المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9100 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05
مـعاييـر تحـسيـن الإنـتاجـيـة
2024-11-05
نـسـب الإنـتاجـيـة والغـرض مـنها
2024-11-05
المـقيـاس الكـلـي للإنتاجـيـة
2024-11-05
الإدارة بـمؤشـرات الإنـتاجـيـة (مـبادئ الإنـتـاجـيـة)
2024-11-05
زكاة الفطرة
2024-11-05

علــة المصلحـــة المحميـــة
27-3-2016
شروط الخبر الناجح- سياسة الصحيفة
3-8-2021
البوليمرات الموصلة المالئة Filled Conductive Polymer
2024-05-08
الترجيح بموافقة الكتاب المجيد
10-9-2016
فضل الحال المرتحل
2023-12-09
محمد رضا بن عبد المطلب التبريزي.
14-7-2016


مولد أمير المؤمنين عليه السلام  
  
435   02:00 صباحاً   التاريخ: 2024-07-12
المؤلف : علي الكوراني العاملي
الكتاب أو المصدر : الحق المبين في معرفة المعصومين
الجزء والصفحة : ص131-140
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن أبي طالب / الولادة والنشأة /

يصادف غداً مولد أمير المؤمنين وإمام الموحدين ويعسوب المسلمين ، وقائد الغُرِّ المحجلين عليه السلام . وولادته حدثٌ عظيم لا يمكن أن ينهض بمسؤولية تحليله بيان الباحث ، فضلاً عن بيان المتعبد !

أي حادثة حدثت في مثل يوم غد ؟

لقد دونتها مصادر الشيعة والسنة ، لكن فقهها وتحليل لطائف كلام رسول الله صلى الله عليه وآله وإشاراته النبوية فيها ، لم يكتب بعد !

ونحن نكتفي بالإشارة إلى كلمة واحدة من حديث واحد ، روته مصادر الشيعة والسنة ! فقد كان شهر رجب عند العرب في الجاهلية شهراً ممتازاً ، ومن لم يستطع الحج منهم في ذي الحجة ، زار الكعبة في رجب ، وأدى ما كانوا يؤدونه عندها من مناسك .

في تلك المناسبة ، وفي اليوم الثالث عشر من شهر رجب ، والمسجد ممتلئ بالطائفين من قبائل العرب ، كانت امرأة تطوف حول البيت ، لكن أي امرأة ؟ إن الحديث الذي نبحث فقرة منه حديث في حقها ، فعندما توفيت كفنها رسول الله صلى الله عليه وآله بقميصه ، وصلى عليها ، وكبر في صلاته سبعين تكبيرة ! ثم نزل في قبرها ، ودعا لها ولقنها الشهادة !

روى الحاكم النيسابوري : ( لما ماتت فاطمة بنت أسد بن هاشم كفنها رسول الله صلى الله عليه وآله في قميصه وصلى عليها ، وكبر عليها سبعين تكبيرة ، ونزل في قبرها فجعل يومي في نواحي القبر كأنه يوسعه ، ويسوي عليها ، وخرج من قبرها وعيناه تذرفان ، وحثا في قبرها ، فلما ذهب قال له عمر بن الخطاب :

يا رسول الله رأيتك فعلت على هذه المرأة شيئاً لم تفعله على أحد !

فقال : يا عمر إن هذه المرأة كانت أمي التي ولدتني ! إن أبا طالب كان يصنع الصنيع وتكون له المأدبة ، وكان يجمعنا على طعامه ، فكانت هذه المرأة تفضل منه كله نصيبنا فأعود فيه .

وإن جبريل عليه السلام أخبرني عن ربي عز وجل أنها من أهل الجنة ، وأخبرني جبريل عليه السلام أن الله تعالى أمر سبعين ألفاً من الملائكة يصلون عليها ) ! ( المستدرك : 3 / 108 ) .

إن هذه المرأة كانت أمي التي ولدتني . . كلمة ينبغي للباحثين الشيعة والسنة أن يفكروا فيها ! فماذا عنى النبي صلى الله عليه وآله بقوله هذا ؟ !

إن كلام النبي صلى الله عليه وآله حكمه حكم التنزيل ، فهو لا ينطق عن الهوى ، وكلامه بعد كلام الله تعالى ، ومنطقه ميزان الحقيقة . وعندما تكون رتبة القائل بعد الله تعالى ، فمن يستطيع أن يصل إلى عمق الحق الذي يحويه كلامه ؟ !

تلك المرأة العظيمة التي كانت تطوف حول البيت ، أحست بالمخاض وبدل أن يهديها ربها إلى خارج البيت ، هداها إلى داخل بيته ، أول بيت وضع للناس ، فدخلت إلى الكعبة ، وخرجت منها إلى العالم بتحفة ، إلى الآن لم تدرك البشرية قيمتها ! جاءت إلى قومها بمولودها تحمله ، والى الآن لم تدرك البشرية معنى ذلك المولود !

في دائرة الوجود توجد كلمتان : نحن ، وأنا . ويوجد في دائرة ( نحن ) في قوس الصعود ، شيء هو أشرف مصاديقها يقع في قمة هرم تلك السلسلة . كما يوجد في دائرة كلمة ( أنا ) في قوس النزول الذي يبدأ به تنزل الفيض ، نقطة هي أيضاً أشرف من في الوجود ، وهذه النقطة مع النقطة الأعلى في دائرة ( نحن ) هما أشرف ما في الوجود !

أقول هذا الكلام لكي يتأمل أصحاب الفكر غير المتعصبين من كل الفرق الإسلامية فيما سأقوله ، ويتفكروا بأنفسهم ، ثم يصدروا حكمهم ، لأن ما أقوله مقدمات لا تخرج كلمة منها عن قطعي الكتاب والسنة !

إن تلك النقطة التي هي أشرف الموجودات في دائرة ( نحن ) هي القرآن . ففي القرآن تجلى الله إلى خلقه ، فهو مظهر اسمه الأعظم الجامع لأسمائه الحسنى وأمثاله العليا .

أما النقطة التي أشرف ما في قوس ( أنا ) حيث يبدأ الفيض ، فهي الذي جاء بالقرآن صلى الله عليه وآله . هذه هي المقدمة .

روى الحاكم في المستدرك وصححه : 3 / 124 : ( عن أبي ثابت مولى أبي ذر قال : كنت مع علي رضي الله عنه يوم الجمل ، فلما رأيت عائشة واقفة دخلني بعض ما يدخل الناس ! فكشف الله عني ذلك عند صلاة الظهر ، فقاتلت مع أمير المؤمنين ، فلما فرغ ذهبت إلى المدينة فأتيت أم سلمة فقلت : إني والله ما جئت أسأل طعاماً ولا شراباً ولكني مولى لأبي ذر . فقالت مرحباً ، فقصصت عليها قصتي فقالت : أين كنت حين طارت القلوب مطائرها ؟ قلت : إلى حيث كشف الله ذلك عني عند زوال الشمس ! قالت : أحسنت سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : علي مع القرآن والقرآن مع علي ، لن يتفرقا حتى يردا عليَّ الحوض ) .

روى هذا الحديث الحاكم وصححه على شرط مسلم . أما الذهبي كبير نقادهم ، والذي لا يترك حديثاً في فضل أمير المؤمنين عليه السلام إلا وسعى بكل قوته لتضعيفه ! فقال عن هذا الحديث : ( حديث صحيح ) !

لكن غرضنا هنا ليس البحث في سنده ، بل لمحة من فقهه ، فما معنى هذه الجملة النبوية : علي مع القرآن والقرآن مع علي ، لن يتفرقا حتى يردا عليَّ الحوض ؟

لا يمكننا فهم ما قاله النبي صلى الله عليه وآله حتى نفهم معنى القرآن الذي حكم صلى الله عليه وآله بوجود معيَّةٍ بينه وبين علي عليه السلام .

فعليٌّ مع القرآن الذي قال تعالى عنه : وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَئٍْ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ . ( سورة النحل : 89 )

القرآن الذي قال عنه : إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ .

( سورة الواقعة : 77 - 79 )

وقال عنه : تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً . ( سورة الفرقان : 1 )

وقال عنه : لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِه تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ) ( سورة فصلت : 42 )

فعليٌّ في رتبة المعية مع هذا القرآن ! فهو في رتبة عبارات قرآن ، ورتبة إشارات القرآن ، ورتبة لطائف القرآن ، ورتبة حقائق القرآن ، ورتبة بطون القرآن السبعة !

وعلي في رتبة مقامات القرآن الذي لا تحصى عجائبه ، ولا تبلى غرائبه ، له تخوم ، وعلى تخومه تخوم ! !

والمسألة لا تنتهي بأن علياً مع القرآن ، فالقرآن مع علي أيضاً !

نحن نعرف أن المعية نسبة تقوم بطرفين ويستحيل أن تقوم بطرف واحد ، وعندما قال النبي صلى الله عليه وآله : علي مع القرآن فقد أثبتها بينهما ، فلماذا أعاد إثباتها بصيغة أخرى فقال : والقرآن مع علي ؟ !

حاشا أفصح من نطق بالضاد من اللغو في كلامه ، وحاشا أفصح من نطق بالضاد من التكرار في كلامه . بل أراد أن يفهمنا أن مسألة معيتهما معية من نوع خاص ، ويشير إلى أبعادها العميقة ، ذلك أن المعية بين شيئين أو أكثر عندما تطلق فيقال : زيد مع عمرو ، فهي أعم من أن يكون هذا الطرف في الإضافة متقدماً رتبة على ذاك أو متأخراً عنه ، بل تدل على أنهما معاً بقطع النظر عن رتبة كل منهما ، وربما كان فيها إشارة إلى أن المقرون أقل رتبة من المقرون به . لهذا أعاد النبي صلى الله عليه وآله صياغة هذه المعية ، ليقول للمفكرين لا ينبغي أن تفهموا من قولي : عليٌّ من القرآن ، أن علياً أقل رتبة من القرآن ، بل القرآن مع علي أيضاً ، فهما وجودان متعادلان !

علي مع القرآن . . فيها بحوث وبحوث ! فعلي مع القرآن من أول : ألم . كهيعص . حمعسق . طسم . ق . ص .

وعلي مع القرآن ، فقد وصل عليٌّ إلى حيث وصلت كل رموز الاسم الأعظم ! بل وصل إلى آخر تخوم القرآن !

ومن جهة أخرى ، فالقرآن من أين ما فتحته أو قرأته فهو مع علي عليه السلام !

فعلى ماذا يدل هذا التعادل والتوازن بين هذا الإنسان والقرآن ؟ !

وهل يستيقظ المفكرون السنيون من نوم الغفلة ؟ !

وهل يدركون أنه عندما يقول النبي صلى الله عليه وآله : علي مع القرآن ، والقرآن مع علي ، ويقرؤون معه وصف الله للقرآن بأنه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه . . فإن معناه بمقتضى هذا الحديث الصحيح عند الجميع ، أن العصمة الكبرى التي ثبتت للنبي صلى الله عليه وآله هي ثابتة لعلي عليه السلام ! وأن منكر ذلك خارج عن التسنن وعن التشيع ؟ !

علي مع القرآن ، والقرآن مع علي . . ومعنى ذلك أن كل ما هناك من علم ، فهو في القرآن ، وهو في صدر علي عديل القرآن !

نعم كل ما هناك من علم ! لا يستثنى منه إلا علم الله تعالى المختص به فهو العلم الربوبي الوحيد المستثنى من ذلك ، أما ما دونه فهو في صدر علي !

وبما أن القرآن تبيان كل شئ ، فإنه فيه علم الأولين والآخرين ، وعلم ما كان وما يكون ، وكل علوم نظام التكوين ونظام التشريع . .

فكلها في القرآن ، وكلها في قلب علي عليه السلام !

ليس كلامنا هذا تعصباً للتشيع ، بل هو مُرُّ الحق ، وخالص منطوق نبينا الذي لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وآله فلا بد أن نحني رؤوسنا ونخضع لهذا الحق شئنا أم أبينا !

فهذا مقام علي عليه السلام ونسبته إلى القرآن ، ونسبته إلى قوس ما في الوجود .

أما نسبته إلى من في الوجود ، والى من جاء بالقرآن ، فلا بد أن نتذكر قول النبي صلى الله عليه وآله : علي مني وأنا من علي ![1]

والحديث متواتر ، والمتواتر لا يحتاج إلى بحث سنده ، لا عند الشيعة ولا عند السنة ، ولا حتى عند الجهال ! ومع ذلك فقد شهد بصحته نقادهم في الحديث والمشككون في الأسانيد ، ورواه البخاري في : 3 / 168 بلفظ : وقال لعلي أنت مني وأنا منك ، ( وكذا في : 4 / 207 ، و : 5 / 85 ) مضافاً إلى اتفاق أصحاب الصحاح والمسانيد والتفسير على روايته .

علي مني . . تعبير نبوي يحدد نسبة علي عليه السلام من النبي صلى الله عليه وآله ، ويجري فيه ما قلناه في قوله : علي مع القرآن ! ولكنه جزء من نسبة علي من رسول الله صلى الله عليه وآله ، وليس كلها ! فتكملته : وأنا من علي . . وهي جملة كبيرة ، عظيمة ، يقول فيها النبي صلى الله عليه وآله : في نفس الوقت الذي علي مني ، فأنا في كل مكان مع علي ! !

فهل عرف البخاري ماذا كتب ؟ لماذا لم تفكر أيها البخاري ماذا يعني قول النبي : وأنا من علي ؟ ! إن فهم ذلك يتوقف على نقل هذه القصة :

بعد أن قتل المسلمون عثمان بن عفان ، وهتفوا باسم أمير المؤمنين عليه السلام وجاؤوه إلى منزله فاستخرجوه منه وبايعوه ، صعد المنبر .

وكان أبو بكر لما صعد منبر النبي صلى الله عليه وآله نزل مرقاة ، فلما صعد عمر نزل مرقاة ، فلما صعد عثمان نزل مرقاة ، فلما صعد علي صعد إلى الموضع الذي كان يجلس عليه رسول الله صلى الله عليه وآله ! فسمع من الناس ضوضاء فقال : ما هذه التي أسمعها ؟ قالوا لصعودك إلى موضع رسول الله صلى الله عليه وآله الذي لم يصعده الذي تقدمك . فقال عليه السلام : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : من قام مقامي ولم يعمل بعملي أكبه الله في النار ، وأنا والله العامل بعمله ، الممتثل قوله ، الحاكم بحكمه فلذلك قمت هنا .

ثم قال في خطبته : معاشر الناس قمت مقام أخي وابن عمي لأنه أعلمني بسري وما يكون مني ! فكأنه قال : أنا الذي وضعت قدمي على خاتم النبوة فما هذه الأعواد ؟ ! أنا من محمد ومحمد مني ) ![2]

فكروا في هذه الكلمات : أنا كسرت الأصنام ، أنا رفعت الأعلام ، أنا بنيت الإسلام ! ! أي صاحب فمٍ ولسان له جرأة على أن ينطق بذلك ؟ !

صلوات الله عليك يا مظلوم العالم ، نعم هكذا كنت !

فأي أيام رأيت بعد النبي صلى الله عليه وآله حتى قلت مثل هذه الكلمات التي تهز الدنيا وتذهل العقل ! أنا الذي وضعت قدمي على خاتم النبوة فما هذه الأعواد ؟ أنا من محمد ومحمد مني ! يقصد بذلك عندما صعد إلى سطح الكعبة ليكسر الأصنام ثم لنقرأ هذه التكملة : ( فلما سقط ضحك ، فقال النبي صلى الله عليه وآله : ما يضحكك يا علي أضحك الله سنك ؟ قال : ضحكت يا رسول الله تعجباً من أني رميت بنفسي من فوق البيت إلى الأرض فما ألمت ولا أصابني وجع ؟ ! فقال : كيف تألم يا أبا الحسن أو يصيبك وجع ؟ إنما رفعك محمد وأنزلك جبرئيل ) . ( نفس المصدر ص 403 ) .

كذلك أنت يا علي صلوات الله عليك !

والآن : اتضح معنى قول النبي صلى الله عليه وآله لعمر : يا عمر إن هذه المرأة كانت أمي التي ولدتني . . فعلي أنا وأنا علي !

ونختم بهذه الكلمة من السنة الصحيحة : علي مع القرآن والقرآن مع علي . . فهذا موقع علي من من أول نقطة ( نحن ) .

وقالت السنة الصحيحة : علي مني وأنا من علي ، وهذا موقع علي من من أول نقطة ( أنا ) .

أما الكتاب وهو فصل الخطاب فيقول : فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ . ( سورة آل عمران : 61 )

إن علياً لم يُعرف إلى الآن !

وأختم بهذا الحديث الشريف ، عن ابن عباس قال : ( كنا جلوساً عند رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه ، وإلى نوح في سلمه ، وإلى إبراهيم في حلمه ، وإلى موسى في فطانته ، وإلى داود في زهده ، فلينظر إلى هذا . قال : فنظرنا فإذا علي بن أبي طالب قد أقبل كأنما ينحدر من صبب ) ! ( كمال الدين ص 25 )

ولماذا لم يقل النبي عن شَبَهِ عليٍ بهِ ؟ لأن الله تعالى قال عنه إنه نفس النبي صلى الله عليه وآله : وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ !

سبحان الله . . أي ظلامة ارتكبتها الأمة في حق أمير المؤمنين عليه السلام ؟ ! والى الآن تراهم يَغُطُّونَ في غفلتهم ، ويدَّعون العلم والفقه والحديث ، ويَقْبلون أن يكون مكان رسول الله صلى الله عليه وآله شخص كان يقول باتفاق رواتهم : وليتكم ولست بخيركم ويفضلونه على من كان يقول : سلوني قبل أن تفقدوني ! ومن قال فيه النبي صلى الله عليه وآله : علي مع القرآن والقرآن مع علي ! وقال فيه : علي مني وأنا من علي !

بل من قال فيه الله تعالى : وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ![3]

أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ ، أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ؟ ! ( سورة يونس : 35 )

ما لكم كيف تحكمون ، ما لكم كيف تحكمون ؟ ! !

 

[1] قال السيد شرف الدين رحمه الله في النص والاجتهاد ص 579 : ( أخرجه الإمام أحمد بن حنبل في ص 164 من الجزء الرابع من مسنده ، من حديث حبشي بن جنادة بطرق متعددة كلها صحيحة ، وحسبك أنه رواه عن يحيى بن آدم ، عن إسرائيل بن يونس ، عن جده إسحاق السبيعي ، عن حبشي ، وكل هؤلاء حجج عند الشيخين وقد احتجا بهم في الصحيحين . ومن راجع هذا الحديث في مسند أحمد علم أن صدوره إنما كان في حجة الوداع . وقد أخرجه أيضاً ابن ماجة في باب فضائل الصحابة ص 92 من الجزء الأول من سننه ، والترمذي والنسائي في صحيحيهما ، وهو الحديث 2531 في ص 153 من الجزء السادس من كنز العمال ) . انتهى .

[2] روى ذلك ابن شهرآشوب رحمه الله في مناقب آل أبي طالب : 1 / 398 ، وقال أيضاً : وروى القاضي أبو عمر وعثمان بن أحمد ، عن شيوخه بإسناده عن ابن عباس قال : قال النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام : قم بنا إلى الصنم في أعلى الكعبة لنكسره ، فقاما جميعاً ، فلما أتياه قال له النبي : قم على عاتقي حتى أرفعك عليه ، فأعطاه علي ثوبه ، فوضعه رسول الله على عاتقه ، ثم رفعه حتى وضعه على البيت ، فأخذ علي الصنم وهو من نحاس فرمى به من فوق الكعبة ، فنادى رسول الله إنزل ، فوثب من أعلى الكعبة كأنما كان له جناحان . وقال عليه السلام في خطبة الافتخار : أنا كسرت الأصنام ، أنا رفعت الأعلام ، أنا بنيت الإسلام ) . انتهى . ( وعنه في بحار الأنوار : 83 / 78 ) .

[3] روى محمد بن جرير الطبري الشيعي في المسترشد ص 287 : ( 101 - قال : وحدثنا أحمد بن حنبل ، قال : وحدثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة ، قال : بينا النبي صلى الله عليه وآله في محفل من أصحابنا إذ قال : من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه ، وإلى نوح في فهمه ، وإلى إبراهيم في خلته ، وإلى موسى في مناجاته ، وإلى عيسى في سنته ، وإلى محمد في تمامه وكماله ، فلينظر إلى هذا الرجل المقبل . فنظر الناس متطاولين فإذا هم بعلي بن أبي طالب عليه السلام كأنما ينقلع من صبب ، وينحط من جبل ) . انتهى . والمعنى أنه أتى مقبلاً ينحدر انحداراً ، كأنما ينزل من جبل . وقال في هامشه ص 288 : ( قال الأميني رحمه الله : وهذا الحديث الذي رواه الحموي في معجمه نقلاً عن تاريخ ابن بشران ، قد أصفق على روايته الفريقان غير أن له ألفاظاً مختلفة وإليك نصوصها : أخرج إمام الحنابلة أحمد عن عبد الرزاق بإسناده المذكور بلفظ وأورده كما تقدم في المسترشد ، وقال : من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه ، وإلى نوح في فهمه ، وإلى إبراهيم في خلقه ، وإلى موسى في مناجاته ، وإلى عيسى في سنته ، وإلى محمد في تمامه وكماله ، فلينظر إلى هذا الرجل المقبل ، فتطاول الناس فإذا هم بعلي بن أبي طالب كأنما ينقلع من صبب ، وينحط من جبل . أخرجه أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي المتوفى 458 في فضائل الصحابة بلفظ : من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه ، وإلى نوح في تقواه ، وإلى إبراهيم في حلمه ، وإلى موسى في هيبته ، وإلى عيسى في عبادته ، فلينظر إلى علي بن أبي طالب . . الخ . ) .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.