أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-08-2015
3487
التاريخ: 3-08-2015
4334
التاريخ: 2023-07-12
2880
التاريخ: 31-5-2022
2128
|
يوجد سؤالان مهمان :
الأول : من هو صاحب الزمان عليه السلام ؟
والثاني : ما هو طريق الارتباط به عليه السلام ؟
وللجواب على سؤال من هو ؟ لابد أن نحدد الطريق الذي نسلكه للحصول على الجواب ، فطريق معرفته عليه السلام يحتاج إلى معرفة !
ذلك أن شخصية المعصوم عليه السلام ذات جنبتين ، جنبة بشرية ، وجنبة يتصل بها الإمام بالملأ الأعلى ، وطريق المعرفة لابد أن يكون متناسباً مع المطلوب معرفته ، ووسائلنا في المعرفة لا تصلح لمعرفة هذه الشخصية الفريدة ، فلا علماء الطبيعة ، ولا الفلاسفة ، ولا العرفاء ، ولا الحكماء العاديون ، يستطيعون ذلك ، لأن شخصية المعصوم عليه السلام لا تخضع لوسائلهم في المعرفة .
إن معرفة شخصية الإمام المعصوم عليه السلام وما خصه به الله تعالى ، لا تتيسر إلا لمن وصل إلى مقام العصمة ، فهو الحكيم الذي يعرف ما الخبر ، لا الفلاسفة عن طريق فلسفاتهم ونظرياتهم ، ولا علماء الطبيعة عن طريق قواعدهم ووسائلهم ، ولا العرفاء عن طريق عرفانهم وأدلتهم الذوقية ! فقط ، من وصل إلى مقام العصمة وعاشه ، هو الذي يعرف المعصوم ويعرفنا عليه !
وهكذا لابد لنا للحصول على جواب سؤالنا أن نعرف الإمامة أولاً ما هي ؟
ثم نعرف الإمام بشكل عام من هو ؟
ثم ننتقل إلى معرفة صاحب الزمان عليه السلام من هو ؟
ومن عيون كلمات المعصومين عليهم السلام في تعريف الإمامة والإمام ، كلام الإمام الرضا عليه السلام . ( تقدم حديث الإمام الرضا عليه السلام في وصف الإمامة في الموضوع رقم : 29 )
ومن الطبيعي أنا لا نستطيع إكمال البحث في ماهية الإمامة في هذا المجلس ولا في مئة مجلس ، وإنما غرضنا أن نفتح الباب للذين يبذلون جهدهم وأوقاتهم في التفكير في أعمق العلوم الإسلامية كالفقه وأصول الفقه ، أن يتوجهوا بتفكيرهم إلى علم أصول العقيدة .
لقد عرَّف الإمام الرضا عليه السلام الإمامة أولاً ، ثم عرف الإمام وبين صفاته ، وتضمن كلامه في الإمامة ثمانية وعشرين مبحثاً ! نتعرض لكلمة واحدة منها في بيان درجة الإمامة ورتبتها في قوس الصعود وسلسلة الموجودات .
قال عليه السلام : ( إن الإمامة أجل قدراً ، وأعظم شأناً ، وأعلا مكاناً ، وأمنع جانباً ، وأبعد غوراً ، من أن يبلغها الناس بعقولهم ، أو ينالوها بآرائهم ، أو يقيموا إماماً باختيارهم ) ! والمهم للعلماء هو الدراية لا الرواية .
والتعبير الأول للإمام الرضا عليه السلام عن جلالة الإمامة ، ومتعلق الجلالة القدر .
والتعبير الثاني عن عظمتها ، ومتعلق العظمة الشأن .
والتعبير الثالث عن علوها ، ومتعلق العلو المكان .
والتعبير الرابع عن منعتها ، ومتعلق المنعة عزة الجانب .
والتعبير الخامس عن بعد غورها ، ومتعلق الغور العمق !
وفي هذه الأوصاف يتجلى علم الإمام الرضا عليه السلام وإنما يعرف الإمام بالعلم !
إن من مصائبنا أنا نصرف أوقاتنا في فهم كلمات الشيخ الرئيس ابن سينا وغيره ، ولا نصرفها في فهم كلام المعصوم الذي نراه بإشارة واحدة في كلامه يذري مليار عقل كعقل ابن سينا في مهب الريح !
إن كل كلمة من كلماته عليه السلام عالمٌ مواجٌ من العلم ! تحتاج إلى بذل جهود عقلية لكي تفهم ، ويعرف منها الموضوع والمحمول والمتعلق والمتعلق به ، وبذلك تفهم الإمامة ما هي ؟ وهيهات أن تفهم حق فهمها !
في أي مرتبة تقع الإمامة من سلسلة الوجود ؟
أعظم شأناً . . وأبعد غوراً ، من أن يبلغها الناس بعقولهم ! تأملوا فقط في كلمة ( أبعد غوراً ) لتروا أن الموضوع هنا مثل مناطق الفراغ أو الثقوب السوداء ، التي يتكلم عنها الفلكيون ، والتي كلما وصل إليها شعاع انطفأ ، أو نجم تلاشى وفني ! إنها محيطٌ بلا نهاية يقف الفكر البشري في ابتدائها ولا يعرف غورها وانتهاءها !
فالإمام الرضا عليه السلام يقول إن شخصية الإمام جهاز رباني ، عميق الغور ، أعظم من أن يبلغها الناس بعقولهم ! ! الناس . . كل الناس . . طبيعة الناس !
بعقولهم . . كل عقول أصحاب العقول ، بما فيها عقل أفلاطون وعقل أرسطو ، وعقل ابن سينا ، وعقل الشيخ الأنصاري ! فكل العقول عندما تصل إلى هنا تنطفئ أشعتها ، وتتلاشى قدراتها !
هذه هي الكلمة الأولى ، والثانية : أو يقيموا إماماً باختيارهم أو ينالوها بآرائهم !
والسؤال هنا : ما هو الدليل على هذا المدعى ؟
علَّل الإمام الرضا عليه السلام عجز الناس عن إدراك الإمامة واختيار الإمام ، بقوله ( إن الإمامة ) وهذه هي العلة ، ثم أورد خمسة عناوين عللها بهذه العلة !
( إن الإمامة خص الله عز وجل بها إبراهيم الخليل عليه السلام بعد النبوة والخلة مرتبةً ثالثة ، وفضيلةً شرفه بها ، وأشاد بها ذكره ، فقال . . .
ثم أكرمه الله تعالى بأن جعلها في ذريته أهل الصفوة والطهارة فقال . . . فلم تزل في ذريته يرثها بعض عن بعض قرناً فقرناً حتى ورثها الله تعالى النبي صلى الله عليه وآله فقال جل وتعالى . . .
فكانت له خاصة فقلدها صلى الله عليه وآله علياً عليه السلام بأمر الله تعالى على رسم ما فرض الله ، فصارت في ذريته الأصفياء الذين آتاهم الله العلم والإيمان ، بقوله . . .
فهي في ولد علي عليه السلام خاصة إلى يوم القيامة ، إذ لا نبيَّ بعد محمد صلى الله عليه وآله ، فمن أين يختار هؤلاء الجهال ؟ ! ) .
فالإمامة إذن مقام خص الله به إبراهيم عليه السلام ، ولا بد من فهم الذي خص ، والمخصوص ، والمخصوص به ! فالذي خص بالإمامة هو الله سبحانه ، باسمه الجامع لجميع صفات الكمال .
والمخصوص بها إبراهيم عليه السلام ، وقد استحق هذا العطاء العظيم بعد أن وصل إلى مقام النبوة ، ثم إلى مقام الخلة ! ومقام النبوة هنا هو مقام النبوة الإبراهيمية الذي يبدأ بقوله تعالى وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ( سورة الأنعام : 75 ) فبعد أن رأى إبراهيم باطن الملك والملكوت صار نبياً ، ثم عَبَرَ درجة الملك والملكوت فوصل إلى الدرجة الثانية ، درجة الخلة : وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ للهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً ( سورة النساء : 125 )
ثم امتحنه الله تعالى بما يمتحن خاصة أنبيائه ، فبلغ مرحلة الإمامة ! قال الله تعالى : وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً . قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي ؟ قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ . ( سورة البقرة : 124 )
وبهذا يتضح أن قول الإمام الرضا عليه السلام في عجز الناس عن درك مقام الإمامة واختيار الإمام ، كلام واضح كالشمس : ( إن الإمامة أجل قدراً ، وأعظم شأناً ، وأعلا مكاناً ، وأمنع جانباً ، وأبعد غوراً ، من أن يبلغها الناس بعقولهم ، أو ينالوها بآرائهم ، أو يقيموا إماماً باختيارهم ) !
ونلاحظ هنا أن الإمام عليه السلام لم يستعمل كلمة ( شرَّفه بها ) في النبوة الإبراهيمية والخلة لأنهما صفتان تختصان بإبراهيم من لدن آدم إلى عيسى عليهم السلام .
حتى إذا وصل إلى الإمامة قال : ( وفضيلةً شرفه بها . . . ثم أكرمه الله تعالى بأن جعلها في ذريته أهل الصفوة والطهارة ) .
نعم هذه هي الإمامة . . مقام لا يدرك غوره ، خص الله به إبراهيم بعد درجة نبوته الخاصة العالية ، وبعد درجة الخلة لله الخاصة به . . فعندئذ صار أهلاً لأن يشرفه بهذا التشريف ويكون للناس إماماً !
إن الإمامة كلمة مقدسة ، تحمل معنىً عظيماً ، وليست كلمة تلقلق باللسان ! فافهموها واعرفوا أين تستعملونها !
إن مشكلة الإنسان كثيراً ما تكون قلة فهمه ، فالذي يفهم يكثر تفكيره وتأمله ويقل منطقه ، ويتقيد بكلماته . أما الذي قليل الفهم فيطلق منطقه وسلوكه بلا دقة ، فتكثر سقطاته ، ويجر المشكلات والمصائب على نفسه وغيره ! فاحرصوا أن تكونوا علماء متعمقين ، دقيقين في استعمال الكلمات !
هذه هي الإمامة مجملاً ، والوقت يمضي ولم نصل إلى خيوط شعاع من شمسها ، ولا حبات رمل من ساحلها !
والإمامة هي المبدأ ، فما هو المشتق المتلبس بالمبدأ ؟ ما هو الإمام ؟ والبحوث كثيرة ، ووقتنا يتسع لقراءة بعض صفاته من كلام الإمام الرضا عليه السلام ( الإمام واحد دهره ، لا يدانيه أحد ، ولا يعادله عالم ، ولا يوجد منه بدل ، ولا له مثل ولا نظير ، مخصوص بالفضل كله ، من غير طلب منه له ولا اكتساب ، بل اختصاص من المفضل الوهاب ) .
إن الفم الذي أطلق هذه الصفات للإمام والذي وهبه الله إياها باستحقاق ، هو عالم آل محمد عليهم السلام .
مخصوص بالفضل كله . . بالفضل كله ، وبكل الفضل ! والفضل أنواع عديدة ، فالعلم فضل ، والعفة فضل ، والغيرة فضل . . الخ . وكل واحدة من هذه الفضائل درجاتٌ ومراتب ، فالشجاعة درجات ، والغيرة مراتب ، والعفة مستويات ، والإمام مخصوص بالفضل كله ، بأنواع الفضائل وأعلى مراتبها ! فالإطلاق هنا شمولي وقد جاء به الإمام عليه السلام بعد لفظ العموم فشمل به الأعداد والمراتب !
والمهم أن هذا المقام وفضائله الربانية ليست كفضائل الطلب والاكتساب ، بل هي : اختصاص من المفضل الوهاب ! فمن ذا الذي يبلغ معرفة الإمام ، أو يمكنه اختياره ؟ ! هذا هو الإمام عليه السلام !
أما إمام الزمان أرواحنا فداه ، فقد ورد له في مجموع الروايات والزيارات والأدعية الصحيحة ، مئة واثنان وثمانون مقاماً وصفة !
إحدى صفاته عليه السلام : ( متمُّ نور الله ) وهي صفة يتحير فيها العقل !
ففي القرآن آيتان مقترنتان ، نزلتا مرتين ، بتغيير في صيغة أولاهما دون الثانية نزلتا أولاً في سورة الصف ، ثم نزلتا في سورة التوبة !
قال تعالى : يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ .
( سورة الصف : 8 - 9 )
وقال تعالى : يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُور اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ . هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ . ( سورة التوبة : 32 - 33 وسيأتي تفسيرها بالإمام المهدي عليه السلام في الموضوع رقم : 33 )
ولا يتسع الوقت لبيان سبب ترتيب الآيتين بهذا النسق ، وارتباطهما ، وسبب التغيير في أولاهما ، ولماذا قدم كره الكافرين ومقاومتهم على كره المشركين ، ولماذا ذكر في سورة الأنفال آية 8 ، وفي سورة يونس آية 82 كُرْهَ المجرمين ولم يذكر كره فئات أخرى غير الكافرين والمشركين والمجرمين ؟ ! عندما نفهم هاتين الآيتين ، نفهم من هو الإمام الحجة بن الحسن صلوات الله عليه .
الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ . . فالدين الذي أرسل الله به رسوله صلى الله عليه وآله أكمله بإمامة أمير المؤمنين عليه السلام ، أي بالضمان الرباني لاستمرار علم النبوة وتطبيق وحيها ! وقد علم الله تعالى وأخبر رسوله صلى الله عليه وآله بأن الأمة سوف تغدر بالإمام بعده فقد قال النبي لعلي : ( إن الأمة ستغدر بك بعدي ، وأنت تعيش على ملتي وتقتل على سنتي ، من أحبك أحبني ، ومن أبغضك أبغضني ، وإن هذه ستخضب من هذا يعني لحيته من رأسه . صحيح ) . ( مستدرك الحاكم : 3 / 142 )
علم سبحانه أن الليل سيغشى قبل أن يتجلى النهار فقال : وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى . وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى ! وأخبر تعالى أنهم : يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللهِ . . ثم أخبر . . يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللهِ . . فقال سبحانه : وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ . . وَيَأْبَى اللهُ إِلا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ . وقضى تجلي النهار الموعود على يد الإمام المهدي عليه السلام ، فكان هو ( متمُّ نور الله تعالى ) !
لقد اكتمل الدين على يد جده المصطفى صلى الله عليه وآله بإمامة جده أمير المؤمنين عليه السلام لكن هذا الإكتمال لم يتحقق به الهدف الذي هو إتمام النور الإلهي ، فجعله الله على يد إمامنا المهدي عليه السلام وخصه الله بأنه : متم نوره في الأرض !
إن عمله ودوره عليه السلام هو غاية الغايات ومنتهى النهايات لبعثة نبينا صلى الله عليه وآله وكل الأنبياء عليهم السلام ، فهو الجزء الأخير للعلة التامة ، وبه يظهر الله دينه على الدين كله ، وهو مقام اختصه الله به من بين الأنبياء والأوصياء صلوات الله عليه وعليهم ، ولا نبي بعد نبينا ، ولا أحد أفضل منه صلى الله عليه وآله .
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|