أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-03-27
675
التاريخ: 2024-02-24
928
التاريخ: 2024-11-13
90
التاريخ: 2023-12-21
1333
|
كانت انجلترا مملكة، وراثية، ولكنها لم تكن ملكية مطلقة مثل فرنسا، والتي كانت رغبات ملوكها تعتبر قوانين، ذلك ان العهد الاعظم الذي كان قد مضي عليه ثلاثة قرون ونصف قرن، كان يجعل ممثلي البلاد يشتركون في حكمها مع الملك، وذلك بمجلس اللوردات والعموم. وكان على هذا البرلمان ان يجتمع مرة في كل عام، وكان الملك يحتاج الي معونته في شئون التشريع وفي شئون فرض الضرائب، او (المعونات)، كما كانوا يسمونها. ولم يكن من حق الحكومة جمع الضرائب دون ان يقرها البرلمان. واخيرا فقد كان من حق البرلمان ان
يعرف الملك بمشاعر الاهالي تجاه نظام الحكم، والادارة، وحتى الشئون الخارجية. وهكذا كانت للملكية، حقوق وكان للشعب كذلك حقوق وكانت تصرفات الملوك، وبخاصة هنري الثامن، اثناء القرن السادس عشر، قد جازت على حقوق الشعب، ولكن ازدياد الثروة في عهد اليزابيث جعلت البورجوازية التي كونت هذه الثروة بمجهودها أكثر رغبة في المشاركة في ادارة شئون البلاد، وبشكل يعيطهم ضمانات ضد الاستبداد الملكي.
اما الحالة الدينية فكانت أكثر تعقيدا. ونتج ذلك عن وجود حركتين للإصلاح الديني، الاولي انجليكانية، بتوجيه من هنري الثامن واليزابيث، والثانية برسبتارية او بيوريتانية متأثرة بتجربة اسكتلندا وبالاتجاه الكلفني. وكانت الكاثوليكية لاتزال موجودة، علاوة على اتجاه رابع، هو اتجاه المستقلين والذين كانوا يرغبون في الوصول الي اصلاح أعمق.
ورغم هذه الوضعية السياسية والحالة الدينية فان ملوك اسرة ستيوارت قد عملوا طوال القرن السابع عشر على القضاء على حقوق الشعب، وحكم البلاد بدون برلمان وفرض وجمع الضرائب كما يحلوا لهم، وتوجيه السياسة الخارجية حسب ما يرون، كما صمموا على نشر المذهب الانجليكاني والاحتفاظ بسلطة رجال الدين الذين كانوا يعينونهم، وبشكل يجعلهم يحتفظون بسلـطـة عينيـة على رعاياهم، ويكونهم بابوات، بالفعل، في نفس الوقت الذي كانوا فيه ملوكا.
وحين توفيت اليزابيث، اخر ملوك اسرة تيودور، انتقل التاج، في سنة 1603، الي جيمس السادس ابن ماري ستيوارت ابنة عمها التي كانت قد اعدمتها. وكان ملكا على اسكتلندا، وأصبح ملكا على انجلترا باسم جيمس الاول، وأصبح اول ملوك اسرة ستيوارت في وانجلترا. وهكذا أصبح تاجي وانجلترا واسكتلندا علي راس ملك واحد، وان كانت كل دولة منهما قد احتفظت بكيانها وشخصيتها. وكان له من العمر 37 سنة وكان يؤمن بان الملوك يحصلون على سلطاتهم عن الله، والذي لا يعطا لغيرهم، وبشكل يجعلها سلطة مطلقة. ورغم كونه ابنا لكاثوليك، الا انه تربي تربية برستارية او بيوريتانية، ثم أصبح متشددا للمذهب الانجليكاني، ومعادي لكل من الكاثوليك والبيوريتان. وقضي، في اولى سنوات حكمه، على ستة الاف من الكاثوليك، وكان ذلك سببا في مؤامرة البارود التي وضع المتآمرون فيها براميل بارود بأكملها في البرلمان لنسف الملك مع كل من يوجد هناك سنة 1605. حقيقة ان امر هذه المؤامرة قد كشف، ولكن جيمس الاول ظل مكروها طوال حياته، ومن ناحية اخرى ظل الكاثوليك موضوعين خارج القانون في انجلترا لمدة قرنين، حتي سنة 1829، ومحرومين امن تولي المناصب. ورغم ان اضطهاده للبيوريتان كان اقل من اضطهاده للكاثوليك، الا انه اضطهدهم رغم تربيته على ايديهم، وهدد بطردهم من المملكة. ولقد هاجر الكثير منهم في عهده، عبر المحيط الاطلسي، حيث انشئوا مستعمرات عديدة على الساحل الشرقي لأمريكا الشمالية. وهكذا نتج هذا الاضطهاد الديني ازدياد القوة الخارجية لإنجلترا، التي ستشارك مستعمراتها الاولى عبر المحيط الاطلسي في انشاء الولايات المتحدة الامريكية، فيما بعد.
وعلاوة على ذلك الاتجاه الديني، جاء موقف جيمس الاول تجاه البرلمان لكي يزيد السخط عليه. وكان يعتبر ان حقوق النواب منحة من جانب الملك، وكان يكثر من حل البرلمان ويهمل انعقاده حتى انه لم يجتمع لفترة سبع سنوات متتالية (1614-1621). ولكنه لم يحاول فرض الضرائب بدون موافقة من البرلمان، الامر الذي أعجزه عن العمل في الخارج، وبشكل جعل حكومته تظهر بمظهر الضعف، وخاصة بعد عهد اليزابيث. وجاءت مشروعات زواج ولي العهد من اميرة كاثوليكية واسبانية، اخت ماري النمسوية ملكة فرنسا، ثم زواجه بعد ذلك من اميرة اخرى كاثوليكية كذلك، هي هنريت الفرنسية، اخت لويس الثالث عشر، لكي تقضي على البقية الباقية من حب الشعب له، وتؤدي الي حرص النواب وممثلي الشعب على المحافظة على حقوق الشعب، تجاهه.
وتولي بعده شارل الاول، وكان له من العمر 25 سنة، وكانت له نظريات والده في الحكم المطلق، ولم يعتبر نفسه مرتبط باي تعهدات بأخذها حيال الشعب والبرلمان وسرعان ما كرهه الشعب، فبعد ان تزوج بهنريت الفرنسية، احتفظ الي جواره بدوق بكنجهام، صاحب الثروة الضخمة المبذر، وصاحب الذمة الخربة. وواصل عمليات اضطهاد البيوريتان، واهمال البرلمان، رغم عمله على فرض (قروض) اجبارية. وحاول ان يكسب رضاه الشعب عن طريق اعلان الحرب على فرنسا ومعاونة البروتستانت الفرنسيين في لاروشيل، ولكن اسطوله، هزم وجمع البرلمان وطلب منه ضرائب جديدة، ورفض النواب الموافقة على دفع (معونات) الا بعد تقديم التماس بحقوقهم، يذكر الملك بالماجنا كارتا، العهد الاعظم، ولكن الملك قام في العام التالي (1629) بحل البرلمان، وحاول ان يمارس السلطة المطلقة.
ولقد استمرت تجربة الحكم المطلق لمدة إحدى عشر سنة، لم يجتمع خلالها البرلمان وعمل الملك ومعاونوه على ادخال كل الانجليز في المذهب الانجليكاني. كما عملوا علي فرض ضرائب تعسفية. وانشئوا احتكارت على معظم السلع الضرورية، واستخدموا محاكم استثنائية لعمليات المقاومة السياسية والدينية، وكانت احكامها قاسية ومهينة. وأدى كل ذلك الي زيادة الهجرة الي امريكا. وكانت هناك ضريبة تدفع في الموانئ على السفن اثناء فترة الحرب، وعمل شارل الاول علي جمعها بصورة مستمرة، حتى يساعده ذلك على انشاء جيش، فنقض شروط العهد الأعظم.
ونشبت الثورة في اسكتلندا، نتيجة لمحاولة اجبارها. وهي برسبتارية او بيوريتانية، على اعتناق المذهب الانجليكاني، ووضعوا ميثاقا في سنة 1637، ثم كونوا جيشا في العام التالي وبدأوا في غزو شمال وانجلترا. ورغم ان توحيد كل من اسكتلندا وانجلترا كان علي راس الملك، الذي كان يحمل تاجيهما، الا ان شارل الاول كان يحكمهما بنفس اعوانه. وفوجئ المك بهذه الثورة وهذا الهجوم، ولم يكن لديه جيش، ولا اموال ينفق منها على جيش، فاضطر الي عقد البرلمان، بعد عامين من التردد، سنة 1640. وقبل مناقشة (المعونة) أصر النواب على طلب تنفيذ شكاوي الامة، وتنفيذ التعهدات التي كان الملك قد قطعها على نفسه. فحل الملك البرلمان، القصير الاجل، بعد ثلاثة اسابيع. وإذا كان اعوان الملك قد تمكنوا من جمع جيش بسرعة، الا انه هزم امام الأسكتلنديين، مما اجبر الملك على جمع البرلمان من جديد، وهو البرلمان الطويل المدى.
ولقد استمر اجتماع هذا البرلمان ثلاثة عشر سنة (1640 - 1653)، وكان مصمما على انهاء ممارسة الملك للسلطة الاستبدادية، وعلى ادخال بعض التعديلات في نظام الكنيسة الانجليكانية، في صالح البيوريتان. وكان هذا البرلمان تحت تأثير بيم، الذي دفع به صوب الثورة وتمكن هذا البرلمان من محاكمة ستافورد
الساعد الايمن للملك، ومن اعدامه سنة 1641، دون ان يتمكن الملك من انقاذه، كما القوا القبض علي لود الوزير كذلك، وسيتم اعدامه بعد اربعة اعوام، وبعد توجيهه هذه الضربة للوزراء، عمل اعضاء مجلس العموم علي الاحتراس من الملك، واعلنوا انه لا يمكن فض اجتماع مجلسهم الا بناء عن رغبتهم وتلي ذلك نشوب ثورة في ايرلندا، المضطهدة، حيث قتل الاف من البرتستانت وعزا البرلمان نشوب هذه الثورة الي توجيهات من الملك، وقدم له اعلانا بكل ما قام به من مساوئ وقرر انه لا يمكن جمع اي جيش بدون موافقة البرلمان من الضروري استشارتهم قبل تعيين الضباط. ولقد حاول الملك شارل ان يقوم بانقلاب، فذهب الي البرلمان لكي يقتض على بيم، وبقية الزعماء المعارضين للسلطة المطلقة، ولكنه وصل متأخرا. وهاج الراي العام في لندن ضد الملك، الذي اضطر الي ترك العاصمة.
|
|
للحفاظ على صحة العين.. تناول هذا النوع من المكسرات
|
|
|
|
|
COP29.. رئيس الإمارات يؤكد أهمية تسريع العمل المناخي
|
|
|
|
|
الامين العام للعتبة الحسينية يؤكد على هيئة التعليم التقني بتحقيق التنمية المستدامة في البلاد
|
|
|