تاريخ الفيزياء
علماء الفيزياء
الفيزياء الكلاسيكية
الميكانيك
الديناميكا الحرارية
الكهربائية والمغناطيسية
الكهربائية
المغناطيسية
الكهرومغناطيسية
علم البصريات
تاريخ علم البصريات
الضوء
مواضيع عامة في علم البصريات
الصوت
الفيزياء الحديثة
النظرية النسبية
النظرية النسبية الخاصة
النظرية النسبية العامة
مواضيع عامة في النظرية النسبية
ميكانيكا الكم
الفيزياء الذرية
الفيزياء الجزيئية
الفيزياء النووية
مواضيع عامة في الفيزياء النووية
النشاط الاشعاعي
فيزياء الحالة الصلبة
الموصلات
أشباه الموصلات
العوازل
مواضيع عامة في الفيزياء الصلبة
فيزياء الجوامد
الليزر
أنواع الليزر
بعض تطبيقات الليزر
مواضيع عامة في الليزر
علم الفلك
تاريخ وعلماء علم الفلك
الثقوب السوداء
المجموعة الشمسية
الشمس
كوكب عطارد
كوكب الزهرة
كوكب الأرض
كوكب المريخ
كوكب المشتري
كوكب زحل
كوكب أورانوس
كوكب نبتون
كوكب بلوتو
القمر
كواكب ومواضيع اخرى
مواضيع عامة في علم الفلك
النجوم
البلازما
الألكترونيات
خواص المادة
الطاقة البديلة
الطاقة الشمسية
مواضيع عامة في الطاقة البديلة
المد والجزر
فيزياء الجسيمات
الفيزياء والعلوم الأخرى
الفيزياء الكيميائية
الفيزياء الرياضية
الفيزياء الحيوية
الفيزياء العامة
مواضيع عامة في الفيزياء
تجارب فيزيائية
مصطلحات وتعاريف فيزيائية
وحدات القياس الفيزيائية
طرائف الفيزياء
مواضيع اخرى
كانط
المؤلف:
رولان أومنيس
المصدر:
فلسفة الكوانتم
الجزء والصفحة:
ص110
2025-10-13
29
إن عالم بيولوجيا الأعصاب الشهير جان ديدييه فنسنت Jean Didier Vincent في كتابه بيولوجيا الإحساس Biologie des passion .يتعجب من الطابع الفائق الاستثنائي لملاحظات سبينوزا حول صنائع العقل البشري، وهي ملاحظات تكاد في بعض الأحيان تتفق تماما مع أحدث وأبلغ نتائج علوم الأعصاب. يمكن أن تنطبق ملحوظة فنسنت أيضا على بعض من أهم فلاسفة التنوير والسابقين عليهم، وقد كانوا بلا مراء علماء نفس على درجة عالية من الحذق والمهارة. يدخل في زمرة هؤلاء ديكارت (في كتابه «التأملات ومالبرانش» - وبالمثل لوك وهيوم، وهذا أوضح من أن يقال أما ونحن معنيون بكانط، فيبدو أن هذا يتطلب أكثر من مجرد الإقرار الصريح بهذا نقصد على وجه التحديد أن إسهام كانط الرئيسي في نظرية المعرفة حري به أن يُعتبر علم نفس بحتا. يقف إيمانويل كانط (1724 - 1804) في مصاف أهم الفلاسفة الذين وطئوا البسيطة، حتى إن أخذنا في الاعتبار عمقه ودقته الفائقة فقط. وعلى الرغم من أن كانط قد تأثر تأثرا عميقا بلوك وهيوم، فإنه لم يستطع تقبل نبذ هيوم لأي بحث أبعد الأصول قوانين الطبيعة. بالنسبة إلى كانط كان هذا السؤال إشكالا ميتافيزيقيا، أو هكذا أسماه وقد عبر عن هذا تعبيرا جميلا في الجمل الأولى من كتابه «نقد العقل الخالص التي اكتسبت شهرة ذائعة، حيث يقول: «كتب على عقلنا هذا المصير المتعين، فحين نأخذ في اعتبارنا».
مستوى معينا من المعرفة نجد عقلنا منشغلا دائما بتساؤلات لا يمكن تجاهلها، لأنها تنشأ عن صميم طبيعة العقل، وهي أسئلة لا يمكن الإجابة عنها، لأنها تعلو على قوى الملكة العقل البشري ولكن ما العقل؟ قليلا ما يسعفنا تعريف كانط، ومفاده أن العقل هو التي ينجم عنها الوحدة في خضم قواعد الفهم وفقا للمبادئ وهو تعريف لا يتأتى إلا في أعقاب تركيب طويل المدى لكي يكون صحيحا يستلزم القبول الكامل للفروض الأساسية في كتاب «نقد العقل الخالص». أما مغزى العقل في العلوم المعرفية الحديثة فالأحرى أن يقيم اعتبارا لفكرتين بسيطتين لكنهما أساسيتان وكانتا لاتزالان غائبتين عن أفق القرن الثامن عشر: ذلك أن التفكير يحدث في المخ، وأن الجنس البشري قد اكتسب العقل والمنطق على وجه الخصوص، وعمل على تطويره من خلال عملية تاريخية طويلة ممتدة.
لا يشير كانط إلى المخ، وبالقطع كان على صواب في أن يفعل هذا، لأنه لم يكن لديه إلا تلك المعارف القليلة عن المخ التي كانت متاحة في عصره، ومع هذا قد نتفق في عجالة ضرورية على تأويل كانط المتعلق بالمخ، حتى لو كان تأويلا اختزاليا رديا، فعلى أبسط الفروض، يضفي هذا التأويل شيئا من الوضوح على التمييز الذي طرحه كانط بين نوعين من المعرفة البعدية والقبلية. من السهل أن نفهم المعرفة البعدية مادامت تعني كل شيء نخرج به من الحدس التجريبي empirical intuition وقطعا الكلمة الألمانية التي اسـتـخـدمـهـا كـانط Anschauung هي الأدق . إن كانط معني أساسا بشيء ما يوجد قبل أن يمكن حدوث أي حدس وسوف يكون الطريق الملائم لتأويل هذا المعطى الأولي أن ننظر إليه بوصفه لا يعدو أن يكون إطارا للمخ ووظائف يؤديها.
إن التأكيد على طبيعة الظواهر phenomenal الفينومينا لجانب جوهري من جوانب المقاربة الكانطية والظاهرة هي الموضوع غير المحدد لحدس من الحدوس التجريبية شيء ما قد يكون الأحرى أن نحاول تعريفه بوصفه حالة المخ حين ينتبه إلى شيء خارجي أو لعملية جسدية داخلية.
إن فهمنا الراهن للإدراك الحسي يتفق مع الحاجة إلى تمييز بين الأشياء الحقيقية وبين تمثلاتها عن طريق الإدراك أو التمييز بين الواقع وبين «الظواهر»، على أي حال، لا نستطيع تجاوز حقيقة مفادها أن مخنا يطيع قوانين الفيزياء والكيمياء والبيولوجيا. وإما أن نقبل فكرة كانط القائلة إننا لا نعرف إلا الظواهر phenomenal الفينومينا)، ثم نتبعه (وفي ما بعد نتبع هوسرل سائرين عبر الطريق إلى الفلسفة الظاهراتية phenomenology ، وإما أن يحدونا في صلب الإشكال الميتافيزيقي توق ملح إلى بحث أكثر عمقا لأغوار قوانين الطبيعة والوحدة المذهلة فيها (باستثناء أولئك الذين سوف يتبعون هيوم في إعراضه عن كل ميتافيزيقا).
يرى كانط أن هيئة الظاهرة يسودها حكمان تركيبيان قبليان أساسيان وهما المكان والزمان وهما قبليان لأنهما ينتميان إلى مجال العقل وليسا متوشجين في الأشياء التي نستطيع أن نلاحظها (أو على الأقل هذا هو ما قاله كانط). وهما تركيبيان على قدر ما هما متعلقان بتنظيم مختلف الظاهر أي بتركيبها، مثلا، العقل يضع الأشياء المختلفة بعضها بجوار بعض وليس يخلطها معا، وبالمثل تنتظم مختلف الأحداث في تتابعها عبر الزمان. إن حدسنا بالعالم الكائن خارجنا وداخلنا وعينا به مصبوب بالضرورة في هذين القالبين للزمان والمكان، ويفترض أنهما ليس لهما وجود واقعي حقيقي وخارجي.
إن حيثية الزمان والمكان عنصر جوهري في فلسفة كانط، وأيضا نموذج قياسي لكل أنماط الفكر. وقد أسرف كانط في جعل هذه النقطة بالغة الوضوح، وذلك في كتابه «مقدمة لكل ميتافيزيقا مقبلة يمكن أن تصير علماء»، والذي كاد يكون طبعة شعبية من كتابه «نقد العقل الخالص»، حيث يقول كانط «الفهم لا يشتق قوانينه (قبليا) من الطبيعة، بل يفرضها على الطبيعة». وكثيرا ما يعقد مؤلفو المراجع الدراسية الفلسفية مضاهاة بين هذا التغير الجذري في الإشارة إلى منشأ، المعرفة وبين الثورة الكوبرنيقية. لقد أحدث كانط هذا التغيير كاختراق للإشكال ميتافيزيقي عند هيوم العقل كفؤ وكاف لتفسير وجود القوانين ووجود الاطرادات في العالم ولكي نقدر قيمة أفكار كانط في وقتنا الراهن يهمنا أن نعقد مقارنة بين مقاربة كانط وبين بعض العلوم الصورية التي نشأت في تلك الآونة، على الفور توعز فكرنا الزمان والمكان بمقارنتهما بالنظرية النسبية وقد نلاحظ في البداية أنه لا كانط ولا تابعوه قد استغلوا الإمكانيات الكامنة في فروضهم استغلالا كاملا. فقد سلموا تسليما أن الملاحظين المختلفين الحدوس المختلفة، سوف يتفقون بالضرورة في أحكامهم التركيبية الأولية قد يتبدى منزلق في الاستدلال ها هنا لأن مثل هذه المقارنة تنتمي إلى المجال التجريبي، حيث التحليل الترانسدنتالي الأولي ينبغي أن يأخذ في اعتباره كل البدائل الشتي، أي الاتفاق أو الاختلاف المحتملين بين تمثلات الملاحظين المختلفين. وبهذا المعزى يمكن القول إن آينشتين قد سار بحجج : كانط إلى ما هو أبعد، وبطريقة أكثر حذرا من كل ما سبقها بعبارة أخرى، النظرية النسبية لا تنتهك مبادئ المقاربة الكانطية بشكل مباشر، كما لاحظ إرنست كاسيرر.
ولكي نكتشف الموضع الفعلي لهذا الصراع، علينا أن نلقي نظرة على صفحات لاحقة في كتاب نقد العقل الخالص، حيث نوقشت النقائض الشهيرة. إنها أربعة أزواج من الأطروحات المتناقضة، يقر كانط بأن العقل يظل إلى الأبد عاجزا عن فصل القول فيها. وقد طرح براهين هذه الدعوى مستخدما مناهج ترنسند نتالية» أي مبادئ العقل الخالص، على الرغم من أن هذه البراهين ليست أثقل وزنا ولا أكثر إقناعا من براهين عديدة مطروحة في أعمال أرسطو النقيضة الرابعة تتعلق بمسألة وجود الله، وتتعلق النقيضة الثالثة بالعلية وبالتالي لا تتعلق أي منهما بما نناقشه الآن ترتبط النقيضة الثانية ارتباطا مباشرا بالعلم، مادمت تزعم أنه لا يمكن فصل القول في ما إذا كان الجوهر المركب مكونا من أجزاء بسيطة أم لا. بعبارة أخرى نقبل وجود الذرات كافتراض يمكن أن يمر بالخبرة الحسية، ولكن هذا أمر لا يمكن أبدا البرهنة عليه. وعلى الرغم مما قاله كاسيرر يشعر المرء عند هذه النقطة بأن الحجة قد شابها شيء ما خطأ، على أننا لن نحاول أن نناقش ما هو . هذا الخطأ ولا أين وقع. في النقيضة الأولى، ثمة أطروحتان متقابلتان تقر الأطروحة الأولى أن العالم له بداية في الزمان وأيضا محدود في المكان»، بينما تعلن الأطروحة الأخرى أن العالم ليس له بداية في الزمان وليس له حدود مكانية، بل إنه لا متناه في الزمان ولا متناه في المكان.. ويمكن مضاهاة هذا برأي غائبية علماء الكونيات المحدثين الذين يزعمون أن لديهم أسانيد وطيدة تشير إلى أ، الكون له بداية ويعتبرون أن تناهي الكون (أو) الافتقار إلى هذا التناهي يا حن من حيث المبدأ فصل القول فيه عن طريق القياس الدقيق المعدل كثافة المادة في الفضاء. ويندهش المرء، فكيف يمكن لأولئك العلماء التمسك بأنهم طرحوا الحل الإشكالية رآها كانط غير قابلة للحل بتاتا النقطة الجوهرية هي أن علماء الكونيات يعتمدون على مفهوم رياضي هو الزمكان - الزمان والمكان معا، برفقة بضعة قوانين فيزيائية يخضع لها هذا المفهوم - الذي يقع خارج نطاق الحدس تماما . ومادام هذا المفهوم لا ينتمي إلى نسق الظواهر عند كانط، فإنه لا يخضع لأحكام كانط .
لقد تبدلت الأوضاع ووصلت إلى أمر يجهله تماما كل من هيوم وكانط، ولا حيلة لهما في ذلك، وهو أن بعض العلوم يمكن أن تتناول حقائق لا هي خاضعة للحدس أو كما أسماه كانط المعاينة أو الرؤية Anschauung: رؤية ما تتاح رؤيته فورا ولا هي . خاضعة للإدراك الحسي ومن ثم كان وجود هذه العلوم الصورية»، والذي سوف نفحصه لاحقا بمزيد من التفصيل ، بالنسبة إلى الفلسفة مبحثا فلسفيا جوهريا (والماحا عبقريا). لا يستطيع كانط أن يقول لنا أي شيء يمكن أن يساعدنا على تفهم العلوم الصورية على أنه يبلغ الذروة في أن يساعدنا، وأن نعتمد عليه حين نحاول أن نعين على وجه الدقة ما الذي جعل هذه العلوم صورية متى وأين انفصلت عن التفكير الكلاسيكي وكيف امتد معها نطاقه. يقدم لنا كانط الذروة التي بلغها أسلوب التفكير الكلاسيكي، ذلك العقل الخالص، وقدم كانط أعمق تحليل عرفته البشرية على وجه الإطلاق في ما يتعلق بكل شيء حدسي، وعلى الرغم من أننا لا نستطيع أن نقبل إقراره بأن العقل يفرض قوانينه على الطبيعة، فإننا نستطيع أن نعول عليه تماما في تحديد ماهية التفكير الكلاسيكي: ينتج التفكير بشكل فريد عن حدس وعن رؤية وعن وضوح لا يكتسب السمة الصورية. إن كانط هو المفرد العلم الذي . لا يُضاهي كمرجع نعود إليه من أجل تعريف وتحديد الكلاسيكية لاسيما من منظور ما قدمه من علم نفس بصير بالوعي العقلاني، ولهذا السبب نعتبر عمله ذا قيمة استثنائية، على الرغم من أنه في البداية قد يبدو غير ملائم لنا ومثيرا للجدال، على أن مشروعيته تبدو الآن واضحة جلية.
ويتطرق تحليل كانط إلى جوانب أخرى من التفكير الكلاسيكي لها أهميتها. وتمدنا مقولات الفهم لديه على وجه الخصوص، بمراجعة حذرة ومنهجية الأنماط التفكير حين يعتزم العقل استخدام الحدس والحدس فقط، كمصدر للمعارف)، ومن بين المقولات الاثنتي عشرة تستحق مقولنا الإثبات (الواقع) reality والعلية اهتماما خاصا . قد يتجاوز المرء ما يكثر في الأدبيات المحدثة من مناقشات مستفيضة صعبة المراس لهذه المقولات، ويتجه فورا إلى كتاب كانط ليكتشف كيف تشتبك مقولتا الإثبات والعلية اشتباكا حميما مع التفكير الكلاسيكي. سوف يكون هذا ذا أهمية من أجل التقويم الكامل لغياب هاتين المقولتين في فيزياء الكوانتم. ربما نلاحظ أيضا أن مقولة كانط عن التلازم (إذا كنت قد فهمتها فهما صحيحا) تتفق مع مناقشة ليبنتز للأشياء التي لا يمكن التمييز بينها شيئان (جوهران) ينبغي وفقا للتفكير الكلاسيكي أن تكون ثمة دائما إمكانية للتمييز بينهما عن طريق سمة ما . وأيضا تتنازل فيزياء الكوانتم عن هذا التصور للتلازم في واحد من مبادئها الأولية جدا (مبدأ باؤلي). من هذا التحليل القصير يمكن الخروج بنوائج عديدة أهم ما فيها ذكرناه بالفعل ونحن نعرض لبيكون إذا أخذنا في اعتبارنا أن العلم قد وصل بنا إلى مخططات أبعد كثيرا من كل ما تراءى لكانط، وأدركنا أيضا أن تلك الآونة لم تعرف أبدا عملا يضاهي في منهجيته كتاب كانط «نقد العقل الخالص، فمن الواضح أن الحاجة إلى أساس جديد للفلسفة مسألة ملحة. وقد أعرب هوسرل عن هذا، ولكنه للأسف تشربك بميراث كانط الفينومينولوجي.
إن الفهم خاصة إنسانية - على الرغم من أن بعض الناس قد يرون أنماطا أخرى من الفهم تتمتع بها الآلات أو كائنات أخرى غير البشر. لا ينبغي البتة أن نترك دروس كانط السيكولوجية في الفهم البشري فريسة لأي محاولات للبحث عن أسس جديدة وما دام كانط لم يأخذ المخ في اعتباره بشكل صريح، فما كان له أن يقدر أن هناك دائما خبرة أسبق من كل فعل أولي للعقل - كل ما هو ترانسندنتالي.
وفي مقابل هذا نعلم أن هناك بنية أنطولوجية لكل مخ بشري منذ بواكير الطفولة كما أن ثمة تاريخا مستمرا لتطور الجنس البشري وها هنا يقع خطأ كانط، وعلة فشل محاولته البطولية لحل المشكلة المحورية التي أثارها هيوم.
هل يعني هذا أن علينا الانتظار ريثما نصل إلى فهم مكتمل للمخ البشري، حتى نستطيع وضع الأساس الحق للفلسفة، والذي لا ينبغي ألبنة أن يقل قيد أنملة عما طمح إليه كانط؟ ربما لا. إذا كنا لا نهدف إلى اكتمال مستحيل ونضطلع باستثناف المهمة من حيث خلفها كانط أننا في موقف أفضل كثيرا، لأن مبتغانا لم يعد حل مشكلة هيوم، بل أن نعرف كيف ولماذا تغاضى العلم عن هذا الإشكال الميتافيزيقي. وكما سوف نرى ربما حدث هذا لأننا ينبغي الا نبحث عن جذور المنطق، إن لم يكن، وعن جذور العقل داخل بنية ذهننا وإنما خارجه، في الواقع الفيزيقي. وبطبيعة الحال ينطوي هذا على قلب كامل للمقاربة الكانطية. والآن يجب أن تنتهي مراجعتنا الموجزة للفلسفة وعلى الرغم من أنها تخطيطية إلى حد قد يكون غير مقبول، فإنها سوف تخدمنا كخلفية عامة لمداخلتنا، حتى ولو كان السبب الوحيد هو أن عقولنا لاتزال تتشرب بأفكار الماضي من خلال الثقافة والتعليم. وإذا كان لنا أن نتجاوزها، فسيجمل بنا أن نجعلها واضحة جلية. ومهما يكن الأمر، فإن هذه المراجعة على أبسط الفروض قد بينت لنا كيف أن فلسفة بناء المعرفة مسألة ملحة، وأيضا كم هي. مسألة عسيرة.
بطبيعة الحال لا تنتهي القصة عند كانط، فهناك آخرون من علماء النفس العظام أمثال نيتشه وفرويد، بيد أن مساعيهم لا تتعلق كثيرا بموضوعنا. هناك آخرون حاولوا بناء نظرية للمعرفة، نذكر منهم برتراند رسل Bertrand Russell (1872- 1970) والفرد نورث وايتهيد A.N Whitehead (1861 - 1947) ولودفيغ فتغنشتين L. Wittgenstein ( -1889 1951) وإدموند هوسرل E. Hussen ( --1859) 1938). ومما له مغزى أن ميلادهم جميعا جاء مبكرا جدا ومتأخرا جدا : جاء مبكرا جدا قبل أن يتاح لهم استكناه سائر تضمنات المكتشفات العلمية الحديثة - لاسيما قوانين عالم الكوانتم - ومتأخرا جدا فلا يحول دون الانهيار المفاجئ لرؤاهم الخاصة تحت وطأة الاستبصارات المستجدة. ومع الظروف التاريخية الطاحنة، قد يمكن القول إن نيلز بور N. Bor هو أعظم فيلسوف في عصرنا هذا.
الاكثر قراءة في ميكانيكا الكم
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
