أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-4-2018
![]()
التاريخ: 10-08-2015
![]()
التاريخ: 5-07-2015
![]()
التاريخ: 20-11-2014
![]() |
...قد يكون بعض الشرور لمكافأة الكفار وعذابهم، كما نص عليه في حق الهالكين من الأمم السابقة بقوله: " وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون " (1) " ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم وأرسلنا السماء عليهم مدرارا وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرنا آخرين " (2) بل يدل بعض الآيات الكريمة على أن المصيبات كالقحط والغلاء والشدائد ونحوها تعرض الأقوام والأفراد ولو لم يكونوا كافرين من جهة سوء اختيارهم، والتغيرات السيئة في أنفسهم، كقوله تعالى: " إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " (3) وقوله تعالى: " وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير " (4) فمثل هذه الآية خطاب إلى الاجتماع أو الأفراد، وتدل على أن بين المصائب، كالقحط والغلاء والوباء والزلازل والمرض والضيق وغير ذلك، من المصيبات والشدائد، وبين أعمال الإنسان ارتباط خاص، فلو جرى الإنسان أو المجتمع الإنساني على ما تقتضيه الفطرة من الاعتقاد والعمل، نزلت عليهم الخيرات، وفتحت عليهم البركات، ولو أفسدوا افسد عليهم، وهذه سنة إلهية، إلا أن ترد عليها سنة التكامل الأعلى كابتلاءات الأولياء، مع أن أعمالهم كلها حسنات، أو ترد سنة الاستدراج مع أن أعمالهم سيئات، فينقلب الأمر كما قال تعالى: " ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة حتى عفوا وقالوا قد مس آباءنا الضراء والسراء فأخذناهم بغتة وهم لا يشعرون " (5) قوله: " حتى عفوا " أي كثروا عدة أو عدة وأصله الترك، أي تركوا حتى كثروا، ومنه إعفاء اللحى.
وكيف كان فالمكافأة والعذاب والتنبيه من علل وجود المصيبات، كما هو صريح الآيات المذكورة وغيرها، بل الروايات منها: صحيحة فضيل بن يسار عن أبي جعفر - عليه السلام - قال: " ما من نكبة تصيب العبد إلا بذنب وما يعفو الله عنه أكثر " (6).
وصحيحة هشام بن سالم عن أبي عبد الله - عليه السلام - قال: أما أنه ليس من عرق يضرب ولا نكبة ولا صداع ولا مرض إلا بذنب، وذلك قول الله عز وجل في كتابه: " وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير " قال: ثم قال: " وما يعفو الله أكثر مما يؤاخذ به " (7).
ومن المعلوم أن هذه المكافأة توجب كثيرا ما التنبه والاتعاظ والرجوع.
ولعل إلى ذلك أشار الإمام الصادق - عليه السلام - حيث قال في توحيد المفضل: " ويلذع (أي يوجع ويؤلم) أحيانا بهذه الآفات اليسيرة لتأديب الناس وتقويمهم، ثم لا تدوم هذه الآفات، بل تكشف عنهم عند القنوط منهم فيكون وقوعها بهم موعظة وكشفها عنهم رحمة - إلى أن قال - ولو كان هكذا (أي عيش الإنسان في هذه الدنيا صافيا من كل كدر) كان الإنسان سيخرج من الأشر والعتو إلى ما لا يصلح في دين ودنيا - إلى أن قال - فإذا عضته المكاره ووجد مضضها اتعظ وأبصر كثيرا مما كان جهله وغفل عنه ورجع إلى كثير مما كان يجب عليه (8)، وقال - عليه السلام - أيضا: إن هذه الآفات وإن كانت تنال الصالح والطالح جميعا فإن الله (تعالى) جعل ذلك صلاحا للصنفين كليهما، أما الصالحون فإن الذي يصبهم من هذا يردهم (يذكرهم) نعم ربهم في سالف أيامهم فيحدوهم ذلك على الشكر والصبر، وأما الطالحون فإن مثل هذا إذا نالهم كسر شرتهم وردعهم عن المعاصي والفواحش. الحديث (9).
ثم لا يخفى عليك أن البلايا في حق الأنبياء والأئمة المعصومين والأولياء، ليست مكافأة، بل لارتفاع شأنهم، كما نص عليه في صحيحة علي بن رئاب، قال: " سألت أبا عبد الله - عليه السلام - عن قول الله عز وجل: " وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم " أرأيت ما أصاب عليا وأهل بيته - عليهم السلام - من بعده، أهو بما كسبت أيديهم، وهم أهل بيت طهارة معصومون؟ فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وآله - كان يتوب إلى الله ويستغفر في كل يوم وليلة مائة مرة من غير ذنب، إن الله يخص أولياءه بالمصائب ليأجرهم عليها من غير ذنب " (10).
وفي المروي عن عبد الرحمان بن الحجاج، قال: " ذكر عند أبي عبد الله - عليه السلام - البلاء وما يخص الله به المؤمن، فقال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وآله - من أشد الناس بلاء في الدنيا؟ فقال: النبيون ثم الأمثل فالأمثل، ويبتلى المؤمن بعد على قدر ايمانه وحسن أعماله، فمن صح ايمانه وحسن عمله اشتد بلاؤه ومن سخف ايمانه وضعف عمله قل بلاؤه " (11).
فابتلاء الأولياء بالشدائد والمصيبات كثير جدا وكلما اشتد ايمان المؤمن كثر بلاؤه كما ورد في الحديث " إن الله عز وجل إذا أحب عبدا غثه بالبلاء غثا " (12) والسر فيه أن المكافأة تنشأ من غضبه تعالى، وابتلاء الأولياء ينشأ من رحمته، لأن يتدارجوا المدارج العالية وأعلاها ورحمته غلبت غضبه، فلا تغفل، فالأنبياء والأولياء ممن ليس لهم اكتساب سوء، كانوا خارجين عن قوله: " وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم " تخصصا، إذ الآية المباركة أثبتت المصيبة بسبب الذنوب واكتساب السوء، فلا تشمل من لم يصدر عنه الذنوب وليس له اكتساب سوء كما لا يخفى. فلا مكافأة ولا عذاب لهم، وإنما ما ورد عليهم لإعلاء شأنهم وقربهم إليه تعالى.
ثم لا يخفى أن من ابتلى بالمصيبات من جهة ذنوبه وصبر عليها من غير شكاية عنها أعطاه الله من باب فضله ولطفه مضافا إلى تطهير ذنوبه ارتفاع المقام والأجر والثواب. كما يدل عليه ما روي عن الصادق - عليه السلام - عن آبائه عن علي - عليه السلام - " إنه عاد سلمان الفارسي فقال له يا سلمان ما من أحد من شيعتنا يصيبه وجع إلا بذنب قد سبق منه وذلك الوجع تطهير له، قال سلمان: فليس لنا في شئ من ذلك أجر خلا التطهير، قال علي - عليه السلام -:
يا سلمان لكم الأجر بالصبر عليه والتضرع إلى الله والدعاء له بهما تكتب لكم الحسنات وترفع لكم الدرجات، فأما الوجع خاصة فهو تطهير وكفارة " (13).
ويدل عليه أيضا ما روي عن الصادق - عليه السلام - أنه قال: " من مرض ليلة فقبلها بقبولها كتب الله عز وجل له عبادة ستين سنة (قال الراوي) قلت:
ما معنى قبولها؟ قال: لا يشكو ما أصابه فيها إلى أحد " (14).
__________________
(1) القصص: 59.
(2) الانعام: 6.
(3) الرعد: 11.
(4) الشورى: 30.
(5) الأعراف: 95.
(6) نور الثقلين: ج 4 ص 582.
(7) نور الثقلين: ج 4 ص 581.
(8) بحار الأنوار ج 3 ص 138.
(9) بحار الأنوار ج 3 ص 140.
(10) نور الثقلين: ج 4 ص 581.
(11) تفسير الميزان: ج 5 ص 13.
(12) تفسير الميزان: ج 5 ص 13 نقلا عن الكافي.
(13) جامع الأحاديث: ج 3 ص 91 - 92.
(14) جامع الأحاديث: ج 3 ص 99.
|
|
خسارة الوزن ليست مؤقتة.. إثبات ميزة جديدة لـ"ملك حرق الدهون" ؟!
|
|
|
|
|
دراسة علمية تحذر من علاقات حب "اصطناعية" ؟!
|
|
|
|
|
طالبات جامعة واسط: بارتدائنا العباءة نبيّن بأنّ إرث السيدة الزهراء (عليها السلام) ممتد للأجيال
|
|
|