المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17639 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05
مـعاييـر تحـسيـن الإنـتاجـيـة
2024-11-05
نـسـب الإنـتاجـيـة والغـرض مـنها
2024-11-05
المـقيـاس الكـلـي للإنتاجـيـة
2024-11-05
الإدارة بـمؤشـرات الإنـتاجـيـة (مـبادئ الإنـتـاجـيـة)
2024-11-05
زكاة الفطرة
2024-11-05



الجواب التفصيلي عن الحوادث الأليمة : مسألة العدل الالهي  
  
1184   04:33 مساءاً   التاريخ: 27-11-2015
المؤلف : الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الكتاب أو المصدر : نفحات القرآن
الجزء والصفحة : ج4 ، ص 350- 355.
القسم : القرآن الكريم وعلومه / العقائد في القرآن / أصول / العدل /

1- فلسفة التفاوت‏

غالباً ما يُشتبه بين‏ (التفاوت) و (التبعيض) ويأخذ الثاني الذي له صفة سلبية مكان الأول الذي له صفة إيجابية في الكثير من المواقع.

ولزيادة التوضيح : يُقصد من (التبعيض) هو أن نُفرّقَ بين موجودين يحملان نفس الشروط تماماً ، مثلًا أن نُعطي أحد العامليْن اللذيْن أنجزا عملًا متشابهاً أجراً ضعف أجر الآخر ، أو نعاقب أحدهما نصف عقوبة الآخر إذا ارتكبا عملًا قبيحاً ، وهما يحملان نفس الشروط أيضاً ، أو أن نعفو عن أحدهما تماماً ونعاقب الآخر أشَدّ العقاب.

ولكن إذا كانت الأعمال الإيجابية والسلبية متفاوتة مع بعضها أو اختلف الفاعلون عن بعضهم ، لكان التفريق فيما بينهم عين العدالة.

هذا من حيث الثواب والعقاب ، أمّا من حيث الخلق والتكوين فإنّ عالم الخلق مجموعة من الموجودات المتفاوتة تماماً ، لأنّ لكلٍ منها وظيفتها الخاصّة ، ويلزم تناغم الخلق والوسائل والإستعدادات معها.

ومن خلال نظرة إلى أعضاء بدن الإنسان نُشاهد أنّ بعض خلايا البدن بدرجة من الظرافة بحيث يختل نظامها لأقل ضربة ، أو حتّى هبوب نسيم معين ، أو انبعاث نور شديد ،  (كشبكيّة العين) لذا نجد أنّها موضوعة في محفظة قوية جدّاً لكي تكون بعيدة تماماً عن ساحة الحوادث ، وهذه الخلقة اللطيفة والظريفة جدّاً ، إنّما هي بسبب الواجب الحسّاس جدّاً الملقى على‏ عاتقها وهو (التصوير المستمر للمشاهد المختلفة من مسافات بعيدة وقريبة وفي أجواء متفاوتة).

وهنالك خلايا صلبة ومحكمة ومقاومة جدّاً ، كخلايا عظام كعب القدم ، أو عظام الساق التي علاوةً على‏ تحمّلها جميع وزن البدن ، يجب أن تكون مُقاومة للضربات القوية والصدمات.

فلا يُمكن إذن لأي ‏عاقل أن يعترض على‏ تفاوت بُنية هذيْن العضويْن؟ أو يعترض على‏ عدم خلق جميع خلايا البدن بنفس ظرافة خلايا شبكيّة العين ، أو بنفس صلابة خلايا الساق ، أو القدم ، أو بنفس سُمك جلد كعب القدم؟

ويُمكن إجراء نفس هذه الحسابات بخصوص أعضاء شجرة أزهار صغيرة مع شجرة كبيرة ابتداءً من جذورها القويّة ، إلى سيقانها ، وأغصانها الصغيرة والكبيرة ، وبالتالي أوراقها مع أوراق الأزهار والشعيرات الصغيرة الدقيقة الموجودة في داخل كُلّ زهرة.

ولو أمعنّا النظر جيّداً لوجدنا أنّ أقسام المجتمع البشري تشبه تماماً أعضاء بدن الإنسان أو شجيرة أزهار صغيرة وشجرة كبيرة.

فصنع النظام الأحسن يفرض وجود التفاوت في استعدادات وأذواق أفراد المجتمع وبنائهم الروحاني والجسماني ، ليتناسب كُلُّ واحدٍ منهم مع الواجب الذي يُلقيه نظام الخلق على‏ عاتقه ويتمكّن منه ، وإلّا لتبعثر كُلّ شي‏ء ، ولما كان هنالك نظامٌ أحسن ، ولصار الوجود كالشجرة التي جميعها جذور أو سيقان أو أوراق فقط ، ومن قبيل هذه الشجرة لا تستطيع أن تواصل الحياة لأكثر من فترة قصيرة ، وإن كانت قادرة فلا فائدة منها.

فلا يُمكن أن يتساوى تركيب وجود الأم ، التي يجب أن تكون كتلة من العواطف لتقوى على‏ تحمل كل مشقّات حفظ وتربية الأولاد ، مع تركيب وجود الأب ، الذي يجب أن يُمارس عمله دائماً في قلب المجتمع ، لأنّ العكس معناه إمّا تلاشي دور الأمومة أو تعطيل دور الأبّوة.

وكذا لا يُمكن أن يتساوى تركيب أعصاب جرّاح للقلب مع اعصاب شاعرٍ دقيق النظر ، أو عالمٍ في الرياضيات مع مهندسٍ زراعي ، أو كلاهما مع عامل صناعاتٍ ثقيلة ، وهؤلاء الثلاثة مع جندي أو ضابطٍ عسكري ، وهؤلاء الأربعة مع قاضٍ مُعيَّنْ ، لأنّ لكل واحدٍ منهم وظيفته الخاصّة في المجتمع وله ذوق واستعداد وبناء جسماني روحاني خاص مناسب لذلك.

وهذا المطلب بدرجة من الوضوح بحيث لا يحتاج إلى زيادة في التوضيح ، وبالأساس أنّ من إحدى دلائل عظمة اللَّه هي هذا التقسيم الدقيق للأذواق والاستعدادت التي تُشكّل جميعها مجموعة متعادلة ومتوازنة كلٌّ في محله الخاص!

وخلاصة الكلام هي أنّ البشر ليس كالأواني المتشابهة التي تُصنع في معملٍ واحد ، ولجميعها فائدة واحدة ، فلو كان كذلك لما استطاعوا العيش مع بعضهم حتى يوماً واحداً ، فالمهم في حياة البشر وجميع عالم الخلق هو العدالة لا المساواة ، ووضع كل شي‏ءٍ في محلّه لا التشابه.

وللقرآن الكريم إشارات غنيّة في هذا المجال ، حيث قال في موضعٍ : {وَرَفَعنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيّاً}. (الزخرف/ 32)

«سُخريّاً» : مشتقة من مادّة (تسْخير) ، ومفهوم الآية هو : إنّ تفاوت درجات الناس تؤدّي إلى تسخير بعضهم بعضاً ، أو تدفع بهم إلى التعاون المتقابل ، فالمريض مُسَخّرٌ للطبيب والطبيب مُسخّر للمعمار في حوائج اخرىْ ، أو الفلاح مسخّر للتاجر ، لأنّ لكل واحدٍ منهم أفضليّة على‏ الآخر من جهة معينة ، وهذه بذاتها تُوجِد (الخدمات المتقابلة) أو (التسخير) وفق التعبير القرآني.

وقد اتفق أغلب المفسّرين الإسلاميين من الشيعة والسُّنة على‏ تفسير الآية بهذا الشكل ، أي كون المقصود من‏ (سُخريّاً) هنا هو التسخير في الخدمات المتقابلة (1).

والقول بأنّ المقصود من‏ (سُخريّاً) هو (الإستهزاء) احتمالٌ ضعيفٌ جدّاً طُرح في بعض التفاسير بعنوان رأي غير مقبول.

ونُلاحظ في موضعٍ آخر : {وَرَفَعَ بَعضَكُم فَوقَ بَعضٍ دَرَجاتٍ لِّيَبلُوَكُم فِى مَا آتَاكُمْ}. (الأنعام/ 165)

ونظراً إلى عدم كون هدف الإمتحان الإلهي معرفة حقيقة الأشخاص واكتشاف الأمور الخفيّة ، لأنّ اللَّه محيط بكل شي‏ءٍ علماً ، بل المقصود منه تربية البشر في البلاء والإمتحان ليخلُصوا ويقوى تحملهم ، وبتعبيرٍ آخر : إنّه وسيلة لتكاملهم ، لذا فالآية تقول : إنَّ هذا سبب التكامل (المادي والمعنوي).

وهناك نموذجٌ آخر : هو ما جاء في الآيات التي تُشير إلى تفاوت واختلاف نصيب الناس من الأرزاق ، فغالباً ما يَسأل بعض الأفراد : لِمَ هذا غنيٌّ وذاك فقير؟ والقرآن يُجيب عن هذا السؤال بصورة إجمالية من خلال الآيات المختلفة ويقول : إنّ تقسيم الرزق بين العباد يجري وفق حسابٍ دقيق وبرنامج منظّم مفعم بالأسرار ، ولو أنّ الناس لا يعلمونه ، كما ورد في سورة الإسراء : {إِنَّ رَبَّكَ يَبسُطُ الرِّزقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقدِرُ إِنَّه كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً}. (الاسراء/ 30)

طبعاً يجب عدم خلط التفاوت الإلهي الواقعي والطبيعي مع التفاوت الوضعي الناشيء عن الإستثمار والاستعمار ، واحتسابها جميعاً على‏ إرادة اللَّه ، فالمسألة تتخذ طابعاً آخر في هذه الحالة وتخرج بشكل تفسيرٍ انحرافي وتؤدّي إلى التخلُّف الأقتصادي والاجتماعي ، والقرآن مخالف جدّاً للنوع الثاني ، بل ويُحاربه أيضاً.

ويُلاحظ في الروايات الإسلامية وجود إشارت غنيّة بشأن هذا المطلب ، كقول علي عليه السلام :

«لا يزال الناس بخير ما تفاوتوا فإذا استووا هلكوا» (2).

2- المشاكل هي من صنع الإنسان !

يُصاب الإنسان في حياته بمصائب كثيرة هي بالواقع من صنعه هو ، ولكن الكثير من الأفراد ولأجل تبرئة أنفسهم ، والتغاضي عن تقصيرهم ، واهمالهم اللذين ينتج عنهما حدوث المشاكل ، نراهم يحتسبونها على‏ قضاء اللَّه وقدره ، ويوجهون التقصير إلى المشيئة الإلهيّة ، وبعدها يشكّكون في عدالة اللَّه أحياناً ، في حين أنّنا لو دقّقنا جيّداً لوجدنا أنّ الكثير من الحوادث الأليمة ، والفشل ، والمصائب التي يعاني منها الناس ، هي بما كسبت أيديهم ، وأنّ الفرد أو المجتمع هو العامل الأصلي والمقصّر الحقيقي فيها ، مع أنّهم يُبرّئون أنفسهم ظاهرياً.

والمصائب التي تصيب الناس بسبب تعسّف الحكومات الظالمة والمستبدة ، هي من هذا القبيل عادةً ، لأنّ الظلمة والجبابرة افرادٌ معدودون ، وسكوت الناس حيال جرائمهم البشعة وتعاون بعض الناس معهم هو السبب الذي يكسبهم القدرة والقوّة للتسلُّط على‏ رقاب الناس ، وخلق المشاكل الكثيرة لهم.

والكثير من الأمراض مَنشأُها هوى النفس ، والكثير من الاحباط وحالات الفشل تنبع من ترك المطالعة والإستشارة المطلوبة ، وعاملها الأساسي أنانية واستبداد الإنسان برأيه.

وسبب الكثير من حالات الفشل التقاعس وترك الجهاد والسعي.

وكانت الفوضى دائماً سبب الفاقة والاختلاف ، والفرقة سبب المصيبة والبلاء.

والعجب هو أنّ كثيراً من الناس نَسُوا علاقة العلّة بالمعلول واحتسبوا جميع الأمور على‏ الخالق!

علاوةً على‏ هذا فإنّ من المصائب التي تلاحظ في المجتمعات البشريّة ناتجة من ظلمهم لبعضهم ، أو ظلم جماعةٍ لجماعةٍ اخرى ، فمثلًا إذا سمعنا بأنّ هنالك خمسين مليون انسان تقريباً في عصرنا الحاضر يموتون جوعاً ، أو بإصابة أكثر من هذا العدد بأنواع الأمراض بسبب سوء التغذية ، فإنّه لا يعني بأنّ سببه هو أنّ اللَّه قد حرمهم من لطفه ، بل سببه هو سوء استغلال جماعة اخرى من أبناء الدنيا للحرية الإلهيّة ، وقيامهم بغصب حقوق الآخرين.

فصار استعمار واستثمار هذه الجماعة.

إنّ الأمراض والموت الناشي‏ء من الجوع ، يحصل في الوقت الذي تلقي الكثير من الدول الثريّة- الغافلة عن ذكر اللَّه- كثيراً من المواد الغذائيّة في البحر ، أو يلقونها في المزابل ، ويُعانون من أنواع الأمراض الناشئة من الإفراط في الشبع.

وكذا إذا رأينا أنّ أطفالًا يُعانون من أمراضٍ أو نقص أعضاء معينة بسبب ذنوب آبائهم وأمهاتهم الذين أسرفوا في تناول المشروبات الكحولية أو سوء التغذية وما شاكل ذلك ، فهو ظُلمٌ صادرٌ من آباء أو أمهات هؤلاء الأطفال أو مسؤولي مجتمعهم بحقّهم ، وبالضبط كأن يأخُذ أبٌ خنجراً ويفقأ به عين طفله الرضيع ، أو كذبح الأطفال من قبل الجبابرة كفرعون مثلًا.

حينئذٍ لا يُمكن احتساب أي عملٍ من هذه الأعمال على‏ فعل اللَّه ، بل جميعها ممّا كسبت يد الإنسان ذاته ، والتي أعدّها الإنسان لنفسه أو للآخرين.

________________________
(1) تفسير مجمع البيان ، ج 9 ، ص 46؛ تفسير الميزان ، ج 18 ، ص 104؛ القرطبي ، ج 9 ، ص 5903 ؛ تفسير الكبير ، ج 27 ، ص 209؛ تفسير روح ‏المعاني ، ج 25 ، ص 72؛ تفسير المراغي ، ج 25 ، ص 85.
(2) منتهى الأمال ، ج 2 ، ص 229.




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .