أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-1-2023
1211
التاريخ: 2023-04-09
1311
التاريخ: 22-1-2023
1079
التاريخ: 18-1-2023
1189
|
سلط شعاع ليزر على مستشعر ضوء، وقس قوة الإشارة مع خفض قوة الشعاع. فستجد أنَّ النتيجة بسيطة لبعض الوقت: انخفاض بسيط في كمية ضوء الليزر المكتشفة. على الرغم من ذلك، يوجد حدٍّ للطاقة حيث لا يكتشف الضوء على الإطلاق إذا لم يكتشف عنده. إنَّ خفض طاقة الليزر إلى درجة أدنى من هذا الحد لا يعني استشعار الضوء بدرجة أضعف: بل يعني أن وتيرة استشعار الضوء تقل أكثر فأكثر، ولكن في كل مرة يتم فيها استشعار الضوء، تستشعر نفس الكمية الثابتة من الطاقة. بمعنى أنه يبدو أن الضوء يأتي في كميات من الطاقة الثابتة؛ كموم الضوء (ومن هنا أتى اسم ميكانيكا الكم). وتعتمد الطاقة الخاصة بكل كم من كموم الضوء على شيء واحد هو لون الليزر؛ ففي حالة كل لون من الألوان، تتطابق كمية الطاقة مع كمية الكموم المنبعثة سواء بالزيادة أو بالنقصان. بعبارة أخرى، فإن شعاع الضوء عبارة عن تدفق «جسيمات» الضوء؛ أو «الفوتونات» كما يسميها علماء الفيزياء.
يبدو كلُّ شيء على ما يرام حتى الآن؛ فما من شيء جنوني جوهريا بشأن تكون الضوء من جسيمات وهذا ما كان نيوتن يعتقده في الحقيقة الآن، سنزيد تعقيد الأمور قليلًا. تُوضع مرآة «نصف عاكسة» – مرآة تعكس نصف الضوء الساقط عليها – بزاوية من شعاع الليزر، بحيث تقسم الشعاع إلى شعاعَين لكلِّ منهما نصف القوة (الشكل 5-1 (أ)).
شكل 5-1: تجارب التداخل في حالة الضوء: (أ) تقسيم شعاع الضوء بمرآة نصف عاكسة؛ (ب) التداخل – تقسيم شعاع الضوء وإعادة تجميعه.
هل تقسم المرآة نصف العاكسة كل فوتون إلى فوتونين بنصف القوة؟ أم إنَّ نصف الفوتونات يذهب في طريق ويذهب نصفها في الطريق الآخر؟ للوهلة الأولى، يبدو أَنَّ أَيَّا من الاحتمالين ممكن، لكننا حين ننظر ونضع المستشعرات في كل شعاع، نجد أنه في كل مرة يكتشف فيها فوتون ما يكون له مقدار الطاقة نفسه الذي اكتشفناه سابقًا، ولا يعتمد ذلك إلا على لون الشعاع. يبدو أنه إذا ارتطم الفوتون بالمرآة نصف العاكسة، فإنه إما ينحرف وإما يمرُّ، ويبلغ احتمال حدوث كلَّ من الحالتين 50 بالمائة. مرة أخرى، لا بأس بهذا حتى الآن.
سنضيف الآن تعقيدًا آخر. سنستخدم مرايا عادية لحني الشعاعين بحيث يتقاطعان، وفي نقطة التقاطع ندخل مرآة نصف عاكسة (الشكل 5-1(ب)). ما يؤدي إليه هذا هو أنه يقسم الأشعة ثم يعيد تجميعها ثم يقسمها مرةً أخرى. والآن يبدو وكأن الفوتون أمامه أربعة طرق يمكنه أن يسلكها. إذا ارتدَّ الفوتون عن المرآتين نصف العاكستين، أو لم يرتد منهما، فسينتهي به الأمر إلى مكان واحد (المكان أ في الشكل 5-1(ب)). وإذا ارتد عن المرآة نصف العاكسة الأولى دون الثانية، أو من الثانية دون الأولى، فسينتهي به الأمر إلى مكان آخر (المكان ب في الشكل 5-1(ب)).
نعرف أن احتمالية ارتداد كل فوتون في كل مرة يرتطم فيها بالمرآة تبلغ 50 بالمائة. وبناءً على هذا، يبدو أنَّ نسبة حدوث كلّ من هذه الاحتمالات الأربعة تساوي 25 بالمائة. حتى من دون إجراء التجربة «يبدو» أننا نعرف ما سنجده بالتأكيد: في نصف المرات (25% + 25%) يصل الفوتون إلى النقطة «أ»، في حين يصل في النصف الآخر إلى النقطة «ب»؛ ومن ثمَّ يعطي المستشعران إشارات متساوية في القوة.
غير أننا لا نجد هذه النتيجة. فبالاعتماد الدقيق على طول كل شعاع بالضبط، يمكن للقائم بالتجربة الترتيب بحيث يُستشعر «كل» الضوء عند النقطة «أ»، أو عند النقطة «ب»، أو في أي نقطة بينهما.
يطلق علماء الفيزياء على هذا التأثير اسم «التداخل»، وهم يقصدون معناه الحرفي؛ إذ إن أحد الشعاعين يتداخل بطريقة ما مع الشعاع الآخر؛ لذا فإن ما يحدث للضوء يعتمد على الشعاعين كليهما. وإذا حجبنا أحد الشعاعَين كليًّا بالفعل، فسيختفي التداخل؛ وسيظهر نصف أشعة الضوء (المتبقية) عند النقطة «أ» ويظهر النصف الآخر عند النقطة «ب». يبدو إذن أنَّ ما . يجري هو حدوث تفاعل بين فوتونات الضوء، يجعل فوتونات الشعاع جهة اليسار ترتد مبتعدة عن فوتونات الشعاع جهة اليمين.
يمكننا اختبار هذا التأثير أيضًا. يمكننا خفضُ قوة الليزر (أو نضع مرشحًا شبه معتم أمام الليزر، وهو الحل الأكثر واقعية) إلى أن يتبقى فوتون واحد فقط يمر في المرة. وإذا حدث التداخل بسبب ارتداد بعض الفوتونات عن بعضها الآخر، فإن هذا يعني اختفاء تأثير التداخل حين لا يوجد سوى فوتون واحد في المرة. ولكن هذا لا يحدث؛ وإنما يبقى تأثير التداخل من دون تغيير مهما ضعف الشعاع. إذا رتَّبنا أن تُكتشف كل الفوتونات عند النقطة «أ»، فستكون هذه النقطة هي التي تكتشف عندها الفوتونات، سواء أكان فوتون واحد هو الذي يمر في المرة، أو تريليون فوتون.
ما الذي يجري إذن؟ يبدو وكأن «شيئًا ما» يوجد في الشعاعين متى مرَّ فوتون عبر النظام. يسلك هذا «الشيء» سلوك الفوتون نفسه تمامًا؛ أي إنَّ فعل أي شيء للشعاع يحجب الفوتونات سيوقف التداخل؛ وإذا فعل أيُّ شيء للشعاع دون أن يؤثّر في الفوتونات، فلن يتأثر التداخل على الرغم من ذلك، فمتى ما نظرنا إلى كلا الشعاعين، لا نرصد سوى فوتون واحد في المرة، ونحن لا نرصده إلا في شعاع واحد من الاثنين، وليس في كليهما. بعبارة أخرى، يبدو وكأن الفوتون في «الشعاعين كليهما في آن واحد» حتى ننظر إليه، وحينها يقرّر أن يكون في أحد الشعاعين دون الآخر.
لكنَّ هذا غير منطقي على الإطلاق. فليس «النظر في نهاية المطاف سوى عملية فيزيائية أخرى والأجهزة التي نستخدمها لقياس وجود الفوتونات هي نفسها تتكون من جسيمات مجهرية تحكمها ميكانيكا الكم. وليس فعل النظر نفسه سوى تفاعل آخر بين الأنظمة الفيزيائية المحكومة هي أيضًا بميكانيكا الكم. إضافةً إلى ذلك، ينبغي أ توجد قواعد منفصلة لكيفية تصرف الذرات، وفقًا لما إذا كنا نحن البشر قد خصصنا مجموعةً من الذرات في صورة كاشف فوتونات» أم لم نفعل.
لمعرفة ما تخبرنا به ميكانيكا الكم نفسها بشأن السلوك الذي ينبغي أن تسلكه الكاشفات، يمكننا اللجوء إلى تجربة فكرية قديمة (وغير أخلاقية تمامًا) أجراها إرفين شرودنجر. لنفترض أننا نرصد لنرى بأي الشعاعين يوجد الفوتون، وذلك عن طريق وَضْع كاشف في كل شعاع . ولنفترض أننا نوصل الكاشف الموجود على اليسار – دون الكاشف الموجود على اليمين – بأداة تقتل القطط، ونضع بعض الهررة التعيسة الحظ في نطاق تأثير الأداة.
إذا كان الفوتون في الشعاع الموجود على اليسار، فستموت القطة. وإذا كان الفوتون في الشعاع الموجود على اليمين فستعيش القطة. أما إذا كان الفوتون في الشعاعين في آن واحد – فما يبدو أنَّ ميكانيكا الكم تخبرنا به هو أنَّ القطة ستكون في حالتي الحياة والموت كلتيهما، وهذا يعني أنها ستصبح حية وميتة «في الوقت نفسه».
لا شك أنَّ القائمين بهذه التجربة لا يخبرون عن نتائج تتمثل في «رصد قطة شبه حية وشبه ميتة!» بل يقولون إن القطة إما حية وإما ميتة تماما مثلما أنَّ الفوتونات لا تُرى في جهازي الكشف في آن واحد، بل تُرى في أحد الجهازين في جزء من الوقت، ثم تُرى في الكاشف الآخر في باقي الوقت. (وأنا أسارع بالقول إنَّ أحدًا لم ينفذ التجربة بقطط حقيقية على حد علمي!)
والآن سأطرح عليكم طريقةً أخرى لتوضيح المفارقة. لقد بدأنا بفكرة أن الضوء يأتي في صورة جسيمات موضعية؛ ومن ثم فإن حالة شعاع الليزر تتحدد بذكر عدد الفوتونات الموجودة وتحديد موضعها. وبناءً على هذه الفكرة، فعندما يمر فوتون بمرآة نصف عاكسة، سينتهي به الأمر إما في الشعاع المنقول أو الشعاع المنعكس؛ نحن لا نعلم الشعاعين سينتهي على وجه التحديد، ولكنه سيكون في أحدهما بالتأكيد؛ ومن ثُمَّ يمكننا استخدام لغة الاحتمالية لتحديد مقدار جهلنا أو إذا كنت تفضّل ذلك، لتحديد نسبة المرات التي يوجد فيها الفوتون في هذا الشعاع أو ذاك؛ فأحجيات فهم الاحتمالية تحدث هنا أيضًا! وقد رأينا أن هذا التفسير يتحطّم على صخرة التداخل، الذي يجعلنا نرى الفوتون موجودًا في الشعاعين كليهما في آن واحد. ولكن هذه الرؤية غير الموضعية الممتدة للفوتون نفسه تواجه عقبةً حين نقيس موضعه بالفعل؛ وفي هذه الحالة، فإن تفسير الفوتون بأن له حالة غير معروفة ومؤكدة الموضع، يسود مرةً أخرى؛ ومن ثم ينبغي إسقاط تفسير أن الفوتون له حالة معروفة وغير مؤكدة الموضع. يبدو أننا مضطرون إلى التنقل فيما بين التفسيرات بشكل غير متسق بناءً على سمات التجربة التي نرغب في وصفها.
من المنظور الشكلي، فإن رياضيات التداخل مكافئة لرياضيات الموجات؛ ولهذا سميت هذه الحالة من عدم التناسق في التفسيرات «ازدواجية الموجة والجسيم» (ولا يزال الاسم مستخدمًا بالفعل في الكتب القديمة، وفي كثير من كتب العلوم المبسطة). لكن من الأفضل أن نفهمه على أنه حالة من عدم الاتساق في تفسير النظام الذي تقدمه ميكانيكا الكم فنحن أمام خيارين وهما (1) قصة الخصائص غير المحددة وغير الموضعية ولكنها معروفة «الوصف غير المحدَّد»)؛ (2) قصة الخصائص المحدَّدة والموضعية ولكنها مجهولة («وصف الاحتمالية»). يبدو أن التداخل يحتاج إلى الوصف غير المحدد، وأن القياس يحتاج إلى وصف الاحتمالية. وتُسمَّى المسألة المتعلقة بكيفية فَهم النظرية – بالنظر إلى الحاجة الواضحة لكلِّ من الخيارين (1) و (2) والتعارض الواضح بينهما – بـ «مشكلة القياس».
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|