أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-03-10
991
التاريخ: 2023-07-03
1441
التاريخ: 2024-07-10
481
التاريخ: 2023-09-11
1047
|
يجد المؤرخ صعابًا كبيرة عندما يريد تفسير هذا العيد. ولا أدل على ذلك من صعوبة تتبع المشاهد التي يشملها الاحتفال به. وعلى أية حال فإنه مما لا جدال فيه أن الاحتفال بعيد «مين» يحتوي على ثلاثة فصول مميزة: أولها يمثل ظهور الإله ممثلًا بعضو التذكير منتشرًا في احتفال إلهي معروف، والثاني يمثل الفرعون وهو يشرف على عيد الحصاد بنفسه، وأخيرًا يظهر في شعيرة إطلاق الطيور الأربعة المعروفة الخاصة بعبادة الفرعون نفسه.
وتبتدئ الصعوبة عندما نشرع في الربط بين هذه المشاهد الثلاثة، فالواقع أن الإله «مين» يظهر في خلال عيده بوصفه «إله حصاد». ويكفي للدلالة على ذلك أنه كان — قبل كل شيء — إله خصب ونماء، وأن في مقدوره بخاصيته هذه أن يُعد إله التناسل والإكثار. غير أن هذا البرهان لم يرضِ جمهرة علماء الآثار الذين درسوا مناظر مدينة «هابو»؛ إذ يعتقدون أن «مين» عندما يشرف على الحصاد يقوم بدور «أوزير» الذي ينسب إليه وحده قوة الخصب.
ولا نزاع في أن وجهة النظر هذه غير بعيدة عن جادة الصواب، فقد رأينا — في غير هذا المكان — أن الإله «مين» قد وُحد بالإله «حور» منذ عهد بعيد، وأنه كان يُعد في «قفط» ابن «إزيس» وزوجها، وأن هذه العلاقة المزدوجة هي التي جعلته يُنعت بلفظة «كاموتف» — أي فحل أمه. وسنرى فيما بعد أن لهذه الملاحظة أهميتها. غير أن دور «أوزير» في هذا الشأن ليس بواضح — كما يزعم أصحاب هذا الرأي. وقد أجاز كثير من المؤلفين — مقتفين رأي الأستاذ «موريه» — أن الثور الأبيض كان يتقمصه «أوزير»، بل أضافوا إلى ذلك أنه يلبس لباس الرأس الذي كان يلبسه «أوزير» كذلك، ولكن هذا لا يطابق الواقع كما يقول «جاكوبسون« Ibid P. 31؛ إذ إن لباس الرأس هذا إنما هو للعجل «بوخيس«.
والواقع أن قرص الشمس الذي يكنفه ريشتان لم يكن قط لباس رأس للإله «أوزير»، يُضاف إلى ذلك أن قربان باقة القمح كان يجب أن يكون — على حسب رأي «موريه «(Le mise à mort di Dieu en Egypte P. 23) تمثيلية مقدسة تمثل قتل روح القمح والخصب في صورة باقة القمح والثور. والواقع أنه لا المتون ولا الرسوم في مدينة «هابو» تسمح بقبول مثل هذه النظرية. ومن جهة أخرى ذكر لنا الأستاذ «جاردنر» أن عيد الإله «مين» يتفق إقامته مع عيد إلهة الحصاد «إرنوتت» وهو العيد الذي كان يُحتفل به في أبهة عظيمة في مصر في اليوم الأول من فصل الصيف (J. E. A. II, P. 125) وعلى الرغم من أن لوجه الشبه هذا أهمية كبرى، فإنه لا يدل — مع ذلك — على أن لعيد الإلهة «إرنوتت» تأثيرًا ما على صبغة الإله «مين» البدائية. هذا فضلًا عن أنه كان لهذا الإله تأثير حسن على الحصاد بوصفه إله الإكثار. وقد بقي علينا الآن أن نفسر الدور الذي كان يلعبه الثور الأبيض في عيد الإله «مين»، وكذلك اشتراك الفرعون في هذا العيد، وهذا ما بحثه «چاكوبسون» بوجه خاص (Ibid P. 29–40) فهو يرى أن بسون الثور الأبيض ليس بصورة يتقمصها «أوزير»، بل هو موحد «بكاموتف» (فحل أمه) أي الإله «مين» بوصفه فحل أمه.
والنقطة المهمة في العيد نجدها في اللحظة التي يقدم فيها الملك للإله «مين» القرابين العظيمة التي تكلمنا عنها فيما سبق، وقد رأينا أنه كان يُنشد في هذا الاحتفال أناشيد يجدر بنا أن نقتبس منها الفقرة التالية:
الحمد لك يا «مين»، أنت يا من أتيت والدتك، كم كان خفيًّا ذلك العمل الذي عملته في الظلمة!
ويظن «جاكوبسون» — بحق — أن الإله «مين» قد جدد في هذه اللحظة المحددة — اللحظة التي أتى فيها أمه — السر العظيم الخاص «بكاموتف». وعلى ذلك فإن الإله ذا العضو المنتشر هو ابن «أوزير» بوصفه «حور»، أما بوصفه زوج «إزيس» فإنه والد الملك الحاكم. وهو نفسه موحد «بحور» وعلى ذلك فإن تكرار قصة «كاموتف» ليس في ذاته إلا ولادة للملك من جديد، الملك الذي وُضعت فيه قوة جديدة مخصبة منتصرة. وبتركيز الملك في صفاته المخصبة يصبح أهلًا لأن يقدم للإله باكورة المحصول. وهذا هو السر في أن باقة القمح تأتي مباشرة في مراسيم الاحتفال بهذا العيد بعد مشهد مائدة القربان. وبعد ذلك تطلق أربعة طيور — كما كان يحدث في أيام التتويج — لتعلن أركان الأفق الأربعة خبر تولية «حور» الحي الذي تصابى بالتمثيلية التي مُثلت على النمط السابق. وعلى حسب هذا التفسير الذي يلتئم مع المتن إلى حد بعيد نشاهد أن الدور الذي لعبه «أوزير» يكاد لا يكون شيئًا مذكورًا.
وخلاصة القول إننا نلحظ أن عيد «مين» كان مشفوعًا بعيد للملك، أو بعبارة أدق بعيد روح (كا) الملك. والواقع أن الملك كان يتصل بروحه بأجداده وبالإله نفسه. وقد وجدنا في مشهد من أقدم المشاهد التي تمثل عيد «مين» أنه لا يتبع الملك إلا روحه (كا) التي تحل في الحفل محل الثور الأبيض، وكذلك شارات خدام «حور» وتماثيل الأجداد، وذلك يعني أن فيه قوة الإله وقد مُثلت في مدينة «هابو» في الثور الأبيض، وفي قوة كل شجرة الأجداد الذين كانوا يقومون في هذه الحالة — كما رأينا — بدور الوسطاء. وهذه القوة التي كانت توجد حقيقة في الروح (كا) قد حُددت بصورة ما فيما خفي من أمر «كاموتف» في اللحظة نفسها التي جُددت فيها الطبيعة أيضًا. وهذا التجديد للطبيعة كان قد نُسب — كما نُسب تجديد الملكية — إلى العمل العظيم القوة المنسوب لإله الخصب «مين كاموتف» بغشيانه أمه.
وعلى الجزء الأسفل من الجدارين الشمالي والشمالي الشرقي مناظر ليست على شيء من الأهمية، فعلى اليسار السفن المقدسة لثالوث «طيبة» — «خنسو» و«موت» و«آمون» — والملك يقدم لهم القربان، وعلى اليمين الكهنة يحملون هذه السفن إلى خارج المعبد في حين كان الملك يقترب من خلف سفينة رابعة ليستقبل هذا الثالوث المقدس.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|