المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الأخلاق والأدعية والزيارات
عدد المواضيع في هذا القسم 6471 موضوعاً
الفضائل
آداب
الرذائل وعلاجاتها
قصص أخلاقية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
العقوبات الفرعية لجريمة نهب الاموال
2025-02-05
المعنى اللغوي لجريمة نهب الأموال
2025-02-05
سيتي الأول
2025-02-05
رعمسيس الأول
2025-02-05
حور محب
2025-02-05
(أمنحتب الرابع-أخناتون) (1370–1352ق.م.)
2025-02-05

Sclerosis
5-1-2020
Ramsey,s Theorem
18-5-2022
القواعد اوالقلويات
5-4-2018
دعهم يواصلوا حياتهم بمفردهم
11-4-2017
المكونات التركيبية والوظيفية للفايروسات
13-8-2017
صفات الله تعالى نفسية
24-10-2014


النميمة وإصلاح ذات البين في القرآن  
  
39   01:24 صباحاً   التاريخ: 2025-02-05
المؤلف : الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الكتاب أو المصدر : الأخلاق في القرآن
الجزء والصفحة : ج3/ ص259-267
القسم : الأخلاق والأدعية والزيارات / الرذائل وعلاجاتها / الغيبة و النميمة والبهتان والسباب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-9-2016 1581
التاريخ: 29-9-2016 1676
التاريخ: 29-9-2016 1931
التاريخ: 19/12/2022 1582

إنّ النميمة كلّما تكرّرت في سلوك الفرد فإنّ من شأنها أن تكون خلقاً وملكة وسجيّة في هذا الإنسان ، ومن رذائله الأخلاقية القبيحة ، وقد وردت في الآيات الكريمة والروايات الإسلامية إشارات كثيرة إلى هذه الرذيلة الأخلاقية على مستوى ذمّها وتقبيح المرتكب لها ، وعلى العكس من ذلك فقد ورد المدح الكثير لعملية إصلاح ذات البين.

وبهذه الإشارة نعود إلى القرآن الكريم لنستوحي من آياته ما يتعلق بهاتين الصفتين الأخلاقيتين ثمّ نستعرض كل واحدة منهما من موقع الدوافع والنتائج والآثار الإيجابية والسلبية وطرق علاج صفة النميمة وكذلك تقوية ضدّها وهي إصلاح ذات البين :

1 ـ (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ)([2]).

2 ـ (وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ* هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ* مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ* عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ)([3]).

3 ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ)([4]).

4 ـ (مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْها وَمَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْها وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً)([5]).

5 ـ (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)([6]).

6 ـ (وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)([7]).

7 ـ (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً). ([8])

8 ـ (... إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ)([9]).

تفسير واستنتاج :

«الآية الاولى» : تحذّر الأشخاص الذين يتحرّكون في تعاملهم مع الآخرين من موقع السخرية والاستهزاء : (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ).

أمّا تفسير (همزة) و (لمزة) والفرق بينهما هناك كلام كثير بين المفسّرين وقد تحدثنا عنه في التفسير الأمثل ذيل الآية الشريفة ، والمهم هو أنّه على أحد التفاسير فإنّ المراد من الآية أعلاه هو الإشارة إلى الأشخاص الذين يتحرّكون على مستوى النميمة بين الأفراد ، وقد سئل ابن عباس عن المقصود من هذه الآية ، ومن هم هؤلاء الذين يهدّدهم الله تعالى بالويل ، فقال : ابن عباس : «هُم المَشاؤونَ بِالنَّمِيمَةِ المَفَرِّقُونَ بَينَ الأَحِبَّةِ النَّاعِتُونَ لِلنّاسِ بِالعَيبِ».

ويذكر المرحوم الطبرسي في (مجمع البيان) هذا المعنى بعنوان أول تفسير له لهذه الآية ، والفخر الرازي يذكره بعنوان التفسير التاسع والأخير لهذه الآية ، ونظراً للمفهوم الواسع الذي يدخل في مضمون (همزة ولمزة) فإنّ كل أشكال الغيبة والنميمة والسخرية تندرج تحت مفهوم هذه الآية ، وهنا نرى أنّ الله تعالى قد وعد هؤلاء الأشخاص بالعقاب الشديد وهو (الحطمة) وهي النار التي سعّرها الله تعالى في قلوب هؤلاء بحيث تندلع من قلوبهم لتستوعب كل وجودهم.

ويستفاد من هذه الآية أنّ نار الآخرة بخلاف نار الدنيا ، فإنّها تنبع من داخل النفس وأعماق القلب ثم تسري إلى الظاهر ، ولعلّ ذلك بسبب أنّ الرذائل الأخلاقية والأعمال القبيحة تنبع من ذات الإنسان وأعماقه ثم تظهر على السطح على شكل ممارسة عملية في الواقع الخارجي.

«الآية الثانية» : تخاطب النبي الأكرم (صلى ‌الله ‌عليه‌ وآله) وتنهاه عن إطاعة هؤلاء النمّامين بعد عدّة أقسام وتقول : (وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ* هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ)

وتبعاً لهذه الصفات الأخلاقية القبيحة تضيف الآيات التالية صفات اخرى من قبيل المنع من عمل الخير ، العدوان ، الحقد ، الخشونة ، الكفر بآيات الله تعالى ، ثم تقول : (سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ) وهكذا سيفتضح أمره في الدنيا والآخرة.

أمّا ذكر النميمة في تسلسل الرذائل المهمّة الاخرى وكذلك الكفر بآيات الله تعالى يدل على قبح هذه الخصلة الشنيعة في سلوك الإنسان.

وعبارة «مشّاءِ بنميم» جاءت بصيغة المبالغة ، وهي إشارة إلى الأشخاص الذين يتحرّكون دائماً بين الناس بالنميمة ويثيرون العداوة والبغضاء فيما بينهم ، وهذا بحدّ ذاته يعدّ من أهم الذنوب الكبيرة.

(حلّاف) يطلق على الشخص الذي يحلف ويقسم بالله كثيراً ، وعادة فمثل هؤلاء الأشخاص لا يعتمد الناس عليهم ولا هم يعتمدون على أنفسهم ، ووصفهم بكلمة (مهين) أيضاً شاهد آخر على هذا المعنى ، ولهذا فإنّهم وبدافع من شعورهم بالحقارة والذلة يعيبون على الآخرين ويمشون بينهم بالنميمة والفساد وكأنّهم يتألمون ممّا يرون من المحبّة والالفة والتكاتف بين الناس ويريدون ايقاع العداوة والحقد بين الأشخاص كما هو حالهم في أنظار الناس حيث ينظر الناس إليهم نظرة الحقارة والازدراء.

«الآية الثالثة» : وطبقاً لسبب نزولها المعروف تتحدّث عن (الوليد بن عقبة) الذي أرسله رسول الله (صلى ‌الله ‌عليه‌ وآله) لجمع الزكاة من قبيلة (بني المصطلق) : إنّ رسول الله (صلى ‌الله ‌عليه‌ وآله) بعث إليهم بعد إسلامهم الوليد بن عقبة بن أبي معيط ، فلما سمعوا به ركبوا إليه ، فلما سمع بهم هابهم فرجع إلى رسول الله (صلى ‌الله ‌عليه‌ وآله) فأخبره أنّ القوم قد همّوا بقتله ومنعوه ما قبلهم من صدقتهم فأكثر المسلمون في ذكر غزوهم حتّى همّ رسول الله (صلى ‌الله ‌عليه‌ وآله) بأن يغزوهم ، فبينما هم على ذلك قدِم وفدهم على رسول الله (صلى ‌الله ‌عليه‌ وآله) فقالوا : «يا رسول الله سمعنا برسولك حين بعثته إلينا فخرجنا إليه لنكرمه ونؤدي إليه ما قبلنا من الصدقة فانشمر راجعاً فبلغنا أنّه زعم لرسول الله (صلى ‌الله ‌عليه‌ وآله) أنا خرجنا إليه لنقتله وو الله ما جئنا لذلك ، فأنزل الله تعالى فيه وفيهم : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ)([10]).

فبعث رسول الله (صلى ‌الله ‌عليه‌ وآله) خالد بن الوليد وأمره أن يتثبّت ولا يعجل ، فانطلق خالد حتّى أتاهم ليلاً ، فبعث عيونه ، فلما جاؤوا أخبروا خالداً أنّهم متمسكون بالإسلام ، وسمعوا أذانهم وصلاتهم ، فلما أصبحوا أتاهم خالد ورأى صحة ما ذكروه ، فعاد إلى نبي الله (صلى ‌الله ‌عليه‌ وآله) فأخبره ، فنزلت هذه الآية ، فكان يقول نبي الله (صلى ‌الله ‌عليه‌ وآله) : «التَّأَنِي مِنَ اللهِ وَالعَجَلَةُ مِنَ الشّيطانِ» ([11]).

وطبقاً لحديث شريف عن الإمام الصادق (عليه‌ السلام) فإنّ الآية محل البحث تشير إلى النمّام ([12]).

ومن هنا يتّضح أنّ النميمة تشمل الكذب أيضاً.

«الآية الرابعة» : من الآيات محل البحث أوردها بعض العلماء كالعلّامة المجلسي في بحث النميمة وقال : إنّ من يشفع شفاعة سيئة الوارد في هذه الآية (وَمَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْها) له مفهوم واسع ويشمل النميمة أيضاً لأنّها شفاعة سوء بالحقيقة ، بل هي أسوأ حيث يشعل النّمام نار العداوة بين الرجلين من المسلمين فيتحرّكوا فيما بينهما من موقع سوء الظن والحقد والكراهية ، ولذلك ورد في الحديث النبوي الشريف قال رسول الله (صلى ‌الله ‌عليه‌ وآله) : «مَنْ أَمَرَ بِسُوءٍ أَو دَلَّ عَلَيهِ أَو أَشارَ فَهوَ شَرِيكٌ».

«الآية الخامسة» : تتحدّث عن إصلاح ذات البين والذي يقع في النقطة المقابلة للنميمة وإفساد ذات البين ، وتقول : (فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ).

وقد ورد في سبب نزول هذه الآية أنّها نزلت بعد غزوة بدر حيث حدثت بين رجلين من الأنصار مشاجرة لفظية على الغنائم الحربية ، وصرّحت الآية بأنّ الغنائم الحربية أمرها بيد النبي (صلى ‌الله ‌عليه‌ وآله) وعليكم أن تسعوا لإصلاح ذات البين وإزالة الفرقة والاختلاف بين المسلمين.

«الآية السادسة» : تشير إلى الذين يجعلون الله عرضة لأيمانهم في تقواهم واصلاح ذات البين : (وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).

وقد ورد في تفسير هذه الآية رأيان :

الأول : أنّ هذه الآية ناظرة إلى الأشخاص الذين تتملكهم الحدّة أحياناً فيقولون : سوف لا نفعل الخير أبداً لفلان وفلان ، أو لا نتحرّك لغرض الإصلاح فيما بينهم ، فنزلت الآية الشريفة وقالت إنّ هذه الإيمان باطلة فلا شيء يمكنه أن يمنع عمل الخير والإصلاح بين الناس (وقد ذكر لهذه الآية سبب لنزولها يؤيّد هذه الرؤية حيث ذكر أنّه حصل اختلاف بين زوجين أحدهما بنت أحد الصحابة ويدعى (عبد الله بن رواحة) وقد حلف هذا الصحابي أن لا يقدم على إصلاح ما بينهما من الخلاف والنزاع ، ونزلت الآية وأكّدت على بطلان مثل هذا القسم).

الثاني : هو أنّ هذه الآية تنهى عن القسم لغرض أعمال الخير والتقوى والإصلاح بين الناس ، لأنّ رجحان مثل هذه الأعمال وفضلها إلى درجة من الوضوح بحيث لا يحتاج إلى القسم.

وعلى أيّة حال فانّ أهميّة إصلاح ذات البين يتّضح من هذه الآية جيداً وخاصة أنّها ذكرت هذه الفضيلة إلى جانب أعمال الخير والتقوى والبر.

تتحرك «الآية السابعة» : من موقع الحديث عن النجوى بين الأشخاص والذي قد يتسبب أحياناً في أذى الآخرين وسوء ظنّهم ، وأحياناً يوفّر الأرضية المساعدة لتنفيذ خدع الشيطان ولذلك تقول الآية : (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ).

ولكنّها تضيف مباشرة هذا الاستثناء : (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً).

إنّ استثناء مسألة إصلاح ذات البين من الذم للنجوى من جهة ، وجعل الإصلاح إلى جانب الصدقة والمعروف من جهة اخرى ، وكذلك بالوعد بالثواب العظيم عليه من جهة ثالثة كلّها شاهد على أهمية هذا الفعل والسلوك الإنساني.

أمّا ما الفرق بين الصدقة والمعروف؟ فقد ذهب البعض إلى أنّ الصدقة تعني المعونة المالية بلا عوض ، والمعروف هو القرض الحسن ، وذهب بعض آخر إلى أنّ المعروف له مفهوم عام يشمل جميع أفعال الخير (وعليه تكون النسبة بين الصدقة والمعروف نسبة العموم والخصوص المطلق).

وجاء في الحديث الشريف عن النبي الأكرم (صلى ‌الله ‌عليه‌ وآله) أنّ أحد أفضل الصدقات التي يحبّها الله ورسوله (صلى ‌الله ‌عليه‌ وآله) هو (إصلاح ذات البين) ويقول : «ألا أَدُلُّكَ عِلى صَدقَةٍ يُحبُّها اللهُ وَرَسُولُهُ؟ تُصلِحْ بَينَ النّاسِ إِذا تَفاسَدُوا وَتَقَرِّبْ بَينَهُم إِذا تَباعَدُوا» ([13]).

وعليه فإنّ إصلاح ذات البين ذكر بشكل مستقل تارةً ، واخرى بعنوانه أحد المصاديق البارزة للصدقة والمعروف ، وبتعبير آخر أنّ إصلاح ذات البين هو المصداق الكامل للمعروف والصدقة في هذا المورد.

وجاءت «الآية الثامنة» : والأخيرة من الآيات محلّ البحث لتتحدّث عن منهج أحد الأنبياء العظام باسم (شعيب (عليه‌ السلام)) حيث يبيّن للناس هدفه «... إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ» ، وهذا الهدف يشترك فيه جميع الأنبياء الإلهيين على مستوى إصلاح العقيدة ، إصلاح الأخلاق ، إصلاح العمل ، وإصلاح الروابط الاجتماعية بين أفراد المجتمع.

وذهب بعض المفسّرين في تفسير كلمة الإصلاح أنّ مفهومها هو أَنني اريد إصلاح دنياكم بالعدالة وآخرتكم بالعبادة ، ولكن من الواضح أنّ الإصلاح له مفهوم واسع يستوعب العدالة وغيرها أيضاً.

ثمّ إنّ الآية الشريفة تذكر أنّ النبي شعيب (عليه‌ السلام) ولغرض التوفيق في هذا الأمر المهم ، أي إصلاح دين ودنيا الناس في جميع الموارد يطلب من الله تعالى التوفيق لذلك يقول : «وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ».

واللطيف أنّ النبي شعيب (عليه‌ السلام) قال هذا الكلام في حين أنّ قومه كانوا قد غرقوا في دوامة الفساد المالي والأخلاقي ، بحيث كانوا يعدّون نهي شعيب إيّاهم عن عبادة الأصنام والتطفيف في الميزان والفساد المالي مخالف لحريتهم ويقولون : نحن نتعجّب منك ومن عقلك أنّك تريد أن تقف أمام حرّيتنا على مستوى الفكر والعمل ، وكأنّهم مثلما نجده من بعض الناس في هذا الزمان الذين لا يدركون جيداً المفهوم الصحيح للحرّية ولا يعلمون أولا يريدون أن يعلموا أنّ الحرية التي يفتخر بها الإنسان لا بدّ وأن تكون مؤطّرة بإطار القيم الأخلاقية والمثل الإنسانية وإلّا فإنّ مصير الناس إلى الضلال والانحراف والسقوط ، وبذلك أجابهم النبي شعيب (عليه‌ السلام) أنّ هدفي هو الإصلاح بالمعنى الواقعي للكلمة لا الاستسلام لأهوائكم وطموحاتكم الدنيوية.

والملفت للنظر أنّ قوم شعيب وصفوا نبيّهم بأنّه إنسان عاقل ورشيد (إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ) ، ولكنّهم بمجرد أن رأوا هذا النبي يقف أمام مطامحهم ويتصدّى لإصلاح فسادهم المالي والعقائدي ، فإنّهم برزوا له بالمخالفة والعناد.

ومن مجموع الآيات أعلاه تتّضح نقطتين مهمّتين :

الاولى : هي أنّ النميمة والسعي لإيجاد الاختلاف بين الناس يعدّ من أكبر الذنوب وأقبح الصفات الأخلاقية الرذيلة.

الثانية : أنّ الإصلاح بين الناس يعدّ أحد الوظائف المهمّة الإلهية والإنسانية والتي لا يمكن إهمالها والتغاضي عنها بأي دليل.


[1] تفسير منهج الصادقين ، ج 8 ، ص 417.

[2] سورة الهمزة ، الآية 1.

[3] سورة القلم ، الآية 10 ـ 13.

[4] سورة الحجرات ، الآية 6.

[5] سورة النساء ، الآية 85.

[6] سورة الانفال ، الآية 1.

[7] سورة البقرة ، الآية 224.

[8] سورة النساء ، الآية 114.

[9] سورة هود ، الآية 88.

[10] سيرة ابن هشام ، ج 3 ، ص 308.

[11] تفسير القرطبي ، ج 9 ، ص 6131.

[12] مستدرك سفينة البحار ، ج 10 ، ص 152.

[13] تفسير القرطبي ، ج 3 ، ص 1955.




جمع فضيلة والفضيلة امر حسن استحسنه العقل السليم على نظر الشارع المقدس من الدين والخلق ، فالفضائل هي كل درجة او مقام في الدين او الخلق او السلوك العلمي او العملي اتصف به صاحبها .
فالتحلي بالفضائل يعتبر سمة من سمات المؤمنين الموقنين الذين يسعون الى الكمال في الحياة الدنيا ليكونوا من الذين رضي الله عنهم ، فالتحلي بفضائل الاخلاق أمراً ميسورا للكثير من المؤمنين الذين يدأبون على ترويض انفسهم وابعادها عن مواطن الشبهة والرذيلة .
وكثيرة هي الفضائل منها: الصبر والشجاعة والعفة و الكرم والجود والعفو و الشكر و الورع وحسن الخلق و بر الوالدين و صلة الرحم و حسن الظن و الطهارة و الضيافةو الزهد وغيرها الكثير من الفضائل الموصلة الى جنان الله تعالى ورضوانه.





تعني الخصال الذميمة وهي تقابل الفضائل وهي عبارة عن هيأة نفسانية تصدر عنها الافعال القبيحة في سهولة ويسر وقيل هي ميل مكتسب من تكرار افعال يأباها القانون الاخلاقي والضمير فهي عادة فعل الشيء او هي عادة سيئة تميل للجبن والتردد والافراط والكذب والشح .
فيجب الابتعاد و التخلي عنها لما تحمله من مساوئ وآهات تودي بحاملها الى الابتعاد عن الله تعالى كما ان المتصف بها يخرج من دائرة الرحمة الالهية ويدخل الى دائرة الغفلة الشيطانية. والرذائل كثيرة منها : البخل و الحسد والرياء و الغيبة و النميمة والجبن و الجهل و الطمع و الشره و القسوة و الكبر و الكذب و السباب و الشماتة , وغيرها الكثير من الرذائل التي نهى الشارع المقدس عنها وذم المتصف بها .






هي ما تأخذ بها نفسك من محمود الخصال وحميد الفعال ، وهي حفظ الإنسان وضبط أعضائه وجوارحه وأقواله وأفعاله عن جميع انواع الخطأ والسوء وهي ملكة تعصم عما يُشين ، ورياضة النفس بالتعليم والتهذيب على ما ينبغي واستعمال ما يحمد قولاً وفعلاً والأخذ بمكارم الاخلاق والوقوف مع المستحسنات وحقيقة الأدب استعمال الخُلق الجميل ولهذا كان الأدب استخراجًا لما في الطبيعة من الكمال من القول إلى الفعل وقيل : هو عبارة عن معرفة ما يحترز به عن جميع أنواع الخطأ.
وورد عن ابن مسعود قوله : إنَّ هذا القرآن مأدبة الله تعالى ؛ فتعلموا من مأدبته ، فالقرآن هو منبع الفضائل والآداب المحمودة.