المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8897 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



أحكام القبلة  
  
296   11:50 صباحاً   التاريخ: 2025-02-17
المؤلف : ابن ادريس الحلي
الكتاب أو المصدر : السرائر
الجزء والصفحة : ج 1 ص 204
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / المسائل الفقهية / الصلاة / مقدمات الصلاة(مسائل فقهية) / القبلة (مسائل فقهية) /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-02-11 1657
التاريخ: 10-10-2018 1491
التاريخ: 2025-01-08 435
التاريخ: 1-12-2016 1712

يجب على المصلّي أن يتوجه إلى الكعبة ، وتكون صلاته إليها بعينها ، إذا أمكنه ذلك ، فإن تعذر ، فإلى جهتها ، فإن لم يتمكن من الأمرين ، تحرّى جهتها ، وصلّى إلى ما يغلب على ظنّه ، بعد الاجتهاد أنّه جهة الكعبة ، وقد روي انّ الله تعالى جعل الكعبة قبلة لأهل المسجد ، وجعل المسجد قبلة لأهل الحرم ، وجعل الحرم قبلة لأهل الدنيا (1).

والحرم يكون عن يمين الكعبة أربعة أميال ، وعن يسارها ثمانية أميال ، فلهذا أمر كل من يتوجه إلى الركن العراقي من أهل العراق وغيرهم ، أن يتياسروا في بلادهم عن السمت الذي يتوجهون إليه قليلا ، ليكون ذلك أشد في الاستظهار والتحرز من الخروج عن جهة الحرم ، وهذه الرواية مذهب لبعض أصحابنا ، من جملتهم شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه‌ الله ، فإنّ هذا مذهبه في سائر كتبه.

والأول مذهب السيد المرتضى وغيره من أصحابنا ، وهو الذي يقوى في نفسي ، وبه افتي.

ومن أشكلت عليه جهة القبلة ليلا ، يجعل الكوكب المعروف بالجدي ( بفتح جيم ، مكبّر غير مصغر ، لأنّ بعض من عاصرناه من مشايخنا كان يصغره وهو خطأ ، ولقد سألت ابن العطار إمام اللغة ببغداد عن تصغيره فأنكر ذلك ، وقال : ما يصغّر ، واستشهد بالشعر على تكبيره ببيت لم أحفظه ، وقد أورد ابن قتيبة في كتابه الأنواء ببيت مهلهل:

كأنّ الجدي جدي بنات النعش                      يكبّ على اليدين فيستدير

وقال الأخطل وذكر بني سليم:

وما يلاقون قرّاصا إلى نسب                      حتى يلاقي جدي الفرقد القمر

وقال الأعشى:

فأما إذا ما أدلجت فترى لها                       رقيبين ، جديا ما يغيب وفرقدا)

على منكبه الأيمن وتوجّه.

فمن لم يتمكن من ذلك لغيم أو غيره ، وفقد سائر الأمارات والعلامات ، وتساوت في ظنه الجهات ، كان عليه أن يصلّي إلى أربع جهات يمينه ، وشماله ، وأمامه ، ووراءه ، تلك الصلاة بعينها ، وينوي لكل صلاة منها أداء فرضه ، ولا شي‌ء عليه غير ذلك.

فمن لم يتمكن من الصلاة إلى الجهات الأربع ، لمانع من ضيق وقت أو خوف ، صلّى إلى أيّ جهة شاء ، وليس يلزمه مع الضرورة غير ذلك.

فإن أخطأ القبلة ، وظهر له بعد صلاته ، أعاد في الوقت بغير خلاف ، فان كان قد خرج الوقت فلا اعادة عليه ، على الصحيح من المذهب ، لأنّ الإعادة فرض ثان ، يحتاج إلى دليل قاطع للعذر.

وقد روي انّه إن كان خطاؤه بأن استدبر القبلة ، أعاد على كل حال (2) ، والأول هو المعمول عليه ، ووافقنا فيما ذهبنا إليه مالك ، وقال أبو حنيفة وأصحابه : إنّ صلاته ماضية ، ولا اعادة عليه على كل حال.

وقال الشافعي في الجديد : انّ من أخطأ القبلة ، ثم تبيّن له خطأه ، لزمه الإعادة على كل حال ، وقوله في القديم مثل قول أبي حنيفة.

دليلنا على صحة ما ذهبنا إليه بعد الإجماع ، قوله تعالى : (وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) (3) فأوجب التوجه على كل مصلّ ، إلى شطر البيت ، فإذا لم يفعل ذلك ، كان الأمر عليه باقيا ، فيلزمه الإعادة.

فإن قيل : الآية تقتضي وجوب التوجه على كل مصلّ ، وليس فيها دلالة على انّه إذا لم يفعل لزمته الإعادة؟

قلنا : لم نحتج بالآية على وجوب القضاء وانّما بيّنا بالآية وجوب التوجه على كل مصلّ ، فإذا لم يأت بالمأمور به ، فهو باق في ذمته ، فيلزمه فعله.

وليس لأحد أن يقول : هذه الآية انما يصح أن يحتج بها الشافعي ، لأنّه يوجب الإعادة على كل حال ، في الوقت وبعد خروج الوقت ، وأنتم تفصّلون بين الأمرين فظاهر الآية يقتضي أن لا فصل بينهما ، فلا دليل لكم على مذهبكم في الآية.

قلنا : إنّما أمر الله تعالى كل مصلّ للظهر مثلا بالتوجه إلى شطر البيت ، ما دام في الوقت ، ولم يأمره بالتوجه بعد خروج الوقت ، لأنّه إنّما يأمر بأداء الصلاة ، لا بقضائها ، والأداء ما كان في الوقت ، والقضاء ما خرج عن الوقت ، فهو إذا تحرّى القبلة وصلّى إلى جهة ، ثم تبيّن له الخطأ ، وتيقن انّه صلّى إلى غير القبلة ، وهو في الوقت ، لم يخرج عنه ، فحكم الأمر باق عليه ، ووجوب الصلاة متوجها إلى القبلة باق في ذمّته ، وما فعله غير مأمور به ، ولا يسقط عنه الفرض ، فيجب أن يصلي ما دام الوقت وقت الصلاة ، المأمور بها وهي التي تكون إلى جهة الكعبة ، لأنّه قادر عليها ، وهو متمكن منها ، وبعد خروج الوقت ، لا يقدر على فعل المأمور به بعينه ، لأنّه قد فات بخروج الوقت ، والقضاء في الموضع الذي يجب فيه ، انّما نعلمه بدليل غير دليل وجوب الأداء هكذا يقتضي أصول الفقه عند محققي هذا الشأن.

وليس لأحد أن يقول : انّ المصلّي في حال الاشتباه القبلة عليه ، لا يقدر على التوجه إلى القبلة ، فالآية مصروفة إلى من يقدر على ذلك ، لأنّ هذا القول تخصيص لعموم الآية بغير دليل ، ولأنّه إذا تبيّن له الخطأ في الوقت ، فقد زال الاشتباه ، فيجب أن تكون الآية متناولة له ، ويجب أن يفعل الصلاة إلى جهة القبلة.

فإن تعلّقوا بما روي عن النبي صلى‌ الله‌ عليه ‌وآله ، انه قال : رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه (4).

فالجواب عن ذلك ، إنّا نقول : انّ خطأه مرفوع ، وانّه غير مؤاخذ به ، وانّما يجب عليه الصلاة ، بالأمر الأوّل ، لأنّه لم يأت بالمأمور به.

فإن تعلّقوا بما روي من ان قوما أشكلت عليهم القبلة ، لظلمة عرضت ، فصلّى بعضهم إلى جهة ، وبعضهم إلى غيرها ، وعلّموا ذلك ، فلمّا أصبحوا رأوا تلك الخطوط إلى غير القبلة ، ولما قدموا من سفرهم ، سألوا النبي صلى‌ الله‌ عليه ‌وآله عن ذلك ، فسكت ، فنزل قوله تعالى: (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) (5) فقال النبيّ صلى‌ الله‌ عليه ‌وآله أجزأتكم صلاتكم (6).

والجواب عن ذلك: انما نحمل هذا الخبر ، على انّهم سألوه عن ذلك بعد خروج الوقت ، وهذا صريح في الخبر ، لأنّه كان سؤالهم بعد قدومهم من السّفر ، فلم يأمرهم صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله بالإعادة ، لأنّ الإعادة على مذهبنا لا تلزم بعد خروج الوقت.

وهذه الأدلة أوردها السيد المرتضى رحمه ‌الله على المخالفين محتجا بها عليهم ، ونعم ما أورد ، ففيه الحجة وطريق المحجة.

ولا تجزي الصلاة في حال الاختيار ، إلا مع التوجه إلى القبلة ، إلا النافلة في السفر فقد يجوز أن يصليها على الراحلة ، أينما توجهت ، بعد أن يكبّر مستقبلا للقبلة تكبيرة الإحرام.

وقد يجزي في حال الاضطرار ، صلاة الفرض والنفل إلى غير جهة القبلة ، كصلاة المسايف ، والمعانق ، في حال التحام الحرب ، وما أشبه ذلك من أحوال العذر ، وهذا بيّن عند ذكر صلاة المعذور بمشية الله تعالى.

ومن جملة أمارات القبلة ، وعلاماتها ، أنّه إذا راعى زوال الشمس ، ثم استقبل عين الشمس ، بلا تأخير ، فإذا رآها على طرف حاجبه الأيمن ، ممّا يلي جبهته في حال الزوال ، علم انّه مستقبل القبلة ، وإن كان عند طلوع الفجر ، جعل الضوء المعترض في أفق السماء في زمان الاعتدال ، على يده اليسرى ، ويستقبل القبلة ، وإن كان عند غروبها ، جعل الشفق الذي في جهة المغرب ، على يده اليمنى ، وهذه العلامات ، علامات لمن توجه إلى الركن العراقي ، من أهل العراق ، وخراسان ، وفارس ، وخوزستان ، ومن والاهم ، فأمّا غير هذه البلدان ، فلهم علامات غير هذه العلامات.

___________________

(1) الوسائل : الباب 3 من أبواب القبلة ، ح 1 .

(2) الوسائل : الباب ، 11 من أبواب القبلة ، ح 10 .

(3) البقرة : 144.

(4) الوسائل : الباب 37 من أبواب قواطع الصلاة ، ح 2 .
(5) البقرة : 115.
(6)
الوسائل : كتاب الصلاة ، باب 30 من أبواب الخلل ، ح 2 ، مع اختلاف يسير في العبارة.




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.