوي، بمعنى آخر، الدرجة التي تسمح بها غازات الغلاف الجوي بنفاذ أو إيقاف الإشعاعات تحت الحمراء المنطلقة من الأرض. يُرجع علماء المناخ التأثيرات في تغير كمية الإشعاع الشمسي التي تصل إلى سطح الأرض لتغيرات في اضطراب التوازن الإشعاعي ( Radiative Forcing) للغلاف الجوي.
تكون بعض الغازات عاكسة أكثر بالنسبة إلى الإشعاع الصادر عن سطح الأرض مقارنة بالإشعاعات الأخرى، ويُقاس تأثيرها النسبي بمقدرتها على تسخين الأرض (Global Warming Potential (GWP. من المحتمل أن يكون بخار الماء الغاز الأكثر أهمية من ضمن هذه الغازات، ويمكن أن يتغير تركيزه في الغلاف الجوي بشكل واضح مكانياً أو زمنياً. وتتعلق كمية بخار الماء في الغلاف الجوي بشكل أساس بعمليات طبيعية، ولذلك لا يعتبر البخار عادة غاز احتباس حراري من فعل الإنسان أما غازات الغلاف الجوي التي هي بطبيعتها من فعل الإنسان، والتي تزايد تركيزها مع الزمن، فتتضمن كلاً من: غاز ثاني أكسيد الكربون 2CO، غاز الميثان CH4، غاز أكسيد الأزوت N2O ، وعدداً من الغازات مثل الكلوروفلوروكربون CFCS التي توجد بكميات ضئيلة لكن لديها مقدرة قوية على تسخين الأرض، بما أن غاز CO2 يوجد في الغلاف الجوي بكميات أكبر بكثير من غازات الدفيئة الأخرى التي هي من فعل الإنسان، يُصنف عادة بمرتبة المقدرة على تسخين الأرض» (GWP) تساوي واحد. أما الغازان الدقيثان التاليان الأكثر أهمية فهما غاز الميثان CH4 بمرتبة المقدرة على تسخين الأرض 23، وغاز N20 بمرتبة 296 (راجع 2004 ,Houghton) حتى لو أن غاز CO2 لديه المرتبة الأقل ضمن الغازات الثلاثة، يبقى بشكل كبير الأكثر أهمية لأنه ينبعث بكميات أكبر بكثير. وقد قدر هوتن (Houghton) أن غاز CO2 مسؤول عن 70 المئة من تأثير الاحتباس الحراري المتزايد والناتج من تحرير غازات الدفيئة بفعل الإنسان، بينما غاز الميثان مسؤول عن المئة، وغاز N2O عن 6 في المئة. لهذا السبب استقطب غاز CO2 الاهتمام الأكبر من العلماء وراسمي السياسات، على الرغم من غاز CO2 ليس الغاز الدفيء المهم الوحيد. إذا ازداد مع الزمن متوسط التركيز على مدى زمني طويل لغاز CO2 في الغلاف الجوي، سوف يكون هناك تناقص في نفاذ الموجة الطويلة عبر الغلاف الجوي مؤدياً الى حجز أكثر للأشعة تحت الحمراء وسوف يؤدي ذلك إلى ازدياد في محصلة الطاقة الممتصة من قبل كل من سطح الأرض والغلاف الجوي، والنتيجة هي ازدياد في متوسط درجة حرارة الأرض. لذلك توجد مراقبة متزايدة لدورة الكربون على الأرض Global Carbon) (Cycle واهتمام بمستويات تركيز غاز CO2 المتزايدة في الغلاف الجوي.
تبين دورة الكربون للكرة الأرضية الموضحة في الشكل (3-2)، والمأخوذة من تقرير الهيئة الملكية للمملكة المتحدة لتلوث البيئة (2000 Energy-The Changing Climate) العمليات المعقدة فعلاً خلال عملها في تبادل الكربون بين أجزاء مختلفة من الأرض وغلافها الجوي. تمثل البيانات بالخط العريض في كل خزان» (Reservoir) | حوض كمية الكربون المخزنة بوحدة جيغا طن (مليار طن)، تمثل الأسهم الرمادية التبادلات الطبيعية بين الخزانات، التي تكون تقريباً بحالة توازن، بينما تمثل الأسهم الداكنة محصلة التدفق في كل حالة. تبين البيانات بالأحرف المائلة الملاصقة لكل سهم من الأسهم تدفقات غاز CO2 بوحدات جيغا طن بالسنة من الكربون بين الخزانات المختلفة. . من الواضح أن التدفقات الطبيعية هي أعلى بكثير من التدفق بفعل الإنسان الناتج من احتراق الوقود الأحفوري والعمليات الصناعية كإنتاج الإسمنت. إن النتيجة النهائية لجميع محصلات تدفقات الكربون المبينة هي تراكم لحوالي 3.2 جيغا طن بالسنة تقريباً للكربون في الغلاف الجوي، بالإضافة إلى الكربون المخزن على شكل غاز CO2، يوجد حوالي 4000 جيغا طن من الكربون مخزنة كوقود أحفوري؛ فحم حجري، نفط، وغاز طبيعي في القشرة الأرضية، كما هو مبين في الشكل (3-2). إن استهلاك هذه المصادر يشكل المصدر الرئيس الإطلاق حوالي 6.2 جيغا طن بالسنة من غاز CO2 بفعل الإنسان إلى الغلاف الجوي يعتبر مخزون الوقود الأحفوري معتدلاً نسبياً مقارنةً بكمية الكربون المخزنة في المحيطات، أو في الأرض كمعادن كربونية (Carbonate Minerals)، لكنها تبقى أيضاً أكبر بكثير من إجمالي الكربون في الغلاف الجوي بناءً على ذلك يمثل الوقود الأحفوري مصدراً ذا مقدرة وافرة للكربون، الذي سوف يضاف إلى الغلاف الجوي إذا تم استهلاكه كلياً لتزويد الاحتياجات البشرية للطاقة بدون حجز وتخزين غاز CO2 المنبعث.
الشكل (2-3) دورة الكاربون في الطبيعة المصدر:Royal Commission on Environmental Pollution's 224 Report: Energy-The
Changing Climate.
إن احتراق الوقود الأحفوري هو المصدر الرئيس لانبعاثات غاز 20، ومثل ذلك يمكن رده إلى القطاعات الرئيسة لاستهلاك الطاقة، متضمنة الأبنية السكنية والتجارية والعمليات الصناعية والنقل. يبين الشكل (3-3) توزع انبعاثات غاز 00 لكل قطاع استهلاك في الولايات المتحدة للعام 1995 تتغير بشكل طبيعي مساهمات كل قطاع استهلاك من بلد إلى آخر، ويعتمد ذلك على حالة التطوّر الصناعي، وخصوصاً على عدد السيارات العاملة، مثلاً، في البلدان
الشكل (3-3) انبعاثات CO2 في USA بقطاعاتها، 1995
المصدر : مبني على بيانات من وكالة معلومات الطاقة - إنبعاثات غازات الدفيئة في الولايات المتحدة.
العالية التصنيع، يميل النقل والعمليات الصناعية وتوليد الطاقة الكهربائية إلى أن يكونوا المستخدمين المسيطرين للوقود الأحفوري، وبذلك المصادر البارزة لانبعاثات غاز CO أيضاً. مثلاً، لدينا 35 في المئة تقريباً من إجمالي الانبعاثات المبينة في الشكل (3-3)، ناشئة من محطات توليد الطاقة الكهربائية. أما في البلدان الأقل تطوراً فإن استخدام الوقود الأحفوري، وبالتالي وجود انبعاثات غاز CO2، يمكن أن يُرجح أكثر إلى التدفئة المنزلية والطهي مقارنة باستخدام السيارات. يمكن تخفيض استخدام الوقود الأحفوري في بعض القطاعات، وبالتالي تخفيض انبعاثات ،C0، باستبدال الوقود عالي الكربون كالفحم بوقود منخفض الكربون كالغاز الطبيعي. وقد أنجز ذلك جزئياً في أوروبا، حيث تم استبدال محطات الطاقة الكهربائية العاملة على الفحم الحجري بمحطات تعمل على الغاز الطبيعي ومجهزة بتوربينات غازية ذات دارة مركبة (CCGTS) كذلك إن زيادة كفاءة طرف استهلاك الطاقة في أي قطاع يمكن أن فعالاً يصبح في تخفيض استهلاك الطاقة، وبذلك تخفيض انبعاثات غاز CO2. ويمكن أن تكون هذه الزيادة في الكفاءة أسهل للتحقق في بعض القطاعات، مثلاً في تدفئة المنازل، منها في قطاعات أخرى كقطاع النقل. على أي حال، إن إدخال معايير كفاءة الوقود للسيارات في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى كلفة الوقود الزائدة والانتقال من استخدام محركات البنزين إلى استخدام محركات ديزل أكثر كفاءة في بعض الأسواق، قد أدى إلى كسب معتبر في كفاءة السيارات على مدى العقود الثلاثة
الشكل(4-3 )تراكيز غاز CO في الغلاف الجوي
المصدر: IPCC Climate Change 2001: The Scientific Basis
يبين الشكل () الصادر عن اللجنة الدولية لتغير المناخ (2005 ,IPCC) تركيز غاز CO في الغلاف الجوي على مدى الألف سنة الأخيرة. ويمكن ملاحظة أن تركيز غاز CO2 قبل الثورة الصناعية، إبتداء من أواخر القرن الثامن عشر، كان ثابتاً تقريباً عند مستوى 280 جزءاً بالمليون ازداد هذا المستوى بسرعة خلال القرنين التاسع عشر والعشرين، ليصل اليوم إلى حوالي 370 جزءاً بالمليون. يمثل هذا التركيز كمية الكربون الإجمالية، حوالي 760 جيغا طن، موجودة حالياً في الغلاف الجوي، كما هو مبين في الشكل(2-3)
يمكن ملاحظة تأثير هذا الازدياد الكبير في تركيز غاز CO2 في درجة حرارة سطح الأرض في الشكل (3-5)، ببيانات من مصادر مختلفة متضمنة قياسات بواسطة موازين الحرارة على مدى القرنين الأخيرين الماضيين، ودرجات حرارة مستنتجة من حلقات مقاطع جذوع الأشجار، الطبقات الجليدية، ومن سجلات تاريخية أخرى
لقد أنجز العلماء الذين يعملون مع هيئة (IPCC) أيضاً، نمذجة حاسوبية مكثفة لتأثير غازات الدفيئة لكي يحاولوا توقع تأثير الزيادات الإضافية في مستويات تركيز غاز CO على متوسط درجة الحرارة للأرض، واستخدمت نماذج الحاسوب عدداً من السيناريوهات المختلفة لانبعاثات ولنشاطات اقتصادية لكي تقدر بشكل أفضل المجال المُحتمل لتركيز غاز CO لارتفاع متوسط درجة حرارة الأرض، تبين نتائج هذه الحسابات المبنية على السيناريو المحدد الذي تم اختياره، أن تركيز غاز CO2 سوف يصل بشكل محتمل إلى قيمة تتراوح بين حوالي 550 و 900 جزء بالمليون في نهاية القرن الحادي والعشرين. وقد درست أيضاً هذه النماذج التأثير النسبي في درجة حرارة الأرض للاضطرابات الطبيعية في التوازن الإشعاعي (Natural Forcing) للغلاف الجوي، بسبب تغيرات في الإشعاع الشمسي مثلاً، واللاضطرابات في التوازن الإشعاعي بفعل النشاط البشري Anthropogenic Forcing) بسبب انبعاثات غازات الدفيئة بفعل الإنسان.
تبين الأشكال من الشكل (3-6) إلى (3-8) نتائج توقعات النمذجة بالنسبة إلى سيناريو يعتمد حالة – أساسية، مقارنةً بقيم مقاسة لتغيرات درجة الحرارة بين عامي 1850 و2000. تم توجيه توقعات النمذجة أولاً مع افتراض الاضطراب الطبيعي في التوازن الإشعاعي وحده فقط، بعدئذ مع الاضطراب في التوازن الإشعاعي بفعل النشاط البشري لوحده فقط، وأخيراً مع كليهما، كما هو مبين في الأشكال من الشكل (3-6) إلى (3-8) على التوالي.
الشكل (3-6): تغيرات درجة الحرارة المتوقعة، نتيجة الأخذ به الاضطراب في التوازن
الإشعاعي الطبيعي لوحده فقط
المصدر : IPCC Climate Change 2001: The Scientific Basis
يمكن الملاحظة من الشكل (3-6) أنه يوجد ترابط ضعيف بين الارتفاع المقدر لدرجة الحرارة ( بواسطة نموذج)، بفرض الاضطراب الطبيعي وحده فقط، والارتفاع الفعلي المسجل عن طريق القياسات الفعلية إن ذلك صحيح بالأخص لحوالي الخمس وعشرين سنة الأولى عندما كانت الثورة الصناعية في أوجها، وكذلك للخمس وعشرين سنة الأخيرة، التي خلالها كان هناك نشاط اقتصادي قوي في العديد من البلدان، مع ازدياد لاحق كبير في انبعاثات غاز C02. مع افتراض الاضطراب العائد للنشاط البشري لوحده فقط في النموذج، كما هو مبين في الشكل (73)، يتبين أن التوقع أفضل بكثير خلال السنوات الأولى والأخيرة، لكنه لم يكن جيداً جداً خلال العقدين بين عامي 1950 و 1970، عندما كان يوجد انخفاض ملحوظ في النشاط الشمسي.
الشكل (3-7): تغيرات درجة الحرارة المتوقعة نتيجة الأخذ به الاضطراب الإشعاعي
يفعل النشاط البشري فقط
المصدر: IPCC Climate Change 2001: The Scientific Basis
أخيراً، وبتضمين تأثير كل من الاضطراب الإشعاعي الطبيعي والاضطراب الإشعاعي بفعل النشاط البشري في النموذج، نجد أن الارتفاع المتوقع لدرجة الحرارة، كما هو مبين في الشكل (3-8)، يتوافق بشكل قريب جداً مع سجلات درجة الحرارة المقاسة. تقدم النتائج من هذه المجموعات الثلاث للتوقعات، دليلاً قوياً جداً على أن الازدياد السريع الملاحظ في درجة الحرارة على مدى الخمسين سنة الأخيرة من المحتمل جداً أن يكون بسبب تأثيرات النشاط البشري، ويمكن أن يُعزى بشكل كامل تقريباً إلى احتراق الوقود الأحفوري.
الشكل (3-8): تغيرات درجة الحرارة المتوقعة نتيجة الأخذ بالاضطرابين الطبيعي وبفعل النشاط البشري
المصدر : IPCC Climate Change 2001: The Scientific Basis
على الرغم من أن نتائج النموذج المبينة في الأشكال من الشكل (3-6) إلى (3-8) تم الحصول عليها بالاعتماد على سيناريو الحالة الأساسية للانبعاثات والنشاط الاقتصادي، فقد قام باحثون بحسابات بالاعتماد على مدى من السيناريوهات البديلة، المعروفة باسم التقرير الخاص عن سيناريوهات الانبعاثات
(SRES) (Special Report on Emission Scenarios) كما وصفته هيئة
(IPCC). يبين الشكل (3-9) نتائج التوقعات للمئة وعشرين سنة التالية بالاعتماد على كامل مجال هذه السيناريوهات. والنتائج مبينة بالاعتماد على كل من: مجال تام لنماذج متعددة باستخدام جميع سيناريوهات (SRES)، ومجموعة من النماذج أكثر تحديداً، ومن جديد
الشكل (3-9): تغيرات درجة الحرارة المتوقعة بالنسبة إلى سيناريوهات متنوعة من الانبعاثات والنشاطات الاقتصادية
المصدر: IPCC Climate Change 2001: The Scientific Basis
باستخدام المجال التام لسيناريوهات (SRES) تتوقع هذه الحسابات زيادة إجمالية في متوسط درجة الحرارة للأرض بين عامي 1990 و 2100 تتراوح بين حد أدنى 1.4°C وحد أعلى 5.8°C عند الحد الأعلى، بدون شك، سوف تحصل تغيرات كبيرة نسبياً لمناخ الأرض، متضمنةً عواصف أكثر تكراراً وأكثر شدة، وذوبان الغطاء الجليدي القطبي، وظهور أكثر تكراراً للجفاف. سوف يحصل أيضاً ارتفاع واضح في متوسط مستوى البحار، مع توقع يصل حتى متر واحد، مؤدياً إلى انتشار ظاهرة التعرية والفيضانات في المناطق الساحلية على مستوى العالم.
ونتيجة وجود الخطر الحقيقي الذي يعكسه مثل هذا التغير المناخي على رفاء البشرية والاقتصاد العالمي، يناقش العلماء والمهندسون وراسمو السياسات الآن تكنولوجيات التلطيف الطويلة الأمد لتخفيض أو على الأقل تقليل الازدياد السريع في مستويات تركيز غاز CO2 للأرض التي تم توقعها للقرن الواحد والعشرين. وفي الوقت الحالي، تتركز هذه المناقشات أساساً للحصول على موافقة دولية من أجل الحد من إنتاج غازات الدفيئة تحت رعاية اتفاقية نظام الأمم المتحدة لتغير المناخ (UNFCCC)، التي تم تبنيها بشكل رسمي عام 1992 في نيويورك. في إطار هذه الاتفاقية، حاولت معظم الدول الصناعية الكبيرة، ومن ضمنها أعضاء من الـ (OECD)) و 12 دولة بحالة تحول اقتصادي»، أن تعيد مستويات انبعاثاتها من غازات الدفيئة إلى مستويات عام 1990 وذلك عند عام 2000. أتبعت هذه الاتفاقية بتواقيع التزامية لمعاهدة كيوتو (Kyoto Protocol) للقيام بعمل محدد تهم طرحه في كيوتو اليابان عام 1997 بناء على هذا الاتفاق، وافقت الدول الصناعية المحدّدة في الملحق (1) لاتفاقية كيوتو على تخفيض انبعاثاتها لمجموعة من سنة غازات دفيئة إلى ما دون المستويات التي تم إنتاجها في عام 1990 بأهداف يتراوح متوسطها بين 0 في المئة و 8 في المئة، على مدى الفترة من 2008 إلى 2012 ، كما هو مبين في الجدول (3-1). في حالة أو حالتين استثنائيتين (أستراليا، ايسلندا، والترويج)، كانت الأهداف المتفق عليها فعلياً هي ارتفاع عن مستويات 1990 بسبب الصعوبات التي تواجهها الاقتصاديات الأصغر في الحصول على التغيرات الضرورية لنظام التزود بالطاقة لديهم. وافقت دول الاتحاد الأوروبي (EU) الخمسة عشر قبل قبول عشرة بلدان جديدة في 2004)
خضعت معاهدة كيوتو للتصديق الأخير من قبل الدول الأعضاء في الاتفاقية، وكان من المفروض أن تدخل الاتفاقية حيز التطبيق في اليوم على تخفيض متوسطه 8 في المئة من انبعاثات غازات الدفيئة عبر الاتحاد ككل. وقد أدت المفاوضات اللاحقة بين بلدان الاتحاد الأوروبي، مثلاً، إلى وضع الهدف في المملكة المتحدة إلى 12.5 في المئة تحت مستوى عام 1990 خلال الفترة من 2008 إلى التسعين بعد التاريخ الذي قدم فيه ليس أقل من 55 عضواً في الاتفاقية، من ضمنهم دول الملحق (1) التي هي مسؤولة كلياً عن 55 في المئة على الأقل من انبعاثات غازات الدفيئة للعام 1990، إشعار تصديقها الأخير إلى الأمم المتحدة، أما الولايات المتحدة وأستراليا فقد ثابرتا لاحقاً بالقول إنهما لن توقعا الاتفاقية. وفي 2 تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2004 ، قدمت 127 دولة ومنظمة تكامل اقتصادي محلي إشعارات التصديق، وكانت النسبة الإجمالية للانبعاثات من بلدان الملحق (1) المصدقة على الاتفاقية 44.2 في المئة. وبالتالي سوف تصبح المعاهدة قابلة للتطبيق إذا قدم أي من الولايات المتحدة، التي هي مسؤولة عن 36.1 في المئة من انبعاثات الملحق (1)، أو روسيا، التي هي مسؤولة عن 17.4 في المئة من هذه الانبعاثات، إشعاراتها بالتصديق. وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة أشارت إلى أنها لن توقع، فقد وقع رئيس روسيا قانوناً فيدرالياً صدق بموجبها المعاهدة في 4 تشرين الثاني / نوفمبر 2004، بعدئذ أصبحت معاهدة كيوتو سارية المفعول في 16 شباط/ فبراير 2005 بعد تسعين يوماً من وصول إشعار التصديق الروسي إلى الأمم المتحدة في نيويورك.
على أي حال، من غير المؤكد إذا كانت معظم البلدان سوف تحقق هذه الأهداف، وبخاصة أنه تم في الحقيقة حتى الآن تحقيق عدد قليل من تقنيات التلطيف كذلك في الحقيقة إن عدم توقيع الاقتصاد العالمي الأكبر على الاتفاقية طرح قضية التنافس الصناعي هذه البلدان التي شرعت باتخاذ إجراءات تخفيف الانبعاثات. سوف يكون ذلك مهماً بشكل خاص، بوجود القوة الاقتصادية المتنامية وانبعاثات غازات الدفيئة للاقتصاديات النامية بسرعة، مثل الصين والهند، اللتين لم تكونا أحد الأطراف في معاهدة كيوتو. على الرغم من أن بعض البلدان (كالمملكة المتحدة) قد حققت تقدماً كبيراً في تحقيق أهداف كيوتو، إذ تم ذلك على نحو كبير نتيجة انتشار التبديل من وقود الفحم الحجري إلى الغاز الطبيعي من أجلتوليد الطاقة الكهربائية لذلك فإن مساهمة الوقود في توليد الطاقة الكهربائية بالفحم الحجري أو الغاز الطبيعي في المملكة المتحدة الآن حوالي 40 في المئة تقريباً لكل منهما، بينما في عام 1990 كان لا يوجد بشكل رئيس محطات غازية لتوليد الطاقة الكهربائية. يبين الشكل (3-10) الانبعاثات السنوية لغاز CO في المملكة المتحدة خلال الفترة الزمنية 1990 - 2000، كما نُقل إلى (UNFCCC).
الشكل (3-10) انبعاثات غاز CO في المملكة المتحدة - 1990 – 2000
المصدر: (UNFCCC).
باعتبار أن غاز CO2 يمثل حوالي 70 في المئة من التأثير الكامن الرفع درجة حرارة الأرض بفعل انبعاثات غازات الدفيئة عالمياً، لذلك يعتبر دليلاً مهماً من أجل تحقيق أهداف معاهدة كيوتو، كما يتبين أيضاً على طرف اليسار من الشكل (3-10) هدف كيوتو للمملكة المتحدة، الذي هو 12.5 في المئة تحت مستويات 1990 من أجل كافة غازات الدفيئة بالنسبة إلى انبعاثات غاز CO2، باستثناء سنة أو سنتين، يمكن الملاحظة أنه وجد تناقص ثابت في انبعاثات غاز CO2 لى مدى عقد من الزمن حيث أدى انخفاض درجة الحرارة إلى مستوى أقل من معدلاتها خلال شتاء 1995 - 1996، إلى ارتفاعات حادة في انبعاثات عام 1996 يبدو أن مستويات الانبعاثات قد بدأت بالتحرك إلى الأعلى ثانية في عام 2000، لكن قريباً سوف نرى إذا كان هذا الاتجاه هو طويل الأمد أم لا، أو أن هدف كيوتو للمملكة المتحدة سوف يتم تحقيقه في الإطار الزمني 2008 - 2012 للاتفاق.
تم تنفيذ انتشار استبدال الوقود بشكل رئيس، بسبب الكلفة المنخفضة لبناء محطات كهربائية تعمل على الغاز الطبيعي مقارنة بتلك التي تعمل على الفحم الحجري، وكذلك بسبب الكلفة المنخفضة نسبياً للغاز الطبيعي في زمن بناء هذه المحطات خلال التسعينيات من القرن الماضي، وقد أدى المحتوى المنخفض للكربون في الغاز الطبيعي بالإضافة إلى الكفاءة العالية لمحطات الطاقة الكهربائية ذات التوربين الغازي ذي الدارة المركبة، الى تخفيض كبير في انبعاثات غاز C0. ومع الارتفاع السريع لأسعار الغاز في السنوات الأخيرة والخوف من تناقص مصادر الغاز الطبيعي يمكن أن يصبح هذا الاستبدال في الوقود قراراً ضعيفاً وقصير الأمد. يمكن أيضاً أن يصبح الاستعمال الكبير للغاز الطبيعي من أجل توليد الطاقة الكهربائية مقصور النظر في العقود القادمة عندما يصبح الغاز الطبيعي، الذي هو الوقود الأفضل التدفئة المباني المنزلية والتجارية، مثلاً صعب المنال، ونتيجة ذلك تزداد أسعاره فعلياً. في بعض البلدان، مثل كندا التي تعتمد على الطاقة المائية في معظم إنتاجها من الكهرباء، لديها منظور محدود جداً في ما يخص استبدال الوقود، وبالتالي هناك تقدم قليل جداً في تحقيق أهداف معاهدة كيوتو في الولايات المتحدة، على الرغم من حصول بعض التغيير في الوقود إلى الغاز الطبيعي، فإن هذا التغيير لم ينتشر كما في المملكة المتحدة، حيث يعود ذلك جزئياً إلى مصادر الغاز المحدودة وازدياد الأسعار. يبيّن الشكل (11-3)
الشكل (3-11) انبعاثات غاز CO2 في الولايات المتحدة - 1990 - 2000
المصدر : UNFCCC
انبعاثات غاز CO2 السنوية في الولايات المتحدة خلال الفترة الزمنية 1990 - 2000 ، كما هو موثق لدى (UNFCCC). توقف هدف كيوتو في المفاوضات الأخيرة عند 7 في المئة تحت مستويات 1990 للسنوات 2008 - 2012، على الرغم من أنه لم يتم في النهاية توقيع الاتفاق من قبل الولايات المتحدة. ويمكن ملاحظة أن هناك تزايداً ثابتاً في الانبعاثات على مدى السنوات العشر هذه، بحيث وصلت انبعاثات غاز CO عند عام 2000 إلى حوالي 17 في المئة أعلى من مستوى 1990. ما يعني أن مستوى إنتاج غازات الدفيئة في الولايات المتحدة يجب تخفيضه إلى حوالى 20 في المئة عن مستوى عام 2000، أي من 5840 مليون طن ليصل إلى 7 في المئة تحت مستوى عام 1990، أي إلى 4649 مليون طن، بقيمة وسطية خلال السنوات 2008 - 2012 نظراً إلى الفترة الزمنية القصيرة المتبقية، يبدو أنه من غير المحتمل جداً تحقيق هدف كيوتو بدون تأثير جدي التنافسية العالمية للولايات المتحدة.
أخيراً، الملاحظ أن الفكرة بأن المستويات الزائدة لغاز CO2 في الغلاف الجوي هي أولاً عائدة إلى النشاط البشري غير مشتركة العلماء، أو أن المستويات الزائدة لهذا الغاز في الغلاف بين جميع الجوي هي شيء سيىء بالضرورة لم يتوصل تقرير 1995-IPCC إلى الاستنتاج أن توازن الأدلة يقترح تأثيراً بشرياً واضحاً في المناخ العالمي، وقد دعمت هذه النتيجة في تقرير الدراسة الثالث للعام 2001 إلى أنه يوجد دليل جديد وقوي بأن معظم التسخين الملحوظ على مدى الخمسين سنة الأخيرة عائد إلى النشاط البشري. أما ما لا شك فيه، فهو أن تركيز غاز CO2 في الغلاف الجوي ما زال يرتفع بثبات على مدى المئتي سنة الماضية، بعدما بقي ثابتاً لقرون عديدة، كما هو مبين في الشكل (3-4). ويمكن أن نلاحظ من الشكل (3-2)، أن التبادلات الطبيعية لغاز 2CO بين الغلاف الجوي والمحيطات، وبين الغلاف الجوي والغطاء النباتي العالمي هي أكبر بحوالي عشر مرات من انبعاثات غاز CO بسبب الإنسان. بالتالي، يمكن لأي كان أن يستنتج بأن اضطرابات صغيرة في هذه التبادلات الطبيعية يمكن أن تكون مهمة في تحديد محصلة امتصاص الغلاف الجوي لغاز CO بقدر أهمية الإسهامات البشرية. حتى إن بعض العلماء ادعى أنه بسبب كون غاز CO2 مخصباً طبيعياً للنبات، فإن المستويات الزائدة سوف تدعم الإنتاج العالمي للكتلة الحيوية، وتحدث اسهاماً إيجابياً للحياة الجيدة على كوكب الأرض. طالما أن هذه الأفكار لا تعكس الرؤية العالمية السائدة، هناك نقاش كبير حول السبب الحقيقي لارتفاع درجة حرارة الأرض، ويبدو أن هناك حاجة لبحوث أكثر قبل أن نستطيع الاستنتاج بشكل محدد بأن تزايد درجة حرارة الأرض هو نتيجة النشاط البشري. وللأسف، لأن الولايات المتحدة التي تعتبر أكبر اقتصاداً عالمياً، أعلنت أنها لن توقع اتفاقية كيوتو، فإن المناظرة تبدو غالباً سياسية أكثر منها علمية بطبيعتها.
|
|
دراسة: حفنة من الجوز يوميا تحميك من سرطان القولون
|
|
|
|
|
تنشيط أول مفاعل ملح منصهر يستعمل الثوريوم في العالم.. سباق "الأرنب والسلحفاة"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي يقيم دورة تطويرية عن أساليب التدريس ويختتم أخرى تخص أحكام التلاوة
|
|
|